Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 25 يوليو 2024 11:00 صباحًا - بتوقيت القدس

التحرر كصيغة بشرية... التحرر كصيغة أنانية

تلخيص

أتصفح بعض المواقع التي تنشر أفكاراً تحررية أو ديمقراطية علمانية، فوجدت أن تفكير هؤلاء الكتاب منصب على تقسيم الفسطاطين بين الخير والشر، ويتركز على التصريح باستبدادية المجتمعات العربية عبر موروثها الاستبدادي، وفكرهم كمخلصين لهذه المجتمعات، والملاحظ في هذه الأفكار والمقالات، أنها تحاكم الموروث الاستبدادي والنمطية والتقليدية التي هي سبب كل مشاكل المجتمعات، كما يقولون، ولكن بأسلوب وطرق وطروحات نمطية وتقليدية، ولا تخلو من لكنة استبدادية أحياناً إلى الوصول لمحاكمات مستبدة للمجتمع.


أما عن النمطية والتقليدية عندهم فهي قائمة على مهاجمة "الموروث الاستبدادي"، باعتبار أنهم من أزاح الستار عن هذه المعلومة الخطيرة بفكر ليبرالي تحرري. الحقيقة أن فكرة نقد الموروث الاستبدادي فكرة قديمة، بدأت منذ عصر الشعراء الصعاليك _ وهذا تعبير مجازي طبعا للقدم، وأهمية تلك المرحلة في الفكر العربي_ ولكن وبعد أن كتب المقال الأول عن هذه الفكرة ليبرالياً توالت المقالات من فسطاط الليبرالية محتفلة بالتحرر، لكنها جاءت في معظمها تقليدية الطرح، ونسخة مكررة عن المقال الأول، فعناصر المقال لا بد أن تتخذ من القصة أسلوبا تشويقياً ودرامياً مقدماً لكل ما سيحدث في غرفة نوم أو في حدود سرير مراهق أو مراهقة من شعور الحرية المرتجاة في ظل مجتمع مستبد.


وتكمن نمطية واستبدادية تحرر الحداثوية أو ما بعدها في خلق الحالة الفردانية والتي في جوهرها أنانية تعبر عن غرائز أكثر ما تعبر عن فكرة، باعتبار الفرد هو مركز الكون وإحداثياته وأهم من فيه، أما باقي المجتمع فهي "روبوتات" متحركة ومقلدة، يتحكم فيها الموروث عن بعد جاءت من عصر ما قبل "الروبوت".


وأجد في متابعتي لبعض هذه المقالات، أنها هواجس أفراد تحاول أو حاولت التمرد على الأسرة وسلطة الأب أو الأبوين معاً وما يدور بفلكهما من أفراد العائلة، وهذا أمر طبيعي لفئة الشباب وتعبير عن شخصيتهم وأفكارهم حتى لو لم تكن ناضجة، ولكن إلى أي حد كنا على حق في تمردنا على أهلنا؟ وإلى أي حد كنا على خطأ؟ وهل الأهل كانوا غيلان القصة التي تأكل الصغار كي لا يفكروا ويشعروا ويعبروا؟ أم كانوا ضابط الحبكة القصصية في قصة الشاطر حسن وسندريلا؟


حسم هذه المسالة لا علاقة له بفكر التحرر أو التجديد، بقدر ما يخضع للتجربة الشخصية وطبيعة ما يريده الفرد، فليس كل سارق هو علي الزيبق، وليس كل قاتل هو سعيد مهران.


وطبعاً في مقالي هذا لا أدعي فضيلة الموروث العربي الإسلامي بكليته ولا حتى الموروث الإنساني، فالاستبداد لغة التاريخ والقوى المتحكمة فيه عبر العصور عالمياً، منذ أول ترسيم حدود بين قطعتي أرض بادعاء الملكية وحتى انشطار الذرة، وصولاً إلى يومنا هذا.


وما كانت تجارب السابقين "المقدونية" محاولة ومغامرة لتوحيد هذه الشعوب بأممية واحدة ناطقة بلغات متعددة، إلا تحت احتلال واحد ومستبد واحد، أو ضمن فكرة تحررية أممية واحدة.


ولكن في كلا الحالتين كان الاستبداد هو النمط السائد، لتجميع الكل.


ومع ذلك فلا التاريخ يسير بخط مستقيم _ مع دوامية سيره للأمام_ ولا حتى المجتمعات، ولا الشخصية الفردانية.


ومع ذلك وبالرغم من ذلك فالموروثات الأممية للشعوب على اختلافها، لم تكن باتجاه واحد، فالمجتمعات على مر العصور حكمتها قوانين، والقانون والسلطة هما نمط عنفي للتطبيق، ديمقراطية كانت أو مستبدة.


وإذا ما بحثنا بالتراث المشترك للشعوب، سنجد ميل الراوي دائماً للحق والخير والجمال، وأن العدل هو محور التراث الشعبي للشعوب عامة، حتى وإن اختلفت بعض المعايير في نمط الحياة والعلاقات.


والحقيقة التاريخية إن لكل عصر فضيلته ونظرته الخاصة في الحق والعدل والخير، إلا أن نظرة الجمال كانت واحدة.


فما قد يفسر اليوم كونه استبداداً، قد لا يكون كذلك قديما.


وأعيد، إنني لا أدعي الدفاع عن الموروث ولا التجني عليه، ولكن محاولة لاعادة قراءته ضمن عصره، وضمن أفكار الآخرين أيضاً، فالموروث حمّال أوجه كأي نمط وأي فكرة وتوجه.


فليس كل قديم يستوجب الثورة عليه، وليس كل جديد قادرأ على إحلال نفسه طارداً نقيضه.


فالقضية ليست بقدر ما هو قديم يستوجب ثورة، ولا بقدر ما هو جديد يتطلب منا الاعتراف له بالحداثة والتحديد والتحرر، فالأفكار المغيرة والمجددة لا تتأتى مثلاً من شخصية نمطية بتفكيرها، وحياتها، وخطابها، ومن الممكن ان يبشر شخص ما بفكر تحرري متجدد وهو غارق في التقليدية، كما أن الأفكار المجددة تتطلب شخصية ثورية وأولى شروط هذه الشخصية ألا تكون مهزومة أمام ذاتها والمجتمع أو متعالية عليه.


وسنكون مدعاة للسخرية حين نطارد أي جديد معتقدين أنه تجديد لمجرد كونه جديداً.


مع ملاحظة أن الفكر الإنساني على مر العصور تقريباً واحد، طالماً احتياجات البشر الأساسية على مر العصور واحدة.


حسم هذه المسالة لا علاقة له بفكر التحرر أو التجديد، بقدر ما يخضع للتجربة الشخصية وطبيعة ما يريده الفرد، فليس كل سارق هو علي الزيبق، وليس كل قاتل هو سعيد مهران.

دلالات

شارك برأيك

التحرر كصيغة بشرية... التحرر كصيغة أنانية

المزيد في أقلام وأراء

حرب ترامب الاقتصادية

حمادة فراعنة

العالم على كف "رئيس"

منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !!

محمد جودة

عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل

حديث القدس

المشهد الراهن والمصير الوطني

جمال زقوت

الخيار العسكري الإسرائيلي القادم

راسم عبيدات

ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!

د. إبراهيم نعيرات

ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟

هاني المصري

زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين

حمدي فراج

هل وصلت الرسالة إلى حماس؟

حمادة فراعنة

مجدداً.. طمون تحت الحصار

مصطفى بشارات

بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !

د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت

الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

عيد الربيع يصبح تراثاً ثقافياً غير مادي للإنسانية

جنيباليا.. مأساة القرن

حديث القدس

لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة

أحمد عيسى

"الأمريكي القبيح" واستعمار المريخ

د. أحمد رفيق عوض

رافعة لفلسطين ودعماً لمصر والأردن

حمادة فراعنة

"ترمب" والتهجير الخبيث!

بكر أبو بكر

تحويل الضفة إلى غيتوهات

بهاء رحال

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 554)