أقلام وأراء
الجمعة 31 مايو 2024 9:12 صباحًا - بتوقيت القدس
غزة تجترح المفاجأت والمعجزات وتعجل بسقوط نتنياهو
تلخيص
واضح بأن غزة أدخلت دولة الاحتلال في أزمات عميقة جداً، سياسية وعسكرية واقتصادية ومعنوية ونفسية، وكذلك عمقت من الانقسامات والتصدعات في المؤسستين العسكرية والأمنية، والخلافات والصراعات بين تلك المؤسستين والمستوى السياسي وخاصة مع نتنياهو وحكومته، وكلما أوغل جيشها في رمال غزة ومستنقعها كلما زادت خسائره البشرية جنوداً وضباطاً ومعدات عسكرية، ناهيك عن تأكل قوة الردع وتراجع المعنويات والروح القتالية عند الجيش الإسرائيلي، الذي بات يشعر كما يشعر الكثير من قادته العسكريين والأمنيين، بأن هذه الحرب بلا جدوى وبدون أهداف محددة وآفاق واضحة، وبأن نتنياهو يقود هذه الحرب ويسعى لإطالة أمدها خدمة لمصالحه الشخصية والسياسية، ولكي لا ينفرط عقد حكومته من داخلها، ولا يريد وقف الحرب حتى لا تطاله المساءلة والمحاسبة بتحميله مسؤولية الفشل الأمني والإستخباري وهزيمة جيشه في 7 أكتوبر، وباتت الحرب فقط من أجل الحرب، قتل وتجويع مدنيين وتدمير بنى وقطاعات مدنية ونسف مربعات سكنية كاملة، بما ينتج إبادة جماعية، كما حصل في مجازر رفح الأخيرة بحق المدنيين والأطفال في تل السلطان والمواصي، بعد يومين من قرار محكمة العدل الدولية بالوقف الكامل والفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وهذه الحرب لن تحقق أهدافها الاستراتيجية المتطرفة، لا في القضاء على المقاومة الفلسطينية وفي قلبها حماس، ولا تدمير قدراتها العسكرية والتسليحية والأنفاق الهجومية، ولا استعادة أسرى عسكريين ومدنيين، ولا إعادة سكان مستوطنات الغلاف إلى مستوطناتهم، بل إن المقاومة الفلسطينية استفادت من تجاربها وتعلمت من أخطائها، وباتت تخوض الحرب مع جيش الاحتلال عبر مجموعات قتالية صغيرة، حرب عصابات "غوريلا" موقعة بجيشه المزيد والمزيد من الخسائر، عبر عمليات القنص والاستدراج إلى فتحات الأنفاق وتفجيرها في جنوده، وكذلك في قوات النجدة الآتية لإنقاذهم، وأيضاً قنص القوات المتحصنة في المباني وتفجيرها بالقوات الموجودة داخلها، وإيقاع القوات الآتية لتخليصها في كمائن حقول الألغام، ناهيك عن استهداف دباباته وآلياته بقذائف الياسين وشواظ والالتحام من نقطة الصفر. ولا ننسى استخدام المسيرات في إسقاط القذائف على دبابات وعربات جيشه. ولعل معارك جباليا وحي الدرج والزيتون والمواصي والنصيرات ورفح قالت بشكل لا يقبل التأويل، بأن جيش الاحتلال يعيش وهم القضاء على المقاومة أو الاقتراب من تحقيق أهدافه، فالقوة النارية التي تستخدمها المقاومة والقدرات العسكرية والتسليحية التي تمتلكها، والتكتيكات والتقنيات والإعداد والإمكانيات الاستخبارية والاستطلاعية والمراقبة، والتي أعادت فيها المعارك إلى الأيام الأولى من معركة الـ 7 من أكتوبر، تؤكد أن حرب استنزاف طويلة تنتظر نتنياهو وغالانت وزير حربه وهليفي رئيس أركانه، لن يستطيع جيشهم الصمود فيها ولا تحقيق نصر أو صورة نصر، فكمين جباليا ليلة السبت 224/5/2024 بإستدراج قوة عسكرية إسرائيلية إلى أحد الأنفاق وتفجيره فيها، وما نتج عنها من قتل وإصابة وأسر 16 جندياً، وقصف تل أبيب برشقة صاروخية كبيرة ظهر يوم الأحد 25/5/2024 من قبل المقاومة الفلسطينية، وما سبقه من تفنيد لكذب الرواية الإسرائيلية عن مقتل قائد فرقة غزة في بداية معركة 7 اكتوبر أساف حمامي، والقول بأنه أسير في يد المقاومة، كل هذه الوقائع والمعطيات، تؤكد أن المقاومة الفلسطينية ليست قريبة لا من الهزيمة ولا من الإنهيار، بل تجترج المعجزات والمفاجأت وستعجل في سقوط نتنياهو وتفكك جيشه ومؤسسته الأمنية، وستعمق من حالة الانقسام والصراع الداخلي، وكذلك سترفع من حدة الصراع لتضع إسرائيل على بوابات حرب أهلية.
وخسارات إسرائيل المتلاحقة ليست عسكرية وميدانية فقط، بل خسائر متلاحقة في أكثر من جانب ومستوى، فعلى المستوى القضائي، كانت هناك ضربتان متلاحقتان، الأولى قرار محكمة الجنايات الدولية، على الرغم مما شابه من عوار كبير وثغرات، ولكن كان هناك تطور نوعي وتاريخي، بتوجيه الاتهام لنتنياهو ووزير حربه غالانت بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذا يعني أن هناك "تسونامي" ستكون له ارتدادات سياسية واقتصادية وحقوقية ومعنوية على إسرائيل، ونحن لسنا هنا بصدد تفصيل تلك التداعيات، ولكن هذا القرار نوعي وغير مسبوق، وأعقبه قرار محكمة العدل الدولية، بالطلب من إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية فوراً في رفح، وفتح معبر رفح وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وبشكل كاف لقطاع غزة، وكذلك تسهيل دخول لجان التحقيق وبعثات تقصي الحقائق للتحقق من جرائم الإبادة الجماعية. هذا القرار أصاب قيادة دولة الاحتلال بحالة من الهستيريا، عبر عنها برفض تطبيق هذا القرار وتوجيه الاتهامات لمحكمة العدل الدولية، بأنها منظمة معادية للسامية، وذهب البعض من الفاشية اليهودية أمثال بن غفير للرد عليها بالعودة إلى الاستيطان في قطاع غزة، وإعادة احتلالها من جديد.
ومما عمق من حالة التخبط والإرباك الاسرائيلية، اعلان النرويج وإسبانيا، بأنهما ستلتزمان بقرار محكمة الجنايات الدولية، وستقومان بتطبيق قرارها بحق نتنياهو وغالانت، في حين كان موقف النائبة الثانية لرئيس الوزراء الإسباني يولاندا دياز "قاسياً جداً وأتخيل بانه لا يجرؤ عليه أي زعيم عربي حين قالت بأن "فلسطين حرة من نهرها لبحرها"، وكذلك المقررة الأممية للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا البانيز، التي قالت بأنه يجب على اسرائيل أن تحترم قرار محكمة العدل الدولية، وعلى دول العالم قطع العلاقات معها في حال عدم امتثالها للقرار.
وفي الجانب السياسي كانت هناك صفعة أكبر، وهي إعلان ثلاث دول من دول الاتحاد الأوروبي اعترافها بالدولة الفلسطينية، (ايرلندا وإسبانيا والنرويج)، وابتعادها عن الموقف الامريكي الذي يربط الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال التفاوض مع اسرائيل، هذه الصفعة ردت عليها إسرائيل، بالقول أنها ستعمل على إقامة مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث منعت قنصلية إسبانيا في القدس من تقديم خدماتها للمواطنين المقدسيين، وبالنسبة للنرويج فقد ألغت ما عرف بالمخطط النرويجي، مخطط إيداع أموال المقاصة الفلسطينية في البنوك النرويجية وعبرها يتم تحويلها للسلطة الفلسطينية.
أما في الجوانب الدبلوماسية فان عدد الدول التي تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل يتزايد، ولم تعد تقتصر على بوليفيا وكولومبيا.
نعم غزة والمقاومة وجبهات الإسناد تُدخل إسرائيل في أزمات وانقسامات عميقة، وبات نتنياهو المسكون بـ"فوبيا" حماس وتحقيق ما يسمى بالنصر الساحق، بات يعيش في مأزقين، عدم القدرة على التراجع، وهذا يعني الامتثال لشروط المقاومة والتسليم بالهزيمة، والتقدم ويعني المزيد من الغوص في رمال غزة ومستنقعها وحرب استنزاف طويلة. ولعل عملية نفق جباليا وأسر المقاومة لجنود إسرائيليين، وقصف تل أبيب بعد ما يقارب 8 شهور، وخاصة إذا ما نشرت القسام أسماء وأرقام من أسرتهم من جنود أو ربما من "الشاباك" والوحدات الخاصة، بعد إنكار الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، خطف وأسر جنود، فهذا سيؤدي لفقدان الثقة بالحكومة الإسرائيلية وكذلك بالمؤسستين العسكرية والسياسية، وسيترك ذلك تأثيرات كبيرة على أهالي الأسرى من جنود ومواطنين عند المقاومة، وأيضاً عند الجيش الإسرائيلي نفسه، لجهة المعنويات والاستعدادية والدافعية القتالية، وقد يدفع نحو تمرد وحدات من الجيش عن المشاركة في مواصلة العملية العسكرية في رفح خاصة وقطاع غزة عامة.
لعل معارك جباليا وحي الدرج والزيتون والمواصي والنصيرات ورفح قالت بشكل لا يقبل التأويل، أن جيش الاحتلال يعيش وهم القضاء على المقاومة أو الاقتراب من تحقيق أهدافه.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 90)
شارك برأيك
غزة تجترح المفاجأت والمعجزات وتعجل بسقوط نتنياهو