مع غروب شمس كل يوم وشروق شمس يوم آخر جديد، تتناقص المسافة الفاصلة بين الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الحالي لانتخابات الرئاسة دونالد ترمب، والعودة إلى الجلوس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. وفي الوقت ذاته، وبشكل عكسي، يزداد الشاغلُ الحاليُّ للمكتب، الرئيسُ جو بايدن، اقتراباً من باب الخروج يوماً بعد آخر.
في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تصل حروب المُسنَّين إلى خاتمتها، ونأمل بأن «يفضّ عرس أحمد» على خير، ولا يتكرر ما حدث في يناير (كانون الثاني) 2021.
حربان انتخابيتان رئاسيتان مشهورتان قادهما العجوزان ودخلتا التاريخ من أوسع أبوابه. حظيَ المُسِنُ الديمقراطي جو بايدن بالفوز في الأولى، ولم يحظَ باعتراف خصمه بالهزيمة، لكنه استحوذ على الغنيمة كاملة، وأقام في البيت الأبيض أربع سنوات. ومن المرجح أن يحظى المُسِنُ الجمهوري دونالد ترمب بالفوز في الحرب المقبلة، حسب آراء المعلقين، وما يُنشر من نتائج في استبيانات الرأي العام.
المتابعون لماراثون الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في شهر نوفمبر المقبل، يعرفون، بحكم العادة، أن الماراثون في بعض مراحله، خصوصاً القريبة من خط الوصول النهائي، يتحوّل إلى سيرك يمتلئ بالمهرّجين وبالتهريج. وأرجو ألا تثير المفردة (سيرك) غضب أو زعل البعض من القرّاء، كونها تمثل رأياً شخصياً، من السهل جداً التغاضي عنه، وتجاهله. وهو، في الحقيقة، وصف يطاول المواسم والحملات الانتخابية أينما كانت. وفي بلداننا العربية عادة ما تتحول الانتخابات إلى موالد!
وما كنتُ لأعتقد بوجود تشابه بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب من جهة، وشخصية روائية مشهورة تدعى دون كيشوت من جهة أخرى، لولا اطلاعي صدفة على مقالة لكاتب صحافي أميركي، منشورة في صحيفة «ذا نيويورك تايمز» في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، يستعرض فيها عداء الاثنين لطواحين الهواء. الذين أُتيحت لهم فرصة الاطلاع على رواية «دون كيشوت» للكاتب الإسباني ميغيل دي سرفانتس، يتذكرون، بلا شك، حربه العبثية التي شنّها ضد طواحين الهواء، على اعتبار أنّه كان يتخيّلها أعداء يتوجب عليه قتلهم. تلك الحرب ضد طواحين الهواء اشتهرت وأضحت مثلاً يُضرب للتعبير عن تضييع الوقت والجهد فيما لا فائدة تُرجى منه.
والذين منّا يتابعون تصريحات المرشح الجمهوري ترمب، ربما يتذكرون موقفه المعادي للتوربينات الهوائية، التي تُستخدَم في توليد الطاقة الكهربائية.
وهنا، ربما يكون من المفيد، التذكير بما يصدر عن السيد ترمب من عجائب وغرائب على شكل تصريحات إعلامية. ولعلنا لا ننسى نصيحته السيئة الصيت للمواطنين باستخدام المبيدات الكيميائية التي تُستخدَم في تنظيف المراحيض في الوقاية من الإصابة بفيروس «كوفيد»! وهذا لا يعني بالضرورة أن تصريحاته أحياناً لا تخلو من حكمة وصواب. وعلى سبيل المثال، يحضرني موقفه المعارض بشدة لاستخدام البطاريات في تشغيل الدبّابات بدلاً عن وقود الديزل. فهو، أي السيد ترمب، سفّه اقتراحات البيئيين بتصميم دبّابات حربية تسير بالبطاريات حفاظاً على نظافة البيئة!
السيد ترمب، في واحد من تجلّياته التي لا تُنسى، طوّح بالمقترح في وجوه أصحابه، معللاً ذلك بكونهم فقدوا عقولهم. ومذكّراً إياهم بحقائق الواقع المُرّة، وهي أن الدبّابات تُصنع لغرض واحد، وهو خوض الحروب والقتل والتدمير، وبالتالي مَن يفكر أو يهتم خلال خوض المعارك إن كان وقود الدبّابات يتسبب في تلوث الهواء؟
موقف السيد ترمب من توربينات الهواء لا يمكن وصفه بالحكمة، ويُضَم بلا تردد إلى القائمة الطويلة من تصريحاته العجائبية الغرائبية. فهو، استناداً إلى كاتب المقالة، يدّعي من دون دليل أو برهان أن مزارع التوربينات التي توضع في البحر تتسبب في قتل الحيتان! وأنّها، عافاكم الله، قد تسبب الإصابة بمرض السرطان. وتكون سبباً في انقطاع التيار الكهربائي. وأنّها تقتل كل أنواع الطيور. وللتأكيد على عدائه الشديد لها، تعهّد أمام أنصاره بأنّه، ومنذ اليوم الأول لتسلُّمه السلطة، سوف يصدر قراراً رئاسياً بوضع حد أمام (زرع) أي توربينات هوائية جديدة.
التشابه بين السيد ترمب ودون كيشوت، لو دققنا جيداً، لربما وُجد في مَناحٍ أخرى. لكن الفرق بين الاثنين هو أن دون كيشوت شخصية روائية هزلية، وأنّها تمكّنت من البقاء على مر العقود، في حين أن دونالد ترمب شخصية حقيقية، تَمكّن من قيادة أكبر دولة في العالم اقتصادياً وعسكرياً، وإذا سارت الرياح حسب مشتهاه، سيحظى بشرف قيادتها ثانية ولمدة أربعة أعوام أخرى. وعلى قادة ورؤساء دول العالم وحكوماته الاستعداد لما سيأتيهم به من مفاجآت.
المتابعون لماراثون الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في شهر نوفمبر المقبل، يعرفون، بحكم العادة، أن الماراثون في بعض مراحله، خصوصاً القريبة من خط الوصول النهائي، يتحوّل إلى سيرك يمتلئ بالمهرّجين وبالتهريج.
أقلام وأراء
الخميس 23 مايو 2024 10:53 صباحًا - بتوقيت القدس
عودة «دون كيشوت»

تلخيص
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
الوحدة الوطنية الشاملة هي الحل الأوحد لكل مشاكلنا
نعمان توفيق العابد
ردّ على دعوة جرشون باسكين.. بين بناء الثقة وتنامي مظاهر الاستعمار البشع
مروان إميل طوباسي
مسلسل إرهاب الاحتلال في الضفة لا يتوقف.. فكيف يكون الرد؟
محمد علوش
النظام الدولي الجديد.. والدولة الفلسطينية
محمد المصري
الأكراد ضحايا الجغرافيا
رمزي الغزوي
هل يقلب ترامب الطاولة على نتنياهو؟
رشاد أبو داود
إلغاء اتفاق أوسلو
حمادة فراعنة
التفاوض مع حماس.. لماذا أقدم ترامب عليه ولماذا قبلت الحركة؟
عريب الرنتاوي
أهداف ترامب من التفاوض المباشر مع حماس
بقلم : محمد غازي الجمل
سوريا أمام المخاطر
عمرو الشوبكي
بالونات اختبار أمريكية
بهاء رحال
لجنة ثنائية القومية لبناء الثقة
جيرشون باسكين
غزة بين التهجير والصمود
رام الله - "القدس" دوت كوم
ماذا يجري في الضفة !
ابراهيم ملحم
اجتماع عمّان الخُماسي ، يتزامن مع مخاوف تقسيم سوريا
كريستين حنا نصر
لجنة ثنائية القومية لبناء الثقة
جيرشون باسكين
الأمريكان ملهمش أمان !
إبراهيم ملحم
حرق المساجد في فلسطين
الضفة الغربية المحتلة في عين العاصفة
أهداف ترامب من التفاوض المباشر مع حماس
الأكثر تعليقاً
إلغاء اتفاق أوسلو

الاحتلال يفرج عن الطفلة المقدسية تقى غزاوي بشروط
ترامب يعلن اعتقال الناشط محمود خليل "المؤيد لحماس" في جامعة كولومبيا ويتوعد بالمزيد
مبعوث ترمب للشرق الأوسط: حان الوقت لاستسلام حماس ونزع سلاحها
وقف إطلاق النار بغزة: ترقب لمستجدات المفاوضات ووفد إسرائيلي يتوجه إلى الدوحة

كشف تفاصيل بشأن ضبط أجهزة تجسس خلال عمليات تسليم المحتجزين في غزة
سموتريتش: هناك تعقيدات لوجيستية لتطبيق خطة ترامب بشأن غزة

الأكثر قراءة
الشرطة الإسرائيلية تعتقل 40 عاملا من الضفة خلال مكوثهم داخل أراضي الـ48
رام الله: هدم معرضي مركبات وإضرام النيران في كراج سيارات

ترامب: لا أحد يريد طرد الفلسطينيين من غزة

اعتقال ناشط فلسطيني شارك في احتجاجات جامعة كولومبيا الأميركية
في سابقة قد تكون الأولى من نوعها في القدس.... المحكمة المركزية تصادق على مخطط بناء 20 شقة بدون ترخيص
الجيش الإسرائيلي يعثر على 90 نفقا في محور فيلادلفيا
إمهال نتنياهو 24 ساعة لإلغاء قرار قطع الكهرباء عن غزة

أسعار العملات
الخميس 13 مارس 2025 1:56 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.97
شراء 3.96
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 817)
شارك برأيك
عودة «دون كيشوت»