أقلام وأراء
الأربعاء 22 مايو 2024 9:08 صباحًا - بتوقيت القدس
الزمن الإعلامي الجديد
تلخيص
ستتحول مصطلحات، مثل "توحيد الخطاب الإعلامي" و"نبذ العنف وخطاب الكراهية"، من سياسة دخيلة ومخفية وتمثل خلفية لأجندات تمويلية إلى نهج معلن لإدارة الواقع السياسي والثقافي والإعلامي، في دول تعرضت لنكبات الرأسمالية والاستعمار وعمل "الشركة الكبرى" التي لم تعد تقوم على احتلال واستعباد وسرقة ثروات الآخرين بوجودهم على أرضهم، بل على تهجير وإعادة موضعة الجماعات البشرية في أماكن جغرافية جديدة وسرقة مواردهم، كما يحدث الآن في غزة، أو كما حدث في كشمير وأماكن أخرى.
وبينما تبدو هذه المصطلحات بريئة وعصرية ومرتبطة ببنية إنسانوية كبرى، وشكلاً ديموقراطياً عقلانياً متحضراً للحوار- الذي تتناسى هذه الطروحات أنه حوار بين القوي والضعيف، وبين المستعمر والمستعمر، فإنها تحمل في داخلها شكلاً مرعباً من أشكال السيطرة على الخطاب، وتحديد أشكال الذاكرة والمسموح به وما يمكن قوله.
يؤدي هذا إلى حجب المعاناة والواقع الحقيقي والحقوق بمنظار أصحابها، وإلى تقسيم الأدوار في عمليات الإنتاج والتلقي وبما يحول أصحاب القضايا من خلال عمليات استبدال للموضوعات والأولويات إلى شركاء في إدارة الرغبات الاستعمارية والرأسمالية، لا في إثارة ما يهمهم.
ولضمان خطاب موحد، سيتم توجيه الدعم والإنفاق سواء الحكومي أو الخاص إلى ما يمكن تسميته بـ"تجسيد الشخصية" الإعلامية والقانونية، بحيث يتحول التنوع الهائل في وسائل الإعلام إلى شكل استعراضي لديموقراطية لا تتحقق، إذ ستكشف متابعة أخبار هذه المؤسسات عن ترويجها لخطاب واحد وموحد بصياغات مختلفة أو ربما بذات الصياغة -أي كما يصدر عن الجهات السيادية، كما سيتميز بغياب الاستقصاء والمساءلة وإثارة القضايا الإشكالية ومتابعتها، وسيتميز كذلك "بـ"الشخصنة" وظهور "الإعلام الشخصي و"الحزب الشخصي"، وسيادة الصورة و"إلغاء الوسائط" و"طغيان التلفزيون" و"ظهور الشخصيات التعبيرية" و"ازدهار الصحافة التعبيرية على حساب الصحافة الإخبارية"، ما سيؤدي إلى "تشويه المعرفة" و"الاضطراب المعلوماتي والتضليل"، و"إعادة تنظيم مشهديٍّ للحياة السياسية" وبما يضمن ظهور "زمن سياسي جديد"- كما يقول د.الصادق الحمامي في كتابه "ديموقراطية مشهدية". وإضافة إلى ذلك، ستتحول القوانين من شكل تنظيمي إلى منظومة عقابية وإقصائية وتأديبية تحت مسمى حفظ الحقوق والخصوصية، وهي قيم كبرى لا يمكن الجدال بشأنها.
وعليه، سيتم الترويج لهذا المنتج من خلال التركيز على أهمية هذه المصطلحات ودورها في توحيد الجهود وخلق الشعور بالانتماء وتجاوز الفروقات والخلافات الحزبية والمذهبية والسياسية، ونشر ثقافة السلام والتسامح، ودعم الاستقرار والتنمية، وخلق بيئات للإبداع والتميز. بالمقابل، سيتم الاشتغال على خلق أرضيات تنظيمية قانونية وصولاً إلى مواثيق الشرف الإعلامي، والترويج لها باعتبارها معايير أخلاقية ضابطة. وسيتم ربط هذه الاشتغالات ببنى غير حقيقية، مثل: الحياد والموضوعية وعدم الانحياز، والسعي إلى محاربة التضليل والمعلومات الكاذبة، وحماية الحقوق من التشهير والقذف، والتي ستثبت كل يوم فشلها أمام تغوُّل الشعبوية والتضليل والتزييف.
وبينما سيتم الإعلان عن كون ذلك كله مسؤولية جماعية يشترك فيها الإعلام والمواطن، إضافة إلى المؤسسات، سيتم حصر دور الجمهور في التلقي من خلال دفعه ليس فقط إلى متابعة ومشاركة وسائل إعلام تقدم ما سيتم تصنيفه على أنه محتوى إيجابي، ودعم مؤسسات ومنظمات تعمل بهذا الاتجاه، أو إجباره على ذلك من خلال عمليات الحجب وتقليل الوصولية لمواقع بعينها، والذي يعني تعقيم عمليات التلقي، بل وتحويله إلى "شريك" في العملية، شريك لا يقوم بإنتاج المعرفة، بل ينحصر دوره في الرقابة والإبلاغ عن أي خطاب يتم تصنيفه على أنه خطاب تحريضي عنفي. وبهذا الاتجاه، ستتم صياغة الرسائل الإشهارية تحت عناوين: مسؤولية جماعية، نموذج يحتذى، وأن البلد يستحق الأفضل.
لا يعني هذا فقط تحويل المشهد العام في الدول المستهدفة إلى مشهدية، ترتدي ثياب الديموقراطية، وإدارة الوعي والتلقي بشكل مدروس وتحكميّ، بل ويعني أيضاً، إعادة تعيين دلالات الأشياء ومدلولاتها، فما كان بالأمس مقاومة، سيتحول اليوم إلى تحريض أو عنف أيديولوجي أو خطاب كراهية، وما كان بالأمس خطاباً للتحرر سيصبح اليوم خطاباً مرفوضاً تحت نفس الذريعة، وسيتم اختزال ما شكّل حلماً وطنياً، مثل خريطة فلسطين التاريخية، إلى بقعتين جغرافيتين هما الضفة وغزة، وربما إحداهما فقط، كما سيختزل دور المؤسسات في شكل خدمي لا سياسي، والإعلام في شكل ترويجي إعلاني لا إخباري.
ستتم إدارة هذا الكم الهائل من عمليات السيطرة على الخطاب وإنتاجه والتحكم في التلقي من خلال مؤسسة، تشتغل في ماكينتها مؤسسات تقنية، إخبارية، وقانونية، سيتم تجسيدها ودعمها لهذا الغرض.
*إعلامية وشاعرة فلسطينية
-----------------
انضمام قيادات ليكودية، مثل موشيه يعلون، لديها مصداقية وخبرات، يدفع باتجاه ازدياد الانحيازات نحو المعارضة وتعرية حكومة نتنياهو ومَن معه، ويؤدي إلى فقدانها الغطاء الشعبي، وهذا ما يجب الدفع به وتعزيزه.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
السيسي: السلام العادل والمستدام هو خيار استراتيجي لمصر
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
الزمن الإعلامي الجديد