Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 05 ديسمبر 2023 9:45 صباحًا - بتوقيت القدس

الحرب الإسرائيلية الفلسطينية: كيف يؤدي انهيار القيم الأخلاقية الغربية إلى تأجيج الإبادة الجماعية

من المؤسف أن معظم دول أوروبا الغربية انضمت إلى الإمبريالية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تقمع حركات التحرر وتخنق المعارضة العالمية.


هناك اعتقاد سائد بهيمنة الحضارة الغربية، التي يغلب عليها الطابع المادي في تركيبتها، على الرغم من موقفها المتناقض تجاه الإسلام. تركز هذه الحضارة الغربية على الثروة المادية على الروحانية والأخلاق، وغالبًا ما يكون ذلك مدفوعًا بالطموح لتأكيد الهيمنة والسيطرة على كل من الناس ومواردهم الاقتصادية والطبيعية. وقد شكل هذا نظاماً إمبراطورياً مدفوعاً فقط بالسعي إلى السلطة، متجاوزاً الاعتبارات الأخلاقية والمعنوية. فالقيم التي تجسدها تتجاهل المعايير الدولية والحدود القانونية، وتعمل بموجب مبدأ يسمح على ما يبدو بأي وسيلة لتحقيق أهدافها.


واليوم، يتجسد النظام العالمي الجديد في نظام همجي يتجاوز كل الأعراف والقيم الإنسانية لتحقيق السيطرة المطلقة على مقدرات الناس. فهو يفرض قوانين شبيهة بالفصل العنصري، ويعزز النظرة إلى الأنجلوسكسونيين غير البيض على أنهم أدنى مرتبة، بهدف إذلالهم. ومن المؤسف أن معظم دول أوروبا الغربية تصطف مع هذه الإمبريالية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تدوس القيم الإنسانية، وتقمع كل حركات التحرر، وتخنق المعارضة العالمية. 


هناك فجوة كبيرة بين الحكومات والشعوب التي تعارض هذه الهيمنة، والتي ترمز إليها الشركات متعددة الجنسيات، والمجمع الصناعي العسكري، ووسائل الإعلام المستهدفة، واللولبيات الصهيونية والكيانات المماثلة. إن المجتمعات الحرة تدرك طبيعة هذا النظام وأهدافه، إلا أنها تكافح من أجل مواجهته بشكل مباشر، مفتقرة إلى الشجاعة اللازمة للمقاومة والحفاظ على القدرات الطبيعية والاقتصادية للمضطهدين.


إن الوحشية التي لا هوادة فيها لهذا النظام العنصري تنبع من إفلاس القيم، والانحلال الكامل للأنظمة الأخلاقية، وتآكل المعتقدات. إنها تظهر نهجا غير مقيد تجاه أي ثقافة أو حضارة تعارض هيمنتها، وتلجأ في المقام الأول إلى التدابير القسرية. وسط هذه السياسات المتغطرسة، يبدو العالم الغربي راكدا، مستسلما لقانون الغاب، خاليا من أي بصيص أمل في معارضة حقيقية. حرية التعبير مكبوتة، والانتقادات مكتومة.


حليف استراتيجي

تطبق القوى السياسية المهيمنة في الأنظمة الغربية سياسات قمعية دون محاسبة أو رقابة، في حين تغيب بشكل ملحوظ التحديات الفكرية أو العسكرية ضد هذه الهيمنة العالمية.


وفي هذا الهيكل الدولي المعقد، بكل قوته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، نشهد الشعب الفلسطيني يعاني من المجازر التي يرتكبها نظام الكومبرادور الصهيوني، معززا بأحدث التقنيات العسكرية، وبدعم اقتصادي وسياسي لا حدود له. ومن يعتقد أن تل أبيب تهيمن على القرار الأميركي فهو مخطئ. بل على العكس من ذلك، تمتعت إسرائيل تاريخياً بدعم أوروبي وهي الآن تحت القيادة الأمريكية، التي بدورها تستخدم إسرائيل كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط لتحقيق مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية.


واليوم، لا يقتصر النضال ضد المحتل الصهيوني فحسب، بل يشمل أقوى دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ومن الأهمية بمكان أن نتعامل مع هذا الصراع بعقلانية، وأن نتجنب الاستنتاجات المبكرة بشأن النصر، لأن مواجهة عواقبه الوخيمة قد تكون محبطة. إن فهم أن القوانين الطبيعية والبشرية في حالة تغير مستمر هو أمر أساسي في مجالات التنمية والتغيير.


ولا يمكن للمرء أن يتجاهل الحقيقة الواضحة المتمثلة في وجود انفصال مفرغ بين الخطاب الفكري والسياسي العربي. وهذا يثير سؤالاً حاسماً: أين هي الصحوة العربية التي تصورها جورج أنطونيوس في الثلاثينيات، مؤكداً على النهضة الفكرية والسياسية؟ ومن الأهمية بمكان أن تتخذ الولايات المتحدة وأوروبا موقفاً حاسماً يدعم حل الدولتين، إلى جانب خارطة طريق واضحة المعالم لتنفيذه.


وينتج عن غياب هذه الصحوة على الأرض مجتمع مدني مجزأ وغير قادر على إنتاج أفكار تقدمية لتعزيز مجتمعات أفضل في ظل مثل هذه المآزق. إحدى مفارقات القدر الصارخة تكمن في الثروة المالية للدول العربية والإسلامية، على النقيض من طبيعتها الاستهلاكية واعتمادها الكامل على السلع الغربية. واستثمارات هذه الدول تكمن في المقام الأول في الغرب وليس داخل العالم العربي، مما يؤدي إلى تبعيتها الاقتصادية والسياسية والفكرية. ونتيجة لذلك، فإنهم يفشلون في استخدام عائدات النفط في الإنتاج لصالح شعوبهم، ويفتقرون إلى الادارة التوجيهية للتنمية المستدامة ويظلون خاضعين للهيمنة الغربية.


من الأهمية بمكان أن تتخذ الولايات المتحدة وأوروبا موقفاً حاسماً يدعم حل الدولتين، إلى جانب خارطة طريق واضحة المعالم لتنفيذه.


ومن المهم بنفس القدر تعزيز الإجماع بين القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني على قبول حل الدولتين.


إن النضال المستمر منذ 75 عاماً يجب أن يتجسد في إقامة الدولة الفلسطينية الموحدة، الرافضة لأي احتمال لتفتيتها مهما كان الثمن. والصمود والبطولة لا يستنفذان وهما اللذان أظهرهما شعبنا وهما محوريان في هذا الصدد.


إن الحضارة الغربية تعيش حالة انهيار في بنيتها وأيديولوجياتها وإطارها الأخلاقي، وهو ما أصبح واضحا في فشلها في قيادة العالم الحديث. ويجب أن يكون هناك تحول عميق وديناميكي نحو حضارة تستوعب الشمولية على أساس العدالة المنصفة والقيم الإنسانية الأساسية والمبادئ الديمقراطية الحرة. التاريخ لا يكتبه المنتصر؛ بل ينقشه الشعب من خلال ثوراته ومنجزاته. وهذه الرؤية المستقبلية حتمية، كما عبر عنها المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي، الذي لاحظ أن الحضارات معرضة للانهيار، وأن التاريخ له حتمية واضحة في عملية التطور والتوفيق بين التناقضات الكبرى.


مما لا يمكن إنكاره أن المجتمع الدولي يعترف بشكل متزايد بآفاق وإمكانية قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وخاصة في أعقاب الأحداث المدمرة المتمثلة في الدمار والتشريد والخسائر في الأرواح بين الفلسطينيين العزل في غزة.

إن التضحيات التي تم تقديمها كبيرة وتفطر القلب، وترمز إلى وقوف الشعب في وجه الاحتلال الوحشي.

دلالات

شارك برأيك

الحرب الإسرائيلية الفلسطينية: كيف يؤدي انهيار القيم الأخلاقية الغربية إلى تأجيج الإبادة الجماعية

المزيد في أقلام وأراء

الشتاء.. فصل من المعاناة في غزة

حديث القدس

أي شرق نريد؟

إياد البرغوثي

مجرما حرب

بهاء رحال

ما الذي يعنيه قرار الجنائية الدولية بحق قادة دولة الاحتلال؟

راسم عبيدات

بانتظار الجهد العربي والإسلامي

أحمد رفيق عوض

خطوة على طريق الانتصار

حمادة فراعنة

التربية والتراث.. قوة الانتماء في مواجهة التحديات

د. سارة محمد الشماس

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 104)