فلسطين

السّبت 18 مارس 2023 10:37 مساءً - بتوقيت القدس

"زعتريات " نموذجا رائعا لدور المرأة ونجاحها في القطاع الزراعي

نابلس - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد

 لم تعد أدوار الشباب في القطاع الزراعي تقليدية، بل بدأت مساهماتهم في هذا المسار جلية وواضحة وحاكت قصص نجاح متعددة ومتكاملة عبر استخدام الوسائل الحديثةوالزراعة العضوية إضافة للتسويق الالكتروني، واستطاعت العديد من المزارع الفردية أن تشكل نماذج ناجحة رغم كونها في طور الإنطلاق إلا أنها تعد تجارب ملهمة أثبتت نفسها، وانتصرت لأصحابها خاصة من النساء للإعتراف بواقع زراعي جديد خاصة حين تجد نفسها قادرة على تحقيق ذاتها وأخذ دورها داخل الأسرة والمجتمع من خلال تميزها بتبني زراعة فيها تحدي للأنظمة الزراعية السائدة، وفيها حالة كبيرة من الإبداع والثقة بالنفس والاستقلال.

كان لجائحة كورونا والبطالة حافزا لمها حج محمد سبعة وعشرين عاما خريجة علم النفس لتنطلق بفكر ابداعي جديد وخلاق في منطقتها بيت فوريك وتستغل هذه الفترة بما يعود عليها بالنفع والفائدة، كما وسعت لتجعل لنفسها كيانا مستقلا باختيارها الزراعة ملاذا آمنا ومشروعا أخضرا تدخل به عالم الريادة، وتعيد الاعتبار إلى الأرض، عبر مشروعها زعتريات ليكون الأول في بلدتها ومدينتها نابلس .

عن البدايات


نموذج للنجاح والتحدى طرحته الشابه مها من الشباب الخريجين بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس، رغم حصولها على بكالوريس علم نفس، ولم يتسنى لها الحصول على فرصة عمل فقررت البحث عن فرصة حقيقية لتوفير مصدر دخل ثابت لها، وذلك من خلال تنفيذ مشروع زراعى يناسب شغفها وحبها للزراعة، وبالفعل بدأت في العمل فيه لتحول محنة كورونا إلى منحة وفسحة من الأمل.

تقول مها: مزرعة زعتريات بدأت الفكرة من أزمة الكورونا والفراغ الكبير الموجود بعد أن شلت كل مرافق الحياة إضافة لعدم توفر الوظائف الحكومية، وتوفر أرض للعائلة بمساحة ثلاثة دونمات دون استغلالها، ولكوني أحب الزراعة وأهتم كثيرا بالنباتات الموجودة في بيتي، خطرت ببالي فكرة العودة للأرض واستغلالها بالشكل الصحيح، لأعمل فيها مزرعة لي أزرع فيها الزعتر الأخضر والفارسي والميرمية والزعيتمانه ، كونها موجوده ومطلوبة بكل بيت فلسطيني، وما شجعني أكثر على زراعة هذه الأصناف عدم وجود مزارع متخصصة بها في المنطقة أو مشابهه لها في مدينة نابلس، فالمزارع الموجودة في مناطق الأغوار وجنين، وكنت أنا المزرعة الوحيدة في منطقتي، لذا بدأت في هذا المشروع .

وتتابع: بدأت بالمشروع من سنتين تقريبا من شهر تشرين الثاني عام2021 وزرعت على مساحة 3 دونمات منوعة ما بين الزعتر الأخضر الميرمية زعتر فارسي إكليل الجبل زعتر بلاطي زعيتمانه  وهذه الأصناف المنوعة هي التي ألهمتني بتسمية مشروعي زعتريات كونها جميعا من فصيلة الزعتر، بالبداية عندما قررت التوجة لمشروع زراعي واجهتني بعض الصعوبات كون دراستي الجامعية بعيدة كل البعد عن الزراعة، لكن مع حب الزراعه والطبيعة بداخلي استطعت التغلب على هذه المشكلة بالإضافة إلى التدريبات التي خضعت لها والزيارات الميدانية للمزارع المشابهة في الأغوار وجنين وساعدوني بهذا الموضوع  .

عثرات متعددة

 لا يوجد طريق مختصر لتحقيق النجاح والسعادة، فالصعوبات والمصاعب هي جزء لا يتجزأ من تحقيق الهدف والوصول ويمكننا تخطيها من خلال العمل الجاد والتفاني ، فكل شخص لديه مزيج فريد من الطموحات للوصول للنجاح وتحقيقه، ومها لم تقاوم الصعوبات بل ركزت على العمل المطلوب للمضي قدما.


حيث قالت: ومن الصعوبات التي واجهتني في بداية الطريق عدم توفر عمال زرعيين في بيت فوريك فلجأت للمناطق المجاورة طمون وجنين ليساعدوني في الزراعة إضافة لزوجي الذي كان داعما لي في كل المراحل، وأصبحت يوميا أخصص ساعات للعمل في المزرعة من تعشيب وعناية بالمزروعات وملاحظة اذا ما كانت تواجهها أي آفة زراعية وكذلك لريها، وأحتاجاج يوميا لساعتين من العمل المنوع في الأرض، ومن الآفات التي تواجهها الزعتريات حسب تجربتي مرض الصدأ ويواجه الزعتر اذا كانت رطوبة الجو عالية ويوجد ندى وفي اليوم التالي كانت الحرارة عالية، لذا يجب عمل جدول الرشات الوقائية كل شهر مرة حتى نتفادى ظهور هذه الأمراض، كما واجهني مرض البياض الدقيقي في الميرمية واجهني وكذلك بعض الآفات الحشرية كدودة الساق في الزعتر وكنت ألجأ لمديرية الزراعة ليقدموا لي المساعدة المطلوبة والعون من خلال حضورهم للمزرعه والكشف على المزروعات، ومساعدتي بما هو مناسب.

تابعت: ومن أكبر المشاكل التي واجهتني بالزراعة في منطقتي هو ارتفاع سعر المياه فالكوب الواحد يصل سعره إلى عشرة شواكل وقمت بحل هذه المشكلة من خلال إنشاء بركة حصاد مائي وهي عبارة عن بركة أرضية من جلد معين هدفه تجميع مياه المطر من خلال الوادي الذي يمر بالأرض وتتسع تقريبا ما بين ٤٠٠-٥٠٠ كوب، وتساعدني كثيرا في عملية الري خاصة في الأشهر من أيار لنهاية شهر تموز أعتمد عليها في الري، وأستخدم الري بالتنقيط، وهذه البركة تكلفتها ٣ آلاف دور ولكن الحمد لله استطعت الحصول على منحة عن طريق مشروع نجاحها من خلال الإغاثة الزراعية، وقد دعموني وساعدوني بعمل البركة وقد ساعدوني بزراعة الدونم الأخير من الأرض فقد كان عندي دونمين قائمين ومن خلالهم استطعت تجهيز الثالث وزراعته، بالإضافةإلى تطوير البركة المائية حيث استطعت تغيير النايلون الذي كنت أستخدمه واستبداله بالجلد المخصص لها، وقد قدموا لي العديد من التدريبات المنوعة والمفيدة، في ريادة الاعمال ومهارات القرن الواحد والعشرين وإدارة المشاريع الصغيرة، وقد أخذت أيضا تدريبات في مركز معا التنموي بريادة الأعمال كما حصلت على تدريبات من منصة المشاريع الإلكترونية الفلسطينية، ومؤخرا مع معهد الإعلام العصري التابع لجامعة القدس في رام الله تدريب في ريادة الاعمال والتسويق الالكتروني وحملات المناصرة للمرأة وحاليا مع منظمة شباب الغد .

أهمية الريادة والعمل الجاد

حين تكسر المرأة القوالب الجامدة وتنطلق لتبتكر الأفكار لتدخل في مجال ريادة الأعمال، لتحولها إلى واقع ومشاريع قيد التنفيذ؛ فتلبي احتياجاتها وتحقق استقلاليتها الفكرية، والمعنوية، والاقتصادية هي امرأة ريادية بامتياز، ما يسفر عن فوائد ليس فقط للمرأة وأسرتها التي تستفيد بشكل مباشر فقط، وإنما أيضا لقوة الاقتصاد الكلي للبلد، وهذا ما أكدته مها بقولها: الحياة اختلفت كليا قبل وبعد ريادة الاعمال على الصعيد الشخصي زادت ثقتي بنفسي وأصبحت منتجة ولدي دخلي الخاص ونجاحي بالمشروع خطوة أولى لمزيد من الجاحات والتطور حيث زفكر في زيادة المساحة المزروعه بالإضافة لأنه فتح لي آفاق ومعارف جديدة في الزراعة وريادة الأعمال لم تكن موجودة من قبل حيث اتسعت دائرة معارفي وعلاقاتي، خاصة أن حب الزراعة كان موجود لكن دون أن استغله مجرد هواية والمشروع وسع آفاقي المعرفية والزراعية بعد أن عملت فيه، وأفراد أسرتي يساعدوني خاصة زوجي يعمل معي يدا بيدا إضافة لأهلي وأهل زوجي كلهم داعمين ومشجعين لي وسعيدين بالنجاح الذي وصلت له خاصة أنني المزرعه الأولى في نابلس من نوعها .

وأضافت: الزراعة لها مردود مادي إذا كان هنالك ادارة صحيحة للمشروع وخاصة من الناحية التسويقية، الزراعة تحتاج للمتابعه وعدم اليأس من أول عثرة بل البحث عن الحلول وفتح أسواق متعددة وتعامل من فئات جديدة ومواكبة السوق، ففي بدايتي واجهتني مشكله في الأعشاب التي أبيعها فأنا أقدمها خضراء ومجففة، وبحثت عن طريقة لترويجها بالسوق ولجأت لطريقة تغليف معينة وكميات محددة ما ساعدني على تسويقها بشكل كبير وساعدني على النجاح، وأذكر أن أول زراعة لي هي دونم كامل لم ازرع به سوي الزعتر ومع الأسف ماتت كل النباتات، لم أيأس أو أتوقف توجهت لمديرية الزراعه وساعدوني بايجاد المشكله والحل لها، بعد أن بحثت عن المشكلة وأوجدت الحل أعدت الزراعة مرة أخرى وكانت المشكلة بالترية، وفي المرة الثانية زرعت الدونم الأول بالزعتر وكانت ناجحة وزرعت الثاني وكان منوعا وزرعت بعدها الثالث، كان شعوري رائع جدا بعد أن شفت نباتات الزعتر بعد أن كبرت وبت القطفة كاملة للمعارف والأصدقاء دون التوجه لسوق جديد ثم في القطفة الثانية توجهت لمدينة رام الله وأصبح لدي نقاط بيع متعددة فيها وهذا شيء جميل خاصة أن من يجرب مرة يعود ويطلب مني مره أخرى كما أتعامل مع أصحاب مشاريع المطابخ المنزلية والمطاعم سواد في رام الله أو نابلس وبالإضافة لخدمة التوصيل المجانية في مناطق نابلس ونقطة تسليم مجانيه ويوجد توصيل لكل مناطق الضفة .

وأردفت: كما اعتمدت على صفحة زعتريات على مواقع التواصل الإجتماعي، وعادة نعتمد على التغليف الورقي لأنه آمن بيئيا وخاصة الناشفة منها، مثلا الزعتر كل 60 يوم له قطفة وفي الصيف يخف الطلب عليه فنقوم بتجفيفه من خلال تفريغه عن العود وتجفيفه في الظل في مكان شبه مغلق ليحافظ على لونه الأخضر ورائحته، دون التعرض للملوثات وكذلك الميرمية التي تقطف مرتين في السنه بشهر 6 و 9 ولأنها تكون معطشة لا تروى الماء تكون رائحتها وطمعها رائع جدآ، كما أعمل على نشر الوعي عن أنواع الزعتريات الأخرى كالزعتر الفارسي والزعيتمانه.

مشاريع مستقبلية وطموح

وراء كل نجاح في الحياة طموح فما أروع الإنسان حينما يعيش على هذه الحياة مفعماً بالطموح مع الجد والاجتهاد
لكسب كل إنجاز يفتخر به صاحبه ويرضى به، وهذا هو الهدف الأسمى الذي يسعى الإنسان إلى تحقيقه، ويبذل قصارى جهده لنيله، لذا فهو يدفعه للتفوق والاستمرار في طريق النجاح، كونهالمحفز لتحقيق المزيد من الإنجازات  والأحلام وطموح مها لا يتوقف عند وهذا ما أخبرت القدس عنه .

تقول مها: أطمح لعمل مزرعتي نموذجية وتوسعتها خاصة وأنني أعتمد الزراعة العضوية، سأدخل نظام الري المحوسب، وأعمل حاليا للإطلاع عليه وفهمه جدا كونه يعطيني حاجة التربة للري وحرارة التربة، حاجتها من السماد وسيكون مريح جدا لي، لكنه مكلف يحتاج 5 آلاف دولار وحاليا أعمل على دراسة الموضوع لأعمل خطة عمل أستطيع تقديمها للمؤسسات التي تدعم للحصول عليه، وأفكر بموضوع التصدير خاصة أن زراعتنا عضوية لا نستخدم الكيماويات بل نستخدم السماد العضوي الذي نعده في المزرعة بطريقة معاملة معينة ننتجة لتكون أهم مزرعة في مدينتي ومن الممكن أن أدخل أصناف أخري ولكن بعد أن أقوم بإنشاء بركة مياه أخرى .

وفي ختام حديثها وجهت دعوة للشباب للعمل بالقطاع الزراعي فهذه الدعوة لم تأت من فراغ إنما من تجربة حقيقية شخصية إذ تمكنت من تحويل فكرتها لواقع ملموس بفضل الدعم الذي لقيته من جميع الجهات ومثابرتها هي شخصيا والتي كانت سببا في الوصول إلى المستوى الذي هي عليه .

دلالات

شارك برأيك

"زعتريات " نموذجا رائعا لدور المرأة ونجاحها في القطاع الزراعي

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%50

%50

(مجموع المصوتين 2)