رام الله- (شينخوا)- أنشأت بلدية رام الله وسط الضفة الغربية أول مركز طبي لرعاية وتعقيم الكلاب الضالة في محاولة لحماية سكان المدينة من الهجمات المتكررة التي تشنها تلك الحيوانات.

وخصصت البلدية قطعة أرض بعيدة عن المناطق السكنية منعا للإزعاج وأقامت المركز الذي يتكون من عدة غرف صغيرة من السياج الحديدي والصفيح ووضع بداخلها صناديق ورسومات لأنواع مختلفة من الكلاب.

ويقول رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس، بينما يتواجد داخل المركز لوكالة أنباء ((شينخوا)): "إن سكان المدينة خاصة الأطفال يعانون منذ أعوام طويلة من هجمات الكلاب الضالة التي تتسبب بعواقب صحية وخيمة على ضحاياها".

ونتيجة لذلك انتشرت أخيرا ظاهرة بين بعض السكان الذين كانوا يلجأون إلى قتل تلك الكلاب بأساليب غير "إنسانية" بذريعة أنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم وحماية أبنائهم من هجمات الحيوانات الضالة.

ويقول قسيس إن السكان عادة ما يقومون بتوثيق عمليات قتل الحيوانات دون الأخذ بعين الاعتبار بأن تلك التصرفات "الفردية" تنتهك حقوق حيوانات لا حول لها ولا قوة، بالإضافة لانتهاك مشاعر البشر الذين لا يتقبلون مثل هذه التصرفات.

وأشار قسيس إلى أن ظاهرة وجود الكلاب الضالة في الشوارع العامة منتشرة في جميع مدن العالم، ولا تقتصر على الأراضي الفلسطينية فقط، لافتا إلى أن إنشاء المركز جاء للتقليل من نسبة وجودها والحد من تعرض السكان للأذى.

وأوضح أن بلديته قررت أن تأخذ الأمر على عاتقها بتبني أساليب علمية ورحيمة في التعامل مع مثل هذه الكلاب الضالة دون الإضرار بها أو قتلها مع ضمان سلامة السكان أيضا.

ونجحت البلدية منذ تدشين المركز قبل أسابيع قليلة في جمع نحو 100 كلب ضال من شوارع المدينة التي تعد عاصمة سياسية للسلطة الفلسطينية، من أصل 600 آخرين يعيشون فيها، بحسب بيانات رسمية صادرة عن بلدية رام الله.

ويقول طه الرفاعي الطبيب البيطري المشرف على عمليات التعقيم لوكالة أنباء ((شينخوا)): "إن الكلاب الضالة التي تم جمعها تلقت رعاية طبية وتم تعقيمها من قبل أطباء بيطريين محترفين".

ويضيف طه الرفاعي: "الذي يرتدي قفازات في يديه، بينما يقوم بفحص أحد الكلاب الذي وضع على فمه قفص حديدي أن المركز يشكل "مكانا مؤقتا للعمل على تعقيم الكلاب بعد جمعها من المدينة، ومن ثم التأكد قبل إعادة الإفراج عنها أنها ستكون آمنة للمواطنين".

لكن الطبيب البيطري أوضح أنهم يضطرون في بعض الأحيان لتقويض عملية تربية الكلاب الضالة، خاصة تلك ذات الصفات الشرسة التي تشكل تهديدا للإنسان، لضمان عدم تكرار حوادث الاعتداء على المواطنين.

وقال بينما يقوم بجولة داخل المركز لتفقد الكلاب التي يحمل كل واحد منها رقمه الخاص "عادة نقوم بإجراء عمليات جراحية داخل المركز لهذه الكلاب الضالة ، حيث نقوم بإزالة الخصيتين للذكور وإزالة الرحم والمبيض من الإناث".

وأكد الرفاعي أن فريقه كان يشير إلى ضرورة التأكد من خلو الكلاب الضالة من أي أمراض قبل إجراء أي عملية جراحية عليها.

وتعاني الكلاب والقطط الضالة من العنف والتسمم المتعمد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أعدادها مما يسهم في اختفاء الأنواع الفريدة من الكلاب الفلسطينية، بحسب عماد الأطرش رئيس جمعية الحياة الفطرية في فلسطين، المؤسسة الوحيدة التي تعمل في مجال حماية الحيوان في الضفة الغربية.

ولهذا، يؤكد الأطرش أن إنشاء "مركز متخصص للكلاب الضالة أصبح مطلبا شعبيا لحل مشكلة الكلاب الضالة بطريقة إنسانية، بعيدا عن القتل والتسمم، مما يحافظ على حياة الحيوان والتوازن البيئي".

ويقول إن المجتمع الفلسطيني يشهد تنامي المبادرات الفردية و الجماعية لإنقاذ حياة هذه الحيوانات ومع ذلك، لا يوجد قانون لحماية الحيوانات في الأراضي الفلسطينية، مما دفع مؤسسته إلى إطلاق اقتراح مشروع منذ سنوات لصياغة قانون للرفق بالحيوان، لكنه لم ير النور بعد.

وقوبلت خطوة البلدية بترحيب وإشادة من قبل السكان كونها تقضي على مخاطر الكلاب الضالة التي تخيفهم، معربين عن أملهم في توسيع المبادرة لتشمل كافة مناطق الضفة الغربية.

وأعربت فاطمة عبد (35 عاما) من سكان المدينة عن "تنفسها الصعداء" أخيرا بمجرد نقل جميع الكلاب الضالة المحيطة بمنزلها إلى المركز الطبي، مشيرة إلى أنها أصبحت تشعر بأمان أكثر على أطفالها.

وتقول فاطمة وهي أم لثلاثة أطفال لـ ((شينخوا)) "الآن، يمكن لأطفالي الذهاب إلى مدارسهم دون الخوف من هجوم الكلاب"، لافتة إلى أنها "عانت من هجماتهم وإزعاجهم المتكرر بشكل يومي".