فلسطين
الإثنين 21 نوفمبر 2022 3:38 مساءً - بتوقيت القدس
الطيبة الحدودية والجدارية.. سكانها لاجئون يعانون من الجدار وسياسات وقيود الاحتلال
جنين– "القدس" دوت كوم- علي سمودي– بعد نكبة عام 1948، تأسست قرية الطيبة على الحدود الفاصلة بين جنين والداخل المحتل، والتي نهب الاحتلال مساحات من أراضيها الحدودية لصالح بناء جدار الفصل العنصري الذي يسبب معاناة كبيرة لسكانها الذين يعتبرون جميعاً من اللاجئين الذين شردتهم العصابات الصهيونية من مدنهم وقراهم في الداخل عشية النكبة.
ورغم قيود وسياسات الاحتلال، تعد القرية من أجمل المواقع في فلسطين؛ فمن أراضيها المرتفعة، يمكن الاستمتاع برؤية المناظر الجميلة لجبل الشيخ، والناصرة، وحيفا، والعفولة، وصندلة، ومقيبلة حتى جبال الأردن ومناطق وقرى غرب جنين جميعها.
يفيد رئيس المجلس القروي الحالي، أحمد عيسى ناصر جبارين، بأن القرية التي تقع غرب مدينة جنين، وتبعد عنها 17 كيلو متراً مربعاً، ترتفع عن سطح البحر حوالي 800 متر، وتقع مباشرة على حدود مدينة أم الفحم في الداخل المحتل، وتتداخل مساحات من أراضيها معها، ويحدها من الشرق بلدة السيلة الحارثية، ومن الشمال منطقة "السويسة "، ومن الجنوب أم الفحم، ومن الغرب عانين، موضحاً أن جميع سكانها الذين يبلغ عددهم وفق الإحصاء الرسمي الفلسطيني 2500 نسمة، هم لاجئون، ما زالوا يتمسكون بحق العودة لأراضيهم التي شرد أجدادهم وأبائهم منها، ويعتمدون حالياً في حياتهم ومعيشتهم على الزراعة والوظائف الحكومية والعمالة في الداخل.
الاحتلال والجدار
يوضح جبارين أن الاحتلال استهدف المنطقة منذ تأسيس القرية التي كافح أهلها لتوفير حياة كريمة، فقد صادر من مساحتها البالغة 2500 دونم، غالبيتها مزروعة بأشجار الزيتون؛ 500 دونم لبناء جدار الفصل العنصري الذي عزل هذه الأراضي خلف الجدار ، والتي تعتبر مصدر لمعيشتهم، فجميعها مزروعة بالزيتون.
معيقات وقيود
الجدار العنصري، عزل الأراضي الفلسطينية وسبب معاناة لمالكي الأراضي الذين يواجهون الكثير من المشاكل والمعيقات، ويقول جبارين " استخدم الاحتلال كل الطرق لفرض سياسة الأمر الواقع، وسلب ونهب أراضينا التي أغلق الطرق المؤدية لها، ولم يكتف بالجدار ، بل نصب بوابة الكترونية تخضع لرقابة وحراسة دائمة وقيود مشددة للضغط علينا لترك أراضينا والاستيلاء عليها ".
ويضيف " لا يسمح للأهالي بالمرور لأراضيهم، إلا بموجب التصاريح، ويتحكم الجنود بحركتنا، فيرغمون الأهالي على التجمع حتى في فصل الشتاء، حتى تفتح البوابة حوالي الساعة السادسة صباحاً، ويتعمد الجنود المراوغة ومضايقتنا، واحتجازنا تحت أشعة الشمس الحارقة، إلى أن يحضروا وفق مزاجهم، ويرغمنا الاحتلال على العودة وإنهاء العمل في الساعة الثالثة، ومن يتأخر لا يسمح له بالمرور، ويرغم على قطع مسافة طويلة للعودة من منطقة برطعة".
كما أن الاحتلال يتحكم بالمعدات التي يسمح للعمال استخدامها، فالجرار الزراعي يجب أن يكون باسم المزارع، ويحمل تصريح وتامين وترخيص ساري المفعول، ويمنع المزارع من إدخال العربة، بينما يتعرض المزارعون لمضايقات عديدة وممارسات تعسفية، فأحياناً، يتعمد الجنود إلقاء القنابل الغازية دون سبب للتضييق عليهم وإرغامهم على العودة وترك أراضيهم بهدف تدمير موسم الزيتون وحرمان المزارعين من جني ثمار أراضيهم.
احتراق أشجار الزيتون
وذكر جبارين، أن ممارسات الاحتلال وإطلاق القنابل الغازية والصوتية، أدى إلى احتراق 100 دونم من الأراضي المزروعة بالزيتون المعمر، خلال شهر آب المنصرم، ويقول " الاحتلال لا يترك المزارعين بحالهم، فدورياته تتنتشر بشكل دائم في محيط أراضينا الواقعة خلف الجدار، وعندما أطلقوا القنابل، احترقت الأشجار على امتداد 100 دونم، وقدمنا شكوى لوزارة الزراعة حول جرائم الاحتلال "، ويكمل " قام وفد من وزارة الزراعة بزيارة القرية، والاطلاع على خسائرنا، وما زلنا ننتظر الرد والإجراءات، فتلك الأرض تنتج مابين 150 إلى 200 تنكة زيتون، وقد خسرت مع عدد من المزارعين الموسم بسبب تعديات الاحتلال على أراضينا بطريقة همجية وتعسفية ".
منع وصول
إجراءات الاحتلال تحول دون وصول عدد كبير من المزارعين لأراضيهم خلف الجدار، فرئيس المجلس جبارين، يملك قطعة أرض مساحتها 50 دونماً، تقع كما يفيد على حدود مدينة أم الفحم، وهي مزروعة بالزيتون، ويقول "يتحكم الاحتلال بمصير أراضينا في المناطق الحدودية، وقدمت كافة الأرواق الثبوتية والقواشين التي تؤكد أنها أرضي وملكي للحصول على تصريح أو تنسيق للوصول إليها وقطف ثمارها خاصة بعد كارثة الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها بسبب الحريق لتعويض الموسم "، ويضيف " ما زلت انتظر الرد بخوف وقلق في ظل عدم تلقي أي رد من الاحتلال".
وذكر جبارين، أن المزارعين في المنطقة بحاجة لدعم ومساندة من كافة الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الزراعة، خاصة في شق طرق زراعية وتزويدهم بالمياه والمرشات مع الجرارات الزراعية، إضافة لتوزيع البذور والأشتال والمبيدات الحشرية والأدوية اللازمة من أجل التخفيف عن المزارع الفلسطيني في ظل مايتعرض له من إجراءات تعسفية من الاحتلال، وقال " المجلس وكافة مؤسسات القرية، يحرصون على التنسيق مع كافة الجهات، ليشعر المزارع الصامد والثابت امام ممارسات الاحتلال، بوجود وقفة تضامن ودعم ، وتزويده بكل الامكانيات والأدوات والمعدات التي تخفف من خسائره التي لا تنتهي بفعل الاحتلال ، والتي أثرت على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمزارع، إضافة لغلاء وارتفاع أسعار الادوية والأسمدة وغيرها".
مشاكل واحتياجات
يمارس المجلس القروي برامجه ونشاطاته لخدمة أهالي الطيبة ، من خلال مبتى يملكه المجلس مكون من 3 طوابق، ويعمل كما يوضح جبارين، للنهوض بالقرية وتوفير الخدمات وحل المشاكل المتعددة التي يعاني منها الأهالي ومنها : الصرف الصحي والبنية التحتية وشبكة الكهرباء، ويقول " المشكلة الكبيرة والخطيرة التي تعاني منها القرية، عدم وجود شبكة صرف صحي، وما زلنا نطالب الجهات المعنية بدعم المجلس لحل هذه القضية التي تحتاج لتمويل ودعم "، وأضاف " الطيبة بحاجة لمشاريع تعبيد طرق داخلية وشق طرق زراعية وجدران استنادية وحفر آبار مياه جمع للمزارعين واستصلاح أراضي أيضاً، كما تحتاج شبكة كهرباء جديدة لتجديد القديمة، ونحتاج إلى محولات واعمدة وكوابل لتصل إلى المناطق الفرعية البعيدة عنها".
في الوقت ذاته، اشتكى جبارين من وجود مشاكل على صعيد النفايات، بسبب عدم التزام الموظفين في الشركة المتعهدة بإزالة ونقل النفايات بشكل متعمد مما يؤدي لتراكمها في الشوارع وانتشار الروائح الكريهة ومظاهر غير حضارية في القرية.
أما على صعيد المدارس، أوضح جبارين أن المدرسة الأساسية للبنات، تعاني من الاكتظاظ وهناك حاجة ماسة لبناء طابق ثالث لتوفير ظروف مناسبة لتعليم الطالبات، إضافة لحاجتها لمكتبة وحواسيب جديدة وحديثة.
وبرز اهتمام كبير لأهالي الطيبة بالحركة الرياضية، وقد تأسس فيها نادي الطيبي الرياضي، وحظي على دعم من المجلس الاعلى للشباب والرياضة، ما مكنه من إقامة ملعب جديد ما زال قيد الانشاء، ويحتاج الى بنية تحتية، بينما تفتقر القرية لأماكن ترفيهية وبحاجة لبناء متنزه عام.
ممارسات الاحتلال
وعبر جبارين عن قلق المجلس والأهالي، بسبب ما يتعرض له طلاب المدرسة الثانوية للبنين من استهداف الاحتلال بسبب موقعها بمحاذاة جدار الفصل العنصري، موضحاً أن دوريات الاحتلال تنتشر بشكل مستمر في منطقة المدارس، بينما يتعمد الجنود استفزاز ومضايقة الطلبة واقتحام المدرسة وملاحقتهم والتنكيل بهم واعتقال بعضهم.
وذكر جبارين أن أهالي القرية يعانون بشكل كبير من حملات الدهم والاقتحام التي تنفذها قوات الاحتلال بشكل مستمر للطيبة ويتخللها ملاحقة الأطفال والشبان، ودهم المنازل وإثارة أجواء رعب وخوف لدى الجميع دون مبرر، لكن الأخطر كما يبين، إطلاق الاحتلال للخنازير البرية والكلاب الضالة في القرية ، ويقول " الاحتلال يتعمد استخدام هذا الأسلوب، ما أدى لتكاثر وانتشار الخنازيز التي أصبحت تشكل خطراً على حياة الجميع، حتى أصبح الأهالي، يضطرون لاحتجاز أسرهم وأطفالهم ومنعهم من الخروج لحدائق منازلهم"، ويضيف " الاحتلال حول حياتنا لسجن كبير، وهناك تدمير وتخرييب للأراضي والمحاصيل الزراعية، مما كبد المزارعين خسائر فادحة ".
فعاليات وانشطة ..
في المقابل ، تشهد القرية حركة نشطة لعدة مؤسسات وفعاليات ، منها كما يفيد رئيس المجلس ، جمعية الطيبة الخيرية ، التي تنفذ برامج مجتمعية وانسانية وخيرية لدعم ومساعدة الفئات والاسر الفقيرة والمحتاجة ، وتوزع بشكل دائم مساعدات عينية ومادية في جميع المناسبات ، اضافة للمركز النسوي ، الذي يهتم بقطاعات المراة والطفل ، وينفذ برامج ودورات داعمة ومساندة للنساء خاصة على صعيد التنمية والتمكين وتوفير مصدر دخل .
دلالات
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الطيبة الحدودية والجدارية.. سكانها لاجئون يعانون من الجدار وسياسات وقيود الاحتلال