فلسطين
السّبت 29 أكتوبر 2022 7:09 مساءً - بتوقيت القدس
مخيم جباليا أكبر مخيمات اللجوء بغزة مسرحًا دائمًا للعدوان والمعاناة التي يعايشها الفلسطيني
غزة- تقرير خاص بـ "القدس" دوت كوم - لسنوات طويلة شكل مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة، صورة حية لمعاناة الفلسطينيين خاصة منذ تهجيرهم من أراضيهم عام 1948، ومرورًا بمراحل مختلفة من الجرائم المرتكبة، والعدوان الإسرائيلي الذي لا يتوقف منذ نحو 74 عامًا، حاصدًا مزيد من الضحايا ما بين شهيد وجريح وأسير يكابد معاناة هذا الاحتلال الذي يمعن من يوم إلى آخر في عدوانه لترسيخ وتعزيز وجوده.
مر المخيم الذي يتواجد شمال قطاع غزة، بالعديد من المراحل التي تجسد معاناة اللاجئ والمواطن الفلسطيني (أي الذي يقطن أرض غزة من قبل) على حد سواء، فعاش سكانه كما باقي المخيمات في القطاع والضفة الغربية والقدس المحتلة، بعد التهجير، في منازل من الخيام، وتقديم المساعدات للسكان من الأونروا.
وفي زمن الثورة الفلسطينية المعاصرة، كان مخيم جباليا مهدًا لثورة الحجارة عام 1987، بعد استشهاد 4 عمال من سكان المخيم على يد الاحتلال الإسرائيلي بعد دهسهم من شاحنة عسكرية بعد عودتهم من العمل في الداخل المحتل، وقدم المخيم أول شهيد في تلك الانتفاضة، الشاب حاتم أبو سيسي بعد اندلاع مواجهات بالمخيم تدحرجت لمختلف مناطق القطاع والأراضي الفلسطينية تباعًا.
ويقول المسن محمد عبيد أحد وجهاء مخيم جباليا لـ "القدس" دوت كوم، إن المخيم ومنذ النكبة وحتى الانتفاضة الأولى، كان محط أنظار الاحتلال الإسرائيلي وقواته التي كانت تداهمه على الدوام للبحث عن الثوار بداخله والذين كانت تتهمهم بالقيام بعلميات فدائية آنذاك، إلا أنه في كل مرة كان يحاول فيها فرض عقوباته على السكان كان أهالي المخيم أكثر إصرارًا على مواجهته.
ويعيش حاليًا في مخيم جباليا الذي تصل مساحته إلى 1.4 كيلومتر مربع، ما يزيد على 114 ألف لاجئ، في حين كان عدده 35 ألف لاجئ بعد النكبة مباشرة.
وأشار عبيد، إلى أن سكان المخيم عانوا كثيرًا على مستوى الخدمات الإنسانية والمعيشية وغيرها كباقي مخيمات اللاجئين التي عانت كثيرًا على مختلف المستويات بعد التهجير عام 1948، مشيرًا إلى أن انتفاضة الحجارة شكلت مرحلة مهمة وجديدة في تاريخه، وتاريخ القضية الفلسطينية بعد تضحيات كبيرة قدمت في تلك الانتفاضة والتي قادت لاحقًا لانجازات سياسية تمثلت في اتفاق "أوسلو" والذي كان يشكل أملًا للفلسطينيين بتحقيق الكثير من الإنجازات الفعلية إلا انه بقي حبر على ورق، وأصبح نذير شؤوم.
ومع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000 والتي اندلعت بعد اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، للمسجد الأقصى، تعرض مخيم جباليا للكثير من العمليات العسكرية والعدوانية الإسرائيلية، كما شكل المخيم مركز ثقل للمقاومة الفلسطينية التي أطلقت منه أول الصواريخ باتجاه المستوطنات المحاذية للقطاع، حتى أصبح على الدوام الصورة النابضة لمقاومة الاحتلال.
وشهد المخيم في بدايات الانتفاضة وتحديدًا عام 2004، أوسع عملية عسكرية إسرائيلية وسميت بـ "أيام الغضب"، واستمرت 17 يومًا بهدف محاولة منع إطلاق الصواريخ من شمال قطاع غزة، إلا أنها فشلت المعركة في تحقيق أهدافها، وأبدعت المقاومة باستمرار إطلاق تلك الصواريخ، إلى جانب ابتكارها صواريخ مضادة للدروع استهدفت بها الدبابات الإسرائيلية المشاركة بالعملية حينها، وقدم المخيم خلالها 130 شهيدًا.
ويقول جميل الرزاينة أحد وجهاء المخيم، إن مخيم جباليا كان مسرحًا للعديد من العمليات العسكرية الإسرائيلية ومنها تلك التي تبعت عملية أسر المقاومة للجندي جلعاد شاليط، والتي أدت لاستشهاد عشرات من المواطنين، مشيرًا إلى ان المقاومة تصدت بقوة لذاك العدوان وفاجأت الاحتلال بإطلاق صواريخ تجاه مدينة عسقلان وبلدة نتيفوت وهو التطور الجديد الذي ظهر حينها بمدى تلك الصواريخ.
ويشير الرزاينة إلى أن مخيم جباليا، كغيره من مخيمات وأحياء ومدن قطاع غزة، تعرض باستمرار للعدوان والحروب الإسرائيلية وكان مسرحًا لمعظم تلك العمليات والتي فقد فيها الكثير من سكانه حياتهم، وكان الاحتلال يبيد عائلات بأكملها بعد قصف منازلهم على رؤسهم وهم يعتقدون أنهم يعيشون بأمان فيها، وخاصة في الحرب الأولى عام 2008، وكذلك في حرب 2014.
وأشار إلى أن السكان في تلك الحروب عاشوا الهجرة مجددًا، ولكن بجيل جديد غير ذاك الذي عاش هجرة 1948، مشيرًا إلى أنهم اضطروا لمغادرة منازلهم إلى مدارس الأونروا أو إلى مناطق أخرى أكثر أمانًا في ظل الاستهداف المتعمد لمنازلهم من قبل طائرات الاحتلال التي كانت لا تتوانى عن تدميرها في سياسة ممنهجة لا تكاد تتغير من حرب أو معركة إلى أخرى.
فيما يقول عبيد، إن العمليات الانتقامية من قبل الاحتلال لم تقتصر فقط بحق سكان مخيم جباليا عسكريًا من خلال القصف والدمار الذي كان يخلفه في كل عملية وقتل أهاليه، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال كانت تتعمد حرمان السكان من الحصول على تصاريح للعلاج في مستشفيات الضفة والداخل المحتل، كمعاقبة لهم على المقاومة المتصاعدة من المخيم الذي كان يحتضن الكثير من أبنائه القيادات في الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة.
وأشار إلى أن المخيم كان يمثل لسنوات مثالًا يحتذى به في الوحدة الوطنية التي ظهرت من خلال التعاون المشترك في تنفيذ عمليات من قبل المقاومين بعمليا مشتركة ما بين فتح وحماس والجهاد الإسلامي، وكان لبعض القادة الشهداء الذين كانوا ينسقون فيما بينهم الفضل بذلك، مثل الشهيدين حسن المدهون من قادة كتائب الأقصى، وفوزي أبو القرع من كتائب القسام، ومقلد حميد من سرايا القدس.
ويأمل عبيد، والرزاينة أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي والمعاناة التي خلقها للفلسطينيين، وأن يعود سكان المخيم إلى قراهم وبلدانهم التي هجروا منها، ليعيشوا بأمان كما باقي الشعوب.
دلالات
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
مخيم جباليا أكبر مخيمات اللجوء بغزة مسرحًا دائمًا للعدوان والمعاناة التي يعايشها الفلسطيني