واشنطن – "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات - نشرت صحيفة واشنطن بوست افتتاحية يوم الجمعة، تحت عنوان "إسرائيل تترك تساؤلات عدة دون إجابة حول مقتل صحافية أميركية"، استهلتها قائلة إنه بعد أن خلصت تحقيقات دامت لأشهر أجرتها مؤسسات الأخبار الدولية ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن جندياً إسرائيلياً قد أطلق الرصاصة على الأرجح التي أدت إلى مقتل الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة في فصل الربيع الماضي، توصل تحقيق عسكري إسرائيلي إلى نفس النتيجة -ولكنه استبعد أيضاً إجراء تحقيق جنائي أو توجيه اتهامات للقوات الإسرائيلية.

وتقول الافتتاحية :"ويترك هذا الاستنتاج أسئلة حرجة دون إجابة. فأولاً، لم تقدم قوات الدفاع الإسرائيلية أي دليل يدعم زعمها بأن مقتل أبو عاقلة كان حادثاً أو، كما قال مسؤول إسرائيلي كبير للصحافيين، "خطًأ في تحديد الهوية"، وثانياً، شكك الجيش الإسرائيلي في النتائج التي توصل إليها من خلال التأكيد على أن الرصاصة كانت تستهدف مسلحين فلسطينيين "أثناء تبادل لإطلاق النار أُطلقت خلاله عيارات نارية واسعة النطاق وعشوائية تهدد الحياة باتجاه جنود جيش الدفاع الإسرائيلي".

وفي الواقع، تقول الصحيفة "تشير التحقيقات التفصيلية التي أجرتها صحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز ومنظمات مستقلة أخرى -استناداً إلى مشاهد الصوت والصوت وروايات شهود العيان- إلى أنه لم يكن هناك مسلحون فلسطينيون في المنطقة المجاورة لأبو عاقلة عندما أصيبت برصاصة في مؤخرة رقبتها، ولم يحدث تبادل لإطلاق النار هناك في الدقائق السابقة. ولم يظهر أي دليل بعد يشير، كما قالت السلطة الفلسطينية، إلى أن القوات الإسرائيلية المشاركة في حادثة يوم 11 مايو استهدفت غير المقاتلين أو على وجه التحديد أبو عاقلة، وهو اسم مألوف في العالم العربي بسبب تقاريرها الإخبارية التي استمرت لعقدين من الزمن حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على قناة الجزيرة".

وتضيف "ولكن غياب مثل هذه الأدلة لا يبرر قرار الجيش الإسرائيلي بإغلاق القضية، بل على العكس من ذلك، فهو يلفت الانتباه إلى ندرة تفاصيل التحقيق المعلن عنها. فلم يُنشر أي تسجيل أو نص لأي مقابلة مع جندي إسرائيلي، ولا دليل على ما شاهده أو سمعه أو اعتقده أي جندي عندما فتحوا النار على مجموعة من المدنيين، بمن فيهم أبو عاقلة البالغة من العمر 51 عاماً والتي ارتدت ملابس واقية عرَّفتها كصحافية. كما لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي مقطع فيديو، إن وجد، من طائرات مسيرة أو كاميرات جسدية قد تسلط الضوء على الحادث، رغم طلبات صحيفة واشنطن بوست".

وتمضي الافتتاحية لافتة إلى أنه "يمثل استنتاج الجيش الإسرائيلي تراجعاً شبه كامل عن إصراره الأولي على أن مسلحين فلسطينيين قتلوا أبو عاقلة على الأرجح، الذي تماشى مع نتيجة مماثلة توصلت إليها قبل شهرين وزارة الخارجية الأمريكية خففت من الضغوط لتوجيه اتهامات جنائية ضد جندي أو جنود في الجيش الإسرائيلي. ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون ذلك الاستنتاج هو الكلمة الأخيرة بشأن الحادث الذي وقع في مدينة جنين بالضفة الغربية، وسط غارة عسكرية بعد أسابيع من هجمات إرهابية فلسطينية أودت بحياة 17 إسرائيلياً. إذ توجد حاجة إلى إجراء تحقيق مستقل حقاً، ويجب على إسرائيل دعوة مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي للقيام بذلك.

وتلفت الصحيفة إلى أن "مراسلو الصراعات يخاطرون بشكل روتيني في سياق نقلهم للأحداث، ولكن هذا ليس مبرراً للاستهزاء بموت أحدهم في ظروف غير مبررة، كما حدث في مقتل أبو عاقلة. ولطالما أشارت منظمات حقوقية إسرائيلية ودولية إلى حالات يتفادى فيها الجنود والشرطة الإسرائيلية المساءلة عن الانتهاكات. ولم يُعاقب أي مسؤول إسرائيلي بشكل جاد على الفوضى التي حدثت في جنازة أبو عاقلة في القدس في يوم 13 أيار ، عندما ضربت الشرطة الفلسطينيين الذين كانوا يحملون نعشها، ما جعلهم يوشكون على إسقاطه على الأرض".

وتختتم الصحيفة الافتتاحية بالإشارة إلى أن "هذا الخطأ، والأسئلة المتروكة دون إجابة من استنتاج إسرائيل حول مقتل صحافية محترمة، يؤكدان بشكل أكبر على الحاجة إلى إجراء تحقيق خارجي".