Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 13 أبريل 2025 2:42 مساءً - بتوقيت القدس

تحليل الاحتجاجات المناهضة لـ"حماس" في غزة

خلال الأسبوع الماضي، وردت تقارير عن مشاركة فلسطينيين في غزة في احتجاجات عامة ضد حركة «حماس». وقد نُظمت هذه الاحتجاجات في ثلاث مناطق رئيسية على الأقل، وشارك فيها مئات وربما آلاف الفلسطينيين. واللافت في هذه الاحتجاجات هو الشعارات واللافتات التي رفعها المتظاهرون، والتي عبّرت بوضوح عن نيتهم المناهضة لـ«حماس» مثل: «يجب أن ترحل حماس» و«نريد أن نعيش». 

ورغم أن حجم هذه التجمعات لا يُقارن بالحشود الجماهيرية في صربيا أو تركيا أو حتى إسرائيل، إلا أن ما يجعلها لافتة للنظر وشجاعة هو الظروف التي جرت فيها: الهجمات التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، وعدم تسامح «حماس» مع أي معارضة.

هذا التطور المثير للاهتمام أدى إلى تفسيرات متعددة ومتناقضة، على غرار فيلم «راشومون»، من قبل أطراف مختلفة في الصراع المستمر. (فيلم راشومون هو فيلم ياباني - يصف تأثير راشومون كيف يصف الأطراف حدثا ما بطريقة مختلفة ومتناقضة، مما يعكس تفسيرهم الذاتي ودفاعهم عن مصالحهم الذاتية، بدلاً من الحقيقة الموضوعية).

اتسمت بعض ردود الفعل الإسرائيلية بالقسوة والغرابة. فالنظرة الإسرائيلية السائدة لتبرير الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة ترتكز على الادعاء بأن «جميعهم حماس». وبدلاً من اعتبار التظاهرات دليلاً على خطأ تقييمهم للفلسطينيين، توصل المتشددون في الحكومة الإسرائيلية إلى نتيجة معاكسة. حيث صرّح القائد الأعلى للجيش الإسرائيلي أن هذه الاحتجاجات تُظهر أن القصف المتجدد وحرمان غزة من المساعدات يجدي نفعاً، وينبغي تصعيده حتى تُهزم «حماس» ويوافق الفلسطينيون على مغادرة غزة نهائياً. ولم يدرك بعض المعلقين الإسرائيليين الذين احتفوا بهذه التظاهرات أن هذه الاحتجاجات، رغم كونها مناهضة لـ«حماس»، ليست مؤيدة لإسرائيل، ولا تُشير إلى استعداد الفلسطينيين للتنازل عن حقوقهم الوطنية.

كما أخفق بعض الفلسطينيين في تفسير هذه الاحتجاجات. فقد اعتبرها البعض نتيجة «أيادٍ خفية»، تُحرّكها فصائل منافسة كـ«فتح» أو «عواصم عربية» لم يسموها، فيما اتهمها آخرون بالخيانة، معتبرين أنها تُضعف «المقاومة».

أما بعض الأصوات الأميركية والإسرائيلية، التي تحاول الظهور بمظهر الداعم والمتفهم، فقد اعتبرت هذه التظاهرات علامة إيجابية ودعت حكوماتها إلى احتضان المتظاهرين /أو دعمهم علنا، وكأن حكوماتها تتمتع بأي مصداقية في هذا الشأن، أو أن رحيل «حماس» وحده سيحل كل مشاكل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.

وبينما يمكن توقع هذه التفسيرات المختلفة بحكم تباين الرؤى، فإنها جميعاً تفتقر إلى الفهم الحقيقي. بادئ ذي بدء، لطالما كانت مشاعر الكراهية لـ«حماس» متجذرة بين سكان غزة. اختلق الإسرائيليون مبرراتهم للقصف الشامل لغزة بادعاءٍ زائفٍ ومُفبركٍ بأن «الفلسطينيين صوتوا بأغلبية ساحقة لحماس عام 2006». في الواقع، لم تفز «حماس» بالأغلبية، بل جاءت نتيجة فشل فتح في توحيد صفوفها ودخولها الانتخابات بلوائح متنافسة.

ولعبت الولايات المتحدة أيضاً دوراً في فوز «حماس» عام 2006 عبر دعمها المالي في اللحظات الأخيرة لحركة «فتح»، ما منح «حماس» فرصة استخدام شعار «الأميركيون يريدون فتح»، والشعب يريد حماس». وبسبب الغضب الشديد تجاه السياسات الأميركية، فقد كان هذا الدعم بمثابة «قبلة الموت» لحركة «فتح».

وقد أظهرت استطلاعاتنا في غزة على مدى العقد الماضي تراجعاً مستمراً في شعبية «حماس». ففي أوائل عام 2023، منح أقل من ربع السكان الحركة تقييماً إيجابياً. وفي نهاية العام نفسه، تراجعت هذه النسبة إلى أقل من واحد من كل عشرة. وتجاوز عدد الغزيين المؤيدين لـ«فتح» باستمرار عدد مؤيدي «حماس».

كما يُظهر استطلاعنا في غزة رفضاً واضحاً للسلوكيات المنسوبة إلى «حماس» في السابع من أكتوبر. وعندما سُئلوا عمّن يتحمل مسؤولية الحرب التي تلت ذلك، ألقى ثمانية من كل عشرة باللوم على «حماس»، مع نفس النسبة تقريباً التي تحمل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية الحرب.

الخلاصة أن المشاعر المناهضة لـ«حماس» والداعمة لحركة «فتح» ليست جديدة في غزة. وبالتالي، حتى لو شاركت عناصر من «فتح» في تنظيم هذه الاحتجاجات، فإن ذلك لا يُقلل من مصداقيتها كتعبير عن المعارضة.

من الضروري أيضاً تصحيح ردود الفعل الإسرائيلية والأميركية الأخرى تجاه الاحتجاجات. ربما كان الحصار المفروض منذ شهر على الغذاء والدواء والقصف المتجدد قد دفع الناس للخروج في مظاهرات، لكن اعتبار المتشددين الإسرائيليين أن ذلك مؤشّر على «نجاح» سياساتهم الإجرامية هو نظرة سادية لا أساس لها من الصحة سياسيا. أما من يدعون «الاعتدال» الذين يرون في هذه التظاهرات بداية لإزاحة «حماس»، فهم يعيشون في أوهام. لا الأميركيون ولا الإسرائيليون قادرون على لعب دور إيجابي في هذا المجال.

من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن حكومة نتنياهو بحاجة لهذه الحرب كي تُنقذ سلطته. وقد عبّر بوضوح عن رفضه لخطة السلام العربية، ليس بسبب «حماس»، بل لأنه يعارض السيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة. ويرى في وجود «حماس» عذراً مناسباً لمواصلة الحرب. كما أعلن منذ البداية أن هدفه هو الإبادة الجماعية وإعادة احتلال غزة. وفي هذا المسعى، حظي – ولا يزال يحظى – بدعم أميركي.

مع ذلك، هناك بعض النقاط التي يجب التأكيد عليها: نعم، يجب على «حماس» أن تتنحى. فمنذ بداياتها، كانت تكتيكاتها غير مسؤولة ومستهجنة، وتهدف إلى تقويض كل جهود السلام. ولهذا دعمها نتنياهو على مدى سنوات، بينما كان يُعاقب السلطة الفلسطينية ويُضعف شرعيتها، لأنه لم يكن يريد التفاوض معها أو رؤية أي تحرك نحو إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة.

صحيحٌ أيضاً أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى إصلاح جذري، ويجب بذل الجهود لإيجاد قيادة فلسطينية جديدة موحدة وذات مصداقية.

إذا كانت الولايات المتحدة والدول العربية والمجتمع الدولي يرغبون فعلا في إنهاء هذا الصراع، فعليهم أن يطالبوا بوقف الهجمات الإسرائيلية وسياسات الضم التي تنتهجها حكومة نتنياهو، كما سيطالبون بإنهاء الاحتلال وقبول ودعم تنفيذ خطة السلام العربية.

أما بالنسبة لـ«حماس»، فيجب أن يُترك تحديد مصيرها للفلسطينيين بالتعاون مع مصر والدول العربية الأخرى. فإذا نجح المجتمع الدولي في الضغط لوقف الحرب على غزة، وبدء إعادة الإعمار، ووقف الهجمات الإسرائيلية على الضفة الغربية والقدس، فحينها يمكن إحياء الأمل بالسلام. إن جلب ثمار السلام إلى الشعب الفلسطيني المظلوم منذ عقود هو السبيل الحقيقي لإضعاف «حماس». فهذا هو الطريق، وليس الحرب المستمرة في القطاع.


*رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن


............


بدلاً من اعتبار التظاهرات دليلاً على خطأ تقييمهم للفلسطينيين، توصل المتشددون في الحكومة الإسرائيلية إلى نتيجة معاكسة، حيث صرّح قائد الجيش الإسرائيلي بأن هذه الاحتجاجات تُظهر أن القصف المتجدد وحرمان غزة من المساعدات يجدي نفعاً.

دلالات

شارك برأيك

تحليل الاحتجاجات المناهضة لـ"حماس" في غزة

المزيد في أقلام وأراء

تحديات الاقتصاد الأردني

جواد العناني

سيناريوهات تعيين نائب للرئيس الفلسطيني.. بين الضغوط الخارجية والمصلحة الوطنية

بسام زكارنة

أهلنا في غزّة أبطال لكنهم ليسوا سوبرمان

داود كتّاب

في غزة.. الناس لا يبحثون عن "التحرير" بل عن "تذكرة نجاة"

محمد جودة

خَمِيسُ السِرِّ المُقَدَّسِ

بهاء رحال

المفاوضات الإيرانية- الأمريكية معقدة وتسودها حالة من انعدام الثقة

راسم عبيدات

لا يمكن أن يستمر الحال في غزة على هذا النحو.. "فلا نتنياهو ولا السياسيين الألمان...

المجر والاحتلال.. تحالف سياسي أم انحياز أيديولوجي ؟

أمين الحاج

منطق "الاستثناء".. انتهاك للحريات

في الذكرى الـ37 لاستشهاد القائد الرمز خليل الوزير "أبو جهاد"

مخطط خطير ومعادٍ

هل بتسليم السلاح تَسْـلم الأرواح؟

أمين الحاج

المنهاج الخفي في الدراسات الاجتماعية.. كيف تُصنع العقول في الظل؟

د. سارة محمد الشماس... باحثة وكاتبة في التراث والعلوم التربوية

تنكيس الأقلام!

ابراهيم ملحم

بوادر مصالحة تركية كردية تاريخية في الأُفق

كريستين حنا نصر

لا لسلطة متجددة بالمفهوم الإسروأمريكي... وللشعب الفلسطيني تعني دولة مستقلة

فوزي علي السمهوري

حين يُسوِّق العالم الأمل في المريخ ويتغاضى عن إبادة فلسطين

فادي أبو بكر

أين أخلاق العالم؟ عام ونصف من الجوع والموت!

إسماعيل مسلماني

تدمير المدمر وقصف المقصوف

بهاء رحال

معركة غزة لم تحسم بالانتصار أو الهزيمة

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الخميس 17 أبريل 2025 1:14 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.69

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.2

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 4.19

شراء 4.18

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1077)