أقلام وأراء

الجمعة 18 أبريل 2025 10:08 صباحًا - بتوقيت القدس

لا يمكن أن يستمر الحال في غزة على هذا النحو.. "فلا نتنياهو ولا السياسيين الألمان فوق القانون"

برلين- كتبت مجموعة من سفراء ألمانيا السابقين في عدد من الدول العربية (عمّان وبيروت ودمشق والقاهرة ونواكشوط ورام الله. بريجيتا سيفكر، كريستيان موخ، هانس يورغ هابر، كريستيان كلاغيس) مقالاً مشتركاً حول رؤيتهم لما يحدث في غزة وسياسة حكومتهم تجاه إسرائيل.

المقال الذي نشرته صحيفة "فرانكفورتر الغماينة"، وهي إحدى كبريات الصحف الألمانية وأوسعها انتشاراً، بتاريخ 17-4-2025، جاء بعنوان: 


لا يمكن أن يستمر الحال في غزة على هذا النحو.. "فلا نتنياهو ولا السياسيين الألمان فوق القانون"


إن النظر لما يحدث في غزة مثير للإزعاج. فقد شكلت مجزرة حماس في 7 من أكتوبر 2023 والتي راح ضحيتها حوالي 1,200 قتيل و250 رهينة مختطفة، صدمة لإسرائيل مستمرة حتى يومنا هذا، كما أنها هزتنا جميعًا. أما ردة فعل الجانب الإسرائيلي فقد جلبت الموت لعشرات الآلاف من الناس، وأصابت أجيالاً بأكملها بعدوى الكراهية، كما وألحقت أضرارًا جسيمة بمصالح إسرائيل الأمنية. إن هذا الوضع وموقف ألمانيا الرسمي منه لا يقلقنا نحن كاتبي المقال فحسب، بل يقلق أيضًا، كما نعلم من خلال أحاديث كثيرة، العديد من المسؤولين في الحكومة الألمانية.

نتحمل نحن الألمان، بسبب عبء المحرقة، مسؤولية أخلاقية، تجاه إسرائيل بشكل خاص، وتجاه الإنسانية جمعاء أيضاً. ومن هنا ينبغي، بالتالي، أن يتمثل طموحنا في الدفاع عن كليهما ومعارضة أي إساءة إليهما في آن. وهذا ينطبق على حماس، ولكن أيضًا على الحكومة الإسرائيلية الحالية، حيث أن دعمها غير المشروط هو صداقة يساء فهمها لأنها تتجاهل أجزاء مهمة من المجتمع الإسرائيلي.

يجب أن يكون التزامنا موجهاً نحو حل الصراع، وهو أمر ضروري لوجود إسرائيل على المدى البعيد، كذلك للفلسطينيين الراغبين في السلام، وهم موجودون بالفعل. فكثيرًا ما يحول التحيز بيننا وبين الاعتراف بالفلسطينيين كشعب متنوع، مثله مثل الإسرائيليين. وقد شكلت الاحتجاجات الأخيرة المناهضة لحماس في غزة دليلاً على ذلك.

ونظرًا لعدم اهتمام العديد من وسائل الإعلام وتردد نخبنا السياسية في التعاطي مع أحداث غزة، التقطت قوى متطرفة هذه القضية وملأتها بمحتويات التحريض المعادي للسامية. وهذا لم يكن ليحدث لو حظي المجال السياسي العام بخطاب واضح مسترشد بالقانون الدولي. خطاب يكون إطاره التوجيهي اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

لقد انتهكت حماس القانون الدولي الإنساني والقوانين التي تحكم الحروب عبر تنفيذها لهجمات إرهابية واحتجاز الرهائن وقصف أهداف مدنية في إسرائيل. وفي نفس الوقت ينبغي على إسرائيل أن تقبل بالسؤال حول مسألة التناسب. حيث أن الأرقام الحالية تشير الى: أكثر من 50,000 حالة وفاة موثقة، بما في ذلك 18,000 طفل، وعشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين إلى الأبد، وتدمير 20 مستشفى وعيادة توليد، وحصار على إمدادات الغذاء والدواء، وبتر أطراف أطفال وعمليات ولادة قيصرية من دون تخدير، ومقتل أكثر من 1,000 عامل إنقاذ، وأكثر من 200 صحفي. كما أن هناك تدميراً لكنائس ومساجد ومتاحف و لـ%90 من المدارس والجامعات، مع ما ترتب على ذلك من آثار مدمرة على الهوية الثقافية لغزة.

وترى المحكمة الجنائية الدولية في منع دخول السلع الحيوية والإمدادات الطبية وكذلك حالات القتل العمد أسبابًا كافية لتصنيفها كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومن هنا عمدت المحكمة الجنائية الدولية، وبعد فحص دقيق، إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة حماس وكذلك بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع آنذاك غالانت. وقد أعرب 77 من فقهاء القانون الدولي من الدول الناطقة بالألمانية عن دعمهم لهذا الأمر. فلا نتنياهو ولا السياسيين الألمان فوق القانون. فالتفكير بصوت عالٍ في طرق للالتفاف على مذكرة التوقيف لا يليق بدولة رائدة في مجال القانون الجنائي الدولي مثل ألمانيا.

إن الصراع في الشرق الأوسط لم يبدأ في 7 أكتوبر فحسب، فعلى مدى عقود ونحن نشاهد الفلسطينيين يتعرضون للظلم والطرد والقتل على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين، وكيف تحتل إسرائيل المزيد والمزيد من الأراضي في انتهاك للقانون الدولي. نشاهد كل ذلك في تناقض صارخ مع دفاعنا، في حالات أخرى، عن القانون الدولي والنظام العالمي القائم على الأسس.

ففي قضية محكمة العدل الدولية المرفوعة من قبل غامبيا ضد ميانمار، دافعت الحكومة الألمانية عن تفسير واسع لجريمة الإبادة الجماعية؛ أما في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا، فيبدو أنها تدافع عن العكس لصالح إسرائيل.

وهناك إدانة صاخبة من قبل الحكومة الألمانية، على سبيل المثال، في حال الجرائم المزعومة ضد الإنسانية والاحتلال والضم في إطار الصراع الروسي - الأوكراني، لكن الحكومة الألمانية تتحفظ عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ومن هنا فليس من المستغرب أن يعرضنا ذلك لاتهامات بازدواجية المعايير.

إن استئناف الحرب في غزة في آذار، والعملية العسكرية في الضفة الغربية، وتصرفات إسرائيل في لبنان وسوريا وخطة ترامب لريفيرا غزة، كل هذا يعني أنه لم يعد بالإمكان الاستمرار على هذا المنوال، ولا حتى من قبل ألمانيا. لا يمكننا الاستمرار في الصمت عن حقيقة أن حياة الفلسطينيين في غزة أصبحت مستحيلة.

ينبغي علينا دعم المجتمع المدني الإسرائيلي وفي نفس الوقت تشجيع تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية فعالة تحظى بالشرعية الداخلية والدولية وتنبثق عن انتخابات حرة.

ما زال منطلق عملية أوسلو وحل الدولتين صالحاً لذلك. أما أذا شكل رفض إسرائيل إنهاء الاحتلال وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية حائلاً أمام تحقيق هذا الأمر، فإن الخيار الوحيد المتبقي هو حل الدولة الواحدة، والذي يتطلب أن يعيش العرب واليهود معاً على قدم المساواة، هذا إذا ما أريد لهذه الدولة أن تكون ديمقراطية.

ولعله من غير المجدي أن نكرر دعمنا التكراري لحل الدولتين وفي الوقت نفسه نمنح حكومة إسرائيلية تفويضًا مطلقًا تقوض عبره هذا الحل.

دلالات

شارك برأيك

لا يمكن أن يستمر الحال في غزة على هذا النحو.. "فلا نتنياهو ولا السياسيين الألمان فوق القانون"

المزيد في أقلام وأراء

تجارة لا تبور

إسماعيل الشريف

جائحة الركود التضخمي الجديد

حسام عايش

عائلة بأكملها في قبضة الغياب... حين تُقصف السماء الذاكرة

بن معمر الحاج عيسى كاتب وباحث جزائري

رفح.. سنة في درب المعاناة وسبع محطات من الصبر الجميل المقدّس

حلمي أبو طه

الهجمة على القدس تشتد وتمتد وتتسع

راسم عبيدات

اصلاح حال بال المراهقين/ المراهقات (3)

غسان عبد الله

قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية

د. دلال صائب عريقات

أوروبا تحتفل.. ونحن ننتحب

أمين الحاج

كُـنْ مســاعداً...!

د. أفنان نظير دروزه

حين تُمنع الكلمات.. تكميم البحث العلمي وطمس المعرفة في زمن الإبادة

د. سماح جبر/ استشارية الطب النفسي

بعد ٨٠ عاماً من الانتصار على النازية.. شعبنا بإرادته وإتقان شروط المواجهة سينتصر أيضاً

دروز سوريَة بين نار داعش ونار إسرائيل!

هذه الحكومة الإسرائيلية ليست حليفتنا

خطة ترامب.. تحت غطاء إنساني

فنتازيا ترامب وتكهنات الإعلان المرتقب

تحولات سياسية طارئة

حين تُمنع الكلمات: تكميم البحث العلمي وطمس المعرفة في زمن الإبادة

بقلم: د. سماح جبر استشارية الطب النفسي

بعد عام على حكومة المهندسين

نصار يقين

مطالب "الجمهوريين" في استطلاعات الرأي

جيمس زغبي

القلمُ مُكبَّلٌ: الصحفيون الفلسطينيون في مواجهة آلة الاعتقال الإداري الإسرائيلية سردية القمع المنظم ضد شهود...

بن معمر الحاج عيسى

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1212)