رغم الاقتراب من تحقيق صفقة تبادل أسرى فلسطينية إسرائيلية جديدة، على خلفية الوساطات المصرية القطرية، والضغط والرغبة الأميركية، وحاجة طرفي الصراع: حماس في مواجهة المستعمرة، بسبب ضغوط داخلية، على صانعي قرارهما:
حماس: 1- حاجتها لوقف عمليات التصفية والاغتيال والمطاردة لقياداتها العسكرية والسياسية، 2- معاناة شعبها وحاضنتها الجماهيرية التي تحملت ما لا يمكن تحمله، وعجز المفردات العربية عن وصف معاناة أهالي غزة من: تطهير عرقي، إبادة جماعية، تصفية بشرية، جعل قطاع غزة غير مؤهل للحياة، نكبة، مأساة، فاجعة، 3- حاجتها ورغبتها لأن تبقى في الموقع القيادي لدى المشهد السياسي الفلسطيني، وأن تبقى صاحبة القرار في قطاع غزة نحو المواجهة أو نحو التهدئة، أو باتجاه التسوية والإدارة.
ولدى المستعمرة الإسرائيلية: 1- مظاهرات واحتجاجات عائلات الأسرى التي تجد التضامن والتأييد من قبل شرائح متعددة، وتتسع لتشمل شرائح أخرى، وإن لم تصل بعد لتشكيل حالة خطرة على بقاء الحكومة، وعدم استمرارية عملها، 2- العرائض الموقعة المعلنة من قبل قيادات وازنة، تُطالب التوصل إلى اتفاق إطلاق سراح الأسرى، مهما كان الثمن بوقف إطلاق النار وتداعياته الإجرائية، خاصة من قبل الطيارين، وقادة أجهزة أمنية من المتقاعدين، وعاملين في الجهاز الصحي الطبي التابع للجيش، وغيرهم من الشرائح الدالة على التحول من قضية تتعلق بعائلات الأسرى إلى قضية واسعة تشمل: 1- عائلات الجنود الذين قتلوا في الحرب، بدون فوائد سياسية، 2- عائلات الجنود الذين ما زالوا قيد التجنيد الإجباري الاحتياط منذ سنة ونصف، وغيرهم.
التردد الإسرائيلي وعدم الاستعجال الذي يحمل قرار عدم الموافقة نحو التوصل إلى وقف إطلاق النار، يعود إلى:
1- مصلحة نتنياهو الشخصية الذي يرغب في إطالة أمد الحرب لأنه لم يحقق أهدافها إلى الآن، ويرسخ مقدمات فشله وإخفاقه، قد تصل إلى هزيمته، ومن ثم تشكيل لجنة تحقيق تنتهي بمحاكمته على قاعدة "التقصير"، ولذلك يعمل ويأمل منذ بداية المرحلة الثانية لشن حربه الهوجاء المجنونة يوم 18-3-2025، على أمل تبديل الصورة، والنتائج من حالة الإخفاق والفشل إلى حالة النجاح والانتصار.
2- موقف حلفائه من قادة الأحزاب المشاركة في الحكومة وخاصة بن غفير وسموترتش، لدوافع متطرفة أيديولوجية أولاً لإنهاء أي رهان لبقاء فلسطيني يؤدي إلى دولة فلسطينية في الضفة والقدس والقطاع، وهذا ما يُفسر الهجوم على مخيمات الضفة، والمسجد الأقصى، وحرب القتل والتدمير لقطاع غزة، ولدوافع عدم فشل الائتلاف الحكومي الذي يقود المعركة والتي ستؤثر نتائجها وتداعياتها على الانتخابات البرلمانية واستحقاقاتها في العام المقبل 2026.
نتائج المعركة والهجوم والمواجهات، لم تحسم لطرف على حساب الآخر، حيث الإخفاق والفشل لقوات المستعمرة، رغم إعادة احتلالهم لكامل قطاع غزة، ولكنهم لم يتمكنوا من معرفة أماكن وجود الأسرى الإسرائيليين وإطلاق سراحهم بدون عملية تبادل، ولم يتمكنوا من إنهاء المقاومة الفلسطينية وتصفيتها رغم حجم القتل والاغتيال لقيادات عسكرية وسياسية مهمة.
المقاومة صمدت إلى الآن، ولكنها لم تتمكن من توجيه ضربات موجعة للعدو، ترغمه على وقف إطلاق النار والرضوخ للإنسحاب من قطاع غزة، وهذا يعني هزيمته وانتصار المقاومة، وهذا لم يتحقق بعد.
ولذلك المعركة السياسية لم تحسم بالانتصار أو الهزيمة لأي منهما، لأن المواجهة والحرب على الأرض وفي الميدان لم تحسم نتائجها ولا زالت جارية، وهذا ما يُفسر شدة الهجمة الإسرائيلية وشراستها حتى لا تنتهي بهزيمة العدو الذي لا زال يواجه الفشل والإخفاق.
شارك برأيك
معركة غزة لم تحسم بالانتصار أو الهزيمة