Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 22 ديسمبر 2024 10:43 صباحًا - بتوقيت القدس

يمكننا تحقيق حل الدولتين ولكن ذلك يتطلب تغيير طريقة تفكيرنا وقيادة الشعبين

لقد كانت هذه الأشهر الأربعة عشر من أسوأ الشهور في تاريخ شعبينا على مدى السنوات الست والسبعين الماضية. لقد قتل وجرح الكثير من بعضنا البعض حتى أنه من الصعب أن نتخيل كيف يمكن لأي منا أن يتغلب على الألم والصدمة التي خلفتها هذه الحرب. لا أحد منا جديد على هذا، فقد كان اليهود والفلسطينيون يقتلون بعضهم بعضاً من أجل الأرض التي نؤمن  كل منا منفردا بملكيتها منذ أكثر من مائة عام. وباعتبارنا شعوب وطنية، كنا على استعداد للقتال والموت والقتل من أجل التعبير الجغرافي عن هويتنا. نحن اليهود الإسرائيليون والعرب الفلسطينيون نؤمن أننا نستمد هويتنا الوطنية والإثنية والدينية من هذه الأرض وان هذه الارض هي مصدر هويتنا. نحن نؤمن أن احدنا فقط هو الذي يملك الحق في الهوية الوطنية على هذه الأرض. إن خريطة هذه الأرض الضيقة بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين متطابقة تقريباً، ومنذ بدأت الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يزين العديد من شبابنا هذه الخريطة بسلسلة حول أعناقهم. من النهر إلى البحر هو نفس النهر ونفس البحر لسبعة ملايين يهودي إسرائيلي وسبعة ملايين عربي فلسطيني. والأرض الواقعة بين النهر والبحر مشبعة بالكثير من دماء الشعبين. وإذا كان هناك أي درس يمكن تعلمه من الأشهر الأربعة عشر الماضية فهو انه يجب أن تكون هذه هي الحرب الإسرائيلية الفلسطينية الأخير.

 

سيتم تسجيل السابع من أكتوبر 2023 في تاريخ إسرائيل والشعب اليهودي باعتباره يوم الاستيقاظ من المفهوم (الخاطئ) المرتكز على انه يمكن احتلال شعب آخر والسيطرة عليه لمدة 56 عامًا والتوقع بعدها العيش في سلام. يجب أن يكون هذه الحرب بمثابة جرس إنذار بأنه لا يمكن وضع 2.3 مليون شخص تحت الحصار وتركهم يعيشون في فقر مدقع لمدة 20 عامًا والتوقع  بعدها ان تكون النتيجة الهدوء. في النهاية سينهض هؤلاء ويقولون كفى. لن يوافق أي إسرائيلي على العيش كما أخضعت إسرائيل الشعب الفلسطيني على مدى عقود من السيطرة والهيمنة والتمييز ومصادرة الأرض والكرامة وإنكار الحقوق الوطنية. ولكن إسرائيل كانت تعتقد لسنوات أن هذه السياسة يجب أن تستمر فيها دولة إسرائيل، وإلا فإن الفلسطينيين سوف يثورون ويقتلوننا.

 

لقد نشأت حركات المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك تلك التي تحركها نسخ معينة من الإسلام، واكتسبت الدعم بين الشعب الفلسطيني في البداية بسبب رفض الاعتراف بحق الشعب اليهودي في إقامة دولته على الأرض التي امنوا أنها ملكهم وحدهم. كانت على هذه الأرض التي نتقاسمها  الان أغلبية عربية فلسطينية كبيرة قبل عام 1948. ولكن يتعين على الفلسطينيين أن يتصالحوا مع حقيقة مفادها أن اليهود كانوا موجودين في هذه الأرض لآلاف السنين. والكتب السماوية قدمت شهادات على الوجود اليهودي في هذه الأرض. ولكن يستطيع الفلسطينيون بسهولة تذكير جيرانهم اليهود بأنهم لم يكونوا ابدا وحدهم في هذه الأرض. فقد كان هناك معهم دائماً آخرون، والفلسطينيون هم الآخرون. و انه ليس هناك حق حصري لأحد هذين الشعبين في  هذه الأرض الواقعة بين النهر والبحر. وإلى أن نستوعب جميعاً هذه الحقيقة الأساسية، فسوف نستمر في كراهية وقتل بعضنا البعض.

لقد فقدنا الكثير من إنسانيتنا في هذه الحرب. لقد تجاوزت حماس الخطوط الأخلاقية الحمراء في 7 أكتوبر 2023. ارتكبت حماس وأفراد غير منتمين جرائم حرب في 7 أكتوبر 2023. اعتقدت حماس أن أفعالها كانت مبررة من أجل تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي، وبدلاً من ذلك عايش الشعب الفلسطيني كارثة أسوأ من نكبة عام 1948. ولقد تجاوزت دولة إسرائيل وقادتها وجنودها الخطوط الأخلاقية الحمراء خلال الأشهر الأربعة عشر الماضية. منذ 8 أكتوبر 2023، ارتكبت إسرائيل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة والضفة الغربية بزعم الدفاع عن النفس. من الصعب جدًا على كلا الجانبين أن ينظروا في المرآة ويستوعبوا حقيقة ما فعلناه ببعضنا البعض. نبرر كلينا أفعالنا لأننا ندعي أنها وجودية وإن الجانب الآخر لا يفهم سوى لغة القوة، وهي اللغة الوحيدة التي كنا نعتمد عليها لعقود من الزمان. ويعتقد كل جانب أن الجانب الآخر أثبت مراراً وتكراراً أنه غير مستعد لمعاملتنا على قدم المساواة ولا العيش في سلام معنا. يشعر كل طرف ان الطرف الاخر يطمع في أرضنا ويعتقد أنها ملك له وحده وأن الجانب الآخر ليس له الحق في المطالبة بحقوقه في هذه الأرض. وسواء شئنا أم أبينا، فإننا في كثير من نواحي تفكيرنا نعتبر صوراً طبق الأصل من بعضنا البعض.

 

لابد وأن تكون هذه الحرب هي الحرب الأخيرة. فعلى مدى العقدين الماضيين على الأقل، كانت أغلبية الإسرائيليين وأغلبية الفلسطينيين يقولون: أريد أن أعيش في سلام، ولكنهم (مشيرين إلى الجانب الآخر) لا يريدون ذلك. وكان لدى الجانبين أكثر من الأسباب المبررة الكافية للإشارة إلى افتقار الجانب الآخر إلى الرغبة والاستعداد للعيش في سلام حقيقي. ولكن كيف نقنع نحن الإسرائيليين والفلسطينيين بعضنا البعض بأننا مستعدون للعيش في سلام؟ لكي نفعل ذلك، يتعين علينا أن نبدأ بالنظر إلى الداخل. إننا في حاجة إلى أن ندرك أن الطريق إلى السلام يمر عبر قلوب وعقول الشعب الأخر الذي يشاركنا العيش على هذه الأرض. لن يفرض السلام من الخارج. بل سوف يأتي السلام عندما يعترف كل من الشعبين بوجود الآخر وحق كل منهما في الوجود هنا. نعم، يريد الإسرائيليون من كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة أن تعترف بدولة إسرائيل (165 دولة تعترف بإسرائيل)، ونعم، يريد الفلسطينيون من كل الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة أن تعترف بدولة فلسطين (حوالي 150 دولة تعترف بفلسطين اليوم). ولكن في الواقع، فإن الأمر الأكثر أهمية هو أن يعترف الإسرائيليون بدولة فلسطين وأن يعترف الفلسطينيون بدولة إسرائيل. وهذا أكثر أهمية وإلحاحاً من كل الجهود الأخرى الرامية إلى الحصول على الاعتراف الدولي. فعندما يعترف الإسرائيليون والفلسطينيون بوجودهم الوطني المتبادل، فإن بقية العالم سوف يعترفون بذلك أيضاً. والواقع أن التعديل الذي يتعين علينا أن نجريه في أذهاننا هو أننا لسنا بالضرورة أعداء بعضنا البعض ـ بل إن عدم ثقتنا بالطرف الاخر الناتج عن عدم فهمنا للطرف الاخر هو العدو الحقيقي لكلينا. ويتعين علينا أن نعالج هذا العدو الذي يسكن أذهاننا والذي يمنعنا من طي صفحة هذا الصراع.

ولكي يحدث هذا فإننا نحتاج إلى أن يقف الناس من الجانبين بشجاعة ليتحدثوا بصوت عال وبلغة جديدة مبنية على الرغبة في توقف القتال والعيش بسلام على هذه الأرض ومبنية على  الاعتراف بحقوق الطرف الاخر في التواجد في دولته مع التخلص من الجدران والأسوار ومبنية على حق التمتع كل الطرفين بالأمن والكرامة ومبنية على الانفصال السياسي في دولتين مستقلتين على حدود 1967 ومبنية على الادراك المشترك بأنه حتى بعد تقسيم هذه الأرض إلى دولتين، فإننا جميعاً لدينا ارتباط عاطفي وتاريخي بجميع أجزاء الأرض. ولهذا السبب  علينا ان نفهم أن السلام بيننا نحن الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يكون سلاماً دافئاً، مع مستويات عالية من التعاون. وليس مثل السلام بين إسرائيل ومصر والأردن. فنحن نتقاسم هذه الأرض ولا يمكننا أن ننفصل وكأننا على كواكب مختلفة. إننا بحاجة إلى الوقوف والتعبير عن الندم والأسف على الجرائم التي ارتكبناها ضد بعضنا البعض. وحتى لو لم نرتكبها شخصياً، فقد ارتكبت باسمنا، والطريقة لكسر جدران الشك والخوف هي من خلال التعبير عن التعاطف وتفهم الالم والحزن الذي مر به الطرف الاخر.

 

وعندما نبدأ في الوصول إلى هذا المستوى من الوعي، فسوف نفهم أنه يتعين علينا أن نبدأ في صنع السلام من خلال النظر إلى ما نعلمه لأطفالنا. إن ما نعلمه في مدارسنا هو أفضل انعكاس لما نقدره ونعتز به. نحن لا نعلم السلام؛ بل إننا لا نعلم حتى إمكانية السلام. دعونا نبدأ بالجزء السهل من تعليمنا ـ اللغات. العبرية والعربية لغتان شقيقتان ـ وهناك الكثير من القواسم المشتركة بينهما. يجب على جميع الإسرائيليين أن يتعلموا اللغة العربية من الصف الأول ـ كتابة وتحدثاً. ويجب على جميع الفلسطينيين أن يتعلموا العبرية من الصف الأول. ولا ينبغي أن يكون دراستنا للغة بعضنا البعض "تعلماً للغة العدو" بل تعلماً للغة الجار. ثم يأتي الجزء الأكثر صعوبة ـ تغيير ما نعلمه عن بعضنا البعض وكيف نعلمه. لا حاجة الآن إلى إعادة كتابة التاريخ. لقد ارتكبنا أفعالاً فظيعة ضد بعضنا البعض في هذا الصراع، وعلينا أن نعترف بذلك. ولكننا بحاجة إلى البدء في تعليم بعضنا البعض بطريقة أكثر موضوعية وانفتاحاً. ونحن بحاجة إلى إزالة تعليم الكراهية من مناهجنا وكتبنا المدرسية. ولكي نكون عمليين، يتعين علينا أن نتفق على معايير لتقييم ما نعلمه، ثم يتعين على كل جانب أن يقوم بدراسة داخلية متعمقة لنظامه التعليمي. وهذا قرار لابد أن يتخذ على المستوى الوطني، ولابد أن يكون ممارسة صادقة وجادة للفحص الذاتي. ولابد أن يقوم به الجانبان، ولكن حتى لو بدأ من جانب واحد فقط، فإنه يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح وسوف يكون له تأثير على الجانب الآخر.

 

وأخيراً، نريد أن نعالج قضية القيادة والتمثيل السياسي. فليس لدينا اليوم زعماء قادرون على دفعنا إلى الأمام نحو السلام. إن نتنياهو وعباس وحماس هم جميعاً زعماء الأمس. لقد خذلوا شعوبهم في كثير من النواحي ومنعونا من التقدم نحو فض هذا الصراع. إننا في حاجة إلى إخراج كل هؤلاء من الحاضر إلى عالم التاريخ. ونحن في حاجة إلى زعماء يتمتعون بالقدرة والرؤية لفهم حقيقة مفادها أن مستقبلنا مرتبط ببعضه البعض وأن السبيل الوحيد إلى توفير حياة جيدة وآمنة لمواطنينا هو تحقيق السلام بين شعب إسرائيل وشعب فلسطين. وهناك نحو 30% من المواطنين على الجانبين يرفضون اليوم أي اتفاق سلام بينهما. وهؤلاء هم المتعصبون، والراديكاليون على الجانبين الذين يرفضون أي فكرة لتقاسم هذه الأرض. ونحن لا نملك الأدوات أو القدرة على إقناعهم في هذه المرحلة. ولكن هناك احتمالات تشير إلى أن نحو 70% من الجانبين قد يكونون على استعداد لتقديم التنازلات اللازمة للتوصل إلى السلام، إذا كانوا يعتقدون أن الجانب الآخر صادق في استعداده للعيش في سلام. ونحن في حاجة إلى زعماء سياسيين جدد حتى يتسنى لنا تحقيق هذا. ولكن أين هم هؤلاء الزعماء؟ ومن هم هؤلاء الزعماء؟ إننا لا نعرف في هذا الوقت حقاً. ولكننا نعلم أن التغيير الذي يحدث على أحد الجانبين في الاتجاه الصحيح سوف يخلف أثراً عميقاً ودائماً على الجانب الآخر. والتغيير يمكن أن يبدأ من جانب واحد أولاً.

إن التحدي الذي يواجهنا كمواطنين ـ إسرائيليين وفلسطينيين ـ يتلخص في خلق شراكات قائمة على الإيمان والالتزام بالسلام. ونحن في احتياج إلى رفع أصواتنا معاً في انسجام تام مع الرسالة والرؤية المشتركة التي تؤكد على مسؤوليتنا في أن نثبت لأولئك الذين يشككون في قدرتنا على تحقيق السلام (وهم الأغلبية) أننا جميعاً نريد نفس الشيء في الأساس. فنحن نريد الحرية وتقرير المصير والكرامة والأمن. ونحن جميعاً نريد ضمان حياة طيبة لأسرنا وفرص الرخاء المادي والثروة الثقافية والمعرفة بأن مستقبلنا آمن. وكل تطلعاتنا الجديرة بالاهتمام لن تتحقق إلا إذا تمكن الشعبان اللذان يتقاسمان هذه الأرض من تحقيقها.

 

أسس جيرشون باسكين وسامر سنجلاوي الآن التحالف الإسرائيلي الفلسطيني من أجل تنفيذ حل الدولتين.

دلالات

شارك برأيك

يمكننا تحقيق حل الدولتين ولكن ذلك يتطلب تغيير طريقة تفكيرنا وقيادة الشعبين

المزيد في أقلام وأراء

عندما تصبح جثامين الشهداء هياكل عظمية

حديث القدس

الرضيعة عائشة القصاص تجمد جسدها حد الموت

بهاء رحال

ترامب.. الرئيس القوي

د. ناجي صادق شراب

نحن لا نتضامن مع جنين.. نحن لسنا إلا جنين نفسها!

د. رمزي عودة

الأمن العربي في خطر.. البداية فلسطين والدول المحيطة

فوزي علي السمهوري

الاستيطان والاحتلال والفكر البراغماتي

د. دلال صائب عريقات

دولة الزينكو...

حسام أبو النصر

الذكاء الاصطناعي: أداة ربات البيوت الفلسطينيات في إدارة المنزل وتدريس الأبناء

بقلم : صدقي ابوضهير " باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

من أنا؟ الذكاء الاصطناعي يجيب!

عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

أنفاسٌ مكتومةٌ تحت الركام!

ابراهيم ملحم

أكبر كارثة في العالم ..تحصل في غزة

حديث القدس

التعصب الحزبي.. الكارثة الأكبر التي تهدد القضية الفلسطينية

شادي زماعره

الديمقراطيون".. وتحليل أسباب الهزيمة

جيمس زغبي

سوريا ما بعد الأسد وانعكاساتها على القضية الفلسطينية

فراس ياغي

أهمية "بوصلة فلسطين" في هزيمة "جنرال التجهيل"

د. أسعد عبد الرحمن

الدول العربية المنسية عربياً

جواد العناني

صمت المجتمع الدولي إزاء الفظائع ، و الكلاب التي تنهش جثث الشهداء في غزة

د. الباقر عبد القيوم على

عندما يتسابق جنود الاحتلال ويتباهون بقتل المدنيين

حديث القدس

غزة بين المذبحة والمأساة.. رؤية الرئيس أبو مازن وإفشال مخططات الاحتلال

إياد أبو روك

وجع غزة غير المسبوق

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الخميس 19 ديسمبر 2024 9:56 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

يورو / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.76

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%57

%43

(مجموع المصوتين 281)