فلسطين

السّبت 24 أغسطس 2024 12:32 مساءً - بتوقيت القدس

حالة الاتحاد في زمن البطة العرجاء.... ارتباك وارتجال وانعدام خيال!

رام الله - خاص بالـ "القدس" دوت كوم -

د. دلال عريقات: إبرام الصفقة يعزز فرص هاريس إلا أن واشنطن تتبع سياسة خارجية تخدم مصالح إسرائيل
عماد غياظة: تصريحات بلينكن تهديد لمصداقية مصر وقطر ومكانتهما الإقليمية ولذلك جاء ردهما حاداً وسريعاً
د. عبد المجيد سويلم: بلينكن تصرّفَ كصهيوني متعصب أكثر منه وزير خارجية وتصريحاته مشاركة مباشرة في الإبادة الجماعية
نهاد أبو غوش: تماهي أمريكا مع نتنياهو يتعارض مع دورها كدولة كبرى يُفترض أن تحل النزاعات بشكل متوازن
وديع عواودة: بلينكن في زيارته الأخيرة لم يتبنَّ الرواية الإسرائيلية بل رواية نتنياهو وكان جزءاً من تعطيل الصفقة
منال قادري: الجانب المأساوي في هذه التراجيديا هو المتفرّجون الذين لو أرادوا لأوقفوا الحرب قبل كل هذا القتل
د. عبد الله نعمة: انقلاب نتنياهو يدفع المنطقة نحو حرب مجنونة ومصر لن تقبل بقاء جيش الاحتلال في فيلادلفيا


مع اقتراب استحقاق انتخابات الرئاسة الأمريكية وفي ظل حرب الإبادة المسعورة التي تواصلها دولة الاحتلال في قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر، دون أدنى اكتراث بالمجتمع الدولي وهيئاته وقوانينه ومحاكمه العليا جاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المنحازة بشكل واضح وعلني لصالح دولة الاحتلال واليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو ما يكشف حقيقة "حيادية" الولايات المتحدة المزعومة في تعاملها مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
كتاب ومحللون سياسيون قالوا، في أحاديث منفصلة مع "ے"، إن تصريحات بلينكن تعبر عن انحيازه لصهيونيته على حساب مصالح الحزب الديمقراطي، وهي لا تهدد فقط استقرار المنطقة، بل وتُعرِّض مصالح الحزب الديمقراطي وفرصه في الفوز للخطر، إذ إن التركيز على تعزيز التحالف مع إسرائيل يتفوق على الحاجة لتحقيق الهدوء في الشرق الأوسط.
وأشار الكتاب والمحللون إلى تزايد المخاوف من أن الولايات المتحدة، بدلاً من لعب دور الوسيط النزيه، تنخرط بشكل متزايد في دعم سياسات إسرائيل العدوانية، ما قد يؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني.

------

نمط تاريخي للسياسة الأمريكية منحاز لإسرائيل

وقالت أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأمريكية د. دلال عريقات: "إن فشل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في إدارة عملية التفاوض ليس مجرد دليل على ضعف أو ترهل في القيادة، بل هو جزء من نمط تاريخي للسياسة الأمريكية التي تظهر انحيازًا واضحًا لمصلحة إسرائيل، ما يعيق قدرتها على لعب دور الوسيط النزيه في أية عملية تفاوضية، وهذا الانحياز لا يعبر عن مجرد فشل في السياسة، بل يعكس أدواراً محددة تتماشى مع سياسات أمريكية ثابتة تخدم مصالح إسرائيل على حساب احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام.
وأضافت: "ما يثير التساؤل هنا هو أن الوصول إلى اتفاق سلام قد يعزز فرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، خاصة زيادة حظوظ كامالا هاريس، ومع ذلك تستمر الولايات المتحدة في اتباع سياسة خارجية تخدم مصالح إسرائيل بدلاً من التركيز على مكاسب الحزب الديمقراطي، وهو ما يؤكد أن السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل تبقى ثابتة، بغض النظر عن تبدل الإدارات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وأوضحت عريقات أن محاولات بلينكن تبرئة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مسؤولية الفشل في الوصول إلى اتفاق، وإلقاء اللوم على حركة حماس تتماشى مع استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تحميل حماس المسؤولية الكاملة عن الدمار والإبادة الجارية. الولايات المتحدة، من خلال بلينكن، تدعم هذه الاستراتيجية عبر الترويج لفكرة أن حماس هي المحرك الرئيسي للصراع، ما يغطي على الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الأزمة، والتي تتجلى في الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الاستيطان ونظام الأبارتهايد والعنصرية.

تضليل الرأي العام العالمي وتبرير السياسات الإسرائيلية

وأشارت عريقات إلى أن تجاهل هذه العوامل الأساسية من قبل الإدارة الأمريكية يساهم في تضليل الرأي العام العالمي، وتبرير السياسات الإسرائيلية، ما يؤدي إلى تعميق الأزمة بدلاً من السعي لحلها بشكل عادل.
ولفتت إلى أن هذه المواقف تؤكد استمرار انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل وتدل على محاولة الإدارة الأمريكية تأكيد تحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل، وتبرير سياساتها أمام المجتمع الدولي، حتى وإن كان ذلك على حساب الحقيقة.
وترى عريقات أن التباين في المواقف بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية يشير إلى وجود خلافات داخلية حول كيفية التعامل مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ووفق عريقات، فإن هذه الخلافات قد تكون نتيجة ضغوط سياسية أو اختلافات في الرؤية بين المؤسسات الأمريكية.
وأضافت: "الاتهامات التي تواجه بلينكن بارتكاب أخطاء استراتيجية قد تشير إلى غياب رؤية موحدة وواضحة في الإدارة الأمريكية الحالية حول كيفية معالجة هذا النزاع، ما يزيد من تعقيد الوضع، ويعيق تحقيق تقدم حقيقي.

خشية من تأثير اللوبي الصهيوني

وأشارت عريقات إلى أن الإدارة الأمريكية قد تكون تحاول مغازلة نتنياهو لأسباب سياسية داخلية، خاصة مع اقتراب الانتخابات. العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لها دور كبير في السياسة الأمريكية، وهناك احتمال أن الإدارة تخشى من تأثير اللوبي الصهيوني أو ردود فعل سلبية قد تؤثر على قاعدة الحزب الديمقراطي، ما يدفعها لتبني مواقف تعزز علاقتها بنتنياهو، حتى وإن كانت تتعارض مع مبادئ أو مواقف سابقة.
وأكدت عريقات أن التوصل إلى اتفاق وإبرام الصفقة قد يعزز موقف الحزب الديمقراطي في الانتخابات، لكنه ورغم ذلك لا يغير من حقيقة أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تستمر في خدمة مصالح إسرائيل بغض النظر عن تغييرات الإدارات أو الأحزاب الحاكمة.
وأضافت عريقات: "هذا يعكس ثبات السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، رغم التوترات الشخصية مع نتنياهو أو التغيرات في الأحزاب الحاكمة في إسرائيل".

بلينكن أضعف وزير خارجية أمريكي خلال العقدين الماضيين

بدوره، وصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت عماد غياظة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بأنه أضعف وزير خارجية أمريكي خلال العقدين الماضيين، مشيراً إلى أنه يعمل ضمن إدارة ضعيفة بقيادة شخصية مثل الرئيس جو بايدن، الذي يُعرف بولائه الطويل لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقًا لغياظة، فإن بلينكن لم يفعل سوى تنفيذ توصيات الدولة الأمريكية العميقة، لافتاً إلى الصدمة التي أحدثتها تصريحات بلينكن داخل صفوف الحزب الديمقراطي، خاصة بعد أقواله المثيرة للجدل في مصر.
وأشار غياظة إلى ردود الفعل القوية من مصر وقطر على تصريحات بلينكن، خصوصًا عندما أشار بلينكن إلى إمكانية إعادة فتح اتفاقية كامب ديفيد، حيث رأى البلدان في تلك التصريحات تهديدًا لمصداقيتهما ومكانتهما الإقليمية، ما دفعهما للرد بسرعة وبحدة.
وقال: "هذه التباينات في الإدارة الأمريكية تكشف خلافات عميقة داخل الحزب الديمقراطي نفسه، وتتعلق بتأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية، وتلك الخلافات يدفع الفلسطينيون ثمنها.
وأضاف: بالرغم من هذه الخلافات، فإن الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعمها لإسرائيل، بغض النظر عمن يتولى الحكم في تل أبيب.

أمريكا لن تتخلى عن وكيلتها في المنطقة

ويرى غياظة أن تصريحات بلينكن الأخيرة تعبر عن انحياز علني وواضح لمصلحة إسرائيل، مؤكداً أن إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة هي وكيلها في المنطقة، ولن تتخلى عنها مهما كانت الظروف.
وأشار غياظة إلى وجود آراء داخل الولايات المتحدة تتسم بتطرف أكبر تجاه القضية الفلسطينية مقارنة ببعض الأحزاب الإسرائيلية.
وأضاف: بالرغم من ذلك، هناك إجماع داخل الحزب الديمقراطي بأن عودة دونالد ترامب إلى الحكم ستكون بمثابة كارثة للولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، استبعد غياظة أن تتخذ إدارة بايدن أي موقف حازم تجاه نتنياهو إلا في حال فوز كامالا هاريس بالرئاسة، مشيرًا إلى أن أيّ إجراءات مستقبلية قد لا تكون عقوبات، بل مجرد مواقف رمزية وغير كبيرة لن تؤثر على إسرائيل.


تصرفات حمقاء لا تليق بمنصب وزير خارجية أمريكا

ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كان متردداً بين إرضاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والحفاظ على مصلحة الإدارة الأمريكية، وبين دوافعه الأيديولوجية الصهيونية العميقة.
ووصف سويلم تصرفات بلينكن بأنها حمقاء ولا تليق بمنصب وزير الخارجية لأكبر قوة عظمى في العالم.
وأشار إلى أن بلينكن، خلال تسع جولات سابقة، حاول أن يكون فاعلاً ومؤثراً، لكنه في النهاية ظهر بمستوى أقل بكثير من المتوقع لوزير خارجية دولة تعيش أزمة مركبة داخلياً وخارجياً.
وأضاف: بلينكن خيّب الآمال وسقط في الاختبار الأصعب، ما يكشف عن نقص واضح في قدراته الدبلوماسية.
وقال سويلم: إن السبب الرئيسي لمواقف بلينكن المساندة لنتنياهو وتبرئة صفحته هو دافعه الأيديولوجي الصهيوني، وهو تصرف كصهيوني متعصب أكثر منه كوزير خارجية للولايات المتحدة، ما أدى إلى سقوطه الكبير الذي قد يكلفه مكانته ودوره السياسي والدبلوماسي.

سقطة استراتيجية كبيرة

ولفت سويلم إلى أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية وصفت هذه السقطة بأنها "استراتيجية كبيرة".
وأشار سويلم إلى تصريح بلينكن بشأن منع دخول المساعدات إلى غزة وربط ذلك بموافقة حركة حماس على الورقة الجديدة، معتبراً أن هذا الموقف يعبر عن مشاركة مباشرة في عملية إبادة جماعية، وأنه يمكن أن يؤدي إلى ملاحقته قانونياً أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ووصف سويلم هذا التصرف بأنه إرهابي، وفق تعريف الأمم المتحدة، لأنه يستخدم الوسائل الإنسانية كوسيلة للضغط السياسي.
ووفق سويلم، فان بلينكن عملياً يقول ما كان قد قاله غالانت وما كرره ليبرمان. إذن بلينكن هو جزء لا يتجزأ من هذه الهجمة النازية التي يتفوه بها قادة الاحتلال بكل ثأرية وانتقامية، وهم يعرضون أنفسهم لملاحقة دولية لاحقاً.

إلقاء الكرة في ملعب حماس

وأكد سويلم أن بلينكن كان يحاول إرضاء نتنياهو من جهة، وتلبية دوافعه الأيديولوجية من جهة أخرى، إضافة إلى محاولة إلقاء الكرة في ملعب حركة حماس، وهي خطوة مخططة من قبل الإدارة الأمريكية.
ويرى سويلم أن الموافقة على إدماج الشروط الإسرائيلية في المبادرة الجديدة، والتي تبناها بلينكن والرئيس بايدن، كانت تهدف إلى كسب الوقت رغم معرفتهم بأن المقاومة لن تقبل بها.
واعتبر سويلم أن الدبلوماسية الأمريكية قد فشلت فشلاً ذريعًا، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لم تكن وسيطًا نزيهًا في هذه الحرب، بل كانت تقوم بدور محرك للحرب ضد الشعب الفلسطيني، بالرغم من أنها تعرف نفسها بأنها وسيط، فما هذا الوسيط الذي يرسل لكل طفل فلسطيني مليون دولار من الذخائر، لكن يجب الإدراك أن هناك تركيبة تتآمر على الشعب الفلسطيني، كل من رؤيته وزاويته وحسب رغباته.
وقال: "بكل الأحوال انتهى دور الوساطة المزعومة للولايات المتحدة، وعلى الوسطاء العرب أن يحافظوا على ماء الوجه، وإلى أين قادتهم عملياً عملية تصديق وتسويق الدور الأمريكي؛ إن كان هناك فعلا دور وسيط تقوم به الولايات المتحدة !".
وأضاف سويلم: "الولايات المتحدة هي من تقود وتشرف وتتابع وتنفذ حرب الإبادة تجاه الشعب الفلسطيني، وهي حرب منسقة بينها وبين إسرائيل، وكل ادعاء خارج هذا الموضوع هو ادعاء تنقصه الأسانيد والوقائع".

تباين شكلي بين الخارجية والإدارة الأمريكية

من جانب آخر، قال سويلم: إن هناك تبايناً بين موقف الخارجية والإدارة الأمريكية بعد سقطة بلينكن، لكن في الحقيقة الولايات المتحدة مستمرة بانحيازها ودعمها لدولة الاحتلال، وإذا كانت ستتدخل فإنها فقط ستحاول تعديل الموقف الإسرائيلي جزئياً، وهو لن يتجاوز مسألة الترتيبات على محور فيلادلفيا، وهناك عشرات القضايا التي تبنتها الولايات المتحدة لصالح إسرائيل.
وأكد سويلم أن المسألة لن تحل بمثل هذا التباين، لأن الولايات المتحدة تبنت وجهة النظر الإسرائيلية، كما أن سقطة بلينكن هي سقطة أمريكية بالأساس، وهي تبني الموقف الإسرائيلي الجديد وانقلاب على مبادرة بايدن نفسه، وتحول لصالح المواقف الإسرائيلية الجديدة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة من قام بذلك وجاءت على شكل سقطة قام بها بلينكن، ويجب أن نعيد الأمور إلى نصابها وهو تبني المواقف الإسرائيلية من قبل الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تخضع لابتزاز نتنياهو، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة قد تمنع أي انقلاب على النظام السياسي الأمريكي، خاصة أن الولايات المتحدة تعيش أزمة مشابهة للأزمة التي تعيشها إسرائيل.



اعتراف صريح بمشاركة أمريكا في الميدان عسكرياً

من جانبه، استغرب الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش تولي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مهمة الإعلان عن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متجاهلاً مكانة ودور الولايات المتحدة كوسيط دولي محايد.
ولفت إلى التماهي المتزايد للإدارة الأمريكية مع نتنياهو، حيث تتبع الولايات المتحدة خطواته في تغطية وشرعنة أفعاله، وهو ما يتعارض مع دورها كدولة كبرى يفترض أن تسعى لحل النزاعات بشكل متوازن.
ويرى أبو غوش أن بلينكن انحاز بشكل واضح لليمين الإسرائيلي المتطرف، وهذا الانحياز هو اعتراف صريح بمشاركة الولايات المتحدة في الميدان عسكرياً، وإعلان رسمي بأنها شريك في إدارة المفاوضات لصالح إسرائيل.
وأعرب أبو غوش عن خشيته من أن تكون هذه التحركات مقدمة لمشاركة أمريكية في تهجير الفلسطينيين، وهو تطور يثير القلق على مصير الشعب الفلسطيني.

بلينكن اختار الانحياز لصهيونيته

واعتبر أبو غوش أن بلينكن اختار الانحياز لصهيونيته على حساب مصلحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن تصرفاته لا تصب في مصلحة الحزب، بل قد تضعفه كلما اقتربت الانتخابات.
ولاحظ أبو غوش أن قدرة الإدارة الأمريكية على ضبط الأمور تضعف مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
وفي ما يتعلق بالتباين بين موقف البيت الأبيض وتصريحات بلينكن، قال أبو غوش: "هناك اختلاف واضح بين ما تعلنه الإدارة الأمريكية في الإعلام، وما يجري على الأرض وفي المفاوضات".
وأشار إلى أنه بالرغم من الخطاب المتوازن الذي تقدمه الإدارة في العلن، فإن هناك انحيازاً وخديعة واضحين حتى للجمهور الأمريكي، الذي يعارض بشكل متزايد مواقف الإدارة من الحرب التي تشنها إسرائيل.
ولفت أبو غوش إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تتجنب مواجهة نتنياهو خشية التأثير السلبي على فرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات، معتبراً أن هناك مصالح متقدمة وتاريخية تتطلب دعم وتغطية مصالح إسرائيل كدولة تعتبرها الولايات المتحدة "ابنة لها" في المنطقة.


مفاوضات تحت النار

أما الصحفي والخبير في الشأن الإسرائيلي وديع عواودة فقال لـ "ے": إن المفاوضات تحت النار ليست بالأمر الجديد، فإسرائيل انتهجت هذه الاستراتيجية مع الفلسطينيين منذ سنين في محاولة للضغط على حركة حماس للموافقة على شروطها والانتقام من المدنيين.
وأشار إلى أن نتنياهو يراوغ منذ اللحظة الأولى، وهناك مؤشرات كثيرة حول ذلك من اعترافات وشهادات مسؤولين إسرائيليين سابقين في السياسة والعسكر والأمن، قالوا إن نتنياهو يناور ويراوغ ويكذب ودائماً له حسابات مختلفة عن حسابات إسرائيل، حتى أن وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش وصفه بالكاذب.
ولفت عواودة إلى رخاوة إدارة بايدن عند مقارنتها بإدارات سابقة تعاملت مع أزمات مشابهة، موضحاً أن الإدارة الأمريكية الحالية ضعيفة ومترددة.
وأضاف: "جورج بوش الأب والابن كانا أكثر صرامه مع إسرائيل في قضايا ملحة ولها تبعات على الشرق الأوسط، وكذلك الأمر الرئيس ريغان الذي كان صارماً في التعامل مع إسرائيل في قضايا أمنية في الشرق الأوسط. وكما أن هناك تطابقاً في المصالح ببين ما يُعرف بمحور المقاومة ومحور إيران وحماس، خاصة بعد العام 2001، فإن الموقف الأمريكي متطابق مع إسرائيل بهذا الخصوص".

زيارة بلينكن كانت مليئة بالكذب

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية تواطأت في المرة الأخيرة مع نتنياهو، وأن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في زيارته العاشرة الأخيرة لم يتبن الرواية الإسرائيلية بل رواية نتنياهو، وبالتالي اتهم حماس وكان جزءاً من تعطيل الصفقة، مضيفاً "إن المثير للدهشة والمفارقة أنّ أوساطاً في إسرائيل اتهمت اليوم بلينكن بذلك، وحتى أن مصادر نقلت عن طاقم المفاوضات الإسرائيلي أن بلينكن عطّل الصفقة بعناقه نتنياهو ومنحه الفرصة للهروب والكذب والتملص من الصفقة".
ورأى عواودة أن الإدارة الأمريكية تدرك أن نتنياهو لن يقبل الصفقة لحساباته المختلفة، وهي لا تريد أن تظهر وكأنها أجبرت اسرائيل على وقف الحرب موضحاً أن زيارة بلينكن الأخيرة كانت مليئة بالكذب، وسبقها إشاعة أجواء إيجابية لم يكن لها تبرير على أرض الواقع، وقد كانت محاولة لكسب الوقت لتبريد ايران وحزب الله، ومحاولة تمرير المؤتمر العام للحزب الديمقراطي الأمريكي بأقل احتجاجات من قبل التقدميين ومناصري فلسطين.

المشهد كان ولا يزال تراجيدياً

من جانبها، قالت الأستاذة منال قادري، الباحثة في علم الاجتماع من تونس، لـ"ے": "المشهد كان ولا يزال تراجيدياً، ساحة تجري فيها الأحداث، وهناك مشاهدون على المباشر، ومتفرجون في مدرج بمسافات مختلفة، وهناك من لا يريد أن ينتهي هذا المشهد لأسباب كثيرة، منها الجيوسياسي ومنها المصالح الخاصة".
وأشارت إلى أنّ الجانب المأساوي في هذه التراجيديا هو المتفرّجون، لأنه لو كان هناك من أراد لتمكن من إسدال الستار على هذا المشهد، ولأوقف الحرب دون الوصول لهذه الوحشيّة التي لم يشهدها العالم من قبل.
وتابعت الباحثة قادري تقول: "لقد صنعوا حرباً وأرادوا سلاماً، لكن أيّ سلام؟ أيّ سلام، والقاتل لا يزال يفاوض ويعارض ويغضب ويقدّم شروطاً لفك الحصار عن قطاع غزة الذي دُمّر وشُرّد أهله، بذريعة وجود المحتجزين"، مضيفة: "هي شروط لم تأخذ بعين الاعتبار أي مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان، بل تتم مفاوضة من يرى البشر مجرد أرقام، يقتلون ويشرّدون دون شفقة ودون تطبيق لا للمعاهدات ولا للاتفاقيات الدولية التي تضمن إنسانية الإنسان أينما كان وفي أي ظروف كانت".

ما خفي أقرب للحقيقة ممّا ظهر ويظهر علناً

وتابعت الباحثة قادري: "معلوم أنّ لكل حرب مراحل، وطوفان الأقصى في مرحلة ما بعد استشهاد إسماعيل هنية واستخلافه بيحيى السنوار أصبح في صور ومشاهد مختلفة عمّا سبق. فاليوم نحن أمام إدارة أمريكية ممثلة في بايدن وحكومة إسرائيلية ممثلة في نتنياهو، ظاهرياً، وكلاهما يحمل مفهوماً خاصاً للسلام وللحرب، وباطنياً لكل منهما مصالحه الخاصة من وراء الحرب، ومن وراء السعي إلى الهدنة أو صفقة التبادل، ولعل ما خفي كان أقرب للحقيقة ممّا ظهر ويظهر لنا علنا".
وأكدت أن هذا التواصل بينهما من المسافة صفر وفي هذه الفترة من الحرب هو تواصل محجّب بالاختلاف وعدم التوافق في الرأي، لكن هو في حقيقة الأمر دعوة ضمنية من الطرفين لتدخل حماس في المفاوضات، وهو عبارة عن رسالة سياسية من داعم الحرب ومنفّذها إلى من يقود حماس على الأرض، بين أبناء الأرض أحياء وأمواتاً، على الميدان وعلى الركح.
وقالت قادري: "هو سيناريو مكتوب بدقّة بأيادٍ أمريكية إسرائيلية، لكن تجاوزتهم فكرة أنّ العالم تغيّر نحو مرحلة الوعي الكوني. والمعارك تحسم بين الفاعل والمفعول به، وليس بين الفاعل والداعم، لأنه بات واضحاً أننا اليوم أمام مرحلة ليست ككل المراحل، وتغيرات جيوسياسية وقيميّة وحتى ذات صلة بوعي الفاعل الإجتماعي".

خرق كامل للسيادة المصرية وأمن مصر القومي

بدوره، قال الدكتور عبد الله نعمة، المحلل السياسي الخبير في العلاقات الاستراتيجية الدولية، من لبنان لـ"ے": "بلا شك أن تعثر المفاوضات بين إسرائيل وحماس من جهة، وإسرائيل ومصر من جهة أُخرى، يثير القلق من جوانب عدة. أولاً، إن تأخير المفاوضات مع نتنياهو هو مصلحة له ليزيد آلة القتل والدمار وأن انقلابه الدائم على المفاوضات ليس سوى جنون يدفع به المنطقة نحو حرب مجنونة، خاصة بعد رفضه الانسحاب من محور فيلادلفيا ومعبر رفح وهو خرق كامل لاتفاق كامب ديفيد مع مصر.
وأكد أن هذا الانقلاب هو بمثابة شعلة يشعلها نتنياهو مع المصريين، فمصر لم ولن تقبل بقاء جيش الاحتلال في فيلادلفيا، لأنه خرق كامل للسيادة المصرية وأمن مصر القومي.
وأعرب نعمة عن اعتقاده أن هناك الآن فرصة حقيقية للمفاوضات، وهي وضع قوات من اليونيفل على هذه النقاط لمدة ستة أشهر، وهذا ما اقترحته مصر، وهذا بمثابة الفرصة الأخيرة لاتمام الاتفاق وصفقة التبادل بين جميع الأطراف، وهو ما سنراه في الأيام القليلة المقبلة، مشيراً إلى أن القادة المصريين لهم صبر وحكمة وفهم لعواقب الحرب على المنطقة بأكملها، فنتنياهو يلعب بالنار وهذا الجنون سياخذ معه الولايات المتحدة ويورطها أكثر في منطقة الشرق الأوسط للوصول إلى هدفه الذي لا يصيب به المرمى ضارباً عرض الحائط بالشعب الفلسطيني الذي يقتل يومياً ودول العالم لا تحرك ساكناً.
وأكد نعمة أن وقوف مصر ضد مشروع نتنياهو مشرف، وساهم وساعد في الحفاظ على القضية الفلسطينية بإغلاقه معبر رفح، وعدم تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. وقال: لقد شاهدنا مصر مرة أُخرى تقول لإسرائيل والولايات المتحدة والعالم لن نسمح لكم بالبقاء في معبر رفح ومحور فيلادلفيا بغية الحفاظ على فلسطين.

دلالات

شارك برأيك

حالة الاتحاد في زمن البطة العرجاء.... ارتباك وارتجال وانعدام خيال!

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل 2 شهر

يا بلينكن لا تكن صهيونيا أكثر من الصهاينة وسيطعمك نتن ياهو خازوقا كبيرا وستخيروا الانتخابات بفضل موقفك من غزة واسرائيل وستحدد غزة من هو رئيسكم القادم

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%19

%81

(مجموع المصوتين 522)