أقلام وأراء
السّبت 10 أغسطس 2024 9:31 صباحًا - بتوقيت القدس
البصمة الفريدة الفرِدة
تلخيص
يأنس الإنسان في الاستدلال على مرور الزمن إلى ملاحظته تعاقب الليل والنهار، وتناوب فصلي الصيف والشتاء.
لكنه لا يلبث يكتشف أن الأمر أبعد من ذلك بكثير، فهو سيرى فجأة كيف تحوّل شكله من طفل إلى مراهق، وانتقاله من مرحلة المدرسة إلى مرحلة الجامعة، ثم اختتام مرحلة الدراسة ودخول مرحلة العمل مقابل المال، ثم عثوره على نفسه متزوجاً ومُعيلاً بعد وحدة طويلة فريدة، ثم رحيله عن العشرينات إلى الثلاثينات، ولاحقاً إلى الأربعينات والخمسينات!
رويدك أيّها العمر، فما نحن إلا بشر.
لكن العمر لا يسمع النداء أبداً، إنه يسير ويسير ولا يهمّه إلا أن يصل بنا إلى المحطة الأخيرة، مُحمِّلاً إيانا مسؤولية كلّ ما فعلنا فيه.
وبشكلٍ ما، فإن الزمن كيان محايد، لكنه يملك في سيره العظيم غيرِ المتراجع قوتين كبريين، قوة البناء وقوة الهدم.
عندما ترى أمك وأباك قد كبرا وشاخا فجأة، أو ترى امرأة فاق جمالها كل وصف وقد ظهرت عليها فجأة علامات الترهل، أو يتقدم عريس لخطبة ابنتك الغالية، أو تحسّ بقدميك لا ترحّبان كثيراً بالسير مسافات طويلة، أو لا تعود تتأثر بالأحداث وتنفعل بها كما الشباب والثلاثينيين، أو تصبح راحة البال هي أسمى مطالبك، أو ترين الرجل بمنظار مختلف عن المنظار الذي كنت ترينه به قبل ثلاثين عاما، أو تجدَ حلولاً سريعة للمشكلات وتجهض المشكلات قبل وقوعها، أو تَمنح كلَّ من تقابله الحب والعون.. هل ستلاحظ حينها أن العمر قد مشى بك؟
إن الذكاء الباطن القائم في الإنسان يدفعه منذ أعوام عمره المبكرة إلى أن يكون في الوجود هو لا غيره، وأن يحقق أحلامه هو لا أحلام غيره، وأن ينال السعادة التي يراها هو لا التي يراها غيره، وأن يدرس العلم الذي يريده هو لا الذي يرغب أن يدرسه غيره، دون أن يدرك وهو في مراحل حياته تلك أن موقفه المتفرد ونزعته المستقلة ما هما إلا سرّ الحياة الكبير!
ومع بدء فورة تفتّح وعي الإنسان العقلي والنفسي والروحي، يتصدى مجتمع القطيع ومناهجه التعليمية لكبح تلك الفورة السامية المباركة، محاولين ما أمكنهم أن يطفئوا فيه شعلة الذكاء والحرية والإبداع جهلاً أو قصداً، فينجو من ذلك الكبح كثيرون، ويغرق في قيوده كثيرون.
أما مَن نجا، فقد عرف الطريق إلى الانسجام مع الذات والكون، وأما مَن لم ينج فإنه بالغ لا محالة وقتاً سيعرف فيه أنه كان مضلَّلا، فيحاول جاهدا أن ينقذ نفسه ما أمكنه من براثن الوعي المزيف ونمط الحياة المزيف اللذين تم تسويقهما له، ليبدأ ولو متأخراً رحلة الانسجام مع ذاته ومع الكون.
والسؤال: ما علاقة ذلك بعمر الإنسان؟
إن العمر هو الهدية الممنوحة للإنسان من أجل أن يتعامل معها بقدسية وبفرح، ومن أجل أن يسمو بروحه في رحلة العمر قبيل عودة الروح إلى العالم الأصلي، ومن أجل أن يترك بصمة كونية لا يستطيع إلا هو أن يتركها بفرادتها ودورها وأثرها، ومن أجل أن يكون راضياً عن نفسه قبيل انتهاء رحلة التجسد.
فهل يمكن أن تتحقق تلك الأهداف جميعاً دون معرفة حقيقة الحياة، التي تخبرنا كل لحظة أن الواحد من بني الإنسان منا هو حالة فريدة فرِدة، في الشكل، والصوت، وبصمات الجسم، ولوحة الوجه، والضحكة، والمشية، والتفكير، والتأثير في الآخرين، والميل، والموهبة، ونوع الذكاء ونسبته، وردّ الفعل.. ومن ثَم على الإنسان منّا أن يرسم هو مسار حياته ونمطها، بنفسه، بعيداً عما يرغب الآخرون والقطيع، لأن العمر هو ملك صاحبه فقط لا ملك أحد غيره، ولأن الإنسان هو البصمة الفريدة الفرِدة التي لا يصح التلاعب بها، أو توجيهها قسراً!
---
إن الذكاء الباطن القائم في الإنسان يدفعه منذ أعوام عمره المبكرة إلى أن يكون في الوجود هو لا غيره، وأن يحقق أحلامه هو لا أحلام غيره، وأن ينال السعادة التي يراها هو لا التي يراها غيره
دلالات
ناصر الرفاعي قبل 5 شهر
كل الاحترام ودام مداد قلمك
المزيد في أقلام وأراء
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
نذر فوضى عالمية...سموتريتش وترمب.. تلاقح الأفكار والخرائط
الأكثر قراءة
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 415)
شارك برأيك
البصمة الفريدة الفرِدة