أقلام وأراء
الأحد 12 يناير 2025 9:27 صباحًا - بتوقيت القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
في عالم اليوم الذي يشهد تحولاً متسارعًا في أنماط التواصل والتأثير، أصبحت الدبلوماسية العامة أداة أساسية للدول لتعزيز مكانتها وصورتها على الساحة الدولية. لا يمكن إنكار أن الاستثمار في القوة الناعمة والإعلام الموجه قد بات ضرورة استراتيجية، وليس مجرد رفاهية. بداية هذا العام، زادت دولة الاحتلال ميزانيتها للدبلوماسية العامة بشكل هائل لتصل إلى 150 مليون دولار في عام 2025. يهدف هذا الاستثمار إلى تمويل حملات إعلامية عالمية، التواصل مع الصحافة الدولية، والعمل على المنصات الرقمية، بالإضافة إلى برامج تستهدف الجامعات والمجتمعات في الخارج والمؤثرين المحليين لاختراق الجماهير والسيطرة على عالم الرواية. الخبر الإسرائيلي الأخير عن تعزيز ميزانية وزارة الخارجية الإسرائيلية للدبلوماسية العامة واستراتيجيات "الوعي الجماهيري" يقدم نموذجًا يمكن تأمله، سواء من حيث التحديات أو الفرص.
الإسرائيليون يتفننون في عالم التضليل وقلب الحقائق وتزييف الواقع من خلال الهاسبارا وبناء الرواية التي تغطي على الجرائم وسياسات الاحتلال وتروج لرواية التفوق التكنولوجي ودولة الديمقراطية! وصف وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الجهود المبذولة بأنها "حرب وعي"، مشيرًا إلى أن التأثير على الرأي العام العالمي يشكل اليوم ساحة معركة حقيقية. هذا التصور يعكس اعترافاً بأهمية الرأي العام في تشكيل السياسات الدولية. عندما يتأثر الرأي العام في الدول الديمقراطية، فإنه يحد من خيارات صانعي القرار ويضغط على الحكومات لتبني مواقف معينة.
من هنا، لا يمكننا تجاهل أن العديد من الدول، بما فيها دولة الاحتلال، تستخدم الدبلوماسية العامة كوسيلة لإعادة صياغة صورتها أمام العالم، متجاوزة الأطر التقليدية للعمل الدبلوماسي. يتم ذلك من خلال حملات إعلامية، التواصل مع المؤثرين، استخدام المنصات الرقمية، والعمل في الجامعات والمجتمعات المدنية.
هذه الخطوة تفتح باب النقاش حول أهمية تخصيص موارد مالية وبشرية للدبلوماسية العامة كجزء من استراتيجية أوسع للقوة الناعمة. في عالم تُشكله السرديات الإعلامية وسرعة انتقال المعلومة، فإن الاستثمار في هذه المجالات يصبح ضرورة لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية.
من الأفكار البارزة التي نطرحها هي ضرورة تخصيص الرسائل الإعلامية لتتناسب مع الجمهور المستهدف. لا يمكن اعتماد نفس الرسائل والأساليب للتواصل مع جمهور فرنسي أو أميركي، كما لا يمكن مخاطبة العالم العربي بنفس اللغة الموجهة إلى الغرب. هذا التخصيص يضمن فعالية أكبر وتأثيرًا أعمق، وهو ما ينبغي أن يكون محورًا رئيسيًا لأي استراتيجية دبلوماسية.
إذا كان لنا أن نستخلص دروسًا من هذا النموذج، فإن أهمها يكمن في:
1. الشراكة مع المؤثرين: يعد التعاون مع الشخصيات العامة والمؤثرين الأفراد في مجالات الإعلام أداة فعالة للوصول إلى جمهور أوسع.
2. التركيز على الجمهور الدولي: يجب أن تكون الرسائل الإعلامية موجهة بدقة، مع مراعاة الثقافات واللغات والسياقات المختلفة.
3. التفاعل مع الجاليات: استخدام روايات وقصص الأقليات لتقديم سرديات إنسانية تعزز الرسالة الأساسية.
4. التكيف مع التكنولوجيا: الاستفادة من المنصات الرقمية للوصول إلى الأجيال الجديدة وتوسيع دائرة التأثير.
الدبلوماسية العامة ليست مجرد حملة علاقات عامة مؤقتة، بل هي عملية تواصل استراتيجي مستمرة تتطلب تخطيطًا طويل المدى واستثمارًا مستدامًا. في ظل التحديات، يصبح تبني هذا النهج ضرورة ملحة. علينا أن نطور أدواتنا ونستثمر في بناء صورة تعكس قيمنا وقضايانا العادلة أمام العالم. إن عالم اليوم لا ينتظر من يقف مكتوف الأيدي. الفراغ الإعلامي والدبلوماسي الذي لا نملأه نحن، سيملأه الآخرون بسرديات قد لا تخدم مصالحنا. الاستثمار في الدبلوماسية العامة هو استثمار في المستقبل، في تشكيل الرأي العام، وفي بناء جسور الثقة والتفاهم مع الشعوب والمجتمعات. الاستثمار في الأدوات من المؤثرين الأفراد يجب أن يكون ضمن استراتيجية الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
عبدالله جناحي
جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي
أسماء ناصر أبو عيّاش
هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!
تيسير خالد
منطق استعماري قديم
حمادة فراعنة
الأسرى يتعرضون للتنكيل والتعذيب الدائمَين
بهاء رحال
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
د. علي الجرباوي
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية -(الحلقة الثانية)
د. علي الجرباوي
المفتول الفلسطيني من يد الحاجة أم نزار العيسة
بهاء رحال
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
د. اياد البرغوثي
كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي حياة الأطفال؟ التأثيرات الإيجابية والمخاطر المحتملة
بقلم / صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعليم الشخصي ثورة الذكاء الاصطناعي في التعليم للعام 2025
بقلم: عبد الرحمن الخطيب- مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
عن أي جحيم يتحدث ترامب؟
حديث القدس
سيكولوجية المجموعة في فلسطين.. درع النضال وسيف الانقسام
سماح جبر
نشوة الإنجازات التكتيكية الإسرائيلية برسم التقديرات الخاطئة
فراس ياغي
الجحيم الذي يهددنا به ترمب.. هل هناك أسوأ من الجحيم الذي نعيشه؟
إياد أبو روك
الأطفال يدفعون ثمناً باهظاً في الحرب
حديث القدس
الفيديو الأخير أحدث صدمة
إسماعيل مسلماني
الاستعمار الثقافي.. أداة الرأسمالية للهيمنة الأيديولوجية وتحويل قيمها إلى معايير عالمية
د. عمر رحال
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
المالية: سيتم صرف رواتب الموظفين فور تحويل أموال المقاصة
رجب: اعتقال 247 من "الخارجين على القانون" في مخيم جنين
ماذا تبقّى من "الأونروا"؟.. النكبة الأولى أنشأتها والثانية قوّضتها
الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين
الأكثر قراءة
الجيش الإسرائيلي: عثرنا على جثة حمزة الزيادنة داخل نفق في رفح
"الاتصالات" تحذّر من توقف تدريجي للخدمة في غزة بسبب نفاذ الوقود
مجلس النواب الأميركي يصوّت بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية
الجيش الإسرائيلي: امرأة وابنها قتلا في "غلاف غزة" في 7 أكتوبر بنيران قواتنا
مقتل سيدة في الأحداث المتواصلة بمخيم جنين
تهديدات نتنياهو وسموتريتش للضفة.. رخصة للتقتيل توطئةً للتهجير
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية -(الحلقة الأولى)
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 399)
شارك برأيك
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة