لم يكن إعلان صحيفة هآرتس يوم أمس أن ٦٨ أسيراً فلسطينياً على الأقل ماتوا في السجون الإسرائيلية نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ هو الوحيد الصادم، فقد كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير تفاصيل صادمة ومروعة لعمليات التعذيب الممنهجة التي يتعرض لها الأسرى في مراكز التحقيق والاعتقالات ومعسكرات الجيش، حيث التنكيل والتجويع والجرائم الطبية والضرب المبرح وعمليات القمع، وذلك بناء على روايات عدد من المعتقلين الذين أُفرج عنهم، إضافة إلى عمليات الاحتجاز في ظروف قاسية مؤلمة، مع استمرار تفشي مرض الجرب في صفوف الأسرى نظراً لعدم وجود أي رعاية طبية.
إن الظروف المأساوية التي يعيشها الأسرى، التي يمكن وصفها برحلة عذاب، تفرض على الجميع قرع جرس الإنذار، والالتفات لقضية الأسرى من أجل نيل حريتهم وتخليصهم من أسوأ كابوس قد يعرفه الإنسان في حياته، ومن هنا فإن الصفقة التي يجري التفاوض بشأنها في الدوحة مطلوبة بأسرع وقت ممكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وقبل فوات الأوان، فالأساس يجب أن يكون الالتفات لقضية الأسرى الفلسطينيين وليس العكس، لأن السجون تتكدس بالآلاف منهم.
لقد استغلت إسرائيل عدداً من معسكرات الجيش، في مقدمتها معسكر (سديه تيمان) الذي شكّل العنوان الأول لعمليات القهر والتعذيب التي وصلت إلى حد الشهادة، إضافة إلى سجني النقب وعوفر ومعسكر تيمان، وذلك لاستخدامها من أجل ممارسة الفظائع والاعتداءات الجنسية على نحو واسع النطاق.
وتشهد المعسكرات والسجون، بتوجيهات الوزير المتطرف ايتمار بن غفير، تشديدات على كل مناحي عيش الأسرى، ولا سيما الزيارة الأخيرة للوزير إلى سجن (ركفيت) وافتتاحه تحت الأرض، وتحديداً تحت زنازين سجن الرملة، وهو يعبر عن التوصيف الحقيقي لمعسكر الموت الذي يتناول فيه الأسرى طعامهم مرة واحدة طيلة ساعات الليل والنهار، ولا ينامون إلا على مقاعد صلبة، ويتم توثيق أياديهم وأرجلهم باستمرار.
لقد تطرق عدد من الأسرى لشهادات صاخبة، وفي الوقت نفسه مؤلمة وقاسية جداً، من خلال أصعب أنواع العذاب التي يتعرضون لها، وفي مقدمتها التكبيل والضرب والإهانات والإذلال ورشق الأسرى بالماء الساخن والمياه العادمة وتركهم ينامون بالجوع وتحت وطأة البرد الشديد، وتعميق أزماتهم الصحية، وعدم السماح بتلقي العلاجات والأدوية، حيث انتشر مرض الجرب بين الأسرى، إضافة لقيام عدد من المحققين والجيش بالتبول على المعتقلين الفلسطينيين، وممارسة كافة أشكال الجرائم والتنكيل والحرمان، وإبقاء الأسرى المرضى يرتعشون من البرد.
إن قضية الأسرى هي قضية استراتيجية ويجب على جميع الهيئات والمنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل بشكل طارئ للضغط على إسرائيل لحل مشكلتهم والإفراج عنهم، وتخليصهم من معسكرات يعيشون فيها الموت، مؤكدين مرة أخرى أن صفقة التبادل يجب أن تخرج إلى النور لتعيد البسمة لمئات بل آلاف الأسرى، الذين تنتهك إسرائيل كل حقوقهم وتحرمهم إياها، انتقاماً منهم بعد طوفان الأقصى.
شارك برأيك
أسرى فلسطين في معسكرات الموت