أقلام وأراء
الثّلاثاء 14 يناير 2025 11:23 صباحًا - بتوقيت القدس
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
هذه التصريحات والفقاعات الإعلامية و"البروبوغاندا" التي يعبر عنها ويطلقها الرئيس الأمريكي القادم ترامب، بين الفنية والأخرى، كالتي توعد فيها قطاع غزة والمقاومة بجحيم، إذا لم يجر إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والأمريكان، قبل توليه السلطة في العشرين من هذا الشهر، وكأن قطاع غزة الذي يعيش في ظروف مأساوية وعمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي، لم يشهدها التاريخ، لا بقديمه ولا حديثه، فالقوة التفجيرية للقنابل التي ألقيت على قطاع تعادل 8 أضعاف القنابل الذرية التي ألقتها أمريكا على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان في أواخر الحرب العالمية الثانية، ولن يكون جحيم أكثر وأشد من الجحيم الذي تعيشه غزة وسكانها وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى.
ترامب أعقب تلك التصريحات بتصريحات، تعبر عن طبيعة الرأسمالية "المتغولة" و"المتوحشة، والتي ترى في استهداف الدول والتعدي على سيادتها بالقوة، فرصة لتحقيق أهدافها الاستعمارية وتقوية اقتصادها، ولذلك هذا الرجل المسكون بالشعبوية، والنزعة التوسعية المتأصلة في سياساته، والذي ينظر إلى حقوق الشعوب السياسية والوطنية والعلاقات الدولية من زاوية المصالح الاقتصادية والصفقات، فهو في فترة حكمه الأولى، أراد أن يقايض الحقوق السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير، بصفقة تجارية، قيمتها 50 مليار دولار. وهذا جرى طرحه في مؤتمر البحرين الاقتصادي في تموز 2019، والذي قاده وأشرف عليه صهرة كوشنير.
وكذلك ترامب في تصرح له، في ظل تناغمه وتلاقيه وتقاطعه الأيدولوجي مع سموتريتش، زعيم الصهيونية الدينية، حيث ترامب يمثل اليمين الديني المسيحي الأنجليكاني، وسموترتيتش يمثل اليمين الديني التلمودي التوراتي اليهودي، عن أن مساحة إسرائيل صغيرة على الورق ويجب العمل على توسيعها جغرافياً، وهذا ما عبر عنه بوضوح سموتريتش، في آذار من العام الماضي، في باريس أثناء حضوره لتأبين أحد كادرات حزب الليكود، بأنه لا يوجد شعب فلسطيني، بل هذا اختراع عمره أقل من مئة عام، وعبر عن رفضه لإقامة دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين التاريخية، بالقول "إنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية على جزء من "أرض إسرائيل التاريخية"، في إنكار حتى لوجود شعبنا الفلسطيني.
وهو يعمل بشكل حثيث على ضم الضفة الغربية وإغراقها بمليون مستوطن، وزرع عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية فيها، وصادر لهذا الغرض ما يزيد عن 24 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، وهو يخير الفلسطينيين، ما بين ثلاث خيارات القتل في الميدان، أو الطرد والتهجير القسري إلى الأردن، ومن يتبقى منهم يعيش كمواطن من الدرجة الثانية، وأن يعمل في العمل الأسود في سوق العمل الإٍسرائيلي.
سموتريتش وحكومته ومستوطنوه، يعملون على "هندسة" الضفة الغربية جغرافياً، بالاستيلاء على أكبر مساحة منها، وديمغرافياً، عبر الطرد والتهجير، ومسؤول العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي ملتقياً مع سياسة سموتريتش في ضم الضفة وتهويدها، قدم مشروع قانون للكونغرس الأمريكي، لتغيير اسم الضفة الغربية في كل الوثائق الأمريكية إلى أرض "يهودا والسامرة"، وبأنها أرض إسرائيلية، وإسرائيل لها فيها حقوق تاريخية وقانونية، وهي تشكل فضاء أمنياً لإسرائيل.
وفي إطار النزعة التوسعية لإسرائيل، والتوافق مع رؤية ترامب بتوسيع مساحتها على الأرض وليس فقط على الخارطة، نشر موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية خارطة لإسرائيل، يقول فيها إن الدولة العبرية قائمة منذ 3 آلاف عام، وتعاقب عليها عدد من الملوك منهم شاؤول وداود وسليمان، وهذه الدولة كما تظهرها الخارطة تشمل فلسطين التاريخية وأجزاء من الأراضي الأردنية والسورية واللبنانية والعراقية والمصرية والسعودية.
اليوم يعود ترامب ليطلق تصريحات جديدة مع قرب تسلمه زمام الحكم، حول إمكانية ضم كندا وغرينلاند إلى الولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يهدد الاستقرار العالمي ويضع المنظومة الأممية على المحك، فيما تعيد تلك التصريحات إلى الأذهان سلوكيات المنظومة الاستعمارية التي ترى باستهداف الدول فرصة لتحقيق أطماعه.
كندا التي يطمح ترامب إلى ضمها اقتصادياً وجزيرة غرينلاند الدنماركية التي يريد الاستيلاء عليها، فهذه الجزيرة غنية بالمواد الخام من الليثيوم والزنك والغاز والنفط، ولها موقع جيواستراتيجي، بالنسبة للتجارة العالمية، والدولتان عضوان في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو تحالف عسكري تأسس بعد الحرب العالمية الثانية بهدف حماية الأمن المشترك، أي أن أية محاولة للاعتداء على سيادة هاتين الدولتين ستؤدي إلى انهيار التحالف برمته وتفكك العلاقات بين ضفتي الأطلسي.
تصريحات ترامب تتناقض مع المبادئ الأساسية التي تأسست عليها الأمم المتحدة، وأبرزها احترام سيادة الدول الأعضاء والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ولكن هذا الرجل لا يقيم وزناً للمؤسسات الدولية، ولا يتورع عن استخدام البلطجة بحق المؤسسات الدولية، ورأينا كيف فرض مجلس النواب الأمريكي بأغلبية 249 صوتاً مقابل 143 صوتاً معارضاً، عقوبات على محكمة الجنايات الدولية ورئيسها وقضاتها، عقوبات اقتصادية ومالية، وقيوداً على دخولهم للولايات المتحدة، لأنها أصدرت مذكرة اعتقال بحق شركائها وحلفائها نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل ووزير حربه السابق غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
أن العمل على تنفيذ مثل هذه الأفكار قد يؤدي إلى تدمير النظام الدولي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وبناء على ذلك، فالفترة القادمة التي يتولى فيها ترامب الحكم في أمريكا، تقول إن هذا الرجل المسكون بالشعبوية والمزاج المتقلب، ولديه رؤيا أيدولوجية قائمة على العنصرية والتوسع والتعدي والسيطرة على بلدان أخرى من أجل تقوية الاقتصاد الأمريكي، فهو من موقعه كرجل أعمال ينظر لحقوق الدول الوطنية والسياسية كصفقات تجارية واقتصادية.
هل سيعمل هذا الرجل على تنفيذ سياساته بالضم والسيطرة على بلدان أخرى، أم أن الدولة العميقة لن تستجيب لنزواته ومشاريعه ومخططاته؟
أما على صعيد إسرائيل، فواضح أن مشاريع ضم وتهويد الضفة الغربية، وتوسيع خارطتها على الأرض سيتصاعد مراهنين على أن ترامب سيقف إلى جانبهم في هذه المخططات والمشاريع، فالحديث الآن لا يدور عن سيطرة وضم للضفة الغربية، بل والاستيلاء على ما مساحته 15 كم2 طول في عمق الأراضي السورية، و 60 كم2 "منطقة نفوذ" أمنية، وما ينطبق على سوريا، ينطبق على لبنان، حيث اتفاق وقف إطلاق النار في طريقه للانهيار، ونتنياهو يريد التحلل منه، وإقامة حزام أمني في جنوب لبنان
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
عبدالله جناحي
جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي
أسماء ناصر أبو عيّاش
هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!
تيسير خالد
منطق استعماري قديم
حمادة فراعنة
الأسرى يتعرضون للتنكيل والتعذيب الدائمَين
بهاء رحال
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
مقتل 5 عسكريين إسرائيليين بمعركة شمال غزة
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
كتيبة جنين والمقاومة في مخيم جنين توافق على مبادرة الوفاق الوطني
الأكثر قراءة
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 413)
شارك برأيك
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي