وصلت مفاوضات الدوحة بين الوسطاء وإسرائيل وحركة حماس إلى مرحلة متقدمة جداً، تجاوزت بعض العقبات المهمة التي منعت الوصول إلى اتفاق طيلة المشاورات السابقة على مدار أكثر من ١٣ شهراً، وبات الحديث هذه الأيام عن تقدم في مكونات صيغة الاتفاق، وأنه تم خلق الظروف المثالية لصفقةٍ لم يكن من الممكن حتى الآن التوصل إليها.
ومع التقدم الذي أدى إلى حدوث انفراجة حقيقية، فإن كواليس المفاوضات لم تعد سراً، فأخبار الصفقة ومراحلها وآليات تنفيذها ومدتها الزمنية أصبحت حديث الشارع، خصوصاً في قطاع غزة، حيث يرنو الأهل هناك لسماع خبر يعيد لهم بسمتهم التي فقدوها على مدار أكثر من ٤٦٠ يوماً، وذلك بتحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء هذه الحرب الكارثية على غزة، ليستطيعوا لأول مرة التقاط أنفاسهم بعد دمار هائل، جلب عليهم الويلات والصعوبات والمعاناة.
يتطلع أبناء شعبنا العظيم في غزة من المهجرين للعودة إلى شمال القطاع في منتصف المرحلة الأولى، ولاستقبال طلائع الأسرى والمزيد من المساعدات الإنسانية، والتهيؤ لمراقبة جيش الاحتلال وهو ينسحب جزئياً وليس كلياً، وعليه فإن المناورة البرية قد تنتهي في وقت سريع.
تتجه الأنظار اليوم مجدداً إلى الدوحة، حيث يتوقع أن يتم وضع اللمسات النهائية على تفاصيل صفقة التبادل بحضور مندوبين عن الرئيسين ترامب وبايدن، في حين تنشغل إسرائيل اليوم بمحاولات المصادقة على الاتفاق نظراً لتوجهات المتطرفين الذين يتقدمهم إيتمار بن غفير الذي يهدد بالاستقالة، وسموتريتش الذي يعارض أي اتفاق، لكن معارضتهما وحتى استقالتهما لن تؤثرا على نتنياهو الذي يستطيع أن يمرر الاتفاق.
ونظراً لمراحل الصفقة المرتبطة، كلّ بالأخرى وببرامج زمنية دقيقة وخطوات متفق عليها في آليات الإفراج عن الأسرى، خصوصاً الفلسطينيين، فإن السؤال المهم هنا يتعلق بالضمانات والتعهدات لتنفيد الاتفاق، خصوصاً كل ما يتعلق بطرق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي تم الاتفاق على مغادرتها، فهل استطاعت الولايات المتحدة جسر الهوة والمواقف الخلافية وقدمت بالفعل ضمانات لحماس والمقاومة بمنع إسرائيل من العودة إلى الحرب واستئنافها؟ وهل تعتبر إدارة ترامب قادرة على فرض شروط الضمانات على إسرائيل وإجبارها على تنفيذها، ونحن نشاهد يومياً مثال لبنان واختراقات الجيش الإسرائيلي للاتفاق هناك؟ والسؤال الثاني المرتبط بالولايات المتحدة هو: ما هي المكاسب والمزايا التي ستستفيد منها إسرائيل مقابل الموافقة على صفقة التبادل؟
هل ستتعاون معها الولايات المتحدة في وضع الخطط لتدمير المشروع النووي الإيراني، أو تطبيع العلاقات مع السعودية، أو فرض السيادة على الضفة الغربية؟ وكيف سيكون تأثير كل هذه القضايا على القضية الفلسطينية، لا سيما أن الولايات المتحدة معنية بترسيم شرق أوسط جديد على مزاجها؟
تبدو صفقة التبادل التي ستنجب وقفاً لإطلاق النار في غزة هي الأهم، ويجب تنفيذها وضمان استمراريتها حتى يتم وقف العدوان، ولو جزئياً، في طريق الوصول إلى وقف كلي ونهائي للحرب ورفع الظلم عن قطاع غزة.
شارك برأيك
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟