أقلام وأراء
الثّلاثاء 06 أغسطس 2024 9:38 صباحًا - بتوقيت القدس
الاغتيالات من وجهة نظر الإسرائيليين والفلسطينيين
تلخيص
عبّر ما نسبته 69% من الجمهور الإسرائيلي عن موافقته على الاغتيالات، وذلك في استطلاع للرأي نشرته احدى وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً. وربما كانت من المشاهد القليلة التي نرى فيها الجمهور الإسرائيلي يوزع الحلوى بعد اغتيال إسماعيل هنية في سلوك شديد المحلية، غير معتاد.
والاغتيالات حسب الرؤية الإسرائيلية مهمتها نشر الذعر، وإشاعة الارتباك، وإدخال الصدمة على القلب. والاغتيالات – حسب الحركة الصهيونية التي مارست هذا السلوك منذ ثلاثينيات القرن الماضي- تدفع إلى الخوف، والخوف يدفع إلى الاعتدال، أو الإنزواء، أو الاختباء، أو تغيير الاتجاه، أو تغيير السلوك، أو القادة أو كل ذلك مجتمعاً. الاغتيالات كما ترى المنظومة الأمنية الإسرائيلية تعمل على التشويش، ومنع التواصل، وعرقلة التراكم في التجربة، والامتداد العمودي والأفقي للفكرة والثبات في الاتجاه. قتل الزعيم أو القائد – برأي هذه المنظومة- هو هدم وإنهاء للفكرة وصاحبها وإرثها ونهجها.
وتستخدم الاغتيالات – حسب الرواية الإسرائيلية الرسمية- من أجل تعزيز فكرة الانتقام السريع، والرد الغرائزي الذي يدفع إلى النشوة، والشعور بالانتصار والإنجاز، ولهذا لجأت القيادات الإسرائيلية دائماً إلى استخدام هذه الوسيلة لتحقيق استعراض القوة، وللحصول على التسويق والترويج والنجاح في الانتخابات، ولهذا يوجد في الاغتيالات جانب كبير من الشعبوية، والسيطرة على عناوين الصحافة، وإثارة الانبهار وصيحات الإعجاب.
وعلى الرغم مما في الاغتيال من مخاطر قانونية وإنسانية وحتى سياسية، فإن إسرائيل تعتمد في تجاوز ذلك على الضغوط العلنية والسرية على الأطراف جميعاً، للصمت أو حتى التأييد الضمني، وفي حالة الفضيحة فإن إسرائيل من أكثر الكيانات القادرة على التبرير وتقديم التسويات. ورغم أن إسرائيل كيان معترف به في الأمم المتحدة، وكان من الممكن أن تنتهي من الاغتيالات كوسيلة لتصفية أعدائها، إلا أنها لم تترك هذه الوسيلة من منطلق أن إسرائيل هي خير من يفهم عقلية أبناء المنطقة، في استعراض معرفي استعماري يدعي فيه أن الإسرائيلي أنه يفهم أكثر من أي طرف آخر عقلية المنطقة التي لا تؤمن إلا بالقوة ولا تخضع إلا بالقوة، وهي رؤية استعمارية استعلائية بامتياز أثبتت خطأها للمرة المليون.
أخيرا،ً فإن إسرائيل تعتقد أن اغتيالاتها "محقة، وأخلاقية، وضرورية"، ولا داعي للاعتذار عنها، أو حتى التوقف عن استخدامها، فهي وسيلة قد لا تنهي الصراع بالتأكيد، ولكنها وسيلة فعالة لتصفية الحسابات، وتحييد الأعداء وإسكات من تريد إسكاتهم.
أما من جهة الفلسطينيين، فإن الاغتيالات مؤلمة بالتأكيد، ولها وقع مُريع يدفع إلى التساؤل، والرغبة في جلد الذات، وإثارة الأسئلة المحرجة والمستفزة. الاغتيالات بالنسبة للفلسطينيين أشبه بوقفة قسرية للمحاسبة والمساءلة، وإعادة النظر في كل شيء، وللغضب من جديد، والتزود بكل ما مضى وكل ما سيأتي. هنا يقف الإنسان أمام مصيره وقدره. قد يشعر بعجزه وضعفه وقلة حيلته، ولكنه ويا لقوة الضحية وإمكاناتها العجيبة الكامنة، يستل من أعمق أعماقه كل ما يبقيه حياً ومثابراً ومستمراً. يعجن الفلسطيني حزنه وحنقه وحرقته، ليخبز منها على نار أمله وألمه فطيرة العيش، وفطرة الحياة. يتحول الاغتيال إلى أمر يمكن فهمه والتعامل معه، ومن ثم تجاوزه في آلية عجيبة لا يمكن للجلاد أن يفهمها.
إذ سرعان ما يتحول فعل الاغتيال إلى جزء من الحياة ذاتها، وكأنه ضريبة الاستمرار والبقاء، وكأن كل جماعة في الدنيا لا بد لها من الأسماء والأغاني لتحمي قلبها من الذوبان أو الانفجار. الضحية من القوة بحيث تجعل من أحزانها أيضاً ذريعة أخرى للبقاء. قوة الضحية أنها تستطيع التكيف والتحول والتشكل، ولها قدرة لا نهائية على معاودة الرقص في الساحات وعلى التلال وتحت ظلال الأشجار.
ألا يفسر هذا بقاء الأقليات والجماعات الصغيرة والثقافات المنسية والمهمشة، فما بالك بشعوب قدمت للعالم الضوء والوضوء!!
إسرائيل تعتقد أن اغتيالاتها "محقة، وأخلاقية، وضرورية"، ولا داعي للاعتذار عنها، أو حتى التوقف عن استخدامها، فهي وسيلة قد لا تنهي الصراع بالتأكيد، ولكنها وسيلة فعالة لتصفية الحسابات، وتحييد الأعداء وإسكات من تريد إسكاتهم.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
مقتل 400 جندي إسرائيلي منذ بدء التوغل في قطاع غزة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
نذر فوضى عالمية...سموتريتش وترمب.. تلاقح الأفكار والخرائط
كتيبة جنين والمقاومة في مخيم جنين توافق على مبادرة الوفاق الوطني
الأكثر قراءة
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 415)
شارك برأيك
الاغتيالات من وجهة نظر الإسرائيليين والفلسطينيين