أقلام وأراء

الإثنين 05 أغسطس 2024 8:37 صباحًا - بتوقيت القدس

هل هناك حرب إقليمية قادمة؟

تلخيص

منذ أن انطلقت عملية "طوفان الأقصى"، وما تركته من أثرٍ زلزالي في الاحتلال، امتدّ إلى أميركا والغرب، ومنذ جاء رد الفعل عليها، بحربِ إبادة للشعب في قطاع غزة، وبفقدان الصواب، بلا أي اتزان، وبخروجٍ من كل ما يدخل في إطار الصراع، أو الحرب؛ لأن القتل الجماعي المتواصل، لأشهر ضد المدنيين، ليس له من مسوّغ، ويعتبر جرمَ إبادة قائمًا بذاته ولذاته، ولا مسؤولية عنه غير مسؤولية مرتكبه، ومن يؤيدّه، أو يدعمه.

ومنذ أن انطلقت الحرب البريّة، وراح الجيش يخسرها يوميًا. وقد حُسِمت نتيجتها عسكريًا، طوال عشرة أشهر، في مصلحة المقاومة وقيادتها، وشعبها في قطاع غزة. وانضم إليها حزب الله بمقاومته، مساندًا مناصرًا، ثم توسّعت المساندة لتشمل المقاومة في العراق، وكذلك اليمن الذي حوّل المساندة إلى حرب شبه دولية، حين امتدّت صواريخه لتضرب في "إيلات" (أم الرشراش)، مستهدفة كل سفينة تتجّه إلى إسرائيل، أو تخرج منها.. ثم شملت المساندة عسكريًا إيران، بعد الاعتداء على قنصليتها في دمشق في 1 أبريل / نيسان 2024.

منذ كل هذه التطورات في الحرب على قطاع غزة، ذهبت التصريحات الدولية -على الخصوص- تُحذر من تحوّلها إلى حرب إقليمية شاملة. وما أدراك ما هي الحرب الإقليمية في الظروف الراهنة لموازين القوى العالمية، والإقليمية، ولا سيما بوجود قيادة نتنياهو التي فقدت صوابها، ووجود قيادة بايدن الأميركية، التي راحت تغطيها وتدعمها في إستراتيجية الإبادة للشعب في قطاع غزة، وركوب رأسها بمواصلة الحرب البريّة، أيضًا، ولو بخسائر فادحة، وبتحدٍ سافر للقوانين الدولية والإنسانية، كما التهديد بالانتقال إلى خطر اندلاع الحرب الإقليمية. كما لم تقصّر دول الغرب عمومًا، بالسير خلفهما (نتنياهو وبايدن).

تغير قواعد الاشتباك
ولكن مع هذا يمكن تجنب اندلاع الحرب الإقليمية، وذلك بالرغم من أن المتابع لإستراتيجية نتنياهو، ودعم بايدن له، كانا يدفعان، موضوعيًا إلى الحرب الإقليمية، لا سيما بسبب فشلهما في حرب الإبادة، والحرب البريّة، كما عدم قدرتهما، على ابتلاع خروج المقاومة والشعب، منتصرين في الحرب، حال إعلان وقف إطلاق النار.

أما الأنكى، فحين راحت الإدارة الأميركية تأخذ، الموقف السياسي الذي يتحدث عن اليوم التالي، وكيف يكون، مع تلويح وهمي، لحلٍّ على أساس حلّ الدولتين. وكثيرون، ولنقل من حسني النيّة، راحوا يتحدثون عن اليوم التالي، وما يجب أن يكون عليه الوضع الفلسطيني، من وجود قيادة وطنية موحّدة، وحكومة مؤقتة. وذلك في ظرف، كانت الحرب في غزة، مشتعلة الأوار، كل يوم أشد من اليوم الذي سبقه.

عاد نتنياهو من أميركا، منتفخَ الأوداج، بعد خطابه في الكونغرس، ولقاءاته ببايدن وترامب وهاريس، وآخرين. فقد عاد مؤيَّدًا ومبايَعًا، بعد أن غُطّيت، كل جرائم الحرب والإبادة التي ارتكبها في غزة، طوال عشرة أشهر.

يكفي التوقف بسرعة مع الخطوات التي اتخذها نتنياهو، فور عودته من أميركا:

كانت الأولى: عملية اغتيال الشهيد القائد الكبير في حزب الله فؤاد شُكر (السيد محسن)، وفي مبنى سكني، أدى قصفه إلى سبعة شهداء، وثمانية وسبعين جريحًا، أغلبهم من الأطفال والنساء والمدنيين العاديين. فقد ضرب نتنياهو هذه الضربة، وهو يعلم أنها ستغيّر جذريًا قواعد الاشتباك مع حزب الله. وذلك لحتمية الردّ عليها، وبمستواها، وفي العمق. أي في تل أبيب، أو حيفا أو ما شابه.
ولكن نتنياهو لن تكون، بالنسبة إليه، ضربة مقابل ضربة، ثم العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة، وإنما يريد أن يردّ على الردّ. وبهذا يفتح الباب على مصراعَيه، لحربٍ إقليمية.

ثانيًا: وإذا توقفنا أمام عملية اغتيال الشهيد القائد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور إسماعيل هنية في طهران – وذلك في أثناء زيارة رسمية له لإيران، مما يشكل اعتداءً على سيادة إيران، وتحميلها مسؤولية دم ضيفها – فهذا الاغتيال يوجب الردّ عليه، لما يشكله، أيضًا، من مساس بالشرف والكرامة.


وبهذا يكون نتنياهو قد تعمّد بأن تضرب إيران عسكريًا، ومن ثم ليردّ عليها، بل ليجرّ أميركا للردّ عليها عسكريًا. ومن ثم تكون أبواب الحرب الإقليمية، قد فتحت أبوابها على مصاريعها. ليس بالنسبة إلى الاعتداء الذي مورِسَ ضدّ حزب الله فحسب، وإنما أيضًا بالنسبة، إلى إيران، وفي زمن واحد تقريبًا.

وذهب نتنياهو أيضًا، لقصفٍ ضد المقاومة في العراق. وكان اعتدى على الحُدَيْدة في اليمن.

ويجب أن يُضاف التصعيد في قطاع غزة، كما جريمة اغتيال مراسل الجزيرة إسماعيل الغول، وزميله المصور رامي الريفي، ليصل عدد الشهداء الصحفيين إلى أكثر من 160 صحفيًا، مما يدين الجيش الإسرائيلي، كمجرم حرب، من هذه الزاوية أيضًا.

المهم أن الاعتداءين اللذين تعرض لهما كل من إيران وحزب الله، بصورة خاصة – فضلًا عن الحرب في غزة، وما يُرتكب من جرائم إبادة بالقتل الجماعي، والتجويع واغتيال الناس العاديين، حتى وهم هاربون من القصف – نقلا حرب المساندة من جانب حزب الله وإيران واليمن والعراق – كما حدّد ذلك السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله في خطابه يوم 1/8/2024 – إلى حرب مواجهة، كما هي الحرب في غزة.

التحرك للجم الجنون
وبهذا تكون الحرب الإقليمية أصبحت على الباب. بل تحوّلت إلى قرار صهيوني- أميركي، في أثناء زيارة نتنياهو لأميركا. فما يفعله نتنياهو – بعد زيارته لأميركا – ذاهبٌ إلى إغلاق فرص تجنب الحرب الإقليمية، إلى الآن.

من هنا على كل القوى والدول – وبالخصوص الصين وروسيا -، أن تتحرك بأقصى سرعة، للجم الجنون الذي تعبّر عنه سياسات نتنياهو، وقد أصبحت سياسات أميركية كذلك.

وإلّا كيف تفسَّر الاغتيالات وإجبار كل من حزب الله وإيران للردّ عليها؟. ومن ثم الانتقال بالحرب في غزة، من مساندة، إلى حرب إقليميَّة.

ملاحظتان: الأولى، أنَّ موازين القوى عالميًا وإقليميًا، وعلى مستوى حرب غزّة والمساندة، في غير مصلحة نتنياهو وبايدن، وسيهزمان فيها، بالرغم من أهوالها.

والملاحظة الثانية، على الذين غرقوا في البحث عن اليوم التالي للحرب في غزة، أن ينسوا كل ما قالوه وفعلوه، فعليهم اليوم، أن يتساءلوا عن اليوم التالي للحرب الإقليمية.

إذا كانت التطورات، كما راح يفرضها نتنياهو، ذاهبة إلى الحرب الإقليمية التي يسعى لها، فالسؤال: كيف يمكن أن تقبل أميركا (بايدن وترامب والدولة العميقة) أن يقودها ويجرّها إلى حرب إقليمية، لا تريدها، كما عبّر عن ذلك، ما نُشر في خبر خطاب غاضب من بايدن وجّه إلى نتنياهو، فيما هو يعلن التزامه بالدفاع عن إسرائيل في حالة حرب إقليميّة؟

والسؤال الثاني، كيف يمكن أن تقبل روسيا والصّين، ودول العالم كله، أن تصبح أسيرة نتنياهو، وهو يجرّ الجميع إلى حرب إقليميّة، بينما الكل يعلن ضرورة تجنّبها، لما تحمله من أخطار على السلم العالمي كله؟

وهذا السؤال نفسه، يمكن أن ينطبق على معارضي نتنياهو، من قادة وجنرالات، وهو يجرّهم إلى حرب، لا بد من أن يقفوا معه فيها، فيما لا ضمانة في كسبها، ولا ضمانة لما قد تسفر عنه من خطر وجودي على إسرائيل، نفسه.

وهو يُقاد من مجنون، ثبت طوال حرب دامت عشرة أشهر، أنه فاشل ومهزوم، وما يحركه لا علاقة له بميزان قوى مؤاتٍ، إن لم يحمل معه نكسة خطيرة جدًا (وهو أمرٌ ممتاز). لأن الحرب الإقليمية، أكبر بكثير من حدود غزّة، وتذهب إلى نتائج واحتمالات، غير محسوبة جيدًا، في الأقل.

والسؤال الأهم يوجّه إلى هيئة الأمم المتحدة، والدول العربية والإسلامية، لتجنب الحرب الإقليمية: كيف يمكن أن يترك نتنياهو، لأخذ الجميع إلى الحرب الإقليمية؟

إن الإجابة عن كل هذه الأسئلة يفترض بها أن تلجم نتنياهو، وتبذل المحال لتجنب الحرب الإقليمية التي يريدها نتنياهو الذي أصبح منفصلًا عن الواقع، إلى حد فرض الحجر عليه.

دلالات

شارك برأيك

هل هناك حرب إقليمية قادمة؟

نابلس - فلسطين 🇵🇸

محمد قبل حوالي شهر واحد

كلما اوقدوا نارا أطفأها الله ويسعون في الارض فسادا. هذا هو ديدن امريكا واسرائيل ومن يلف لفهم كالانجليز

المزيد في أقلام وأراء

نبض الضفة لا يهدأ

حديث القدس

"حكومة الوحدة".. هل يفعلها نتنياهو؟

حسن لافي

الاستيطان ومستقبل الضفة

مناضل حنني

المساعدات الإنسانية الأمريكية.. دلالات التوقيت والسياق السياسي

فادي أبو بكر

مستقبل غزة مرتبط بنتائج الانتخابات الأمريكية

مروان اميل طوباسي

المساعدات الإنسانية الأمريكية.. دلالات التوقيت والسياق السياسي

فادي أبو بكر

مستقبل غزة مرتبط بنتائج الانتخابات الأمريكية

مروان أميل طوباسي

التعارض والتناقض الأميركي

غوتيريش: لكي يكون أميناً عاماً فعالاً وذا رؤية

أ. د. جورج جبور

ماذا تعرف عن زمنك الفردي؟

فراس عبيد

بمناسبة اليوم العالمي للوقاية من الانتحار: دور الخطاب الديني في معالجة الانتحار

سماح جبر

هل يستسلم العالم أمام نتانياهو ؟!

جمال زقوت

"طفح الكيل "

حديث القدس

صراع الوهم ضد الحقيقة

حمادة فراعنة

نفس القاتل.. عائشة نور وراشيل كوري

بهاء رحال

إشراقة العام الدراسي الجديد

جابر سعادة / ‏عابود

توضيحات لبعض المصطلحات والتقاليد المسيحية

لورنس كارلوس سمور/ بيت لحم

الصلاة خيرٌ من النوم

أشخين ديمرجيان

في اليوم العالمي لدعم التعليم.. الحاجة إلى بلورة رؤى لدعم النظام التربوي التعليمي الفلسطيني

غسان عبد الله

الشرعية تكتسب ولا تمنح من المجتمع الدولي!

دلال صائب عريقات ‏

أسعار العملات

الخميس 12 سبتمبر 2024 5:23 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.27

شراء 5.24

يورو / شيكل

بيع 4.12

شراء 4.1

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%18

%82

(مجموع المصوتين 130)