فلسطين
الخميس 11 يوليو 2024 11:20 صباحًا - بتوقيت القدس
رحل حارس المنارة .. "الشرطي السريع".. أثر الفراشة لا يزول
تلخيص
رام الله - خاص بـ "القدس" دوت كوم
رحل حارس المنارة ..
رائد أبو عواد
"الشرطي السريع"... أثر الفراشة لا يزول
حركاته السريعة الرشيقة تشبه عرضاً إيقاعياً يؤديه بجسده وصافرته
ينظم حركة المرور بفاعلية ويوزع ابتسامته بأناقة على المشاة والسائقين
يعرفه الصغار والكبار.. والزوار يقصدونه للمصافحة والتقاط الصور
الكل يعرفه بحركاته الرشيقة السريعة التي تشبه عرضاً إيقاعياً يؤديه بيديه، مستعيناً بصافرته، وأحياناً بكامل جسده، كاسراً الصورة النمطية لشرطي المرور الذي يتسم عادة بالجدية، وبالحدة أحياناً، في ظل الساعات الطويلة التي يقضيها تحت اشعة الشمس الحارقة صيفاً، وفي البرد والمطر شتاء. في شوارع رام الله والبيرة، وتحديداً على دوار المنارة لفت شرطي المرور رائد إسماعيل أبو عواد أنظار الناس بملامحه السمحة وتواضعه وابتسامته الدائمة للمارة، وهو يخرج عن المألوف في تنظيمه حركة السير، سواء للسيارات أو المارة، حيث كان يحرك يديه بسرعة وخفة ورشاقة، بحيث تكون لكل حركة دلالة معينة يفهمها الجميع، ويستجيبون لأوامره المهذبة بكل سرور وترحاب، دون أن يضطر إلى إشهار أو استخدام "سلاح" المخالفات المرورية. تحول رجل المرور المميز الذي أصبح ضابطا برتبة نقيب إلى علم وعلامة مميزة يقترب منه الجميع سيما الأطفال الذين يفرحون لحركاته، وحتى الزوار الأجانب يتقدمون لمصافحته والتقاط الصور وتبادل الحديث معه، وهو كان يستقبل الكل بالترحاب ومزيد من الابتسام، وصار معروفاً بلقب "الشرطي السريع"، وكان مثالاً للإنسان المحب لعمله والمتفاني في خدمة شعبه. رائد أبو عواد، من بلدة بير زيت شمال رام الله، متزوج من السيدة دعاء أحمد كحلة، وهو أب لأربعة أطفال أعمارهم تتراوح بين 12 سنة و8 أشهر. ينحدر من عائلة مكونة من ستة أفراد، بينهم شقيقه التوأم ماجد وشقيقتان، رحل عن الدنيا وهو في عمر الواحد والخمسين عاماً، بعد صراع مع مرض السرطان في الثالث من شهر تموز الجاري.
أكثر من شرطي مرور
منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، انضم رائد أبو عواد إلى جهاز الشرطة، حيث عمل في شرطة المرور على دوار المنارة برام الله لأكثر من عشرين عاماً، ولقب بـ"الشرطي السريع" بسبب حركاته السريعة والفعالة في تنظيم حركة المرور، والتي لاقت استغرابًا في البداية، لكنها أصبحت جزءاً من هوية المكان، وكان محبوباً ويساعد كبار السن والمرضى، ويقوم بمساعدتهم على قطع الشارع، ويحمل الأغراض عن كبار السن، قالت زوجته دعاء في حديث مع "القدس".
كان عاشقاً ومستمتعاً بعمله
وأكدت كحلة أن زوجها رائد كان عاشقاً ومستمتعاً بعمله، ولم يتردد في تنظيم حركة السير حتى وهو خارج الخدمة. وأضافت: كان السياح الأجانب يأتون لالتقاط الصور معه، ما أكسبه شهرة أوسع بعد لقاءات صحافية أجنبية، كما تعلم اللغة الإنجليزية من الأجانب الذين التقى بهم.
تتذكره زوجته كإنسان فهو كان طيبًا وحنونًا، ولم يكن يحب المشاكل وكان يحب بناته كثيراً، لقد ترك رائد سمعة طيبة في الوطن وخارجه، لتظل ذكراه حية في قلوب من عرفوه.
الصابر على ألم المرض
وقالت زوجة النقيب الراحل رائد : خلال الظروف الصعبة التي تبعت الحرب على غزة، قرر رائد أبو عواد طلب الانتقال والعودة لرام الله، خاصة أن والديه كبيران بالسن ومريضان في الفترة الأخيرة ويريد خدمتهما والاهتمام بهما، وعمل على دوار المنارة مجددًا عدة أشهر، لكنه وقبل خمسة أشهر، تم تشخيص إصابته بسرطان الكبد والرئتين، ثم بدأ مشوار العلاج الكيماوي، ولكن حالته تدهورت بعد الجلسة الرابعة وانتشر السرطان في العظام، إلى أن توفي في الثالث من هذا الشهر، خلال وجوده في المستشفى الاستشاري.
وتحدثت كحلة عن صبر زوجها وشجاعته خلال فترة مرضه، وقالت: "إن رائد لم يتذمر أبداً من المرض، لقد كان صابرًا، لقد كان رحيله صعبًا، وتم تشييعه، بجنازة عسكرية نظمتها الشرطة، وشارك فيها مسؤولون وقيادات، ثم ووري جثمانه الثرى في مقبرة بير زيت".
كان مثالاً للمحبة والعمل بن زملائه
من جانبهم، أكد زملاء النقيب رائد في جهاز الشرطة في أحاديث لـ"القدس"، أن المرحوم رائد كان مثالاً لرجل الشرطة المحبوب والذي يتعامل بتفانٍ وإخلاص، ويحاول تنفيذ القانون بالنصيحة، ويشعر بظروف الناس.
محمد الأطرش من كفر راعي في جنين، خدم في جهاز الشرطة لمدة 25 عاماً، معظمها في شرطة المرور برام الله وكان صديقاً للنقيب رائد أبو عواد، قال: "إن رائد عُرف بحبه للعمل وإتقانه، وكان مثالاً للأخلاق العالية، يحظى باحترام زملائه ويتمنى لهم الخير".
وأضاف الأطرش: "كان رائد معروفاً بتعامله الرائع مع الناس، حيث لم تفارقه الابتسامة، ويحرص على تقديم النصيحة بدلاً من تحرير المخالفات، عندما كان يملك المبرر لذلك، فيما تمنى الأطرش أن لا ينسى أحد بنات رائد الأربع بعد رحيله.
وقال أحمد أبو الحلاوة، من شرطة المرور برام الله، أن رائد كان مثلاً أعلى لأفراد الشرطة وقدوة في التعامل والانتماء، لقد منحه الناس لقب (الشرطي السريع) بفضل حركاته اللافتة وتفانيه في العمل".
وأضاف أبو الحلاوة: "كان رائد يتعامل مع الناس كما لو كانوا أهله، مقدماً الخدمة بروح المحبة واللباقة، وملتزماً بتنفيذ القانون بلطف واحترام".
وأكد أبو الحلاوة أن "وفاة رائد كانت صدمة للجميع، حيث اعتبره زملاؤه والمواطنون خسارة كبيرة كشرطي محبوب ومتفانٍ في عمله".
يطبق القانون بالنصيحة وبدون مخالفات
السائق تيسير العطاري، الذي يعمل على خط رام الله إلى أريحا منذ 25 عاماً في مكتب تكسي على دوار المنارة، يتحدث وسائقون آخرون التقتهم "القدس"، عن النقيب رائد أبو عواد. وقال العطاري: "كان رائد محبوباً من الجميع، ولم يحرر مخالفات بحق السائقين، بل كان يعمل على تنظيم حركة المرور بفعالية ودون أن يشكو أحد من أزمة المرور".
وأضاف العطاري: "رائد لم يكن يحب إلحاق الضرر بأحد، وكان ينبه الناس بلا مخالفات، وينظم السير بحب واحترام، عندما توفي، حزن الجميع عليه".
أما محمد منصور، وهو سائق مركبة عمومية يعمل منذ 34 عاماً، فأكد أن رائد كان لطيفاً ومحبوباً، ولم يكن يخالف أحداً، بل كان ينصح السائقين، ويقول: "رائد كان شرطي يحترم الناس، وهو متفانٍ بعمله لدرجة أنه يتحمل الظروف الجوية في الشارع لأداء عمله".
السائق ماهر عامر، الذي يعمل منذ عام 1987، قال: "إن رائد أبو عواد كان من الشرطة الخلوقين الذين يقدرون الناس ويحترمون الكبار في السن، ويتحملون كل شيء ويصبرون في العمل، ومعاملته مع السائقين كانت لطيفة، وكان يطلب الوثائق من المخالفين ويتصرف بلطف معهم وينصحهم أن ذلك مخالف ويجب أن لا يكرروه".
العودة من بيت لحم إلى رام الله
بعد عودته إلى رام الله، كان رائد يسأل عن الجميع ويسلم على أصحاب المحلات بالمنطقة، ما جعله محبوباً من الجميع، وفق عامر، الذي وصف وفاته بأنها كانت صدمة كبيرة لكل من عرفه، حيث كان رمزاً للتفاني والإخلاص في العمل.
ووصف محمد بوشية، الذي يعمل سائقًا منذ 24 سنة، الشرطي الراحل رائد أبو عواد بأنه كان نشيطا ومهذباً، وكان يؤدي واجبه على أكمل وجه.
وأضاف بوشية: "رائد لم يخالف أحداً ولا يحب أن يغضب أحدًا منه، وكان يستخدم أسلوب النصيحة للسائقين".
"الشرطي السريع" الذي ترك أثرا لا يُنسى
تتواصل الأحاديث في مدينة رام الله عن "الشرطي السريع"، ويروي العديد من أصحاب المحلات التجارية في منطقة دوار المنارة بمدينة رام الله قصصاً في أحاديث منفصلة مع "القدس"، عن أخلاقه العالية وتفانيه في العمل.
أنور الحموز، صاحب محل، قال: "إن رائد كان شاباً خلوقاً يساعد في تسيير حركة السير، ولافتاً للنظر بحركاته، الناس كانوا يتصورون معه ويستمتعون بمشاهدته وهو ينظم المرور باستخدام صفارته ويديه والتفاتاته بجسده في كل الاتجاهات، لقد كان يساعد المسنين والأطفال في عبور الطريق، كان لطيفًا مع الجميع ومحترمًا".
وأضاف الحموز أن جميع أصحاب المحلات والمواطنين الذين عرفوا رائد أحبوه، لقد ترك رائد بصمة لا تُنسى في رام الله، وسيظل في قلوب الناس كرمز للتفاني والإخلاص في العمل".
وأكد الحموز أن رائد أبو عواد يستحق أن يُخلد اسمه بإطلاق اسم دوار أو شارع عليه، كما يتوجب الاهتمام بعائلته بعد رحيله وضمان التعويضات المستحقة لهم.
النقل إلى بيت لحم قبل 8 سنوات
أما أحمد جبر، فهو صاحب مقهى شعبي "بسطة قهوة"، فقال عنه: "رائد كان مخلصاً ويؤدي عمله بدقة وإخلاص، والناس أحبوه كثيراً، عندما نُقل إلى بيت لحم قبل 8 سنوات، كان الجميع يطالب بعودته، وعندما عاد نهاية العام الماضي، لم يمهله المرض سوى بضعة أشهر".
المهندس جمال الزين، صاحب محل على دوار المنارة، قال: "رائد كان يستحق لقب (الشرطي السريع) بجدارة، كان يعمل بنشاط ويضبط الأمور في الشارع بحركاته اللافتة، لقد حزنّا كثيراً عند مرضه، وحزنّا أكثر عندما توفي، كان قامة من قامات البلد".
ويتذكر إبراهيم تحسين، وهو صاحب محل، رائد أبو عواد، بالقول: "لقد كان يحب عمله ويؤديه بشغف وكأنه هواية، كان يقوم بإشارات مبتكرة لتنظيم المرور، والناس كانوا سعداء بوجوده".
أما مراد عودة، صاحب محل آخر على المنارة، فوصف رائد بأنه كان "يخلق جواً مميزاً على دوار المنارة، كان شغوفاً بعمله ولم نرَ أحداً مثله، كان يسلم على الجميع ويؤدي عمله بطريقة مختلفة ومميزة، رغم رحيله المبكر، سيظل في ذاكرتنا".
دلالات
ابو حمزة المهاجر قبل 4 شهر
خنزير وفطس الى جهنم وبئس المصير مرتد ملعون .
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
رحل حارس المنارة .. "الشرطي السريع".. أثر الفراشة لا يزول