أقلام وأراء
الخميس 11 يوليو 2024 10:38 صباحًا - بتوقيت القدس
لم تسلم مكتبة ولم يسلم كتاب في غزة
تلخيص
ربما يقول قائل أنه من الترف الحديث عما أصاب مكتبات غزة، في ظل المشهد الدموي العام، والحرب المستمرة بكل الأشكال والوسائل، وأمام جوعى لا يجدون ما يملأون به أمعاءهم الخاوية، وحالات الفقد الرهيب، وقسوة الواقع الذي يعيشه الناس منذ عشرة أشهر مضت. كل من يقول ذلك قد يكون على حق، ولديهم الكثير من المشاهدات التي يروها من زاوية أكثر أهمية من أي شيء آخر. كأن نكتب عن نقص حليب الأطفال، وعن وحشية هذا العدو الذي تفرد في دمويته وعنصريته، ولم يترك فعلًا همجيًا إلا وارتكبه، أو أن نكتب عن نسب الإعاقات التي تسببت بها الصواريخ والقذائف وقنابل الموت، وعن حياة العراء داخل خيام حرارتها لا تطاق في هذا الصيف، ومراكز إيواء لا تصلح للعيش الآدمي.
كثيرة هي القضايا التي يرى أصحابها أنها الأحق وهم على صواب، ولو قيل لي ماذا ستكتب غدًا، لقلت عن دموع الأمهات، وعن تلك الطفلة التي صارعت من أجل البقاء، وظلت قيد الحياة لخمسة أيام مدفونة تحت ركام بيتها، وفي لحظة إنقاذها توفيت قبل وصولها إلى المستشفى، وربما كتبتُ عن هذا البكاء في وصف حالتنا، حين أجهشت بالبكاء.
عشرات المكتبات العامة تم تدميرها بقصد حرق كل إرث، وعشرات آلاف المكتبات الخاصة دمرت وأحرقت وتناثر رمادها بعد أن طالها القصف المنظم الذي استهدف كل شيء في غزة. كتّاب وشعراء وروائيون ورسّامون ونحّاتون وفنّانون قصفتهم الطائرات في بيوتهم وبين مكتباتهم التي كانت لهم عالمًا يخترق جغرافيا غزة المحاصرة، ويتخطى حدود البلاد، ويصلهم بالعالم الذي زاروا مدنه وعواصمه وتعرفوا على ثقافاته وطقوسه من خلال مطالعاتهم لكل ما كُتِب، حالهم حال بقية كل الشعوب في العالم، إلا أن الفرق هنا أنهم اليوم بلا مكتبات عامة أو خاصة، فالحرب أحرقت المكتبات وأتلفت كل الكتب، وقتلت الكثير من القرّاء والكتّاب.
صديقي الذي كان يقيم ندوة أسبوعية على شاطئ البحر في غزة، لمناقشة كتاب جديد مع مجموعة يزيد عددها عن العشرين مشارك دائم ورواد متفرقين، أخبرني بأن تسعة من أعضاء النادي الثقافي استشهدوا وثلاثة آخرين بترت أرجلهم نتيجة تعرضهم للقصف، وأن مكتبة النادي الثقافي المكونة من ثلاثة آلاف كتاب أحرقت عندما قام الاحتلال باستهدافها بصاروخ من طائرة إف 16، في الثلاثين من آذار ٢٠٢٤.
ولأن الفعل الثقافي هو فعل مقاوم لدحض كل كذب وتأويل يمارسه الاحتلال، وهو الجهد الصادق لكشف الحقيقة وتعرية هذا الاحتلال، وفضح كل ما يروج له من ادعاءات باطلة، فقد قام الاحتلال باغتيال عدد كبير من الكتاب والصحفيين والشعراء والفنانين والباحثين، وسعى لردم كل جهد ثقافي في حربه المستعرة الرامية للسيطرة على رواية واحدة يقدمها، بينما يكون لا صوت للضحية، وكل هذا يأتي أيضًا ليصب في نفس السياسة التهويدية للمدن والأماكن المقدسة، وتلاقيًا مع حرب التطهير العرقي في فلسطين .
إن حربًا كهذه الحرب التي تشن بلعنة الإبادة الجماعية على أرض غزة الذبيحة، وسط الحصار المفروض عليها من كل الجهات، وما كشفته من هشاشة النظام الدولي وكل المواثيق والقوانين الدولية، وضعف النظام العربي، في الوقت الذي لاقى فيه الاحتلال كل أنواع الدعم العسكري والمالي والسياسي، ووقفت أمريكا وحلفاؤها إلى جانبه بل وحركت الأساطيل البحرية والجوية، بينما أهل غزة كانوا وحدهم، ولا زالوا وحدهم تحت القصف والجوع ومحاولة البقاء على قيد الحياة. إن أكثر من سبعة عقود من الاحتلال أثبتت أن مسألة الانتصار على الرواية الفلسطينية هي مسألة من العبث تحقيقها، لأنها رواية الحق والحقيقة، ولأن شعبنا في كل المراحل التي مرَّ بها كانت الثقافة هي أساس الفعل المقاوم، ولأنها كانت ولا تزال كذلك، فمن الحتمية أن تنتصر وهي تحفظ حكاية شعب أريد له الشطب والإبادة منذ أن بدأت قوافل الغزاة دخول فلسطين.
.............
عشرات المكتبات العامة تم تدميرها بقصد حرق كل إرث، وعشرات آلاف المكتبات الخاصة دمرت وأحرقت وتناثر رمادها بعد أن طالها القصف المنظم الذي استهدف كل شيء في غزة. كتّاب وشعراء وروائيون ورسّامون ونحّاتون وفنّانون قصفتهم الطائرات في بيوتهم وبين مكتباتهم.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 89)
شارك برأيك
لم تسلم مكتبة ولم يسلم كتاب في غزة