فلسطين
الأربعاء 03 يوليو 2024 8:45 صباحًا - بتوقيت القدس
10 أعوام على خطف وإحراق الطفل محمد أبو خضير.. الطفولة المكبّلة في القدس
تلخيص
القاهرة- "القدس" دوت كوم- محمد أبو خضير
- المحامي محمد محمود: بعد الجريمة باتت الأحكام ما بين 6 و10 أعوام للأطفال المتهمين برشق الحجارة أو "التحريض"
- أمجد أبو عصب: كل طفل مقدسي يشعر بأنه محمد القادم والاحتلال يتعمد فرض أحكام عالية بالسجن والغرامات
- والدة الشهيد: صوت محمد لم يغب عني وقتل الأطفال والنساء كما يحدث الآن بغزة أسلوب تفكير الاحتلال ومستوطنيه
منذ العام 2014، يمثل اليوم الثاني من تموز كل عام ذكرى قاسية في أذهان المقدسيين، الذين تشتعل مشاعر الألم والغضب لديهم عند استذكارهم جريمة اختطاف الفتى المقدسي محمد حسين سعيد أبو خضير وتعذيبه ثم حرقه حيّاً.
مرّ على هذه الجريمة 10 أعوام، ومنذ عام 2014 حتى اليوم استُهدفت الطفولة في القدس بشكل غير مسبوق، وتحملت هذه الفئة من المجتمع المقدسي أعباء تفوق قدرة أي طفل على تحملها.
تقول أم الشهيد محمد أبو خضير لـ"القدس" دوت كوم: كنت أتمنى أن يكون خطف وقتل محمد حرقاً آخر جريمة بحق طفل فلسطيني، ولكن عندما أشاهد قتل الأطفال والنساء في قطاع غزة اليوم تزداد قناعتي بأن هذا أسلوب تفكير الاحتلال والمستوطنين وعقليتهم أينما كانوا.
وتضيف أم الشهيد أبو خضير: "محمد ابني، قطعة مني، لا يفارقني، حديثه.. ابتسامته الجميلة.. صوته في أُذني، يناديني يا أُمي، غاب الجسد وما غابت الروح ولا الذكريات، بشوفه في البيت، أتخيل أنه داخل عليّ من باب البيت".
وتتابع: "محمد فتى مميز، من الصعب أن يُنسى، كانت له بصمة في كل مكان، محمد نشيط ، ذكي، يساعد الكل، يحب الجميع".
السبت الماضي تجمّع العشرات من المقدسيين وأفراد عائلة أبو خضير أمام منزل والد الشهيد حسين سعيد أبو خضير (أبو الرائد)، في مقدمتهم مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، وعضوا الكنيست الدكتور أحمد الطيبي وأسامة السعدي، ونخب من القوى الوطنية والإسلامية في القدس، وانطلقوا سيراً على الأقدام من بيت الشهيد نحو مقبرة العائلة في البلدة القديمة، يحملون أكاليل الزهور في مسيرة تقليدية سنوية للمقدسيين الذين يعتبرون خطف واستشهاد محمد أبو خضير مرحلة فارقة تغيّرَ فيها سلوك جيش الاحتلال وشرطته وقضائه في القدس، زاد فيها استهداف الأطفال المقدسيين، بشكل ملحوظ، وتم تغليظ الأحكام الظالمة بحق الأطفال المقدسيين.
يذكر أن الفتى محمد أبو خضير اختُطف من أمام منزل عائلته على الشارع الرئيسي بقرية شعفاط بين القدس ورام الله مقابل المسجد قبل صلاة الفجر بدقائق، وكان يجلس ينتظر والده أمام محل الأدوات الكهربائية الذي يملكه لحظة اختطافه للذهاب إلى صلاة الفجر.
المستوطنون نصبوا لـ"شهيد الفجر" فخاً، حيث تقدَّم أحد قتلته وسأله من أين اتجاه مدينة (تل أبيب)، فدفعته طيبته للوقوف والمشي نحو السيارة ليشير لهم بيده، فحملوه بسرعة، واقتادوه إلى غابة في قرية دير ياسين المهجَّرة غربي القدس، وأحرقوه حياً. في ذلك الوقت، ثارت القدس، وعم الاحتجاج والغضب من المقدسيين على اختطاف محمد، فأوقفوا حركة القطار ودمروا عدداً من المحطاته، إلا أن شرطة الاحتلال حاصرت المحتجين ورشقت الموجودين في محيط منزل الشهيد بالرصاص المطاطي والقنابل الغازية والصوتية واعتقلت العشرات منهم، واستمرت مواجهات بين قوات الاحتلال والمقدسيّين إلى أن أعلنت قوات الاحتلال عثورها على جثمان الشهيد محروقًا في أحراش دير ياسين.
بعد الإعلان عن استشهاد محمد حرقاً عمَّت احتجاجات واسعة القدس، وهاجم المقدسيون الغاضبون خطّ سكة الحديد الذي يمر بمحاذاة منزل الشهيد في قرية شعفاط، وعطّلوه أشهراً طويلة، فيما أُصيب العشرات خلال المواجهات اليومية التي كانت تشهدها القرية وأحياء القدس. وسلَّم الاحتلال جثمان الشهيد لذويه بعد يومين، ليشارك آلاف المقدسيين في تشييعه إلى مثواه الأخير في مقبرة القرية.
استهداف الأطفال المقدسيين والفلسطينيين لم يتوقف
بُعيد حرق الطفل محمد أبو خضير، اندلعت هبّة شعبية عبّر فيها آلاف الأطفال المقدسيين عن غضبهم إزاء هذه الجريمة، وفي المقابل تغيرت طريقة المحاكم الإسرائيلية في التعامل معهم، فتصاعدت من مجرد الحكم عليهم بغرامة مالية أو ما يُعرف بـ"وقف التنفيذ" إلى إصدار أحكام بالسجن الفعلي ولفترات طويلة للقاصرين، وفقاً للمحامي محمد محمود.
ويضيف محمود: "بدأنا نلاحظ تغليظاً للأحكام لكل من يُتهم برشق الحجارة أو المشاركة بالمواجهات من الأطفال، وبعد حرق الطفل أبو خضير لاحظنا تصعيداً كبيراً في فرض عقوبة الحبس المنزلي، وتغيّراً في طريقة تعامل الشرطة والقضاة مع القاصرين".
وأوضح المحامي أنه رغم سماح القانون الإسرائيلي بحضور أحد الوالدين مع القاصرين خلال التحقيق، فإن هذا الحق اندثر بمجرد اندلاع الهبّة الشعبية بعد حرق الفتى أبو خضير وحتى يومنا هذا.
وبشأن ذلك قال محمود إنه "لا وجود لهذا الحق منذ 10 أعوام سوى للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً، وبالتالي فإن المدينة دخلت مرحلة جديدة تماماً من ناحية استهداف الأطفال، حتى باتت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس تصدر أحكاماً بالسجن الفعلي لفترات تتراوح بين 6 و10 أعوام على مخالفات بسيطة ارتكبها أطفال المدينة".
ما بعد 7 أكتوبر
وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي واندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة، زادت أوضاع القاصرين المعتقلين سوءاً، ولم يعد الأطفال يصلون إلى المحاكم بعد عقد جلسات محاكمتهم عن بُعد.
وقُدمت لوائح اتهام ضد غالبيتهم العظمى، وأصرّ القضاة على عدم الإفراج عنهم، واتُهم القاصرون -وفقاً للمحامي محمد محمود- إما بالتحريض على موقع فيسبوك من خلال منشوراتهم، أو الاشتراك بالمواجهات.
علامة فارقة
ووفق رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، فإن استشهاد الفتى محمد أبو خضير "شكّل علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وتحديداً في قضية القدس والأطفال الذين شاهدوا جثة محمد المحروقة، وسمعوا سيناريو اختطافه على أيدي مجموعة من المستوطنين".
وأضاف في حديثه لـ(الجزيرة نت) أنه بعد جريمة حرق محمد "شعر كل طفل فلسطيني بأنه محمد القادم، فثار الأطفال ورفضوا هذا النوع من الظلم وشارك الآلاف منهم في تشييعه، ونزلوا إلى الشوارع وشاركوا في المسيرات والمواجهات وإلقاء الحجارة، وردت سلطات الاحتلال بالقمع والاعتقال والتنكيل".
ونُفذت آنذاك اعتقالات ميدانية على يد القوات الخاصة الإسرائيلية ووحدة المستعربين، تم خلالها الاعتداء على الأطفال بشكل كبير، واعتُدي أيضاً على كل من اعتُقل من منزله بعد تخريب محتوياته وتعمد اقتحامها بعد منتصف الليل لإرهاب الأطفال وذويهم.
قبضة حديدية
"زاد الاحتلال من قبضته الحديدية عبر الاعتقال واتباع أساليب تحقيق قاسية استُبعد خلالها الأهل وحُرموا من الوُجود مع طفلهم، كما حُرم الأطفال من الحصول على الاستشارات القانونية من المحامين قبل التحقيق معهم"، يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين.
وأدى ذلك كله -وفقاً لأبو عصب- إلى انتزاع الاعترافات من الأطفال بالقوة، وبالتالي فرض أحكام عالية بالسجن الفعلي، إضافة إلى الغرامات المالية بعد منح المحاكم صلاحيات كبيرة لممارسة مزيد من الضغط والابتزاز على الأطفال وعائلاتهم.
واستذكر الناشط المقدسي بعض القاصرين الذين اعتُقلوا في تلك الفترة، ومن بينهم الطفل أحمد مناصرة، وكل من: مرح بكير وملك سلمان ونورهان عوّاد "الذين اعتقلوا بشكل وحشي، وعاشوا ظروف اعتقال وتحقيق قاسية".
وتطرق إلى ما كابده الفتية في زنازين انفرادية في سجن عسقلان غمرت مياه الصرف الصحي أرضياتها، ومُنع المحامون من زيارتهم للاطمئنان عليهم.
لم تُسلب حرية أطفال القدس بعد حرق الفتى محمد أبو خضير فحسب، بل تعثرت المسيرة التعليمية للآلاف منهم ممن حولتهم المحاكم الإسرائيلية للحبس المنزلي، وحول ذلك منازلهم إلى سجون وذويهم إلى سجّانين.
تجهيل متعمد
وعن تداعيات هذه العقوبة، أشار رئيس لجنة أهالي الأسرى أبو عصب إلى أنها تهدف إلى تجهيل الأطفال بإبعادهم قسراً عن الجو الدراسي، ما أدى إلى تسرب كثيرين من المدارس، إضافة إلى تفكك العلاقات الأسرية، إذ دفع الروتين اليومي القاتل ببعض الأطفال إلى محاولة الانتحار، بينما حطّم بعضهم محتويات منازلهم، ودخل آخرون في عزلة عدوانية.
"عوقب الأطفال بكل ذلك لأن الاحتلال لاحظ دورهم البارز في هبّة أبو خضير وفي شوارع القدس وساحات الأقصى، فتعمد إهانتهم من خلال توقيفهم وتفتيشهم وإجبارهم على فتح حقائبهم المدرسية وإلقاء كتبهم على الأرض وتعرية بعض الأطفال من ملابسهم أثناء التفتيش"، أردف أبو عصب.
واختتم حديثه بالقول إنه منذ عام 2014 تتصدر مدينة القدس عدد المعتقلين الأطفال من بين محافظات الضفة الغربية، وإن 50 قاصراً مقدسياً يقبعون الآن في كل من سجن مجدو ومركز تحقيق المسكوبية، وبعضهم ما زال يقبع خلف قضبان السجون منذ هبّة محمد أبو خضير التي اندلعت في واحد من أكثر فصول الصيف اشتعالاً بمدينة القدس.
ثمانية جثامين صغيرة لا تزال محتجزة
ولا يمكن الحديث عن استهداف الطفولة في القدس دون التطرق إلى تجمد 8 أجساد صغيرة في ثلاجات الاحتلال لأطفال أُعدموا بدم بارد في المدينة، ويعتبر الطفل خالد زعانين (14 عاماً) أصغرهم.
وباءت محاولات الإفراج عن جثامين هؤلاء بالفشل حتى الآن، وما زالت أمهاتهم يحلمن باليوم الذي سيتمكنّ فيه من احتضان الجسد المتجمد للمرة الأخيرة قبل أن يحظى بدفء تراب القدس الذي سيوارى فيه.
دلالات
الشاعر كمال قبل 5 شهر
كل هذا السرد الله يعلم لقد أدمى مشاعري وشج قلبي ففلسطين الحبيبة حبها يجري في دمي منذ طفولتي التي قضيتها في محافظة الشرقية وأنا كشاعر مهموم بهموم الأقصى والخليل المنسية وبكل شبر في
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
10 أعوام على خطف وإحراق الطفل محمد أبو خضير.. الطفولة المكبّلة في القدس