Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الجمعة 24 فبراير 2023 6:28 مساءً - بتوقيت القدس

بفن اعادة تدوير المخلفات الصلبة.. هكذا يناضل أسير محرر للحفاظ على البيئة

نابلس – "القدس" دوت كوم - وفاء أبو ترابي - تلك العملية التي مارسها الإنسان منذ عصور على مر الزمان، عندما كان يسترجع النفايات المعدنية ويحولها إلى مواد جديدة، أصبحت الآن فناً خلاّقاً يستخدم لتدوير المخلفات البيئية، حيث أبدع الفلسطيني أيمن عبد ربه من قرية قوصين قضاء نابلس، في ايصال فكرته إلى العديد من الناس والمهتمين، خاصة بعد إدراكه المشكلات التي تُسببها النفايات الصلبة في البيئة الفلسطينية.


ومن شأن هذه الفكرة التي كانت وليدة الصدفة لدى عبد ربه، الخبير في مجال فن تدوير مخلفات البيئة والموظف في "سلطة جودة البيئة"، أن توصل رسالة ثقافية وتربوية حول أهمية الحفاظ على البيئة، وتحاول قدر الإمكان أن توفر حياة صحية وآمنة لمختلف فئات المجتمع الفلسطيني.


ثقافة بيئية


ويسعى عبد ربه إلى إبقاء هذه الرسالة مشعةً في البيئة الفلسطينية، ويصل نور هذه الثقافة إلى كل بيت؛ لتوعية أبناء شعبنا بأن ذلك يحمي الموارد الطبيعية، ويقلص من حجم النفايات في المدن والمخيمات والأرياف الفلسطينية، كما يفتح مجالات واسعة للأفكار المبتكرة أمام المهتمين من ربات البيوت والعاطلين عن العمل والمواطنين؛ لصناعة منتوجات بأقل التكاليف، وأن هذه النفايات الصلبة التي تسبب الأمراض لهم وتلوث الهواء المحيط بهم، يمكن تحويلها إلى خامات متنوعة وتشكيلات فنية جمالية تزين البيوت والحدائق والأماكن العامة.


ويقول عبد ربه في حديث خاص بـ "القدس" دوت كوم: "عندما بدأتُ عملي في سلطة جودة البيئة، كنت أنظم لقاءات توعوية في مختلف المدارس، مستخدماً الألعاب والوسائل التربوية البيئية التي صنعتها من المخلفات الصلبة، وتكون ذات حركة وسلوك بيئي وأخلاقي يهدف إلى ايصال الفكرة للطلبة بطريقة سهلة وتفاعلية، ومبتعداً عن أسلوب التلقين الممل الذي لا يجدي نفعاً، وبعد سنوات من العمل على هذا النحو، قررت استهداف المعلمين والمعلمات لتدريبهم على كيفية تحويل المخلفات إلى وسائل تعليمية بيئية وبأقل الإمكانيات المادية".


مخلفات يمكن إعادة إنتاجها


وهناك العديد من المخلفات التي يمكن إعادة إنتاجها –بحسب عبد ربه-، لتشكيل القوارير الزراعية والمقاعد في المرافق العامة والحدائق من إطارات السيارات، كما يمكن تحويل العبوات البلاستيكية إلى أشكال ورودٍ ومقاعد، وجعل المخلفات الورقية عجينةً بعد فرمها وإضافة الغراء عليها، لصنع المجسمات التعليمية والثقافية والدينية والرموز الوطنية، وأكياس النايلون أيضاً يمكن تحويلها إلى ورود، بالإضافة إلى انتاج الألعاب التربوية البيئية، ووسائل تعليمية، وغيرها من تلك النفايات المتناولة دون الحاجة لشراء أي مادة خام مكلفة كالخشب أو الأوعية المستديرة (البراميل)، كما أنها هي من تحدد طبيعة الشكل الذي سينتجه منها، دون التفكير بشيء مسبق لصنعه، فهو يستغل المخلفات الموجودة ويخرج الأفكار من خلالها.


جهود حثيثة رغم قلة الإمكانيات


وبعد جهود حثيثة في ايصال هذه الرسالة النبيلة، رغم قلة الإمكانيات المادية وعدم تبني هذه الفكرة من المؤسسات الداعمة، قرر عبد ربه الإستمرار في العمل داخل أروقة مكتب سلطة جودة البيئة في نابلس، حيث تحوّل إلى معرض بيئي يزوره من يرغبون بالتدريب أو للإطلاع على المنتوجات التي قام بتدويرها من النفايات والمخلفات الصلبة، كما يتم تنظيم دورات داخل هذا المكتب للراغبين في ذلك من الجمعيات النسوية أو المؤسسات التعليمية أو التنمية المجتمعية ومن مختلف المحافظات في الوطن، حيث تُعطى تلك التدريبات مجاناً وتتوفر كافة الإمكانيات اللازمة من مواد خام تم تجميعها من المخلفات المستخدمة لإعادة التدوير.


ويقول أنه استصلح قطعة أرض لديه بما يتناسب مع عمله ويخدم وظيفته ورسالته، وأطلق عليها اسم "حديقة التدوير"، حيث قام بتجهيزها من الإطارات والخشب وأغلب المخلفات الصلبة، كما يستقبل فيها المتدربين أيضاً، موضحاً: "نحن نحاول أن تتضافر جهود كل طواقم سلطة جودة البيئة بإداراتها المختلفة لننشئ جيلاً صديقاً لهذه البيئة، كما نسعى إلى تدريب أكبر عدد ممكن من الشباب وربات البيوت وغيرهم من الراغبين، حتى يستمر هذا الفن للأجيال القادمة وتبقى الفكرة والرسالة مستدامة".


نتاج الجهود المبذولة


ويرى عبد ربه نتاج جهوده في المعارض التي تنظمها بعض المدارس حيث أصبح الطلبة يصنعون المنتوجات من المخلفات الصلبة، وكذلك النساء من اللواتي كان يدربهن، يعرضن صناعاتهن من النفايات الصلبة كالجاروشة التي تم إعادة تدويرها من المخلفات الورقية وإنتاج عجينة الورق منها، كما أن كثيراً من الناس صاروا يتعملون صنعها ويبيعونها بعد تشكيلها إلى لوحات فنية متعددة، وإطارات السيارات أيضاً تعلّم كثيراً من الأشخاص على إعادة تدويرها، والعاطلين عن العمل منهم أصبحوا يمتهنونها حسب الطلب عليها، وغيرها من هذه النماذج التي جعلت من النفايات مصدراً للرزق.
ويأمل عبد ربه أن يتم إنشاء متحف أو معرض بيئي دائم، وتوفير مكان خاص للتدريب يضم فريق خبير في هذا المجال، حيث يوجد العديد من المتخصصين في تدوير المخلفات الصلبة أو العضوية أو حتى الملابس، مبيّناً أنه إذا تم جمع كل المهتمين في مجالات تدوير المخلفات في مركز خاص، سوف ينجزون عملاً مذهلاً يساعد في الحفاظ على استدامة هذه الفكرة الإبداعية التي من شأنها الإرتقاء بواقع أفضل للبيئة الفلسطينية، وتحمي المجتمع من مختلف الأضرار الناجمة عن المخلفات المتراكمة.


تدوير المخلفات في سجون الاحتلال


ويلفت إلى أن تدوير المخلفات الصلبة انسجم مع حكايته داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي، فهو أمضى أربعة عشر عاماً هناك، حيث الفراغ الكبير الذي عاشه والأسرى داخل أسوار السجن الذي يجعلهم يبحثون عن أي عمل لقضاء وقتهم فيه، فدائماً يحاولون استغلال الأشياء المهملة مثل علب السجائر، والكرتون، ونواة الزيتون، والأحجار وغيرها، ثم يعيدون تشكيلها ويصنعون منها لوحات فنية تعبر عن رموز وطنية وهدايا رمزية يرسلونها إلى أهاليهم.


ويضيف عبد ربه: "عندما تحررت من السجن عام 2000، عملت لدى المؤسسة الحكومية سلطة جودة البيئة كإمتياز توظيف مقابل راتب شهري اتقاضاه، لكنني أردت أن أبادر حتى يكون لي بصمة في ميدان العمل البيئي، كما كان لي بصمة في ميدان النضال، فاتجهت إلى مجال تدوير المخلفات الصلبة، لتنمية هذه الثقافة المفقودة في البيئة الفلسطينية، وإنشاء جيل واعٍ يحترمها ويحافظ عليها".

دلالات

شارك برأيك

بفن اعادة تدوير المخلفات الصلبة.. هكذا يناضل أسير محرر للحفاظ على البيئة

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 90)