للعام الثاني، غابت غزة عن أي دراما في رمضان، خاصة في الفضائيات العربية والعالمية. فهل الأمر تعبير عن حالة غياب الدراما الفلسطينية وضعفها فحسب؟ هل الأمر محض صدفة؟ لا أظن ذلك! أم أن للأمر أسبابًا أخرى؟
ما دفعني إلى طرح هذا السؤال هو الاكتظاظ الكبير للمسلسلات الرمضانية التي تشهدها كل الفضائيات، والتي تتسابق عليها المحطات، في وفرة واضحة للدراما المصرية والسورية واللبنانية والخليجية. ووسط محاكاة الدراما لكل مشكلات الواقع العربي، من المحيط إلى الخليج، ولكل ما يعصف بالبلاد العربية من فقر وبطالة واقتتال داخلي، ومشكلات اقتصادية واجتماعية، وسطوة استعمارية، نجد أن واقع غزة غائب تمامًا عن هذا المشهد، وهو الحاضر فقط طوال الوقت في الأخبار.
صورة غزة المحكية في المسلسلات لها ضرورتها ووجوب حضورها في الدراما العربية. وإن كانت مستبعدة عن قصد، فهذا الاستبعاد فيه تجنٍّ كبير. وإن كان الاستبعاد لضعف أو ضآلة الإنتاج الفلسطيني، فعلى المعنيين مراجعة الأمر وبذل اهتمام مضاعف، حتى تحضر غزة وفلسطين بكل أحمالها وتاريخها الإنساني والحضاري، كي لا تكون غائبة فتُنسى!
قد يُعزى الأمر فلسطينيًا إلى التقصير الناتج عن عدم وجود الرعاية اللازمة للمؤسسات التي من واجبها تقديم دراما فلسطينية تحاكي الواقع المحلي بكل أبعاده وتسلط الضوء على مشكلاته. ومن الجدير جدًا أن نجد كبار الممثلين العرب والمنتجين والكتّاب يسلطون الضوء على حرب الإبادة، لما للأعمال التلفزيونية من أثر كبير على المجتمعات، وعلى إيصال الرسالة إلى العالم بشكل يلامس الناس أكثر من أي وسيلة أخرى.
ربما يكون هناك تقصير فلسطيني، أو تغييب مقصود أو غير مقصود. وهنا، لا يقع التقصير على جهة واحدة، بل على جميع الجهات، من كتّاب السيناريو إلى الممثلين والمنتجين والممولين، والجهات المعنية، سواء حكومية أو أهلية. فلا شيء يبرر هذا التقصير، في ظل الهجمة الشرسة على قضيتنا، ومحاولات طمسها وطمس روايتنا، وتقديم رواية الآخر التي تقوم على الكذب والادعاء.
إنها إشارة ودعوة لمن يريد التقاطها، والبناء عليها من أجل تعزيز الإنتاج الفلسطيني، سواء كان في التلفزيون أو المسرح أو السينما. وهنا، أجد من الضروري أن أستذكر ما قاله الشهيد الراحل ياسر عرفات: "الثورة ليست بندقية ثائر فحسب، بل هي معول فلاح، ومشرط طبيب، وقلم كاتب، وريشة شاعر."
شارك برأيك
غياب غزة عن دراما رمضان: تقصير أم تغييب متعمد؟