Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عربي ودولي

الإثنين 06 يناير 2025 11:06 صباحًا - بتوقيت القدس

هل انهيار نظام الأسد يعني نهاية تجارة المخدرات بسورية؟

رام الله - "القدس" دوت كوم - العربي الجديد

خلال السنوات الماضية، راكم نظام بشار الأسد المخلوع وحلفاؤه مليارات الدولارات من تجارة المخدِّرات، لا سيما حبوب الكبتاغون، ووصل بهم الحدّ إلى استخدام تجارة الممنوعات والمهلوسات ورقةً للضغط ى دول الخليج وغيرها من دول الجوار، مثل العراق وتركيا والأردن ولبنان، لانتزاع تنازلات مجزية تفسح المجال أمام عودة سورية إلى الحضن العربي، والمساهمة في إعادة إعمارها، والعفو عمّا سلف، فضلاً عن نيل الدعم السياسي لكسر شوكة الغرب وعقوباته الذي لطالما طالب بتغيير النظام.

فقد تمدَّدت إمبراطورية المخدِّرات التي أدارها بشار الأسد المخلوع وشقيقه ماهر الهارب، وأغرق بعض دول الخليج بشتَّى أنواع الموّاد المُخدِّرة، ومن أبرزها، الكبتاغون والكريستال، عبر نقاط عدّة منها الأردن ولبنان، والموانئ الحكومية في منطقتي اللاذقية وطرطوس في سورية، أو عن طريق التهريب في شاحنات تصدير المنتجات والسلع السورية إلى دول الخليج.

بعد سقوط نظام الأسد إثر هجوم خاطف من المعارضة المسلَّحة في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أصبحت مصانع الكبتاغون على مرأى الجميع. فقد عثرت السلطات السورية الجديدة على كميات هائلة من حبوب الكبتاغون في معاقل النظام القديم، وتحديداً في العديد من المستودعات التابعة لقواعد عسكرية، وكشفت عن وجود المعدّات المخصَّصة لتصنيعها في مطار المزة العسكري بدمشق.

كما أعلنت عن انتشار العديد من المعامل السرية التابعة لتجّار كبار من آل الأسد مثل هارون الأسد وبارون المخدِّرات إياد جعفر في درعا والسويداء جنوبي سورية، وكذا في مدينة دوما الواقعة في الغوطة الشرقية بريف العاصمة السورية دمشق لتصنيع أقراص الكبتاغون وإخفائها في الأثاث والأجهزة الكهربائية والملفّات النحاسية لمحوِّلات كهربائية منزلية جديدة وكذا الفواكه والخضراوات.

على مدى السنوات الماضية من الحرب، حوَّل بشار الأسد سورية إلى دولة مارقة، ومركز عالمي لإنتاج وتهريب المخدِّرات التي حقَّقت عائدات تجاوزت بكثير ما كل تجنيه البلاد من صادراتها القانونية. وبحسب تقرير نشرته مجلّة "لوبوان" الفرنسية بعنوان "بعد سقوط بشار الأسد، هل هو نهاية دولة المخدِّرات السورية؟" في 14 ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، يصل سعر بيع حبّة الكبتاغون سورية المنشأ إلى 25 دولاراً في السعودية.


في الواقع، يصعب تحديد رقم دقيق لحجم العوائد المالية التي حقَّقها نظام الأسد من تجارة الكبتاغون، إلاّ أنّه يمكن الحصول على صورة تقريبية بناءً على تحقيق نشرته المجلّة الألمانية "دير شبيغل" DER SPIEGEL في 21 يونيو/ حزيران 2022 تحت عنوان "نظام الأسد لن ينجو من خسارة عائدات الكبتاغون" The Assad Regime Would Not Survive Loss of Captagon Revenues، يكشف تجاوز قيمة تجارة المخدِّرات في سورية 5.7 مليارات دولار سنوياً.


ويشير هذا التحقيق إلى أنّ تورُّط النظام السوري عبر الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد شقيق بشار، والوحدات العسكرية، والمخابرات الجوِّية، والحرس الجمهوري، والعصابات المسلَّحة، وحزب الله اللبناني، وشركات الشحن المملوكة لآل الأسد، جعل المخدرات أهمّ ما يُصدّر من سورية، حيث تُوجّه بشكل كبير إلى الخليج، خصوصاً إلى دبي والسعودية.

تناول هذا التحقيق أيضاً قضية العثور على بضاعة المعدّات القادمة من سورية، في اتِّجاه السعودية، مروراً برومانيا، التي احتوت على 2.1 مليون حبّة كبتاغون بقيمة 43.5 مليون يورو. فيما قدَّر "معهد الشرق الأوسط" The Middle East Institute في تقرير نشره في 29 إبريل/ نيسان 2022 بعنوان "لا يمكننا أن نتجاهل ظهور سورية كدولة مخدِّرات" We cannot ignore Syria’s emergence as a narco-state إجمالي تجارة المخدِّرات في سورية بنحو 30 مليار دولار في عام 2021.

بينما أكَّدت الولايات المتحدة والمملكة المتّحدة في تقرير صحافي نشرته الحكومة البريطانية في 28 مارس/ آذار 2023 بعنوان "التصدِّي لتجارة المخدِّرات غير المشروعة التي تموِّل آلة حرب الأسد" Tackling the illicit drug trade fuelling Assad's war machine أنّ قيمة تجارة الكبتاغون في سورية تُقدَّر بـ57 مليار دولار، أي حوالى ثلاثة أضعاف تجارة كارتلات المخدِّرات المكسيكية مجتمعة.

عند مقارنة تلك الأرقام المهولة مع الناتج المحلي الإجمالي لسورية الذي بلغ 8.98 مليارات دولار في عام 2021، بحسب إحصائيات البنك الدولي، تتَّضح مدى أهمية الدور الكبير الذي اضطلعت به تجارة الكبتاغون شريانَ حياة لنظام الأسد وحلفائه وتمويل حربه ضد الثورة السورية على مدى سنوات.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوّة عند هذه الانعطافة من التحليل هو: ما مصير تجارة الكبتاغون بعد سقوط نظام الأسد؟ وتنحصر الإجابة عن هذا السؤال الجوهري في المثلَّث الذي ترسمه النقاط الثلاث المهمّة التالية: أوّلاً، قدرة أحمد الشرع، قائد الإدارة الانتقالية في سورية، والمُدرج على قوائم الإرهاب الأميركية والأممية، على منع جماعات أخرى من الحلول مكان الأسد وحلفائه في تجارة الكبتاغون التي تدرّ أموالاً طائلة تجذب القاصي والداني، فقد نجحت المعارضة المسلَّحة فعلاً في طرد رؤوس العصابة، لكن الكثير من المنخرطين والمتورِّطين في صناعة وتهريب الكبتاغون لا يزالون داخل الأراضي السورية.

ثانياً، لا تزال سورية ترزح تحت ضغط العقوبات الأميركية والأوروبية، لذلك يقع جزء معتبر من مسؤولية القضاء على تجارة المخدِّرات في سورية على عاتق المجتمع الدولي الذي يمكنه أن يشجِّع السوريين المحتاجين حالياً لموارد دخل على الانخراط في الاقتصاد الرسمي من خلال تقديم المساعدات الإنسانية ورفع العقوبات.

ثالثاً، بحسب تقرير أصدره معهد الأبحاث الأميركي "New Lines Institute"، في إبريل/ نيسان 2022، تحت عنوان "تهديد الكبتاغون: لمحة عن التجارة غير المشروعة والاستهلاك والواقع الإقليمي" The Captagon Threat: A Profile of Illicit Trade, Consumption, and Regional Realities، يتورَّط كلٌّ من حزب الله وإيران في انتعاش تجارة الكبتاغون في المناطق السورية الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية.


وفي الواقع، لا يمكن لأذرع إيران وحزب الله أن تندثر من سورية بين ليلة وضحاها. لذلك، وفي ظلّ استمرار العقوبات الغربية على النظام الإيراني، من المتوقَّع أن يستمرّ نشاط حزب الله في تجارة المخدِّرات باعتبارها المورد المالي الوحيد الذي يُمكِّن من دعم أنشطته العسكرية ومشاريعه السياسية في سورية ولبنان.

خلاصة القول، سقوط الأسد يعني بالنسبة لأميركا ودولة الاحتلال الإسرائيلي تعطيل تجارة الكبتاغون التي تزوِّد حزب الله بالموارد المالية اللازمة في ظلّ العقوبات الغربية، ولا يعني أبداً أنّهما ستسمحان بتقوية الاقتصاد السوري وتحقيق الرفاهية للسوريين، لأنّ سورية القويّة ستظلّ دائماً تهديداً وجودياً للكيان الصهيوني.



دلالات

شارك برأيك

هل انهيار نظام الأسد يعني نهاية تجارة المخدرات بسورية؟

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الإثنين 06 يناير 2025 10:17 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.14

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.75

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%60

%40

(مجموع المصوتين 361)