فلسطين
الأحد 05 يناير 2025 8:07 صباحًا - بتوقيت القدس
إعلان "حماس" تسليم القاهرة تشكيلة لجنة الإسناد.. كُتّاب ومحللون يُحذرون من غياب التوافق بين الفصائل
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. عمرو حسين: مصر لن تقبل أن يدير فصيل واحد بمفرده قطاع غزة دون توافق شامل بين القوى الفلسطينية
نزار نزال: عدم إصدار مرسوم رئاسي بالموافقة على تشكيل اللجنة يعني أن السلطة ترفع يدها عن أي التزام تجاهها
فراس ياغي: طبيعة مهام اللجنة تشبه عمل البلديات الموجودة بالضفة مع تركيز إضافي على الإغاثة وإعادة الإعمار
د. سعد نمر: أي غياب للتوافق الفلسطيني سيؤدي لفشل اللجنة وسيتيح لإسرائيل فرض سيناريوهات مرفوضة فلسطينياً
نبهان خريشة: ضغط محتمل من مصر والسعودية على السلطة الفلسطينية لتخفيف موقفها المتشدد تجاه تشكيل اللجنة
سري سمور: قد نكون أمام سيناريو إلغاء فكرة لجنة الإسناد بالكامل والتوصل إلى صيغة عمل بديلة يتم التوافق عليها
يتصاعد الحديث عن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي بعد الأنباء عن تسليم حركة حماس قائمة بأسماء المرشحين لعضويتها، في ظل عدم التوافق على تشكيلها مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ما يجعل رؤيتها النور دون التوافق اقرب إلى إطفاء التوافق الوطني وتعميق الانقسام، بالرغم من أهميتها لإدارة شؤون الناس بعد الحرب على غزة وسط التحديات الإنسانية.
ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ "ے"، أن المبادرة التي طرحتها مصر وتهدف إلى تخفيف الأزمة الإنسانية وإعادة إعمار القطاع، في ظل غياب التوافق بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حركتي فتح وحماس، يعرقل المضي قدماً في تشكيلها، رغم وصولها مراحل متقدمة، نظراً لخشية منظمة التحرير من أن تتحول اللجنة إلى بديل عن السلطة الوطنية في غزة، وهو ما يثير مخاوف سياسية عميقة.
ويؤكدون أهمية التوافق على اللجنة كخطوة أولى نحو إنهاء معاناة أهالي غزة أولا، وكمدخل لتشكيل حكومة وفاق وطنية، ولقطع الطريق تل أبيب حتى منع إبقاء الوضع في غزة تحت سيطرتها دون السماح بأي صيغة فلسطينية موحدة لإدارة القطاع.
وبالرغم مما قيل عن الاتجاه بالتقدم نحو تشكيلها دون التوافق الوطني عليها، تتواصل الجهود المصرية والإقليمية في محاولة إيجاد صيغة توافقية تضمن نجاح اللجنة كوسيلة لسد الفراغ الإداري والإنساني في القطاع، مع تجنب تكريس الانقسام بين الضفة الغربية وغزة.
الجهود المصرية متواصلة.. لكن لا بد من توافق فلسطيني
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المصري والمختص في العلاقات الدولية والاستراتيجية، د.عمرو حسين أن الجهود المصرية الرامية لتنسيق إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية متواصلة، لكن لا بد من تحقيق التوافق بين الفصائل الفلسطينية كافة على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي المؤقتة لتتولى إدارة شؤون القطاع خلال المرحلة الانتقالية.
ويوضح حسين أن مصر، ورغم ما يتم الحديث عنه بتسليم حركة حماس أسماء مرشحين لتولي مهام اللجنة، لن تقبل أن يدير فصيل فلسطيني واحد قطاع غزة بمفرده، بل تسعى لتحقيق توافق شامل بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية بشأن أسماء المرشحين لهذه اللجنة وطبيعة دورها.
ويؤكد حسين أن هذه اللجنة لن تتمتع بالشرعية الدولية ما لم يتم تصديق الرئيس الفلسطيني محمود عباس عليها، باعتبار أن السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس عباس، هي الممثل الشرعي الوحيد المعترف به دوليًا لإدارة الشأن الفلسطيني.
ويشير حسين إلى أن لجنة الإسناد المجتمعي ستتحمل مسؤوليات كبرى، تشمل إعادة إعمار قطاع غزة، وإدارة شؤونه اليومية، بما في ذلك المعابر بعد انسحاب إسرائيل منها، وستكون اللجنة بمثابة سلطة مؤقتة تمهد الطريق لإجراء انتخابات فلسطينية شاملة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، الأمر الذي يُعتبر حيويًا لتحقيق الوحدة الفلسطينية وإعادة ترتيب البيت الداخلي.
ويوضح حسين أن مصر اقترحت تشكيل اللجنة ضمن خطة تهدف إلى منع إسرائيل من التذرع بغياب إدارة فلسطينية موحدة في غزة كحجة لاستمرار الحرب أو عرقلة الانسحاب.
ويبيّن حسين أن المبادرة المصرية، المدعومة من الولايات المتحدة وقطر، تسعى للضغط على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار، وانسحاب جيشها من قطاع غزة، مع تولي اللجنة إدارة غزة ومعابرها تحت إشراف دولي.
ويلفت حسين إلى أن المفاوضات ما زالت مستمرة لتحديد آليات تنفيذ هذه المبادرة، خصوصاً في ظل الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس حول الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة.
ويرى حسين أن توحيد الصف الفلسطيني يمثل أولوية بالنسبة لمصر لضمان نجاح خطتها، مؤكداً أن القاهرة لن تدخر جهدًا لتحقيق هذا الهدف، نظرًا لما له من أهمية في دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على وحدة الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي.
ويشدد حسين على أن دور لجنة الإسناد لن يقتصر على إدارة غزة فقط، بل يمتد إلى إعادة الحياة للقطاع وضمان عودة المواطنين إلى منازلهم بأسرع وقت ممكن بعد انتهاء الحرب.
لجنة الإسناد المجتمعي في غزة تواجه عراقيل كبيرة
يرى الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال أن لجنة الإسناد المجتمعي في غزة تواجه عراقيل كبيرة تعود إلى غياب التوافق الفلسطيني وعدم وضوح المرجعية السياسية والإدارية لهذه اللجنة. ويعتبر نزال أن عدم إصدار مرسوم رئاسي بالموافقة على تشكيل اللجنة من قبل الرئيس محمود عباس يعني فعلياً أن السلطة الفلسطينية ترفع يدها عن أي التزام تجاهها.
ويشير نزال إلى أن قضية لجنة الإسناد المجتمعي لا تتعلق فقط بالجوانب القانونية، بل تنطوي على أبعاد سياسية عميقة من وجهة نظر السلطة الفلسطينية وحركة فتح والرئيس محمود عباس.
ووفق نزال، فإن الرئيس محمود عباس يتمسك برؤية استراتيجية ترى أن منظمة التحرير الفلسطينية يجب أن تكون الجهة المسؤولة عن إدارة الأمور في غزة بعد انتهاء الحرب، وأن اللجنة تعزز الانقسام الفلسطيني.
ويعتقد نزال أن تشكيل اللجنة بدون توافق وطني قد تلبي رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن منذ بداية الحرب أنه لا يريد "فتح ستان" أو "حماس ستان" في غزة.
ووفقاً لنزال، فإن تشكيل اللجنة وفق المقترح المصري دون توافق وطني قد يعني تماشيها مع رؤية نتنياهو لفصل غزة عن الجغرافيا الفلسطينية.
ويشير نزال إلى أن الأصل هو وجود توافق بين الفصائل الفلسطينية، بما يشمل حركتي فتح وحماس وغيرهما من القوى الفاعلة.
ويرى نزال أن رفض الرئيس عباس للموافقة على اللجنة يعكس نظرته الاستراتيجية لتجنب أي خطوات قد تسهم في "سلخ" غزة عن الجسم الفلسطيني الموحد.
ويعتقد نزال أنه حتى في حال رفض السلطة الفلسطينية تشكيل اللجنة، فإن مصر قد تتولى مسؤولية ترتيب الوضع في غزة بالتعاون مع الأطراف الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث إن هناك إشارات إلى إمكانية إشراك كل القوى الفلسطينية في غزة.
ويؤكد نزال أن اللجنة، كما ورد في النقاشات، ستقتصر مهامها على الجوانب الإنسانية مثل الإغاثة وإعادة الإعمار وتقديم المساعدات.
ويشير إلى أن مرجعية اللجنة قد تكون الحكومة الفلسطينية في حال وافقت حركتا فتح وحماس عليها، أما إذا استمر رفض السلطة وحركة فتح، فمن المرجح أن تكون اللجنة مستقلة تحت إشراف مصري.
ويرى نزال أن إسرائيل ستوافق على تشكيل اللجنة لأنها تتماشى مع احتياجاتها في إدارة غزة دون تحمل المسؤولية الكاملة عن السكان البالغ عددهم نحو 2٫4 مليون نسمة.
ويشير نزال إلى أن اللجنة تتألف من 15 شخصية تكنوقراط غير مسيسة، وهو ما قد يجعلها مقبولة لدى إسرائيل كونها تركز على القضايا الإنسانية دون أبعاد سياسية.
ولا يعتقد نزال أن تعارض إسرائيل عمل اللجنة، خاصة في ظل سيطرتها العسكرية على أكثر من 50% من مساحة قطاع غزة حال تثبيت ذلك كأمر واقع.
ويشير نزال إلى أن إسرائيل لن تتحمل مسؤولية إدارة تفاصيل الحياة اليومية في غزة، مثل تسجيل المواليد أو الزواج أو المعاملات المدنية، ما يجعلها أكثر ميلاً لدعم اللجنة لضمان استمرارية الحياة المدنية في القطاع، وسوف تسهل اسرائيل نجاح تلك اللجنة بالتعاون مع الولايات المتحدة ومصر.
ويتطرق نزال إلى أن اللجنة، وفقاً لرؤية حركة حماس، ستكون مرتبطة بحكومة وحدة وطنية تشكلت بناءً على اتفاقيات سابقة، مثل اجتماع الفصائل في بكين.
ويشير نزال إلى أن هذه الحكومة ليست الحكومة الحالية برئاسة د. محمد مصطفى، بل حكومة جديدة يتم التوافق عليها وطنياً.
هل تصبح لجنة الإسناد حكومة الأمر الواقع؟
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن لجنة الإسناد المجتمعي المقترحة من قبل جمهورية مصر العربية كآلية لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لوقف الحرب لا تزال تواجه تحديات عدة، أبرزها عدم موافقة منظمة التحرير على تشكيلها، وهذا يعني أنه لن يكون هناك مرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس يؤدي لمنحها الشرعية القانونية اللازمة للعمل، باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ولكن في حال تشكيلها بدون مرسوم رئاسي فستصبح حكومة الأمر الواقع كما كانت سابقاً أيضاً لجنة الإدارة المشكلة من حركة حماس ما بعد عام 2007.
ويشير إلى أن لجنة الإسناد المجتمعي طرحت لتكون هيئة إدارية تعمل في قطاع غزة تحت مرجعية السلطة الوطنية الفلسطينية، وستتركز مهامها على الشؤون الخدمية والإنسانية، بما يشمل تقديم المساعدات الإغاثية، والإشراف على إعادة الإعمار بالتعاون مع لجنة من الدول مانحة، وإدارة قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة بالتنسيق مع السلطة.
ويوضح ياغي أن طبيعة مهام اللجنة تشبه إلى حد كبير عمل البلديات الموجودة في الضفة الغربية، مع تركيز إضافي على الإغاثة وإعادة الإعمار.
ويرى ياغي أن الهدف الأساسي من تشكيل اللجنة هو سحب الذرائع الإسرائيلية التي ترفض السماح لحركة حماس بإدارة شؤون قطاع غزة، وذلك من خلال تقديم لجنة مستقلة تتكون من خبراء ومستقلين بعيدًا عن الفصائلية.
ويؤكد ياغي أن هذه اللجنة لن تبدأ عملها إلا بعد وقف الحرب وعودة الهدوء إلى غزة، وهو ما يرتبط بمفاوضات جارية على المستويين الإقليمي والدولي.
وعن الوضع القانوني للجنة، يوضح ياغي أن شرعيتها تتطلب إصدار مرسوم رئاسي من قبل الرئيس محمود عباس، إضافة إلى موافقة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ويؤكد ياغي أن اللجنة تعاني غياب التوافق الوطني ورفض اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لهذه الخطوة، بسبب مخاوف من أن تتحول اللجنة إلى بديل للسلطة الوطنية داخل القطاع، وهو ما يعرقل إصدار هذا المرسوم الرئاسي بشأن تشكيلها.
ويشير ياغي إلى أن عدم وجود توافق وطني يجعل اللجنة تبدو وكأنها "حكومة أمر واقع"، وهو سيناريو يعيد للأذهان تجربة حكومة حماس بعد الانقلاب او الحسم العسكري بغزة في عام 2007.
ويؤكد ياغي أن اللجنة بحاجة إلى دعم منظمة التحرير، رغم أن البديل الأقوى والافضل هو تشكيل حكومة تكنوقراط عبر توافق وطني تتولى المسؤولية عن الضفة الغربية وقطاع غزة كبديل شامل عن أي لجان مؤقتة.
ويلفت ياغي إلى أن مصر تقود هذا الطرح لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي بدعم من دول عربية أخرى، بهدف التحضير لما بعد الحرب على قطاع غزة وعدم ترك الساحة الغزاوية للفوضى، وتعمل على ان تحقق ذلك عبر توافق وطني فلسطيني يسمح بتشكيل اللجنة كخطوة انتقالية.
ويؤكد ياغي أن مصر تسعى إلى تجنب استمرار الانقسام الفلسطيني وتوفير إدارة توافقية لشؤون غزة، مشدداً على أهمية دور مصر المركزي في هذا المجال خاصة في قطاع غزة الذي يؤثر على أمنها القومي.
ويشير ياغي إلى أن اللجنة تهدف أيضًا إلى التمهيد لمرحلة ما بعد إنهاء الحرب وإعادة إعمار القطاع بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
ويؤكد ياغي أن هذا المقترح يمثل حلاً مؤقتًا لكنه ضروري لسد الفراغ الإداري والإنساني في القطاع، خصوصًا في ظل استمرار الحرب والتعقيدات السياسية.
ويشدد على أن نجاح هذا المقترح مهم لانه يضمن عمل اللجنة دون معوقات سياسية أو قانونية، مما يسهم في إنهاء معاناة غزة والشعب الفلسطيني في المرحلة المقبلة، لذلك لا بد من ان يكون هناك نوع من التوافق الوطني بالحد الأدنى.
تشكيل اللجنة لن يحقق أي نجاح إذا لم يكن قائماً على توافق وطني
يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، د.سعد نمر أن تشكيل لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة بعد الحرب لن يحقق أي نجاح إذا لم يكن قائماً على توافق وطني بين مختلف الفصائل الفلسطينية.
ويشدد نمر على أن القضية تتجاوز مجرد تعيين أسماء أو تحديد مهام إدارية، مشيراً إلى أن غياب التوافق سيجعل عمل اللجنة مستحيلاً في ظل التعقيدات الحالية.
ويشير نمر إلى أن اللجنة المفترض تشكيلها يجب أن تكون إدارية بحتة، وتعمل كهيئة تكنوقراط متخصصة لإدارة شؤون القطاع، وتشمل مهامها الأساسية الإشراف على إدخال المواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية، ووضع برامج لإعادة إعمار غزة، وإعادة النازحين إلى أماكن سكنهم، والتعامل مع قضايا القضايا المدنية المختلفة كالتعليم والصحة والبنية التحتية والحفاظ على الأمن الداخلي، وكل ذلك بمساعدة المجتمع الدولي، بما يضمن استقرار القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.
ويؤكد نمر أن نجاح اللجنة مرهون بتوفر توافق وطني يدعمها، مؤكداً أن أي محاولة من السلطة الفلسطينية أو أي فصيل منفرد لإدارة قطاع غزة دون توافق شامل ستكون غير واقعية.
ويشدد نمر على أن السلطة الفلسطينية لا يمكنها إدارة شؤون غزة وحدها دون موافقة الأطراف كافة، وخصوصاً حركة حماس.
ويشير نمر إلى أن تقارير إسرائيلية حديثة تؤكد أن حماس لا تزال قوة فاعلة ومؤثرة في القطاع، حيث تضم حوالي 20 ألف مقاتل، بالإضافة إلى كوادرها العاملة في مختلف المجالات المدنية.
ويرى نمر أن تجاهل هذه الحقائق أو محاولة تهميش حماس في إدارة غزة سيكون ضرباً من الخيال ولن يحقق أي استقرار.
وعن مرجعية اللجنة وآليات عملها، يؤكد نمر أن تشكيل قيادة وطنية موحدة تضم جميع الفصائل الفلسطينية هو شرط أساسي لنجاح اللجنة.
ويشدد نمر على ضرورة أن تكون هذه القيادة هي المرجعية الوحيدة للجنة، مع ضمان عدم تفرد أي حزب أو تنظيم بقراراتها.
ويؤكد نمر أن أي غياب للتوافق الفلسطيني سيؤدي إلى فشل اللجنة، مما سيتيح لإسرائيل فرض سيناريوهات مرفوضة فلسطينياً، مثل استمرار الحرب أو الإشراف العسكري الإسرائيلي المباشر على غزة.
وفيما يتعلق بالموقف الإسرائيلي، يشير نمر إلى أن إسرائيل لا ترغب في وجود حماس أو السلطة الفلسطينية كجهات منفردة تدير غزة.
ويرى نمر أن تشكيل لجنة مدنية ذات طابع إداري لإعادة الإعمار قد يكون مقبولاً للنقاش دولياً إذا تحقق التوافق الوطني الفلسطيني عليها، لكن إسرائيل تسعى لتجنب الاعتراف بحكم فلسطيني موحد في غزة، مما يعقد الأمور ويطيل أمد الأزمة.
ويوضح نمر أن المقترحات الإسرائيلية، مثل تشكيل قوات عربية أو دولية للإشراف على غزة، أو فرض حكم عسكري مباشر، مرفوضة فلسطينياً ودولياً.
ويرى نمر أن الحل الوحيد يتمثل في تشكيل لجنة توافقية قادرة على إدارة شؤون قطاع بموافقة فلسطينية ودعم عربي ودولي، مما يفرض على إسرائيل القبول بهذا الإطار إذا كانت جادة في إنهاء الحرب.
ويشير نمر إلى إعلان حماس الواضح بأنها لا تسعى لحكم غزة مجدداً، بل تدعم التوافق الوطني لإدارة القطاع، حيث إن هذا الموقف يفتح الباب أمام صياغة استراتيجية فلسطينية واضحة لمرحلة ما بعد الحرب.
ويؤكد نمر أن مثل هذه الاستراتيجية ستكون ضرورية ليس فقط لإعادة إعمار غزة، ولكن أيضاً لضمان استقرار القطاع ومنع تكرار الأزمات.
إدارة غزة مسؤولية السلطة الفلسطينية وحدها
يرى الكاتب الصحفي نبهان خريشة أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي في قطاع غزة، وفقاً للمقترح المصري، يواجه تحديات سياسية كبيرة قد تحول دون ترجمتها إلى واقع عملي، ولن ترى النور بسبب تلك التحديات.
ومن أبرز هذه التحديات وفق خريشة، رفض حركة فتح والسلطة الفلسطينية إشراك حركة حماس في إدارة شؤون قطاع غزة، معتبرة أن هذا الإشراك يشكل تكريساً للانقسام الفلسطيني المستمر منذ أكثر من 17 عاماً.
هذا الموقف، بحسب خريشة، كان السبب الرئيسي وراء فشل العديد من المؤتمرات والمبادرات التي حاولت إنهاء الانقسام على مدار السنوات الماضية، فيما تصر حركة فتح على أن إدارة غزة هي مسؤولية السلطة الفلسطينية وحدها، ما يعكس تعقيدات الموقف السياسي الداخلي.
من زاوية أخرى، يشير خريشة إلى أن الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة تحمل هدفاً رئيسياً يتمثل في إنهاء قوة حركة حماس العسكرية وسلطتها المدنية، وفي الوقت ذاته، تعارض إسرائيل بشدة عودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع، متمسكة بسياسة انتهجتها منذ انقسام الضفة وغزة عام 2007.
ويعتقد خريشة أن هذا الرفض الإسرائيلي يُعقد الأوضاع، خاصة أن إسرائيل لم تقدم أي بدائل واضحة لإدارة شؤون قطاع غزة بعد الحرب، ورغم ذلك، فإن الضغوط الدولية المتعلقة بالمساعدات الإنسانية للفلسطينيين وإدارة الشؤون المدنية في غزة تشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل، خاصة مع حظرها عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وفشلها في إيجاد جسم بديل لتقديم الخدمات.
ويرى خريشة أن مستقبل لجنة الإسناد المجتمعي يعتمد على تطورات الأوضاع السياسية والإقليمية، حيث إن السيناريو الأول يتمثل في استمرار السلطة الفلسطينية في موقفها الرافض لتشكيل اللجنة بسبب رفضها لأي صيغة تمنح حماس دوراً في إدارة غزة، وهذا السيناريو قد يؤدي إلى تعقيد أكبر في جهود إعادة الإعمار وإدارة شؤون القطاع، خاصة مع استمرار الحرب وتأثيراتها الكارثية.
ويشير خريشة إلى أن السيناريو الثاني يتعلق بضغط محتمل من مصر والسعودية على السلطة الفلسطينية لتخفيف موقفها المتشدد تجاه تشكيل اللجنة.
ويُعزز هذا السيناريو بحسب خريشة، مرونة حركة حماس، التي أعلنت في بيان صدر يوم الجمعة الماضي، استعدادها لتنفيذ أي اتفاقيات وطنية، وانفتاحها على صيغ تلم شمل الشعب الفلسطيني وتعيد الاعتبار لنظامه السياسي.
ويشير خريشة إلى أن مصر، التي تشعر بخطر تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة واحتمال تدفق الفلسطينيين إلى سيناء، قد تكون من أبرز الأطراف الداعمة لهذا السيناريو حفاظاً على أمنها الاستراتيجي.
أما السيناريو الثالث بحسب خريشة، فيتضمن دوراً أمريكياً يتمثل في ضغط إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على إسرائيل للقبول بمشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة شؤون غزة أو حتى السماح بحلول مشتركة تضم حماس.
ويشير خريشة إلى أن ترمب قد يسعى لإنهاء الحرب الحالية لتخفيف التوترات في المنطقة، خاصة وأن إدارته تركز على قضايا إقليمية ودولية أخرى ذات أولوية.
ويتحدث خريشة عن رؤية مصر لمهام لجنة الإسناد المجتمعي، حيث أنه وفقاً للمقترح، تهدف اللجنة إلى إدارة مختلف جوانب الحياة في غزة بعد انتهاء الحرب، بما يشمل تقديم الخدمات الإنسانية والإشراف على أعمال الإغاثة وإعادة الإعمار.
ويلفت خريشة إلى أن اللجنة، التي تمت الموافقة على تشكيلها مبدئياً خلال مفاوضات القاهرة الشهر الماضي، ستتشكل بموجب مرسوم رئاسي يصدره الرئيس محمود عباس، على أن تُشرف الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد مصطفى على أعمالها.
وبحسب خريشة، تضم اللجنة خبراء مهنيين في مجالات متعددة، مثل الصحة والإسكان والأشغال العامة، ويتم اختيار الأعضاء بناءً على كفاءاتهم وخبراتهم، مع تقديم فصائل منظمة التحرير مجموعة من المرشحين لشغل 10 مناصب في اللجنة، مع إمكانية زيادة العدد حسب الحاجة.
ومن بين مهام اللجنة وفقا لخريشة، الإشراف على إدارة المعابر الحدودية والتنسيق مع المجتمع الدولي لضمان تدفق المساعدات الإنسانية.
ويتطرق خريشة إلى الموقف الإسرائيلي المعلن بشأن غزة بعد الحرب، والذي لخصه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشعار "لا لحماس ولا لفتح دور في غزة بعد الحرب"، فهذا الموقف يعكس إصرار إسرائيل على منع أي من الطرفين من تولي إدارة القطاع، ومع ذلك، تواجه إسرائيل صعوبات كبيرة في توفير بدائل لإدارة شؤون غزة، ما يجعلها عرضة لضغوط دولية متزايدة.
ثلاثة سيناريوهات رئيسة لمصير اللجنة
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن مستقبل لجنة الإسناد المجتمعي التي تسعى حركة حماس لتشكيلها في غزة يواجه تحديات وطنية وسياسية، مع غياب التوافق الوطني وعدم وجود مرسوم رئاسي يدعمها.
ويشير سمور إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسة لمصير اللجنة وتأثيرها المحتمل على المشهد الفلسطيني، السيناريو الأول يتمثل في قبول حركة فتح المشاركة في اللجنة وإصدار مرسوم رئاسي يعترف بها، وهو الخيار الذي كان مقترحاً في البداية.
ويوضح سمور أن السيناريو الثاني يشير إلى احتمال تشكيل اللجنة بتوافق بين جميع الفصائل الفلسطينية باستثناء حركة فتح، ما يجعلها أمراً واقعاً يحتاج إلى دعم إقليمي، خاصة من مصر، التي قد تلعب دوراً حاسماً في هذا الإطار إذا رفضت فتح الانضمام.
ويتطرق سمور إلى السيناريو الثالث وهو قد نكون أمامه يتعلق بإلغاء فكرة اللجنة بالكامل والتوصل إلى صيغة عمل بديلة يتم التوافق عليها بين مختلف الأطراف، أو حتى تغيير اسم اللجنة لتهدئة التحفظات وإرضاء الجميع.
ويوضح سمور أن لجنة الإسناد المجتمعي تهدف أساساً إلى تقديم خدمات للمواطنين ورعاية شؤونهم، خاصة في ظل توقف الحرب، لكن استمرارية اللجنة وشكل عملها ووظائفها وحتى مرجعيتها تظل محل تساؤل، مع وجود احتمالات لتغيير دورها أو إلغائها بالكامل، بناءً على التطورات السياسية والميدانية.
ويتناول سمور الموقف الإسرائيلي من قطاع غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل تواجه تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها، فقد فشلت محاولاتها المتكررة لتطبيق نماذج حكم بديلة مثل "روابط القرى" أو "جيش لحد" داخل غزة، كما أنها سعت لاستغلال الشخصيات العشائرية والاجتماعية لتحقيق نفوذ، لكنها لم تحقق أي نتائج ملموسة.
ويعتقد سمور أن إسرائيل تعيش حالة تخبط استراتيجي، وتلجأ إلى سياسة الإبادة الجماعية كوسيلة للضغط، وفي الوقت ذاته، تدرك أن أي جسم سياسي أو اجتماعي لا يمكنه إدارة قطاع غزة دون موافقة حركة حماس، باعتبارها القوة الأكثر تأثيراً وفعالية في القطاع.
ويشير سمور إلى أن إسرائيل تسعى لإعادة احتلال غزة عسكرياً، لكنها تدرك أن هذا الخيار سيؤدي إلى استنزاف طويل الأمد، حيث ستتصاعد المقاومة الشعبية والمسلحة ضد الاحتلال.
ويوضح سمور أن استمرار الاحتلال العسكري لن يكون مقبولاً من سكان القطاع، مما سيؤدي إلى عمليات مقاومة دائمة تجبر إسرائيل على الانسحاب مجدداً، كما حدث في انسحابها السابق عام 2005، لذا فإن إسرائيل تعيش في معضلة كبيرة تجاه قطاع غزة.
دلالات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
رجب : الجزيرة تمعن بمعاداة الشعب الفلسطيني وتنشر وتزور اخبار كاذبة
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية بحادث عرضي في مخيم جنين
تهديدات كاتس إنذار رعب بتوسيع نطاق "خطة الجنرالات"
سوريا.. الأمن يواصل البحث عن فلول النظام المخلوع بأحياء حمص
الأكثر قراءة
حماس توافق على قائمة من 34 محتجزا قدمتها إسرائيل ونتنياهو ينفي... بحث "اتفاق شامل مرحليّ"
الشرطة تباشر إجراءات البحث والتحري في ملابسات وفاة فتاة بنابلس
إعلان "حماس" تسليم القاهرة تشكيلة لجنة الإسناد.. كُتّاب ومحللون يُحذرون من غياب التوافق بين الفصائل
القبض على "عزرائيل" سجن صيدنايا في سوريا
رجب : الجزيرة تمعن بمعاداة الشعب الفلسطيني وتنشر وتزور اخبار كاذبة
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
أسعار العملات
الإثنين 06 يناير 2025 10:17 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.64
شراء 3.63
دينار / شيكل
بيع 5.14
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.75
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%60
%40
(مجموع المصوتين 358)
شارك برأيك
إعلان "حماس" تسليم القاهرة تشكيلة لجنة الإسناد.. كُتّاب ومحللون يُحذرون من غياب التوافق بين الفصائل