أقلام وأراء
الأحد 08 سبتمبر 2024 9:44 صباحًا - بتوقيت القدس
"طفح الكيل "
عندما يصرح مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية وليام بيرنز ان على القادة من طرفي الصراع ان يعترفوا بان الكيل قد طفح ، خلال إشارته إلى تقديم مقترح جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال الايام المقبلة ، فانه يجب توجيه رسائل مهمة ليسمعها العالم اجمع وفي مقدمته الولايات المتحدة ، الشريكة الاستراتيجية الداعمة لإسرائيل وعدوانها المتواصل على شعبنا الفلسطيني ، والذي يتفوق في مجازره البشعة بحق الإنسانية والبشرية على ما جرى في اقوى الحروب العالمية ..
ونحن نتحدث عن معنى طفح الكيل فان ذلك يؤشر إلى الامتلاء حتى الفيضان مثل النهر من كل الجوانب ، والكيل هو الوعاء الذي امتلأ وفاض ولم يعد هناك صبر او مقدرة على الاحتمال ، أي نفاذ الصبر ، فالأمر زاد عن حده وبلغ منتهاه وأوجه وقمته وذروته ..
ان الوعاء الذي تستخدمه الولايات المتحدة والدول العالمية المتنفذة وفي مقدمتها الأوروبية الخاضعة لارادة ورغبات إسرائيل، هو وعاء الكيل بمكيالين وبمعايير ازدواجية ،تحاول ان تشبه الضحية الفلسطينية البريئة بالقاتل الاسرائيلي المجرم ، ومن هنا عندما يستخدم بيرنز مصطلح طرفي الصراع ، فانه يتعمد استخدام هذا المصطلح وهذا المفهوم في محاولة للمساواة بين الفلسطينيين المضطهدين والمظلومين والمنكوبين والمكلومين والمشردين ، وبين الإسرائيليين الارهابيين والمجرمين والمتطرفين الذين يواصلون قتل الفلسطينيين وابادتهم وارتكاب المجازر الدموية بحقهم ، فهل يعقل ان يطلق اسم طرفي الصراع على شعب تم تدمير كل مقوماته وحياته وتم استهداف ارضه واحتلالها فيما يوصف بأطول احتلال في تاريخ البشرية ، وبين المحتل والمعتدي الذي يصادر حتى ادنى حقوق شعبنا الفلسطيني المضطهد ؟
هل يعقل ان ننسى سياق الاحتلال الطويل والتعسفي، الذي يترجم هذا العدوان الوحشي ، وهل يعقل ان تتساوى الضحية الفلسطينية التي فقدت بيوتها ومدارسها ومستشفياتها ومساجدها وكنائسها وكل منشآتها خلال حملة القتل الوحشية التي استهدفت اكثر من ٤١ الف شهيد والاف الجرحى والمعتقلين واكثر من مليوني نازح ولاجئ ، مع حفنة من المحتجزين الإسرائيليين الذين تجاهد الولايات المتحدة للإفراج عنهم والتنكر بالمقابل لعذابات الفلسطينيين وخصوصا الاسرى الذين يتعرضون لابشع انواع التنكيل ..
لا يمكن على الإطلاق المساواة بين مقاومة لشعب اعزل يبحث عن حريته وبين محتل غاصب ، بسط احتلاله منذ العام ١٩٤٨ ولغاية الان ، ولا يمكن نهائيا المساواة بين ما اسماه بيرنز بقادة طرفي الصراع ، لان ما يجري ليس صراعا بين طرفين ، وانما حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى من قبل المستعمرين اليهود على ارضنا وشعبنا ، وحتى ان قرار محكمة العدل الدولية الذي حاول المساواة بين الضحية والجلاد ، من خلال السعي لفرض عقوبات على قادة الاحتلال نظرا للمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين ، وقادة المقاومة، ففيه ايضا محاولة للكيل بمعيارين متساويين ، رغم انه جاء لينهي عصر الحصانة الدولية لإسرائيل امام القانون الدولي.
ان مصطلح طفح الكيل ، هو مصطلح يجوز فقط للفلسطينيين استخدامه وإطلاقه عبر كل المنصات المتلفزة والمذاعة والإلكترونية ، ومن حقهم ذلك نظرا للظلم التاريخي الذي يتعرضون له جراء اجراءات وانتهاكات واعتداءات الجلاد الإسرائيلي القاتل الذي لا يهمه ، لا صفقة تبادل ولا وقف إطلاق نار ، بعد ان قام برصف طريق رئيسي واسع في محور فيلادلفيا ، ليرد على الوسطاء برسالة مفادها ان إسرائيل لن تغادر المحور نهائيا .
بالفعل لقد طفح الكيل وآن أوان ان ينتهي هذا العدوان وليس الصراع ، وان ينظر العالم بنظرة عادلة لمعاناة شعبنا وتضحياته في مواجهة حرب الابادة الاسرائيلية التي يشنها نتانياهو ووزرائه المتطرفين وقادة جيشه على الارض والحياة الفلسطينية ، وليس طفح الكيل بمنظور الولايات المتحدة التي يهمها فقط صفقة لاخلاء سبيل مجموعة من المحتجزين ، على حساب احتلال ممنهج ومبرمج وشامل يجثم على صدر شعبنا الفلسطيني منذ اكثر من ٧٦ عاما ويجب ان تجد القضية الفلسطينية حلا عادلا يفضي إلى اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وضمان تحصيل كافة الحقوق المشروعة لشعبنا الذي يعتبر ضحية لجلاد اسرائيلي قاتل ولا يرحم .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
عبدالله جناحي
جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي
أسماء ناصر أبو عيّاش
هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!
تيسير خالد
منطق استعماري قديم
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
مقتل 5 عسكريين إسرائيليين بمعركة شمال غزة
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
كتيبة جنين والمقاومة في مخيم جنين توافق على مبادرة الوفاق الوطني
الأكثر قراءة
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 413)
شارك برأيك
"طفح الكيل "