البروفيسور جون ضبيط: الكونغرس له دور في غاية الأهمية في صياغة القوانين والقرارات لحماية إسرائيل
د. محمد بو طالب: ليس من المنطق أن نتحدث عن فشل ما دام بلينكن لم يعمل لإيقاف الحرب على غزة
هاني الجمل: نتنياهو فشل في هذه الجولة أمام الدبلوماسية المصرية الخشنة فيما يخص محور فيلادلفيا
عباس الوردي: حان الوقت من أجل ردع إسرائيل وعلى جميع الأطراف الدولية أن تفرض سياسة الأمر الواقع

اختتم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جولته التاسعة من دون أن تصل المفاوضات التي يلعب فيها دور "الوسيط" مع كل من مصر وقطر، إلى الغاية التي ينشدها الفلسطينيون وكثيرون في العالم، وهي وقف حرب الإبادة التي تواصلها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ قرابة أحد عشر شهراً.

وقال بلينكن للصحافيين في العاصمة القطرية الدوحة قبل مغادرته إلى واشنطن، إن الاتفاق "يجب إنجازه، في الأيام المقبلة، وسنبذل كل ما في وسعنا لإنجازه". وسبق له أن قال عقب لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الإثنين، إن إسرائيل قبلت المقترح، وحث "حماس" على قبوله أيضاً.

ويرى سياسيون ومحللون أن السياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل ليست بالأمر الجديد، وتشمل البيت الأبيض، والخارجية، والأهم الكونغرس الذي يتولى إصدار التشريعات والقوانين لصالح إسرائيل.

وقالوا إنه لا يمكن اعتبار جولة بلينكن الأخيرة بالفاشلة، لأنه بالأصل جاء منحازاً لإسرائيل، وكل ما فعله ويفعله هو لمساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي، على تحقيق أهدافه، ولم يأت بهدف وقف حرب الإبادة ووضع حد لمعاناة أبناء قطاع غزة والفلسطينيين بشكل عام، وذكّروا بتصريحاته التي صدرت عنه في جولته الأولى عقب 7 أكتوبر، حين قال إنه جاء لإسرائيل متضامناً بصفته يهودياً وليس وزير خارجية الولايات المتحدة.

الانحياز الأمريكي لإسرائيل ليس بالأمر الجديد

وقال البروفيسور جون ضبيط، عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي في ولاية أيوا الأمريكية، ومرشح الحزب لمجلس الشيوخ في الولاية، لـ "ے": إن السياسة الأمريكية الخارجية تجاه الاحتلال الإسرائيلي منحازة منذ سنين، ولا ينحصر الأمر فقط في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية، وإنما أيضاً في الكونغرس الذي له دور كبير وفي غاية الأهمية في صياغة القوانين والقرارات لحماية إسرائيل، مؤكداً أن هذه السياسة غير أخلاقية بامتياز، فهي تتعامل مع العالم بطريقة، والشعب الفلسطيني والاحتلال بطريقة مختلفة.

وأضاف: "إن وظيفة الكونغرس حماية الاحتلال، ولهذا يستخدمون الفيتو في الأمم المتحدة، معتبراً "أن ما نشاهده منذ فترة هو حرب إجرامية وإبادة بحق الشعب الفلسطيني، ومن وقت لآخر نسمع كلمات تجميلية، لكن في الواقع لم نر فعليّاً خطوات ملموسة لإيقاف المجازر".

وأكد ضبيط أن الموقف الأمريكي بالمجمل سيئ في قضية غزة، مضيفاً:" إننا كقادة لمؤسسات فاعلة نعمل في الساحة الأمريكية، ونشارك في اجتماعات لوزارة الخارجية مع بلينكن أو في البيت الابيض سابقاً، أو مع أعضاء كونغرس، ونحاول ممارسة الضغوط عليهم من أجل تغيير الواقع. في بعض الأحيان نسجّل انتصاراً مرحلياً، وفي غالبية الأحيان العمل شاقٌ ومتعبٌ وصعبٌ جداً في الولايات المتحدة.

مستمرون في الدفاع عن حقنا وإيصال صوتنا لصُنّاع القرار

وتابع: لقد عرف عن الشعب الفلسطيني الإرادة القوية والصلبة، لذا لا يمكن إيقاف هذا العمل لاأن لهذا الشعب الأحقية في التحرر وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وسوف نستمر في الدفاع عن حقنا الفلسطيني، وإيصال صوتنا وروايتنا لصنّاع القرار والساسة في الولايات المتحدة.

وقال ضبيط: "دائماً أدعو إلى أخد مواقعنا داخل الأحزاب السياسية من أجل التغيير. هذا التغيير لا يمكن أن يحدث من الخارج، ويجب أن نكون أشخاصاً فاعلين، ولنا مراكز رسمية ومنتخبون بهدف التغيير".

ورأى ضبيط أن من يتحمل هذا الفشل أو الترهل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بالتاكيد هي الرئاسة والخارجية الأمريكية مع الكونغرس ويتحملون هذا السقوط الاخلاقي الذي نرى ونتابع نتائجه في وسائل الإعلام بشكل يومي.

الحقيقة واضحة منذ زيارة بلينكن الأولى

من جانبه، قال الكاتب والمحلل في علم الاجتماع السياسي الدكتور محمد نجيب بو طالب من تونس لـ"ے": "لا نعتقد أنه من المنطقي أن نتحدث عن فشل ما دام الطرف الأمريكي الذي يمثله بلينكن لم يعمل أصلاً من أجل إيقاف الحرب على غزة، والفشل يقال عادة للذي يحاول إنجاز شيء بضمير صادق ولا ينجح في ذلك".

وأضاف: "الحقيقة واضحة وضوح الشمس منذ زار وزير الخارجية الأمريكي إسرائيل بعد طوفان الأقصى قائلاً:"لم آتيكم كوزير خارجية بل جئتكم كيهودي"، هذا الكلام لو قيل في بلد يحترم نفسه ويحترم الآخرين لتمت محاسبة صاحبه عليه، لأنه يفضح كل شيء، ويكشف موقفاً متحيزاً ومنحازاً بل ومتعالياً ومتعصباً. هكذا هي مخرجات السياسة الأمريكية، وقاحة لا مثيل لها، ولا يمكن تفسيرها إلا بجنون العظمة والاستعلاء بالقوة إلى حد عدم الخجل من نفي الآخر".

محاولة تبييض صورة نتنياهو..

وبشأن محاولة تبييض صورة نتنياهو، قال بو طالب: "هذا لم يعد اليوم ممكناً بعد كل مجازره، لأنها صورة مشوهة في العالم وفي إسرائيل ذاتها، مشيراً إلى الشروط التعجيزية التي وضعها في الجولة الأخيرة من المفاوضات والتي جعلت أحد أطراف الوساطة وهو المصري يتململ متأخراً بعض الشيء حول موضوع المعابر والحدود مع مصر".

وأضاف: "هذه الشروط التي يؤيدها الأمريكيون بلا مواربة لعلها ستجعل من تبقى ممن ينتظرون شيئاً إيجابياً من نتنياهو يرمون حجرهم، بل أنا أعتبر أن ذلك قد يفيد أيضاً في جعل المطبعين من العرب ومنتظري "الإتيان بالذئب من ذيله"، يعودون إلى رشدهم ويبحثون عن حلول أخرى أجدى حتى ولو كانت مؤلمة".

جولة بلينكن نذير شؤم..

رئيس وحدة البحوث والدراسات الدولية في مركز العرب في القاهرة هاني الجمل قال لـ"ے": "ما حدث في الجولة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن للأسف كان نذير شؤم، ويؤكد أنه يأتي كل مرة ليؤكد مطالب حليفه نتنياهو".

وأضاف: إن زيارة بلينكن الأخيرة للمنطقة استهدفت إجبار الوسطاء على قبول سياسة الأمر الواقع بالتمركز في محور فيلادلفيا ومحور نتساريم والحديث بشكل جدي عن تعديل اتفاقية "كامب ديفيد" خاصة الملحق الأمني 2005، حتى تعود إسرائيل بشكل مشرعن للمنطقة المحظورة منها بتواجدها العسكري المكثف".

وأوضح الجمل أن فشل نتنياهو في هذه الجولة أمام الدبلوماسية المصرية الخشنة إزاء الرغبات الإسرائيلية يؤكد على أن الجانب المصري قادر على ممارسة الضغوط على المفاوض الأمريكي الصهيوني بلينكن الذي سعى إلى منح إسرائيل حقاً لا تستحقه، وفي حال أن هذا الموقف عرقل المفاوضات إلا أنه يحيي القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم على حدود عام 67.

ورأى الجمل أن هذه الإشكالية لدى الإدارة الأمريكية أكدت خلال الاتصال ما بين الرئيس الأمريكي بايدن وكامالا هاريس مع نتنياهو بأنه أصبح هو العقبة الوحيدة في إقرار الهدنة الإنسانية، ثم يقفز على الأحداث والتوجه من قطاع غزة إلى جبهة لبنان لتوسيع بؤرة الصراع وإدخال المنطقة في حرب شاملة.

نتنياهو هو من أفشل المفاوضات ..

بدوره، قال المحلل السياسي عباس الوردي، أستاذ القانون العام في جامعة محمد الخامس في المغرب، لـ"ے": إن فشل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في استجماع رأي موحد لوقف إطلاق النار في غزة يعود للتعنت الاسرائيلي. فرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو يخرج بين الفينة والأخرى بتجاوز بلينكن الذي تارة يتوجه إلى مصر وتارة أخرى إلى قطر. هناك ضغط أمريكي لوقف إطلاق النار، وعلى إسرائيل الانصياع للشرعية الدولية، ووقف إطلاق النار من دون قيد أو شرط.

وأكد الوردي أن حركة حماس وافقت في البداية على المقترح الأمريكي، وعبرت عن استجابتها للأجندة التي وضعتها الولايات المتحدة، "لذا لا يمكننا أن نعلق الفشل على شماعة أمريكا او غيرها وإنما على بنيامين نتنياهو بذاته، لأن حقبته معروفة بدمويتها، وله إشكالات حتى داخل البنية الإسرائيلية، ولا يوجد عليه إجماع بل معارضة شرسة، حتى أن بلينكن في جميع الأحوال لم ينسق مع نتنياهو لأنه يعرفه متشدداً في آرائه، ولا يحترم حتى آراء الوسطاء.

ورأى أن على الولايات المتحدة أن تأخذ على عاتقها سياسة فرض الأمر الواقع على إسرائيل وأن توجه الدول العربية بهدف إقناع حماس لتلبية شروطها، وأن تتدخل جميع الفصائل الفلسطينية والدول المتاخمة لفلسطين وإسرائيل والتي لها إشكالات أمنية جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم.

وأكد الوردي أنه حان الوقت من أجل ردع إسرائيل وعلى جميع الأصوات الدولية أن تقول كلمتها، وتطالب نتنياهو الذي بَصَم هذه المرحلة بدموية قل نظيرها على مستوى المنظومة الدولية، فالحال يفرض نفسه بقوة بضرورة استخدام البنية الدولية لفرملة جماح نتنياهو، وفرض سياسة الأمر الواقع لإعداد خارطة طريق جماعية تفرض على جميع الأطراف، بما فيها إسرائيل لحقن الدماء، وحفظ الحق في الحياة وضمان استمرار نظام الشرعية الدولية.