أقلام وأراء
السّبت 03 أغسطس 2024 2:46 مساءً - بتوقيت القدس
عصا الغياب إلى زكريا محمد
تلخيص
مسح زكريا محمد في "تمرة الغراب" شريط الموت وصور موتى يأكلون جدار الشمع وقلوب"بورسلان".. ينهض مع أبنه " الصباح" ينزل فوق شجرة السرو كطائر قادم من دروب بعيدة، ديوانه الأخير: وضعه كالكهف خارج معابد الموت يرسم عليها كلمات الراهب حين تعطيه وردة يغني إذ ما مال صوته إلى الشعر, لم يكن الرحيل خبر يمازح الوقت وعيون تنتظر الكلمة, حين تكتب يديه عن الرحيق, عينيه قطع تين يمرّ في طرقات رام الله بوجه يكبر من الداخل, ويستمر طفلًا في وصية أمه " الوقت " يأتي في عاصفة إلكترونية تلتقط لحظات المفاجأة إلى كلمات رثاء تعتصرالذهن، وقبل أن يستوعب الدم ضربة الموت، يسقط الصمت في الحلق كأشجار الصبّار، يطلق المرء وقد غاب في سرير سؤال الصدمة، رحل زكريا محمد في ظهيرة بداية أغسطس قفزت عن نهار يبدأ مع الفجر ليكتب عن حركة الأرض، هناك: جهة فلسطين، وجهة الأقمار العائدة لبداية الأديان والحضارات وسؤال الإنسان، وزكريا في شِّعره ورواياته وكتاباته سهم في مدار الفلق, قلبه الواقف بين المدن والعواصم، يقرأ زكريا الشعر، ويترك الأثر سؤاله يسير خلفه دون أن ينهي علامة الاستفهام، أيّ مقدمة للتأملات التي تجيد دائرة الفهم ونقد المعرفة, وعرق الحقيقة جلد ثعبان يتغير، غاب زكريا وحضر جسده إلى جوار الحجر وقلبه جرس صار معلق على أسوار مدينة راحلة والأحجار الميتة في أحلام اليقظة فوق أرصفة الانتظار، ترك زكريا أكثر من مدينة شعريّة ومقالات كثيفة الضوء في المجلات العربية ذاكرتنا الثقافية الحيّة, ومنها: الطليعة الأدبية والكرمل ومشارف والحرية، عاد إلى بلدته حاملًا إسماً من المنفى: زكريا محمد, وداود عيد : يدخل فيه قريته ويخرج من الثقب، ولا تتبدل الأسماء مع سؤال لايفارق الشاعر "أهذا هو الوطن" عودة عاش فيها التورط العاطفي "بعين السائح لا بعين العائد" على جسر العودة إلى الضفة الغربية التي تطاردها حواجز الحصار وتساؤلات الاحتلال والرقابة, حتى وصل قريته في ضياع الليل والزمن والتغيرات والطريق، فيقول أمجد ناصر في قصيدة وصول الغرباء, تتحدث عن زكريا وعنه " الذين يعرفونا لن يعرفوننا بعد مضي وقت الخروج من الحفل ورفع الأقنعة، مضى وقت إستعادة الأسماء " وأمجد حمل ذات القناع, والذات في سرد زكريا هو أكثر التعريفات صدقًا لمفهوم الإنسان.. الكتابة عند زكريا محمد حقيقة وجوده كما اللغة في استمرار الولادة وملجأ الشعر.
يقول الدكتور عبد الرحيم الشيخ "لا أعرف ما هو الشعر الخطر, لكنني أعرف أن زكريا محمد شاعر خطر, فقراءته مجازفة تشبه عملية قسطرة: قلمه سلك معدني، في آخره كاميرا في منتهى الصغر، تدغدغ قلبك، وقلب الحياة، وقلب الموت، والماوراء, وأنت تتفرج على شاشة القصيدة، وتخشى انفجار أحد شرايينك، أو شرايينه، على عدسة الكاميرا، فيحل الظلام على زجاجها، وزجاج الشاشة. لكنه يأخذك إلى ما وراء ذلك، في " تمرة الغراب " حيث يواصل الشعر فيما وراء الشعر" خاطب زكريا بنداء لايوقف الأسماء من محاولات العثور على النجوم المدفونة في الأرض وسيرة ذاتية له " جبل التجربة" ولم يكتمل وظلّ سهوب متحركة تنثر مقطاع سيرته بين الشعر والكتابة اليومية على حائط اللحظة الإلكترونية ومقالات كتب فيها يوميات الأصدقاء والشعراء والسياسة والحب, ولو كانت سيرته تشبه نسرين لعثر عليها كما يعثر على أوراق التاريخ في جغرافيا الصحراء, مضى الخوف منذ الزمن الإضافي في حياته بعد أن قفز من المرض إلى شريان الطبيعة اليومية هذا ما يذكره في أحدى كتاباته, ظهره إلى عربة الجنود وعينيه إلى الجبال والوطن, فالكتابة الشعرية حجر نحاسي وشحنة هواء اَخرها في صدره, يتحدث إلى البراري فيكتب الشعر, يمسك بالهواء بين فتحة جحر ويكتب عن إيزيس والديانة والعائدين مع القراءة والواقفين في الصور القديمة, ويكتب الرواية ولا ينفك من جمع السؤال " لماذا تكتب الرواية وأنت الرواية " فيستقر فوق مقعده في الليل والشفاه ترتجف تعبيراً تبريراً للوجود, يفكر في النجوم لحظة أخذ يد الراهب الكوري إلى أعلى المكان فوجد سعادته عند الزهور, والنجوم في حديثه ثلاثيات تشكل جزئيات الكون, ينظر إلى السماء ويرى نجم البلاد البعيد, ويقول من هنا جاء أصل المكان وديانته, فيطلق صوته: فمتى يذهب المكان وقد جاء الزمان ببطاقة تعريفيه كالرجل الغريب ؟ زكريا محمد اختفى استيقاظه ونام تحت الأشجار الصفصافة, يمثل صوت منفرد وخسارة جماعية لا تطلب منّا البحث عن الجهد الفردي في إيجاد الرثاء والبحث عن بديل يمسك طائرة الورقة المتعبة من السفر والباحثة عن مهبط بلا بنادق, محققاً مقطع من قصيدته" كي نخرج من ظلالنا فنقول لأنفسنا واثقين: نحن هنا نحن هنا" ولا يترك عصا الراعي في روايته إذ إنتهت من نهاية الكتابة ولم تنتهِ من شجر الصبّار, وأهله وبيته والمستوطنات على الطريق, فيأكل قطعة من الخبز والزيتون فيعود إلى الماضي فيكتب سطرين ويكتفي من جرح التذكر, الجراح سينمائية تبناها من قلم يضئ شاشة العيون بالكتابة البيضاء في الأيام السريعة, وشاشة عرض في الأرشيف, والأرشفة وزارة التاريخ وودولته, يتجمع زكريا ويمشي مبدلاً الأسماء في مطلع الربيع واَيار, فيتدفق " كنهر يحفر مجراه" شاعر لا يضع الكفوف على الشعر, فميتد ويعيد كتاباته في البدايات وأيام السفر إلى شريط يوميات الناس لعل العابر يقرأ ولعل سياج السماء تفتح وتضع المطر في فم الكلام فلا تجف روحه, والموت شذارية الشعر والرحيل, رؤية المرء مدارات الطرق ونهج الأيام الراحلة, أنطولوجيا هو عقله وذهنية الفاعل السائح لا يتوف سفره من كتابة إصحاح الديانات القديمة للدول حتى يصل إلى الليلة الرابعة لأبي العلاء المعري, فالمفهوم الشعري عند زكريا لا يقام على المعتقد الديني ولا الهوية والتبني الذي يوظفه المرء في مربعات الأطر, فالشعر وأن كان تيارات متبادلة ومتصاعدة لا يتوقف في زمن انقلبت فيه الحداثة على الإنسان وعلى ذاتها, يعود زكريا في خطابه الشعري إلى استخدام الكلمات اليومية ويلقح نواة العبارة, فينتفض منها ماء ظلّ مجمداً, فتصبح زهرة اللوتس كرسي العبارة وطريدة كشعر المعري ومستقر الحيرة الغائبة, هذا ما كان يرسمه زكريا وهذه لغته النادرة مقص ُيبتعد عن الشكل ويدخل جنين النهاية فيعيد الصياغة, والصياغة عند حسين البرغوثي " كلها حمقاء", حتى يهدأ دوار الحماقة, النقد لغة يستخدمها زكريا في اللحظة الفورية يمشي بين القراءة والبحث ومصادفات الحدث والظاهرة, لم يكّن زكريا عادياً في زمن الاستقطاب والخروج عن الطبيعة الجافة, وقد اكتسب الشعر في معبده زكريا رغم رحيلهو قدم " للموت لوحات " مسبوقة بتعريفات النبض والحوار مع الممكن, فهل نتمكن من القبض على معنى الاّثار الشعرية بأشكالها المختلفة,ونكتب التاريخ والحاضر والغد في هوامش الرواية اليومية والبشرية, يقول زكريا : لم تكن علاقتي بالشعر سهلة في البدء, كان طريقي فيه وإليه مضطرباً بالشكوك, في بدء حياتي كان ثمة سؤالان يعذبانني دوماً, الأول : ما الذي سأضيفه إلى ما قيل من شعر في هذه الدنيا ؟ والثاني : هل للشعر جدوى وتأثير وأين ثمرته لكي أمسكها بيدي... ينتهي السير ويبدأ الشعر يحلم على ساق صاحبه في رحلة الخلود المفقود...او هكذا يتصور قارىء الشاعر والشعر في وجودية تخلو من العدم الفكري للوجود
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
أ.د. أبو كشك يشارك في المؤتمر العالمي للغة الصينية في بكين ويوقع اتفاقية تعاون مع جامعة جيان شي
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 88)
شارك برأيك
عصا الغياب إلى زكريا محمد