يخرج الفلسطيني خليل سلمان صباح كل يوم من منزله في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لساعات طويلة لشراء كيس دقيق ومواد تموينية أساسية لأفراد عائلته لكنه يعود أدراجه بخفي حنين.

ويشهد قطاع غزة الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة ويتعرض لحرب إسرائيلية هي الأشد دموية منذ السابع من أكتوبر الماضي، خلو أسواقه ومحلاته التجارية من الدقيق ومواد أخرى مثل الأرز والعدس والسكر والملح وزيت الطعام.

ويقول سلمان (45 عاما) بينما يتنقل بين المحلات التجارية في سوق دير البلح لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الأسواق خالية من المواد الأساسية التي يعتاش الإنسان عليها في أي مكان.

ويضيف سلمان الذي توجه إلى مناطق مجاورة في محاولة للشراء، أن السكان يواجهون أزمة كبيرة بفعل عدم توفر الدقيق والعدس والملح والسكر ومواد أخرى.

ويشير الرجل بينما بدا غاضبا إلى أن توفير الطعام والشراب ضرورة من أجل بقاء أفراد الأسرة على قيد الحياة لاسيما الأطفال والنساء.

وتوقفت شركة ((مطاحن السلام)) الرئيسية المختصة بالحبوب والدقيق في قطاع غزة عن العمل قبل أسابيع لعدم توفر الكهرباء والوقود الاصطناعي اللازم لتشغيل الماكينات.

كما لم تدخل أية شاحنات تحمل بضائع بما فيها مواد أساسية إلى القطاع من المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل منذ إعلانها الحرب على غزة، والتي خلفت أكثر من 16 ألف قتيل، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وتصطف الفلسطينية جيهان خطاب قبالة مستودع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم النصيرات وسط القطاع، على أمل الحصول على كيس دقيق.

وبدأت أونروا أواخر نوفمبر الماضي بتوزيع الدقيق على العائلات من اللاجئين والمواطنين في مناطق وسط وجنوب القطاع بحيث يتم الاعتماد في الحصص الموزعة على عدد الأفراد.

وقال بيان صادر عن أونروا إن العائلة المكونة من شخص إلى ثلاثة أشخاص تحصل على كيس دقيق وزنه 25 كيلوجراما، بينما العائلة المكونة من أربعة إلى ستة أشخاص تحصل على كيسين، في حين تحصل العائلة التي تضم من سبعة إلى عشرة أشخاص على ثلاثة أكياس، بينما العائلة المؤلفة من 11 فردا فما فوق ستحصل على أربعة أكياس دقيق.

وحسب البيان فإن التوزيع يتم عبر مراكز الوكالة الأممية وعبر اصطحاب الأوراق الثبوتية، مشيرة إلى أنها سلمت ما مجموعه 47.504 عائلات لغاية الآن.

وتقول جيهان خطاب، وهي أم لخمسة أطفال، بينما استلمت حصتها، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن سكان القطاع بحاجة ماسة إلى الدقيق باعتباره العمود الفقري في كل بيت.

وتضيف جيهان التي تشكو من خلو منزلها من أية كميات طعام أن استلامها الدقيق جاء في موعده من أجل إطعام أطفالها الخمسة الذين انقطعوا عن الخبز لنحو أسبوعين.

وتؤكد السيدة الفلسطينية البالغة من العمر (55 عاما) أن الأسواق خالية تماما من الدقيق، وفي حال توفر يصل سعره إلى 70 دولارا أمريكيا بعد أن كان بعشرة دولارات قبل الحرب الإسرائيلية.

ونظرا لعدم توفر الدقيق والكهرباء والوقود أغلقت المخابز الأوتوماتيكية في القطاع أبوابها، فيما أنشأ شبان بسطات في الأسواق الشعبية وأمام بيوتهم لإعداد الخبز على نار الحطب الذي يباع كل ثمانية أرغفة منه مقابل 1.5 دولار وسط إقبال من العامة.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن توزيع المساعدات في غزة "أصبح شبه مستحيل ويعرض حياة العاملين في المجال الإنساني للخطر"، مشددا على الحاجة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة.

ونبه البرنامج العالمي إلى مخاطر تفاقم أزمة الجوع الكارثية التي تهدد بالفعل بإرهاق السكان المدنيين، في وقت يشهد فيه قطاع غزة نقصا حادا في دخول الإمدادات الإنسانية اللازمة لتلبية الاحتياجات الهائلة.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن توزيع المساعدات الإنسانية المحدودة اقتصر منذ أيام على مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.

وفي محافظة خان يونس المجاورة، توقف توزيع المساعدات إلى حد كبير بسبب شدة الهجمات الإسرائيلية، في وقت تم فيه عزل المحافظة الوسطى في أعقاب القيود التي فرضتها القوات الإسرائيلية على الحركة على طول الطرق الرئيسية.

كما توقفت إمكانية الوصول إلى مدينة غزة وشمالها منذ انهيار الهدنة الإنسانية يوم الجمعة الماضي بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي استمرت أسبوعا.

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في غزة تحت اسم "السيوف الحديدية".