أقلام وأراء
الأحد 01 أكتوبر 2023 9:35 صباحًا - بتوقيت القدس
إفريقيا بين الاستعمار القديم التقليدي والاستعمار الحديث
يعود الوجود الفرنسي في إفريقيا إلى أسباب اقتصادية ودينية واجتماعية وسياسية، أفرزتها أنشطة "جمعية اليعاقبة" وأنصار الاستعمار، التي شكلت الوجه التاريخي للاستعمار الفرنسي في القارة وأثرت على حاضرها ومستقبلها. عندما وضعت القوى الإمبريالية في أوروبا أنظارها على مناطق جغرافية جديدة لتوسيع مجالات نفوذها في القرن التاسع عشر برزت إفريقيا موقعا استراتيجيا مهما على خارطة العالم، وهذا يعود لضخامة وحجم ثروتها الطبيعية، في عام 1884 كان مؤتمر برلين البداية الرسمية للكونيالية في القارة السوداء، وكان أحد المبادئ التبريرية وراء حركة الاستعمار، هو الحاجة إلى تمدين القبائل القاطنة في إفريقيا، وهذا كان السبب الرئيس الذي تبنته القوى المستعمرة وقتئذ وعلى رأسها فرنسا، والتي تبنت فكرة نقل الشعوب الإفريقية من مستنقع الجهل إلى مصاف الشعوب المتقدمة، وهنا كانت الإشارة للعنصر الأبيض، فرغم مضي عدة قرون على استعمار افريقيا سواء كان الاستعمار المباشر أو غير المباشر ما زالت الشعوب الإفريقية تحت خط الفقر.
مفهوم الاستعمار
اللافت للنظر ان فلسفة الاستعمار بحد ذاتها السيطرة على خيرات الشعوب، ومص دمائها، وقصة النهوض بالشعوب ما هي إلا ذر الرماد في العيون، وفي تعريف مبسط له هو "الاستعمار هو ممارسة الهيمنة، والتي تتضمن إخضاع شعب لآخر". انقلاب النيجر دليل على صحوة الشعب النجري بكل مكوناته، وهي ثورة على الظلم والاستبداد، والخروج من عنق الزجاجة التي وضعته فرنسا بها منذ أزمنة بعيدة، فالعامل في النيجر الذي يقضي ساعات طوال تحت لهيب الشمس الحارقة يعمل بجهد وتعب شديدين لكي يستخرج اليورانيوم لتأخذه فرنسا بأقل التكاليف، بعدها لتنعم باريس وما حولها بهذا العنصر المهم الذي يولد لهم الطاقة الكهربائية ، فكل خيرات غرب إفريقيا ذاهبة حتما للمستعمر القديم الجديد وهي فرنسا بعينها، فالذهب الفرنسي مصدره غينيا، والأثاث الفرنسي خشب الكونغو، وكأس العالم لفرنسا مواهب إفريقية، ووقود فرنسا نفط الجابون، وكهرباء فرنسا يورانيوم النيجر، وحتى الشوكولاتة الفرنسية كاكاو ساحل العاج. من اجل ذلك انقسمت إفريقيا اليوم وبعد جهد فرنسي خبيث لأيديولوجيات وحدود ولغات استعمارية، ساهمت أي فرنسا بشكل ملحوظ في وضعها وتعزيز وجودها، ما انعكس سلبا على مستقبل القارة السمراء لكي تبقى فرنسا تتسيّد الموقف ويكون لها اليد الطولى هناك.
التنافس الدولي
لوحظ في الفترة الأخيرة الزيارات المتكررة لكبار الشخصيات في الولايات المتحدة الأمريكية، الهدف منها معلن، وهو من باب الدبلوماسية السياسية وتحسين العلاقات الخارجية الأمريكية، فكانت إفريقيا بطحاء هذا التكتيك الدبلوماسي، لكن البرجماتية الأمريكية تطل برأسها في القارة السوداء من خلال سبب غير مصرح به، وهو على ما يبدو دحر فرنسا واخراجها من إفريقيا، لهذا ذهب بعض المراقبين بأن ما حصل في النيجر ما هو إلا انقلاب بأدوات أمريكية صرفة، ولم يكون لقوات فاغنر الروسية أي دور في الانقلاب الذي حدث ضد الرئيس النجري محمد بازوم، بالتأكيد يعتبر خسارة لفرنسا على جميع الصعد حيث فقدت أهم معقل لها.
عالم جديد
يتشكل اليوم عالم متعدد الأقطاب، والاقتصاد هو الباعث الرئيسي فيه، وعلى ما يبدو لا يبقى العالم كما هو، في غضون السنوات القادمة، فرغم خسارة روسيا في أوكرانيا، ما زالت تزحف باتجاه مستعمرات فرنسا في إفريقيا، وأما بخصوص الصين فهي تعمل بصمت مطبق وهي ترنو إلى تلك القارة الفقير شعبها والغني بشتى المعادن النفيسة، الذي يسيل لعاب دول العالم له. يجب التذكير بدأت بكين الاستثمار في أفريقيا في السبعينيات من القرن العشرين، وأدخلت جزءًا كبيرًا من دول القارة الأفريقية تحت مبادرة الحزام والطريق، وتعمل الصين مرة أخرى على زيادة الدعم الاقتصادي لأفريقيا، بعد عقود من تعزيز البنية التحتية واستخراج المعادن لتتناسب مع محاولات الولايات المتحدة للتأثير في القارة التي تعتمد بشكل كبير على المساعدة الأجنبية، فمنطقة الساحل الإفريقي تعتبر من أهم النقاط اهتماما للقوى الكبرى، التي جعلتها مطمعاً للعديد من القوى الدولية المتصارعة والمتنافسة لفرض نفوذها، لما تمتلكه من أهمية كبرى وموقع استراتيجي هام، لهذا السبب سربلوا القارة السوداء ثوب الاستعمار الحديث غير المباشر، بعدما لبست ثوب الاستعمار التقليدي، وكل ذلك يصب في مصلحة العنصر الأبيض.
لكن يبقى الرهان على صحوة الشعوب المضطهدة في العالم، فإذا انتصرت الشعوب على الجهل كان حتما النصر حليفها، وما جرى في النيجر وبوركينا فاسو فهو بداية لخروج الشعوب على الظلم فخيرات إفريقيا للشعوب الإفريقية باختلاف ايدولوجياتها والوانها، من هنا على تلك الشعوب أن ترفع صوتها وتعلنها كفى لاستضعاف الشعوب، ونعم للوقوف في وجه المستعمر. لقد اخذت تلك الدول المستعمرة كفايتها من خيرات الشعوب المستضعفة، يبقى لحكام تلك الدول القول الفصل في مصلحة شعوبهم.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
بعد وقف اطلاق النار: المعركة النفسية لا تنتهي
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
مقتل 4 جنود إسرائيليين جراء تفجير لغم شمال قطاع غزة
رئيس الوزراء: يجب ألا تحكم أي سلطة غير السلطة الفلسطينية قطاع غزة
قلقيلية: الاحتلال يهدم منزلاً ومحلاً تجارياً ومنشأة زراعية ويجرف أراضي
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
الأكثر قراءة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 416)
شارك برأيك
إفريقيا بين الاستعمار القديم التقليدي والاستعمار الحديث