Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 02 أغسطس 2023 10:59 صباحًا - بتوقيت القدس

تعزيز التواصل والمشاركة مابين المدرسة والمجتمع

يقول "جون ديوي" وهو أحد أهم فلاسفة التربية " أن المدرسة بإمكانها تغير المجتمع ونظامه إلى حد معين وهذا عمل تعجز عنه سائر المؤسسات الاجتماعية الأخرى"، انطلاقًا من هذه المقولة فإن المدرسة تُعد من أهم المؤسسات المجتمعية التي تؤدي دوراً حيويًا في تشكيل مستقبل المجتمع، فهي ليست مجرد مكان لاكتساب المعرفة والتعليم، ولا تعمل بمعزل عنه، بل هي جزء لا يتجزأ من السياق المجتمعي، تتمحور العلاقة بين المدرسة والمجتمع حول مبدأ التعاون والتشارك، والسعي في تحقيق أمن واستقرار أفراد المجتمع، من خلال تثقيف وتوعية الطلبة حول قضايا مجتمعهم، وتوفير فرص لهم لاكتساب المعرفة والمهارات التي تمكنهم من مواجهة التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، وترسيخ القيم والأخلاق، تعزيز قيم المواطنة واحترام حقوق الآخرين، وتعمل المدرسة أيضاً على تطوير برامج تعليمية وفعاليات تربوية تلبي احتياجات وتطورات العصر، الأمر الذي يؤدي إلى التوازن الاجتماعي وتقليل الفجوات الاجتماعية، ليساهم ذلك في توفير فرص التعليم لجميع شرائح المجتمع. وتعزيز الاتصال والتواصل بينهم، حيث يقول جون ديوي في كتاب ديمقراطية التعليم "أن المجتمع لا يتشكل وجوده عبر التواصل فحسب بل يمكننا القول وبكل ثقة أن المجتمع يستمر وجوده بالتواصل".


اهتم الباحث والفيلسوف التربوي "جون ديوي" في (كتاب ديمقراطية التعليم) بتفاصيل المجتمع ليس جعرافيا، بل التواصل الحقيقي والترابط والتلاحم والانتماء، هو ما يحدد معنى المجتمع فيصف ديوي مفهوم المجتمع من خلال التركيز على نموذجين: اولاً يعتبر المجتمع مسألة عددية، أي كتلة ناتجة عن مجموع الوحدات المستقلة كما هو، أي أن المجتمع عبارة عن وجود أشخاص معزولين لا يتواصلون مع بعضهم البعض؛ مجرد مسألة أرقام.


ثانياً: يفهم المجتمع على أنه كائن حي يوجد فيه الإنسان في الأساس، يوجد كائنا اجتماعيا، ومجتمع من قِبل كل فرد من الأفراد يجمعهم أمور مشتركة أهداف طموحات أفكار معرفة، وهو مفهوم المجتمع الذي يدافع عنه ديوي، في ضوء كتاباته يوضح أن المجتمع هو كائن حي منظم اجتماعي يشعر أفراده بالانتماء ويتشاركون المسؤولية في العناية به وتطويره، ويعملون معاً بغية إنجاز وتحقيق أهدافهم المشتركة في تحسين وتطوير مجتمعهم.


ومن خلال ما سبق يوضح لنا جون ديوي أهمية أن تكون المدرسة مجتمعا حيا يشعر أفراده بالانتماء، يتشاركون المسؤولية في العناية به وتطويره، ويعملون معًا لتحقيق الأهداف المشتركة، فإذا اعتبرنا المدرسة مجتمعا صغيرا داخل مجتمع كبير، يحمل قيما وأخلاقا واحترام الآخرين وحقوقهم، ويحقق العدالة والمساواة، ويزيد من وعي الطلبة الاجتماعي، وان تكون المكان الآمن للطلبة، تحتضن أحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم المستقبلية، تشاركهم وتساندهم في خيباتهم وإخفاقاتهم وتحدياتهم، وتشكل معهم مستقبلهم تبنى معهم رؤية واضحة لأهدافهم، بذلك سيتشكل الانتماء إلى مجتمع المدرسة والاندماج معه، والدفاع عنه والحفاظ عليه، وسينعكس ذلك على المجتمع، لأن الأهداف واحدة والمخرجات التعليمية لها جودة وفائدة لأفراد المجتمع.


وأشار إلى ذلك الكاتب "جون ديوي" في كتابه المدرسة والمجتمع " يلزم أن نجعل في كل مدرسة من مدارسنا حياة اجتماعية مصغرة، أو حياة اجتماعية في بدايتها فعالة بأنواع مهنها، التي تعكس حياة مجتمع أكبر، وتتقدم بروح من الفن والتاريخ والعلم، فعندما تقدم المدرسة كل طفل إلى عضوية المجتمع وتدربه داخل مجتمع صغير من هذا النوع فتجعله يتشرب روح الخدمة، وتجهزه بأدوات التوجيه الذاتي الفعال، ويكون لنا حينذاك أعمق وأحسن ضمان لمجتمع أكبر ذي قيمة وانسجام".


ومن الاقتراحات لتعزيز التواصل وبناء جسر حيوي فعال مع المجتمع:
- مشاركة أولياء الأمور وتشجيعهم لتنفيذ نشاطات متنوعة تفيد أفراد المجتمع وتلبي احتياجاتهم.


- بناء خطط تربوية مع المجتمع الخارجي من أنشطة مشتركة مثل تنظيم بطولات رياضية يشارك فيها الطلاب مع أفراد المجتمع، المشاركة في معارض فنية.


- مبادرات مجتمعية تعاونية لتعزيز الشعور بالانتماء والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع مثل مساعدة كبار السن، زراعة الأشجار، وتنظيف أماكن عامة.....


- مشاركة الخدمات والموارد المتوفرة، والاستفادة من المؤسسات وخبرات الأفراد من داخل المجتمع لعمل نشاطات تفيد الطلبة وتقدم لهم التوجيه والدعم وتساعدهم في رحلتهم التعليمية.


- حملات لمكافحة الآفات الاجتماعية، برامج توعية من قبل المدرسة للمجتمع والعكس، مثل ندوات صحية دعم قضية مشتركة.


كل تلك الفعاليات والأنشطة المختلفة تعين الطلبة على التواصل مع مجتمعهم الخارجي، وبذلك يتشكل مجتمع يعتمد على نفسه، يثق بأفراده وأفراده يثقون به، ويحقق التقدم والتطور في جميع مجالات الحياة.


ومن الفوائد أيضًا التي ستعود على المجتمع والمدرسة نتيجة هذا الاندماج والتعاون:
- النجاح والتحصيل الأكاديمي الجيد والتقدم التعليمي والتربوي وحفظ التراث والارتقاء بمستوى أفراد المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى ازدهار المجتمع وتقدمه وتطوره وحفظه وإصلاحه.


- زيادة المشاركة والمسؤولية تجاه المدرسة والمجتمع هذه الشراكة الحقيقية التكاملية الفاعلة تنشئ أفراداً يتحملون المسؤولية، أكثر إنتاجًا وفاعلية، يشكلون جسما قويا يحمي المجتمع من الآفات الاجتماعية والمخاطر والمظاهر السلوكية الخطرة، ويحافظ على تماسك المجتمع ويساعد في تحقيق الأمن والأمان.


- تعزيز التنمية المجتمعية والعاطفية للطلبة ان العلاقة التبادلية التعاونية ما بين المدرسة والمجتمع تمتد إلى ما هو أبعد من التعليم الأكاديمي، إنها تعزز التنمية المجتمعية والعاطفية وتخلق بيئة داعمة تلبي احتياجات الطلبة، وتساعد هذه العلاقة التبادلية أفراد المجتمع في تكوين روابط اجتماعية قوية فيما بينهم، من دعم واهتمام برفاهية ونجاح المدرسة، لتحقيق تعليم أفضل للطلبة.


- تماسك مجتمعي لا تعمل المدرسة بمعزل عن المجتمع فإن التعليم والحياة المدرسية والمهارات التي يتعلمها الطلبة داخل المدرسة مثل (مهارات التواصل الجيد والانتماء والتماسك داخل المدرسة، الاحترام، التقدير، التعاون، النظام، النظافة، الالتزام....) هي مهارات يجب أن تنعكس على حياتهم اليومية وعلى مجتمعهم، لتحقيق التماسك المجتمعي.


في الختام، ان بناء علاقة قوية ما بين المجتمع والمدرسة، أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتمتد فوائد هذا التعاون إلى ما وراء التحصيل الدراسي، والتعليم، يمّكن هذا الاندماج والتشارك ما بين المدرسة والمجتمع من صياغة أهداف مشتركة وتحسين الخدمة التعليمية، والإصلاح والتماسك المجتمعي، وبذلك تتحقق الأهداف التربوية والتعليمية للمدرسة، حيث يشعر الطالب أنه جزء من هذا المجتمع الصغير (وهو المدرسة) ينتمي له يحافظ عليه وتزداد دافعيته للتعليم وتحصيله الدراسي، ويساعد ذلك على التطور الاجتماعي والعاطفي لديه اتجاه مجتمعه، ليتشكل مجتمع متماسك قادر على مواجهة التحديات والصعاب

دلالات

شارك برأيك

تعزيز التواصل والمشاركة مابين المدرسة والمجتمع

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 95)