أقلام وأراء
الإثنين 19 يونيو 2023 10:38 صباحًا - بتوقيت القدس
القيادة والرؤية والتعليم وحسن إختيار ساحة المعركة شروط إنتصار الفلسطينيين في حرب الرواية
المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي
يخوض الشعب الفلسطيني منذ أكثر من قرن نضالا ممتدا ومعقدا ومكلفا على أكثر من جبهة (عسكرية وسياسية وديبلوماسية وقانونية وإعلامية و...) ضد إستعمار إستيطاني غربي قام على اساس الشراكة الدائمة بين قوى الإستعمار الغربي والحركة الصهيونية.
وفيما تقدمت إحدى هذه الجبهات على الأخرى من وقت لآخر خلال فترة الصراع الطويل هذا، مما جعل هذه الجبهات تبدو منفصلة عن بعضها البعض أحياناً، إلا أن الرواية الفلسطينية كانت دائما الباعث والملهم للفلسطينيين في كل الأوقات وعلى كل الجبهات، علاوة على أنها كانت دائماً تمثل الصمغ اللاصق لكل إستراتيجيات الفلسطينيين خلال كل مراحل الصراع على كل الجبهات.
وعلى ذلك لا نخطىء التقدير بالقول أن حرب الرواية المستعرة الآن بين الإستعمار العنصري الصهيوني وشركائه من جهة، والفلسطينيين من جهة أخرى هي جبهة قائمة بذاتها ربما تتقدم في أولويتها على كل الجبهات رغم أهمية هذه الجبهات، لا سيما وأن الرواية الصهيونية الإستعمارية في هذه الأثناء تشهد تراجعاً في أوساط الرأي العام العالمي خاصة الرأي العام اليهودي خارج إسرائيل، الذين كان لهم الدور الأبرز في تقديم الدعم السياسي والمادي للمشروع الإستعماري الصهيوني منذ بداية تنفيذ هذا المشروع قبل قرن من الزمان.
ومقابل هذا التراجع على صعيد الرواية الصهيونية الإستعمارية، تزداد الأصوات الفردية والجماعية والمؤسساتية الخاصة والرسمية، بما في ذلك الأصوات الصادرة عن رؤساء وبرلمانات دول، المطالبة برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وإنصافه ومنحه جزءا من حقوقه، الأمر الذي يفرض على الفلسطينيين إعادة صياغة روايتهم بلغة العصر وإعداد وتجهيز وتدريب جيشهم الذي سيخوض حرب الرواية بأدوات العصر، ثم ترتيب ساحات المعركة حسب درجة أهميتها، فالمعركة على الساحة الأمريكية مثلاً تختلف عن سواها من الساحات.
وفي هذا الشأن يجادل كثير من الخبراء في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية حول العالم ومن بينهم استاذ العلاقات الدولية جون ميرشايمر أن النصر سيكون يقيناً حليف الفلسطينيين في حرب الرواية، إذا ما أحسن الفلسطينيين صياغة خطابهم وأتقنوا إختيار وإعداد وتجهيز جنودهم لمعارك هذه الحرب، سواء من داخل فلسطين أو من خارجها، لا سيما من الأجيال الشابة من اللاجئين والمهاجرين الفلسطينيين الذين استقروا في الأمريكتين وغرب أوروبا.
ويضيف ميرشايمر أنه فيما يمتلك الفلسطينيون السلاح الأقوى في هذه الحرب وهو سلاح الحقيقة والعدل والمظلومية، يمتلك الإستعمار الصهيوني وشركائه سلاح الظلم العنصرية والفاشية وتزوير الحقيقة علاوة على البطش والإبادة والتطهير العرقي والإحتلال بقوة الدبابة والطائرة والمدفع.
يفسر ما تقدم أن مفهوم الرواية بدأ مؤخراً يحتل مساحة أوسع في الخطاب الرسمي الفلسطيني، الأمر الذي يتجلى ايما تجلي في خطابات وتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لا سيما في خطاباته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي كان أكثرها وضوحاً ما تضمنه خطابه العام 2021 حين قال " هل تعتقد إسرائيل أنها تستطيع الى مالا نهاية تسويق رواية زائفة تتجاهل حق الشعب الفلسطيني التاريخي في وطنه؟" واضاف في مكان آخر في ذات الخطاب "إن المظاهرات التي تخرج حول العالم، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وفي كل مكان حول العالم مطالبة بإنهاء الإحتلال والأبارتهايد والتطهير العرقي هي بداية الصحوة نحو التعرف على الرواية الفلسطينية الحقيقية التي أدعو الجميع لمواصلة شرحها والدفاع عنها".
وهنا أجادل أن الشعب الفلسطيني بكل نخبه السياسية والثقافية والإجتماعية هي الجهة الأولى المستهدفة من بين الجميع الذين دعاهم الرئيس في خطابه لمواصلة شرح الرواية الفلسطينية والدفاع عنها، مما يعني ببساطة أن تلكؤ الفلسطينيين في عدم الإستجابة لهذه الدعوة من خلال التوحد أولاً حول الرواية وإنهاء الإنقسام البغيض الذي أسس لأكثر من رواية ، الأمر الذي لا يخلو من دلالة، ثم الشروع مباشرة في اعداد وتنفيذ الخطط اللازمة لذلك، إنما يعني ببساطة إضعاف الرواية الفلسطينية من داخلها وإفساح المجال للرواية الصهيونية بمواصلة تسويق زيفها وكذبها.
لا سيما بعد أن إعترف العالم بالجريمة المستمرة التي ارتكبها الإستعمار بحق الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود، حيث يعتبر هذا الإعتراف بمثابة التعزيز الأهم الذي يتم للرواية الفلسطينية منذ بداية الصراع على فلسطين، من خلال صدور القرار رقم (A/77/L.24) عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم إحياء الأمم المتحدة ذكرى النكبة التي تعتبر العمود الأساس الذي تقوم عليه الرواية الفلسطينية، للمرة الأولى في قاعتها، ثم في إصدار الرئيس مرسوم بقانون بشأن إحياء ذكرى النكبة، الذي اعتبر في مادته الثانية أن نكبة الشعب الفلسطيني العام 1948، جزء لا يتجزأ من الرواية الوطنية الفلسطينية المستندة الى الحق التاريخي وقرارات الشرعية الدولية المتعاقبة، ثم اعتبرت المادة الثالثة أن إنكار النكبة جريمة يعاقب عليها القانون.
أما من حيث أهمية التعليم في تعزيز الرواية وأعداد الجيش المؤمن والقادر على النصر في حرب الرواية فهناك ضرورة لإضافة مضمون قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والمرسوم بقانون الخاص بالنكبة للمناهج التعليمية خاصة في المدارس الإبتدائية والإعدادية سواء الحكومية أو التابعة لوكالة الغوث وذلك لتنشئة أجيال مؤمنة بحقها في فلسطين وقادرة على إصلاح ما فسد.
ومن حيث ساحة الحرب الأهم من بين الساحات، فتبرز الساحة الأمريكية، حيث الجالية اليهودية الأكبر حول العالم، والأهم انها تعتبر مركز القوة الرئيس لإسرائيل العنصرية، إذ يرى البعض من رجال الفكر والإعلام خاصة اليهود أن الساحة الأمريكية هي الساحة التي سيحسم فيها الصراع على فلسطين، أي كلما تراجع تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل في الساحة الأمريكية على قرارات الإدارة، كلما فقدت إسرائيل أهم أسباب قوتها وإستمرارها، ويضيف هؤلاء أن إحتجاجات ومظاهرات اليهود الأمريكان ضد الفاشي سموترش وكذلك روثمان الذين زاروا أمريكا مؤخراً هي من أهم علامات تراجع التأييد اليهودي الأمريكي لإسرائيل الفاشية العنصرية، الأمر الذي يتطلب من الفلسطينيين حسن إختيار أدواتهم المؤهلة لخوض هذه الحرب في الساحة الأمريكية.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
القيادة والرؤية والتعليم وحسن إختيار ساحة المعركة شروط إنتصار الفلسطينيين في حرب الرواية