أقلام وأراء

الإثنين 12 يونيو 2023 10:08 صباحًا - بتوقيت القدس

الغموض البناء وإدارة الموت في ملف الأسرى

يقول كلاودوفيتش واضع ورائد علم الحرب الحديث، أن الغموض البناء هو إستراتيجية حربية هامة إذا راعت في شروطها تكوين سياج امني حديدي حول المعلومات .


فالتكتيم الصادم هو العنصر الأول في تحقيق الغموض وأحيانا يؤدي التصريح المدروس الى غموض بناء أفضل، بشرط عدم الانفعال او الوقوع في فخ الاستدراج. ولا يصلح الغموض البناء في مجال اختراع إمكانيات وهمية لأغراض دعائية مع توفر شرط هام وهو أن تترافق إستراتيجية الغموض البناء مع توفر بنك أهداف حيوي وليس بالضرورة أن يكون ذلك البنك مادي فقط ، لكن يجب ان يشمل ايضا على مفردات وصوت وصورة تحركات معينة بهدف إلحاق الخسائر المعنوية الكبيرة بالعدو.


ويجب كذلك ان لا يتعامل الفرد أو الجماعة مع المؤسسة بمنطقية بل بمنطق المؤسسة فأساس أي تخطيط استراتيجي يبنى دائما على هذا الأساس وعلى أساس السيناريو الاسوء .


ويجب ان تصعد إلى من تخاطب لا ان تنتظره لكي يأتي إليك لكي يسمع منك

بمعنى ان تسمع صوتك له ولمن يمثل وان لا تستمر بالهمسات، فالعقل كالبصر والوحي كالنور والتكتيك هو الهداية والاهتداء وان لا تحول الإستراتيجية إلى أداة عنصرية حصرية بك وبجماعتك لان القضية ان يفتن المرء برأيه وان يعامل الناس بمنطقه لا بالمنطق السائد .


الغموض البناء يفرض على العاقل وعليه ان يحافظ على العلاقات والروابط مع الفئة المستهدفة وان لا يقطع الصلة بهم وان لا يقنع نفسه بأمان خادع أو قناع زائف فعملية تحرير الأسرى تشبه العملية الجراحية الدقيقة والحساسة بحيث يجب استخدام المشارط والشفرات بعناية دون إتلاف أي شيء من الجسم وان لا يراهن الطبيب على سمعته لأنه مجرد فقدان الثقة به يعني نهاية مستقبله حتى وان عالج المريض أو أعاد الروح لجثته .


فالخلط بين الحكمة في السلوك وبين تغليف الغباء والعناد بالحكمة أمر مخادع ومضلل والفرق بينهما كبير، لأن موضوع وضوح الصورة للجميع هي مسألة وقت ليس الا، لذا يجب الابتعاد عن الاستمرار بإتباع السياسة العقلانية الوهمية لأنها حتما ستقود إلى الفشل بسبب قلة التخطيط وعدم وجود أرجل للإستراتيجية المتبعة "إذا كان هناك من الأصل إستراتيجية ".


مع التذكير أن هناك مجنونا واحدا تسمع عنه كل المدينة رغم ان بها ألف عاقل لم يسمع بهم احد، فالأفضل ان يستخدم سياسة المجانين لان الحكماء او الذين يمثلوا الحكمة ويحاولوا ان يوهموا أنفسهم ان كل شيء مدروس وفي الحقيقة هو ليس كذلك .


كما ان هناك فرقا كبيرا بين سياسة عدم الاستعجال والواقعية العقلانية في الطرح، ويجب أن يكون عندنا دائما البديل، فعدم وجوده في سياسة الغموض البناء يشبه جرافات السياسة الوهمية والضائعة والتي تهدم كل شيء يتم بناءه وهي في الطريق لهدفها .


إذا سياسة الغموض البناء تعني انه من يريد الوصول إلى الجبل يجب أن يجهز الحبال وجسده للتسلق لا أن يكتفي بالنظر إلى القمة ويتخيل انه صعد.


كما تعني أن الأسرى جزء من الفريق فلا يصح أن يتم اتخاذهم عددا بسبب انتقاد السياسة العشوائية وذات الحسابات الخاطئة والتي أيقظت النائمين والموتى وعدم الإصرار على اعتبار الموضوع شخصي ونصر ذاتي، فالشيطان كل ما يحتاج إليه أن يقنع الأخيار أن لا يفعلوا شيئا وينتظروا المعجزات وان يقنعهم ان احدا ما يزاحمهم على المنصب والنفوذ .


إن قطع ألف غصن عن الشجرة يساوي ضربة واحدة لقطع جذورها، بمعنى ان هناك أعمالا عبقرية وأسطورية والوقت كفيل أن يسلبها جمالها ويحولها إلى وهم أو بدون طعم .


وعندما نغير سياستنا والتي تعني الحياة للآخرين فهذه قمة الإخلاص والإخوة وغير ذلك يعني اخذ آلاف الأسرى رهائن لرغبات شخص ما وتحول القضية الوطنية والإنسانية إلى قضية شخصية .


للعدو نقاط ضعف كثيرة "دمار ماله وروحه المعنوية" وليس الصمت، فهذا الاخير يستخدم لمناجاة رب العالمين وليس لقهر العدو وتحصيل الحقوق منه .


والقائد الحقيقي هو الذي يعترف بالواقع ولا ينكره ويدرك أن لا يصح أن تخاطب أستاذ الرياضيات بكلمات إنشائية .


في النهاية إدارة ملف الأسرى حاليا يستنزف المعتقلين وعائلاتهم وليس العدو، لذا من البس نفسه عباءة تحرير الأسرى إما أن يعطيها حقها أو ان يخلعها ويتوقف عن الاستعراض والذي اقترب من عقد كامل والنتيجة صفرية .

دلالات

شارك برأيك

الغموض البناء وإدارة الموت في ملف الأسرى

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو يضع العصي في دواليب الصفقة

حديث القدس

انتفاضة الجامعات الامريكية طوفان أقصى رقم 2

حمدي فراج

طوفان الأقصى وصحوة ثقافية غربية

سماح خليفة

إبادة غزة... ماذا بعد؟

بهاء رحال

انتفاضة جامعات أميركا

حمادة فراعنة

بداية تفكك الرواية الصهيونية.. ولكن

جمال زقوت

أزمات وجامعات وعقوبات

أحمد رفيق عوض

في انتظار الموت المؤجل ...

يونس العموري

القرار في غزة والجواب في القاهرة

حديث القدس

قمع حراك الجامعات الأمريكية.. أهداف ومعان

فوزي علي السمهوري

تناقض أم تكامل الخطابين: العسكري والسياسي

سماح خليفة

الحكومة, الانتخابات والوحدة: ما هي استراتيجية الخروج؟

د. دلال صائب عريقات

تحديات أمام الأحزاب

حمادة فراعنة

الشارع الإسرائيلي يطالب بوقف الحرب ودفع الثمن

حديث القدس

الحجر بكى من وجع غزة

ريما محمد زنادة

الحرب على " ظهور الماعز"

عطية الجبارين

حصار إسرائيل وأميركا في الأمم المتّحدة

عائشة البصري

الهدنة وقرار اجتياح رفح

بهاء رحال

الاستحقاق الانتخابي في موعده

حمادة فراعنة

غزة ... والحرب العالمية الثالثة ... والعرب يتفرجون !!!

ابراهيم دعيبس

أسعار العملات

الإثنين 29 أبريل 2024 9:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.35

يورو / شيكل

بيع 4.1

شراء 4.04

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%22

%4

(مجموع المصوتين 190)

القدس حالة الطقس