أقلام وأراء

الجمعة 03 فبراير 2023 10:46 صباحًا - بتوقيت القدس

حرق القرآن كراهية وإرهاب

بقلم:علي قباجة


سلكت السويد وهولندا طريق الكراهية، إثر سماحهما لمتطرفين بتمزيق القرآن الكريم وإحراقه، في حادثتين أثارتا استنكار العالم. هذان التصرفان أحدثا استنكاراً لدى الشعوب الإسلامية، ودفعا دولاً عدة إلى الاستنكار، بينما بررت السويد ما جرى على أنه جاء في إطار فردي، لا دخل للحكومة به، على الرغم من أن الحادثة تمت تحت أنظار الشرطة وبحمايتها؛ بل خرج رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون ليدين، مبرراً: «حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أن يكون ملائماً»، معرباً عن «تعاطفه» مع الغاضبين على هذه الفعلة، لتكون تصريحاته باهتة، لا ترقى إلى مستوى الحدث الذي أهان نحو 1.5 مليار مسلم.

الدولتان اللتان تعدان من المحرمات الإشادة بالنازية أو الإرهاب في قانونيهما، بإمكانهما وضع حد لهذا التطرف والإسفاف الذي لا يقل أهمية عما تعدانه محرمات؛ إذ إن هذا الحدث لا يمكن وصفه إلا إرهاباً وعنصرية، واعتداء على مخالفيهم بالمعتقد، تماماً كالتنظيمات الإرهابية التي تحاول مصادرة معتقدات الآخرين، وفرض أيديولوجيتها بالقوة.

لكن يبدو أن لدى استوكهولم بالذات مآرب أخرى من وراء الحادثة التي تمت أمام السفارة التركية، في ظل وضع أنقرة شروطاً صارمة، لانضمام هذا البلد الاسكندنافي إلى حلف الناتو، فربما أرادت بإطلاق يد هذا المتطرف، توجيه الإهانة لتركيا في ظل عدم الاستجابة لشروطها، مع العلم أن هذه الخطوة عقّدت من محاولتها الانضمام؛ إذ إن «التشنج» التركي قد زاد، لا سيما بعد أن مهد ما جرى بالسويد، الطريق لمتطرفين آخرين بالقيام بعمل مشابه كالذي جرى على مقربة من مقرّ مجلس النواب الهولندي، بعد أن قام متطرف بإحراق صفحات من المصحف، تحت حماية الأمن أيضاً، الذي قال: إنه منعه من حرقها، لتؤكد هذه الحادثة أن الديمقراطية التي تنادي بها هذه الدولة إلى جانب السويد، منقوصة وعوراء، والحرية لديهما مجتزأة، فهي غير موجودة عند التعدي على الآخر في المعتقد، وبينما تم طرح قانون في الدولتين بإعطاء الحقوق الكاملة للمثليين، ومنع التمييز ضدهم أو النظرة الدونية لهم، على الرغم من لفظ الأديان السماوية، وثقافات عدة لفعلهم، كان الأجدر تجريم من يمس المعتقد.

الخاسر الأكبر من هذا الفعل هما الدولتان أنفسهما؛ حيث واجهتا غضب الشارع الإسلامي برمته، وغير الإسلامي أيضاً، إضافة إلى دعوات للمقاطعة الاقتصادية، فضلاً عن الصورة التي سترسمها الدولتان في أذهان الكثيرين، بأنهما بيئة خصبة للمتطرفين فكرياً، الذين يحتمون بمظلتهما تحت شعار الحرية.

العالم الذي يصف نفسه بالمتحضر ويعطي الدروس للآخرين، سقط في الاختبار الفعلي، فلا يجوز لمن يطلق العنان للمتطرفين، مطالبة غيره «بصيغة الأمر» بتبني ما يعتقده هو، لأن ذلك يعني الكيل بمكيالين، وتعالياً لن تقبله معظم الشعوب التي تعي تماماً أهداف الاستعمار الفكري الذي تريد هذه الدول فرضه عليها.

القرآن الكريم سيبقى، وستبقى تلاحق من مزقه وحرقه وغض الطرف عن ذلك وصمات العار، لأن المساس بالمقدس لكل الأديان ليس مادة للسخرية أو الإهانة أو توجيه الرسائل السياسية المبطنة. بالاتفاق مع "الخليج"

دلالات

شارك برأيك

حرق القرآن كراهية وإرهاب

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 75)

القدس حالة الطقس