جنين – "القدس" دوت كوم - علي سمودي - "مسيرة نضال شعبنا و تضحياته ليست جديدة، فمنذ النكبة وحتى اليوم متجددة .. كل يوم هناك شهيد وخاصة في محافظة جنين في الآونة الأخيرة، ورسالتي لشعبنا الله يصبرنا، والاحتلال لن يكسرنا، ونحن أقوى منهم" بهذه الكلمات حاول المواطن هاني صبحي عابد، نقل رسالته للاحتلال بعد احتجاز جثمان نجله عبدالرحمن، وابن اخته الشهيد أحمد عابد، اللذين خاضا اشتباكًا مسلحًا مع قوات الاحتلال قرب حاجز الجلمة منذ أيام وقتلوا ضابطًا إسرائيليًا.

عابد الذي يعمل في الزراعة، بدى في غاية التأثر والغضب من تعامل قوات الاحتلال معه عندما استدعي فجر يوم الأربعاء الماضي، الذي وقعت فيه العملية إلى حاجز الجلمة، ويقول: "تعاملوا معي بطريقة غير انسانية، وبسياسة التلاعب بالأعصاب والتحقيق والضغط، ثم رفضوا السماح لي برؤية عبد الرحمن ابني و أحمد".

 يقول عابد: "ابني  عبد الرحمن كان شابًا طموحًا، ومفعمًا بالنشاط ويحب الحياة مثله كباقي الشباب، رياضي وصاحب طموح كبير، وكان يخطط لبناء مستقبله، لكن الاحتلال هو الذي أجبره على هذا التصرف الذي لا نعرف أي معلومات أو تفاصيل عنه إلا من الاحتلال".

وحول تفاصيل ما جرى يوضح عابد: "في حوالي الساعة الخامسة والنصف فجر الأربعاء الماضي،اتصل بي ضابط المخابرات الإسرائيلي على هاتفي الخلوي، وطلب مني الحضور فورًا إلى حاجز الجلمة للإطلاع - كما قال لي - على ظروف انسانية ونريدك أن تراها- ، دون شرح ما هي  رغم الحاحي بطلب ذلك .. عندما وصلت لمدخل حاجز الجلمة تعامل معي بطريقة غير انسانية، وأوقفني لمدة ساعة ونصف خارج المخصوم، و بعد دخولي احتجزوني نصف ساعة، وكان هنالك تلاعب بأعصابي، حيث سأني عن ابني عبدالرحمن وحياته، وماذا يعمل؟، ثم قال لي: أنه قتل دون كشف التفاصيل".

وأضاف: "سألني الضابط هل تريد رؤيته، وسألني هل لديك الجاهزية لذلك؟، فقلت له نعم، لكنه رفض السماح لي بمشاهدته، و عرض علي صورتين عبر هاتفه الخلوي".

ولفت عابد أنه أخفى حقيقة مشاعره، وصدمته في تلك اللحظات الصعبة عندما  شاهد صورة ابنه عبدالرحمن ، وتعرف عليه، وظهرت آثار رصاص في عنقه، كما تعرف على أحمد الذي بدى مصابًا في الرأس، قائلًا: "عندما سألت ضابط المخابرات عن الجثمانين، طالبني بمراجعة الجيش لمعرفة ما حدث، وما إذا كان سيسلمهما، وتأكدت أن استدعائي لم يكن للتعرف على الشهيدين وإنما للاستجواب والتحقيق بطريقة غير مباشرة عن حياتهما وأصدقائهما ورفاقهما وأقربائهما، و هذا هو الهدف".

رغم المسيرات التي شهدتها بلدة كفردان احتفاءاً بالشهيدين اللذان تبنتهما كتائب شهداء الأقصى، و توافد آلاف المواطنين للتعزية بعبدالرحمن وأحمد ، واقتحام الاحتلال لمنزلهما بعد يومين من العملية، يقول الوالد: "ما حدث لا يصدق وكأنه حلم .. ابني يعمل بالزراعة وكان يتعامل معنا بشكل طبيعي طوال اليوم، ولم يبدو عليه أي تصرف غريب  .. إنه طيب وحنون ومحب لعائلته ومرتبط بالأرض بشكل مميز".

وإلى جانب هاني، كان يجلس الخمسيني  أيمن إبراهيم عابد، الذي لم  يتمكن من السيطرة على نفسه وهو يستقبل المعزين، و قال و هو يتضرع لله أن يتقبل شهادة ابنه أحمد، مشيرًا إلى أنه فوجئ بالخبر ولم يصدق حتى عاد والد الشهيد عبد الرحمن من مقابلة المخابرات وأكد له مشاهدة صوره شهيدًا، موضحًا أنه لا يتوفر حتى اللحظة سوى المعلومات التي نشرها الاحتلال حول العملية، ومن حقه معرفة حقيقة وظروف استشهاد ابنه الوحيد من الذكور بين شقيقاته، والذي كان ينتظر لحظة زفافه على أحر من الجمر.

وعبر والدا الشهيدين عن غضبهما من رفض الاحتلال تسليم جثمانيهما، و طالبا المؤسسات الإنسانية، وكافة الجهات المعنية الضغط على الاحتلال لتسليمهما، وليتسنى للعائلة دفنهما في مقابرها إلى جانب شهدائها الذين قضوا خلال انتفاضة الأقصى في بلدة كفردان. 

ورغم تهديدات وغضب الاحتلال بعد العملية،  قال أمين سر اقليم فتح عطا أبو ارميلة لـ "القدس" دوت كوم، شعبنا قادر على ابتداع كافة أشكال النضال، وفخور بعملية الشهيدين التي تعتبر ردًا طبيعيًا على جرائم وعدوان الاحتلال واستهدافه لجنين التي قدمت 6 شهداء منذ بداية الشهر الجاري.

وأضاف أبو ارميلة: "الاحتلال يتوعد ويريد الاغتيالات، ومن حق شعبنا أن يدافع عن حياته ووجوده وأرضه، ومن حقه استخدام كافة أشكال المقاومة ولن يرفع الراية البيضاء أبدًا".