أقلام وأراء
الأحد 22 مايو 2022 10:04 صباحًا - بتوقيت القدس
البروباجندا الاسرائيلية في مقتل شيرين ..استراتيجية قديمة وعدالة غائبة..
بقلم : د. أماني القرم
لإسرائيل استراتيجية ثابتة في التعامل الاعلامي مع حوادث الاغتيال الممنهج التي ترتكبها خاصة تلك التي تثير ردود فعل عالمية غاضبة. والترويج لهذه الاستراتيجية يتم من خلال ماكينة دعائية ضخمة أهم وأبرز ملامحها تجنيد الصوت الرسمي الاسرائيلي مع الشعبي مع وسائل الاعلام بمعظم كتّابها وصحافييها ذوي الأطياف المتنوعة متحدّين لتشكيل حائط سد دعائي لإسرائيل ومدافع عنها. في اغتيال الشاهدة والشهيدة شيرين أبو عاقلة تم استحضار استراتيجية البروباجندا الاسرائيلية والتي تعتمد / بشكل عام/ على ثلاثة عناصر :
الأول: الانكار من خلال نظرية عدم حتمية إدانة الاحتلال. يأتي التمهيد للنظرية بتصوير المكان بأنه ساحة حرب ومعركة بين طرفين: الفلسطينيون هم الجزء الشرير منه باعتبارهم "ارهابيين"، وجيش الاحتلال هو المحارب ضد الارهاب. وعليه، فمن الطبيعي أن يتعرض للإصابة والقتل كلّ من يتواجد في المعركة بما فيهم الصحفيين. وهو ما شاهدناه في ردود الأفعال الاسرائيلية الأولية حول عملية الاغتيال. مثلاً حمل بيان نفتالي بينيت رئيس حكومة الكيان اتهامات بأن فلسطينيين مسلحين أطلقوا النار بصورة عشوائية أدت الى مقتل الصحفية مع التأكيد بأن حكومة اسرائيل ستواصل شن غاراتها على "الارهاب" حسب قوله. كذلك كانت معظم الصحف الاسرائيلية ووسائل الاعلام تعرض صورا تظهر اشتباكات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
الثاني: محاولة استيعاب الحدث : والحدث هنا ليس بنظر الاحتلال مقتل شيرين بحد ذاته، ولكن القوة الكاسحة التي تمتعت بها شبكة قناة الجزيرة وتسخيرها لأدواتها المختلفة لفضح عملية الاغتيال وإثارة موجة هائلة من ردود الأفعال العالمية الشعبية والرسمية حول الجريمة. وقد أثبتت بحق أنها من الأوائل عالميا في القدرة على التأثير وإثارة التفاعل والتركيز على الحدث ومضاعفة زخمه. أعلنت اسرائيل انها طلبت تحقيقا مشتركا مع السلطة الفلسطينية والتي بدورها رفضت وهو ما تدركه اسرائيل جيداً، ولا أعلم متى كان هناك تحقيق مشترك أصلاً في مثل هذه الحالات . لكن الهدف لم يكن التحقيق أو تبييض وجه الاحتلال أمام السلطة والفلسطينيين إنما الاستيعاب والسيطرة على رد الفعل العالمي الغاضب لإظهار أنها بلد ديمقراطي من الوارد أن يخطئ أثناء معركته ضد الارهاب وأنها مستعدة لتصحيح الخطأ.
والثالث: حرف بوصلة الرواية من المركز الى الفروع: بعد سيل التحقيقات المستقلة والتحليلات العلمية التي قامت بها جماعات حقوق الانسان والمؤسسات الصحفية حول اغتيال شيرين، والتي تؤكد رواية شهود العيان المدعومة بفيديوهات بالصوت والصورة بأنه من المستحيل أن يكون اغتيال شيرين قد تمّ برصاصة فلسطينية تبعاً لتحليل خط الرؤية وتقدير المسافة وتوجيه الرصاصة. ويثبت أن شيرين قتلت برصاصة اسرائيلية مقصودة، وزميلها على السمودي اصيب أيضاً برصاصة موجّهة. بدأ الاعلام الاسرائيلي في الاتجاه نحو صيغ اخرى من الرد تبتعد عن المشكلة الرئيسية وتبث الدعاية السلبية للتشكيك في الرواية الحقيقية من خلال:
1. تحويل الخصم الى شيطان فانبرت الاقلام الاسرائيلية الى مهاجمة قناة الجزيرة واعتبارها بوق للمتطرفين.
2. تسليط الضوء على التهديد المستمر المزعوم الذي تواجهه اسرائيل ونشر فيديوهات لصور قتلى اسرائيليين مدنيين .
3. مهاجمة السلطة الفلسطينية وقيادتها كونهم السبب في التحريض وتأجيج الأوضاع، وفي حالة اغتيال شيرين تم اتهام السلطة بدعم ما اسمتهم اسرائيل " إرهابيي جنين". وعليه فالمسئولية الاخلاقية حول وقوع الخسائر أمر لا تتحمله اسرائيل وحدها وإنما السلطة الوطنية الفلسطينية.
4. التكرار، تكرار الرواية نفسها بما تحمله من أكاذيب في ماكينة الدعاية الاسرائيلية وامتداداتها العالمية وعلى لسان مسئولين مختلفين وكتاب وصحفيين ومؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي من منطلق "إكذب..إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس"
وبحلول الوقت الذي يمكن أن تظهر فيه الحقيقة يكون العالم قد نسي الحدث ولم يعد يهتم.
بالمناسبة حين قصفت اسرائيل بالصواريخ ، في حرب غزة ايار 2021 ، البرج الذي يضم العشرات من مكاتب المؤسسات الصحفية العالمية بررت اعتداءها بأن حماس تستخدمه. حتى اللحظة لم تقدم اسرائيل دليلا واحدا على ادعائها لكن ما كان ملاحظاً أن التغطية العالمية للحرب قد انخفضت بشكل كبير بعد القصف.
شكرا لوسائل التواصل الحديثة التي وثقت مقتل شيرين وكانت اسرع من اسرائيل بالصوت والصورة في نقل الحقيقة للعالم ونقل رسالة الشهود العيان الذين كانوا معها .
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
الأكثر قراءة
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
البروباجندا الاسرائيلية في مقتل شيرين ..استراتيجية قديمة وعدالة غائبة..