فلسطين
الإثنين 16 مايو 2022 11:47 مساءً - بتوقيت القدس
74 سنة على النكبة.. وصية الأجداد يحفظها الاحفاد
نابلس - "القدس" دوت كوم - وئام مرشود - ما تزال ذكرى النكبة مسكونة بالألم الوجع والمرار والضياع، وتخبئ حزنًا عميقًا في نفوس وقلوب وعيون من اضطروا لترك بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم خلفهم قبل اربعة وسبعين عاما، وما زالوا يحلمون بالعودة.
وفي أيارٍ من كل عام، وتحديدًا في الخامس عشر منه، تنتفض الذاكرة بما تحمِلُ من تفاصيل دقيقة لشعبٍ كان يملكُ كُل شيءٍ، وفي لمحةِ بصر ودون أن يستوعِب ما يحصل له، أضاعَ كُلَ شيءٍ، الأرض والابناء والبيوت، وصارَ الفلسطيني لاجئا يبعُدُ عن هواءِ الوطن آلاف الأميال وأكثر، لكن في رئتيه وفي قلبه لا تزالُ فلسطين تسكُنّ أينما سَكَن.
مها من طيرة دندن
وتقول مها عودة (30 عاما) من مخيم بلاطة: نحن من قرية اسمها "طيرة دندن" ولا اعرف اين تقع على الخريطة الورقية، ولم ازرها نهائيا، لكن جدي حدثني عنها كثيرا وكان -رحمه الله- دائما يقول لي عن الطيرة "ان بلادنا من اجمل البلاد، وانه مهما تهجرنا يا سيدي راح نرجع لها باذن الله ما تخافي، ونحن هنا في المخيم اجساد لكن الروح هناك".
وتضيف عودة: "صور لي جدي قريتنا بكلماته التي تنبع من قلبه وكأنها امامي وعشت فيها سنين حياتي".
وتتابع كان جدي يبكي دائما ويقول "هناك الفردوس الذي سلب مني ومن اشقائي واهلي لن انساه أبدا". وكان دائم الحديث عن حياته هناك وعن جيرانه وعن الزراعة والحصاد.
وتضيف عودة: "كان جدي بعد الـتهجير عام 48، يتسلل احيانا مع أخيه الى القرية سواء لتفقدها او لجلب بعض المؤن، لكن بعد حرب الـ67 واستكمال احتلال فلسطين، لم يزر جدي مسقط رأسه الا مرتين بتصاريح دخول من الاحتلال".
وأشارت الى ان اخر زيارة لجدها لقريته كانت في احد مواسم الزيتون وعندما وصل لاشجار القرية أخذ يقطف كميات من ثمار الزيتون ويضعها في كيس، فجاء اليه احد المحتلين اليهود هناك وقال له: "خد بضع حبات للذكرى وما تقطف اكثر". وشعر جدي بالجرح ينزف في قلبه، وقال للآخر "هذا الشجر لنا وليس لكم" فرد عليه الآخر :"كانت لكم اما الان فهي لنا، اخرج من الارض الان".
وتقول عودة: كلما وصف جدي قريتنا كنت اشعر بقشعريرة تسري في جسدي، وظللت اتذكر بيت الشعر المعروف (كم من منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لأول منزل). لقد شعرت ان جدي وصل الرسالة قبل ان تفارق روحه الحياة، اذ استقر في قلبي وقلوب كل احفاده حب قريتنا وشوقنا اليها وحلمنا بالعودة يوما الى "طيرة دندن".
وتتابع عودة "صحيح انني اعيش في المخيم واحبه كثيرا لأنني تعودت على العيش فيه رغم قسوة الحياة حيث الازدحام والفقر وفقدان الخصوصية، ولكن حبي لمخيمنا لن ينسيني ابدا حلم العودة الى ديار الأجداد.
وتقع طيرة دندن بين قريتي قولة ودير طريف إلى الشمال الشرقي من الرملة، وتبلغ مساحة أراضيها 6956 دونماً وتحيط بها أراضي قرى قولة وقبية وبيت نبالا ودير طريف. وقامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريد أهلها البالغ عددهم 1496 نسمة عام 1948، وقد أنشئت فوق أراضي القرية ثلاث مستعمرات.
ابو سليمان من قالونيا
اللاجئ محمد سليمان عثمان (ابو سليمان)- 83 عاما - الذي ينحدر من قرية قالونيا شمال غرب القدس، عاش مع عائلته المكونة من ثمانية افراد (الوالدان وستة أبناء، بينهم بنتان)، قال :"كانت عائلتي قبل الهجرة تعتمد على الزراعة خاصة اللوزيات بالإضافة الى تربية الابقار في نفس الوقت، وكنت اقوم برعاية الابقار وحلبها وبيع الحليب لمصنع كان يمتلكه يهودي قرب حائط البراق كما كنت اقوم بقطف ثمار الاشجار من الخوخ والمشمش وابيعها للتجار في اسواق ياف، وكان عمري آنذاك 17 عاما.
وأضاف متنهدا: "اه على الزمن الجميل، ايام الشباب كانت عائلتي تملك 3 محال في قالونيا وكان يجتمع فيها جميع افراد العائلة وتسمى "بيت العيلة" وكانت تتبادل الحديث الشيق".
ويتحدث ابو سليمان عمّا حصل في قريتهم والقرى المجاورة عندما تعرضت لهجوم من قبل العصابات الصهيونية قائلا: "كان بجانب قريتي مستعمرة يهودية تسمى "الكومينة"، وكان يفصلنا عن المستوطنة شارع يافا - القدس، وكانت الاوضاع متوترة جدا بسبب الانباء التي تحدثت عن استيلاء العصابات اليهودية على القرى والبلدات المجاورة كالقسطل وغيرها، وتنفيذهم مجازر فيها.
وتابع أبو سليمان: "سمعنا صوت اطلاق نار كثيف والناس يصرخون ويقولون "جاؤوا.. جاؤوا"، بهذا الوقت قام الرجال في قالونيا بحمل الاسلحة واحاطوا مداخل القرية بالأسلاك الشائكة لمنع اليهود من الدخول الى القرية، لكن اليهود وصلوا الى قناة المياه التي يشرب منها الاهالي، وهددوا بتفجير القناة ، لكننا اطلقنا الرصاص عليهم وفروا الى مستعمرتهم المجاورة للقرية".
وأشار الى ان الناس عرفوا لاحقا ما حصل من مجزرة في بلدة دير ياسين غربي القدس ووجود اعداد كبيرة من الجرحى والشهداء، بالإضافة الى ذلك اصبح اليهود يطلقون الرصاص من البنادق الرشاشة على بيوتنا من المستعمرة المجاورة للقرية، حينها ساد الذعر والخوف عند الجميع وجاء والدي وطلب من العائلة ان تتحضر للرحيل فقمنا بتجهيز بعض الاغراض والاطعمة لأخذها معنا".
ويكمل أبو سليمان: "عندما خرجنا من القرية، مررنا في طريقنا بمجموعة من الثوار والفدائيين المسلحين وكان قائدهم "عبد القادر الحسيني" كانوا في طريقهم الى قرية القسطل التي استولى عليها اليهود، واشتبكوا مع اليهود في معركة كبيرة لمدة 8 ايام متواصلة استشهد فيها القائد الحسيني وهو ممسك سلاحه فاخذ الفدائيون الجثة إلى قرية عين كارم في ضواحي القدس (حتى لا تقع جثة الشهيد بأيدي الإسرائيليين ويساوموهم عليها)، ثم دفن بعد ذلك في القدس بجوار قبر أبيه موسى كاظم الحسيني.
واضاف: "في الوقت التي خرجنا فيه من القرية مشيا على الاقدام، اصر والدي على ان اذهب لوحدي ومعي الابقار الى قرية بيت عور التحتا غرب رام الله لانه يوجد هناك مكان للاحتفاظ بالابقار، فيما ذهب والدي مع باقي العائلة الى بلدة بيت سوريك التابعة للقدس، ومكثوا هناك سبعة ايام متتالية، ثم جاؤوا الي بسيارة وركبت معهم وذهبنا الى نابلس، حيث استقبلتنا عائلة معروفة من آل جعارة كانت تسكن في المدينة.
وأشار أبو سليمان الى انه وامام ضيق الحال، اضطر والده لبيع الابقار التي كانت لديهم، ثم عاود شراء بقرة بخمسين جنيها فلسطينيا، فكانت هي مصدر رزقهم حيث كانوا يبيعون حليبها داخل بلدة نابلس القديمة.
ويوضح بانه تزوج لاحقا، حيث اصر والده على تزويجه باعتباره الابن الأكبر للعائلة، وقد رحل بقية أراد عائلته الى رام الله في حين ظل هو وزوجته في نابلس وانتقل للسكن في مخيم عسكر الجديد شرق المدينة وعمل في اكثر من مجال، وعندما كبر أبناؤه سافروا للعمل في الخارج، لان فرص العمل هنا محدودة.
ويقول أبو سليمان بأن اهم شي في هذه الحياة هو راحة البال، مستدركا، بأن الفلسطيني لن يشعر براحة البال ما دام هناك احتلال.
وختم بانه من حقنا العودة الى بلادنا ومن حقنا اقامة دولتنا الفلسطينية، ومن حق أبنائنا واحفادنا ان يعيشوا بحرية في هذا الوطن كباقي شعوب العالم.
يشار الى ان مسقط رأس ابو سليمان "قالونيا" او "كالونيا" هي من قرى القدس المحتلة عام 1948، وتعتبر الان ضاحية من ضواحي القدس الغربية. وكلمة "قالونيا" هي تحريف لكلمة (كولونيا) اللاتينية ومعناها مستعمرة. وقد بلغت مساحة أراضيها 4844 دونما، وتحيط بها أراضي قرى دير ياسين، بيت اكسا، لفتا، عين كارم، القسطل، بيت نقوبا، وبيت سوريك.
وقامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 1948 حوالي (1056) نسمة، ومن ثم تم ضم بعض أراضي القرية إلى مستعمرتي (موتسا)، و(موتسا عيليت) المقامتين بجانب القرية.
دلالات
الأكثر تعليقاً
الرئيس عباس يصل القاهرة غدًا ويلتقي السيسي في زيارة ستستمر ليومين
مسؤولية المملكة المتحدة بعد قرن من بلفور
لقاء بين "فتح" و "حماس" في القاهرة
الرئيس عباس يصل مصر في زيارة رسمية
مستوطنون يحرقون 20 مركبة ويخطون شعارات عنصرية في رام الله
الدفاع المدني بغزة: أكثر من 100 ألف مواطن في الشمال بلا طعام أو شراب أو دواء
25 شهيداً في قصف الاحتلال منزلاً في بيت لاهيا شمال قطاع غزة
الأكثر قراءة
فتح وحماس تبحثان بالقاهرة إنشاء لجنة لإدارة غزة
الشاباك يؤكد اعتقال موظفين بمكتب نتنياهو والأخير ينفي
الرئيس يتسلم دعوة للمشاركة في قمة المتابعة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض
حماس توضح بخصوص ما نشرته وسائل إعلام حول محمد الضيف
نجاة قائدي منطقتي الشمال والضفة بجيش الاحتلال
والحركة تنعيه.. جيش الاحتلال يعلن اغتيال عضو مكتب سياسي من حماس في خان يونس
نتنياهو يحاول الدفاع عن نفسه أمام التسريبات الأمنية الخطيرة
أسعار العملات
الثّلاثاء 05 نوفمبر 2024 8:35 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.29
شراء 5.27
يورو / شيكل
بيع 4.08
شراء 4.06
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 59)
شارك برأيك
74 سنة على النكبة.. وصية الأجداد يحفظها الاحفاد