فلسطين
الإثنين 25 نوفمبر 2024 8:48 صباحًا - بتوقيت القدس
الأطفال في محرقة الإبادة.. استهداف الهوية والوجود والمستقبل
خاص بـ "القدس" والقدس دوت كوم-
باسم أبو جريّ: أطفال غزة يواجهون حرب الإبادة ويعانون من ظروف معيشية وصحية كارثية إلى جانب شلل العملية التعليمية
خالد قزمار: استشهاد أكثر من 20 ألف طفل وإصابة ما يزيد على 40 ألفاً بغزة بعد ٧ أكتوبر ما يؤكد وجود إبادة جماعية
عبد الله الزغاري: منذ السابع من أكتوبر تم رصد اعتقال نحو 770 طفلاً من الضفة.. والمئات من غزة تعرضوا إلى الإخفاء القسري
حلمي الأعرج: سلطات الاحتلال تسعى إلى إرهاب الأطفال وإبقائهم في حالة خوف دائمة بهدف قتل الروح النضالية لديهم
وسام سحويل: مشاهد القتل والعنف والدمار الـمُفجِعة والمتكررة تتسبب باضطرابات نفسية خطيرة لدى الأطفال الفلسطينيين
د. سماح جبر: أطفال غزة يعيشون واقعاً خطيراً جداً لا يمكن احتماله ويواجهون صدمات هائلة تحتاج إلى سنوات للتعافي
يكشف الاستهداف الذي يتعرض له الأطفال الفلسطينيون، خاصة في قطاع غزة، الذي يجري بشكل منهجي ومتزايد من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وسط ظروف إنسانية كارثية نتيجة حرب الإبادة الجماعية التي باتت تهدد وجودهم وهويتهم.
ويؤكد مسؤولون ومختصون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن هذه الجرائم تكشفت بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع كبير في أعداد الشهداء والجرحى بين الأطفال الذين يُقدر عددهم بأكثر من 20 ألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى، إضافة إلى تدمير المرافق الصحية والتعليمية، ما يجعل الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة أكثر مأساوية، مشيرين إلى أن هذه الممارسات تسلط الضوء على محاولات منهجية لطمس هوية الأطفال الفلسطينيين وتهديد مستقبلهم.
ويشيرون إلى أن الوصف الذي أطلقه المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني على ما يجري بالقول: "غزة أصبحت مقبرة للأطفال" يعكس حجم المأساة التي يعيشها الأطفال هناك، ما يهدد وجودهم واستقرارهم النفسي.
جرائم الإبادة تتم باستخدام كافة الوسائل
يؤكد باسم يونس أبو جريّ، الباحث الأكاديمي في مركز الميزان لحقوق الإنسان بغزة، أن قطاع غزة يشهد جريمة إبادة جماعية متواصلة ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مستهدفةً السكان المدنيين، ولا سيما الأطفال الذين يشكلون نحو 47% من إجمالي السكان.
ويوضح أن جرائم الإبادة تتم باستخدام كافة الوسائل التي تتسبب في أقصى درجات المعاناة، حيث يقتل الأطفال ويصابون بجروح بليغة، كما يعانون من ظروف معيشية وصحية وتعليمية كارثية.
ويؤكد أبو جريّ أن الإحصاءات بشأن قتل الأطفال منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى الآن، هي إحصاءات صادمة، عدا الوفيات الناجمة عن الأوبئة أو الجوع، اللذين تفاقما بسبب نقص المساعدات والإمدادات الغذائية، ويعاني آلاف الأطفال من إصابات بليغة تسببت في إعاقات وتشوهات دائمة نتيجة استخدام الأسلحة الفتاكة والقصف العشوائي للأعيان المدنية.
أبو جريّ يشير إلى أن الأطفال يواجهون ظروفاً مأساوية غير مسبوقة، حيث يضطرون للوقوف في طوابير طويلة للحصول على المياه أو على أبواب التكايا للحصول على القليل من الطعام، أو معاناتهم من البرد، فضلاً عن ذلك، يتعرض الأطفال للاعتقال في ظروف قاسية، تشمل الضرب والحرمان من الطعام لفترات طويلة.
ويلفت الباحث أبو جريّ إلى أن عدد الأطفال الذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما بسبب الحرب يقدر بنحو 35,060 طفلاً، وهؤلاء الأطفال يعيشون في بيئة بالغة الخطورة، خاصة أن معظم سكان القطاع نزحوا عن منازلهم ويعيشون الآن في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
ويوضح أبو جريّ أن نحو 74% من الخيام الحالية أصبحت غير صالحة للاستخدام، حيث تحتاج 100,000 خيمة من أصل 135,000 إلى استبدال فوري، وفي ظل هذه الظروف، يعاني النازحون –وبينهم الأطفال– من نقص حاد في المواد الغذائية والمياه المحلاة، كما يفتقرون إلى وسائل التدفئة والملابس الشتوية، في وقت تمنع فيه سلطات الاحتلال استيراد الملابس وتعتبرها "احتياجات غير ضرورية".
غياب الرعاية الصحية وشلل العملية التعليمية
ويؤكد أبو جريّ أن الأطفال في قطاع غزة يعانون أيضاً من غياب الرعاية الصحية بسبب استهداف المرافق الطبية والكوادر الصحية ومنع دخول الأدوية، كما شلّت العملية التعليمية بالكامل بعد استهداف المدارس والمرافق التعليمية، حيث تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين.
ويوضح أبو جريّ أن آلاف الطلاب والمعلمين قُتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي، فيما دُمرت رياض الأطفال والمدارس والجامعات بشكل واسع النطاق.
ويشدد أبو جريّ على أن حرمان الفلسطينيين من حقهم في التعليم يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن التعليم يُعد وسيلة مهمة للتقدم والتنمية، كما يساعد الأفراد والمجتمعات على مقاومة الاحتلال والخروج من دائرة الفقر والتهميش.
ويشير أبو جريّ إلى أن سكان غزة –بمن فيهم الأطفال– يعيشون في حالة من انعدام الأمن، حيث لا توجد منطقة آمنة في القطاع، حيث ان المنازل تُقصف على رؤوس ساكنيها، والمدارس ومراكز الإيواء التابعة لوكالة الغوث (الأونروا) تُستهدف بالصواريخ، موضحاً أن هذه الظروف تجعل غزة بمثابة "مقبرة للأطفال"، حيث يُقتل نحو 43 طفلاً يومياً منذ بدء الحرب.
ويلفت أبو جريّ إلى أن الأطفال يعانون من سوء التغذية نتيجة حرب الإبادة في القطاع، فضلاً عن الأمراض الناتجة عن تلوث المياه، بما في ذلك مياه الشرب.
ويشدد أبو جريّ على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل وفعال لإجبار إسرائيل على وقف جرائم الإبادة الجماعية وفرض وقف إطلاق النار في غزة، تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن الدولي.
ويؤكد أبو جريّ أهمية ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق المدنيين والأطفال وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، مطالباً بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة.
ويدعو أبو جريّ وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية إلى تكثيف جهودها للضغط على سلطات الاحتلال لوقف الانتهاكات، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ويؤكد أبو جريّ أن حماية حقوق الأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في الحياة والتعليم والصحة، يجب أن تكون أولوية قصوى في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية.
ويوضح أبو جريّ أن هذه الأزمة تتطلب تحركاً دولياً فورياً لإنقاذ أطفال غزة من مصيرهم المأساوي، الذي يعكس حجم المعاناة التي يعيشها قطاع غزة بسبب حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها منذ نحو 14 شهرا بشكل متواصل.
تصعيد غير مسبوق في استهداف الحقوق الأساسية للأطفال
يؤكد خالد قزمار، المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين ليس بالأمر الجديد، بل هو سياسة ممنهجة منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، إلا أن ما حدث بعد السابع من أكتوبر 2023 شكل تصعيداً غير مسبوق في استهداف الحقوق الأساسية للأطفال الفلسطينيين، خاصة حقهم في الحياة، الذي انتهك بجرائم قتل جماعي واسعة النطاق.
وبحسب قزمار، تجاوز عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 20 ألف طفل منهم ما تزال جثامينهم تحت الأنقاض، فيما أصيب أكثر من 40 ألفاً بجروح متفاوتة، وهذه الأرقام لا تعكس فقط أعداد الضحايا، بل تكشف عن جريمة إبادة جماعية تنفذها سلطات الاحتلال بحق المدنيين العزل، مع التركيز على الأطفال الذين يشكلون مستقبل الشعب الفلسطيني.
ويؤكد قزمار أن الاحتلال الإسرائيلي، كقوة قائمة بموجب القانون الدولي، ملزم بتوفير وضمان حقوق الأطفال الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة، إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، حيث تُمارس سياسات القتل الجماعي والتدمير الممنهج في قطاع غزة.
ويشير قزمار إلى أن الحق في التعليم يمثل هدفاً مباشراً في سياسات الاحتلال، فمنذ بداية حرب الإبادة، فقد قطاع غزة المقومات الأساسية للتعليم، إذ دُمّرت أكثر من 830 مدرسة وفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم، وتحولت غالبية المدارس المتبقية إلى مراكز لإيواء المدنيين الذين فقدوا منازلهم.
ويلفت قزمار إلى أنه إلى جانب ذلك، قُتل أكثر من 12 ألف طفل من طلاب المدارس، واستشهد أكثر من 600 معلم ومعلمة. هذا الدمار جعل من العملية التعليمية شبه مستحيلة، حيث باتت الأولوية الآن هي الحفاظ على حياة الأطفال في ظل القصف العشوائي واستهداف التجمعات السكانية.
حرمان الأطفال من التعليم جريمة تستهدف محو ذاكرتهم
ووفق قزمار، فإن الضفة الغربية شهدت استهداف التعليم بطريقة مختلفة، عبر محاولات طمس الهوية الفلسطينية من خلال محاولات تحريف المنهاج الفلسطيني وفرض مناهج تتماشى مع رواية الاحتلال، أو تعطيل المدارس بسبب الاقتحامات.
قزمار يشدد على أن حرمان الأطفال الفلسطينيين من حقهم في التعليم يمثل جريمة تستهدف محو ذاكرة الطفل الفلسطيني وهويته الثقافية، مما يهدد مستقبله ويمنعه من تكوين شخصيته وهويته الوطنية.
إلى جانب التعليم، تعرّض القطاع الصحي لضربات قاسية جعلت تقديم الرعاية الطبية للأطفال أمراً شبه مستحيل، حيث يوضح قزمار أن المستشفيات تعرضت للتدمير، فيما بات وصول الأدوية والمعدات الطبية أمراً مستحيلاً بسبب الحصار، كما أن الأطفال المصابون لا يجدون فرصة للعلاج، ما يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات بشكل يومي.
استخدم الغذاء والماء كسلاح حرب في مواجهة المدنيين
ويشير قزمار إلى أن الاحتلال استخدم الغذاء والماء كسلاح حرب في مواجهة المدنيين، خاصة الأطفال، وانقطعت الإمدادات الغذائية والطبية الأساسية، مما دفع آلاف الأطفال إلى مواجهة خطر المجاعة والتشرد.
وعلى الرغم من أن حدة الجرائم في الضفة الغربية أقل مقارنة بغزة، فإن قزمار يؤكد أن سياسة استهداف الأطفال مستمرة، فمنذ بداية العام الجاري، قُتل أكثر من 88 طفلاً فلسطينيًا في الضفة الغربية.
قزمار يشير إلى أن هذه الجرائم لم تكن لتحدث لولا الشراكة الدولية مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتمثل في توفير الحماية السياسية والدعم العسكري والمالي لدولة الاحتلال، دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا تواصل تزويد إسرائيل بالسلاح، مع توفير غطاء سياسي يمنع محاسبتها في المحافل الدولية.
ويؤكد قزمار أن تصريحات مسؤولين دوليين، مثل المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، الذي قال إن "غزة أصبحت مقبرة للأطفال"، والتي تتقاطع مع تصريحات سابقة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تكشف عورة الدول التي تدعي حقوق الإنسان وتدعي حمايتها للقانون الدولي تغض الطرف عما يجري في قطاع غزة بسبب أن المجرم هو الاحتلال الاسرائيلي.
وفي ما يتعلق بالجهود المطلوبة، يدعو قزمار إلى تفعيل نظام المساءلة الدولية، بما في ذلك دور محكمة الجنايات الدولية في محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
ويؤكد قزمار أن استمرار الصمت الدولي وتواطؤ بعض الدول الكبرى مع جرائم الاحتلال هو السبب الرئيس في تفاقم هذه الجرائم واستمرارها.
ويؤكد قزمار أن ما يحدث في فلسطين اليوم هو استهداف ممنهج للأطفال الفلسطينيين بهدف تدمير بنيتهم النفسية والتعليمية والصحية، وهذه الجرائم لا تهدد الحاضر فقط، بل تستهدف مستقبل الشعب الفلسطيني بأكمله، في محاولة لطمس هويته وقتل روح المقاومة لديه.
قزمار يشدد على أن الحقوق الأساسية للأطفال الفلسطينيين، التي تشمل الحق في الحياة، والتعليم، والصحة، والغذاء، ليست مجرد شعارات، بل هي حقوق مضمونة بموجب القوانين والمواثيق الدولية، إلا أن هذه الحقوق تُنتهك يومياً أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي يقف عاجزاً أو متواطئاً أمام هذه الجرائم.
ويعتقد قزمار أن إنقاذ الأطفال الفلسطينيين وضمان حقوقهم يتطلب إرادة سياسية دولية حقيقية، تضع حداً لهذه الجرائم وتعيد للأطفال حقهم في حياة كريمة ومستقبل آمن.
عمليات انتقام واسعة النطاق
يؤكد رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف الأطفال الفلسطينيين بشكل منهجي منذ بداية احتلاله الأراضي الفلسطينية، إلا أن هذه السياسات تصاعدت بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر الماضي.
ويوضح الزغاري أن هذا الاستهداف المتعمد للأطفال يتم في إطار عمليات انتقام واسعة النطاق من الشعب الفلسطيني، حيث تُسرق طفولة الأطفال وتُحطم أحلامهم، ما يترك آثاراً مدمرة على حاضرهم ومستقبلهم.
ويشير الزغاري إلى أن الأطفال الفلسطينيين يعيشون حالة هستيرية جراء استهدافهم المباشر من قبل الاحتلال، حيث يعانون من آثار نفسية جسيمة لذلك.
ويؤكد الزغاري أن الاحتلال يسعى، من خلال هذه السياسات بالقتل والاعتقال واستهداف التعليم، إلى تدمير البنية الأساسية للمجتمع الفلسطيني، في محاولة لقتل الروح المعنوية للشعب الفلسطيني بأكمله.
اعتقالات واسعة للأطفال وتعذيب وتجويع.. وإخفاء قسري
وفي ما يتعلق بالضفة الغربية، يوضح الزغاري أن وتيرة استهداف الأطفال تصاعدت بشكل لافت، حيث شهدت الفترة منذ السابع من أكتوبر اعتقال نحو 770 طفلاً، ما زال 270 طفلاً يقبعون في سجون الاحتلال، حيث تعرضوا لشتى أنواع الانتهاكات، بما في ذلك التعذيب والتجويع والحرمان من حقوقهم الأساسية، والإهانات المستمرة، علاوة على استشهاد عدد كبير من الأطفال في الضفة الغربية.
ويشير الزغاري إلى أن المئات من أطفال قطاع غزة تم اعتقالهم ثم مورس بحقهم سياسة الإخفاء القسري، حيث تعرضوا لشتى انواع الانتهاكات ولا توجد إحصاءات دقيقة حولهم كما غيرهم من اسرى غزة الذين يتعرضون لسياسة تنكيل واخفاء قسري ممنهج بعد السابع من أكتوبر.
ويشير الزغاري إلى أن العديد من هؤلاء الأطفال الذين اعتقلوا تعرضوا لجرائم طبية وانتهاكات جسدية ونفسية ممنهجة، حيث انتشر بين صفوفهم ما يُعرف بـ"مرض الجرب"، وفي القدس، فرض الاحتلال حبساً منزلياً على عشرات الأطفال الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر، كما لوحظ ارتفاعاً في مدة الأحكام المفروضة على الأطفال.
ويؤكد أن سياسات الاحتلال لا تقتصر على الاعتقال والاعتداء الجسدي، بل تمتد إلى استهداف المنظومة التعليمية للأطفال الفلسطينيين. فقد منعت العديد من الأطفال من العودة إلى مدارسهم نتيجة الحصار والعمليات العسكرية، مما يُعد جزءاً من استراتيجية الاحتلال لتجهيل الأجيال الفلسطينية وضرب البنية التحتية للتعليم.
وينتقد الزغاري عجز المجتمع الدولي عن إجبار الاحتلال الإسرائيلي على تطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل.
ويوضح الزغاري أن المنظومة الدولية، بما فيها مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، فشلت في اتخاذ إجراءات حاسمة لفرض هذه الالتزامات على دولة الاحتلال، ما يشجعها على الاستمرار في ارتكاب انتهاكاتها دون أي رادع.
ويطالب الزغاري القوى الدولية الكبرى التي تهيمن على مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان بالتدخل العاجل لفرض التزام دولة الاحتلال بالقوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل.
ويؤكد الزغاري أن تنفيذ هذه القوانين يعد خطوة أساسية لحماية الأطفال الفلسطينيين من الانتهاكات المستمرة، وضمان مستقبلهم بعيداً عن الخوف والمعاناة.
ويوضح الزغاري أن المطلوب ليس فقط الإدانة، بل اتخاذ خطوات فعلية تضمن محاسبة الاحتلال على جرائمه، ووقف الانتهاكات التي تطال الأطفال الفلسطينيين بشكل يومي، لضمان طفولة آمنة ومستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال الذين يعانون تحت نير الاحتلال.
أيديولوجيا فاشية تدعو إلى القضاء على الفلسطينيين
يؤكد حلمي الأعرج، مدير مركز حريات والدفاع عن الحقوق المدنية "حريات"، أن استهداف الأطفال من قِبل الاحتلال الإسرائيلي يمثل جزءاً من سياسة ممنهجة لإرهاب هذا الجيل، وتهدف إلى قتل الأطفال في سياق جريمة إبادة جماعية تستهدف الشعب الفلسطيني.
ويوضح الأعرج أن الاحتلال يُمعن في ارتكاب الجرائم ضد الأطفال لضمان ألا يكبروا ليصبحوا رجالاً يشكّلون جزءاً أصيلاً من الشعب الفلسطيني ومقاومته.
ويشير الأعرج إلى أن هذه السياسات تندرج ضمن أيديولوجيا إسرائيلية فاشية تدعو إلى القضاء على الفلسطينيين، بمن في ذلك الأطفال، بزعم أنهم "مقاتلون محتملون" في المستقبل.
ويلفت الأعرج إلى أن هذا النهج الإسرائيلي ليس جديداً، فقد كانت هذه اللغة تُستخدم منذ سنوات طويلة، وتتجلى بشكل واضح في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين يعتبرون حتى الأطفال تهديداً.
ويقول الأعرج: "هذه السياسات لا ترتبط بأحداث السابع من أكتوبر فحسب، بل تعكس برنامجاً أيديولوجياً لهذه الحكومة الفاشية، التي أعلنت منذ توليها السلطة عن برنامجها المعروف باسم برنامج الحسم، هذا البرنامج يمنح الشعب الفلسطيني ثلاثة خيارات: الخضوع، أو الرحيل، أو الموت والسجن".
وفي ما يتعلق بتصريحات لازاريني، الذي وصف غزة بأنها "مقبرة للأطفال"، يؤكد الأعرج أن هذا التصريح جاء لأن الأطفال والنساء يشكلون 70% من إجمالي أكثر من 44 ألف شهيد استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي المستمر.
ويقول الأعرج: "ما يزيد الوضع مأساوية هو أن النساء في غزة يُعاقَبن على إنجابهن لهؤلاء الأطفال، وكأن الاحتلال يعاقب الأمهات على إنجابهن للجيل المقبل".
ويوضح الأعرج أن الهدف من هذه السياسات لا يقتصر على قتل الأطفال فقط، بل يتعداه إلى محاولة تجهيلهم وتشريدهم، وكسر إرادتهم.
ويقول الأعرج: "الاحتلال يسعى إلى إرهاب الأطفال وإبقائهم في حالة دائمة من الخوف، بهدف قتل الروح النضالية لديهم، ولكن التجربة الفلسطينية تؤكد أن هذه الجرائم لم تكسر إرادة الأجيال السابقة ولن تكسر الجيل الحالي، بل تزيده إصراراً على الحرية".
ويشير الأعرج إلى أن الأطفال في غزة سيسألون أنفسهم مستقبلاً عن سبب استهدافهم بهذه الوحشية، ولماذا تُقصف بيوتهم وتُقتل عائلاتهم بالطائرات الأمريكية على مرأى ومسمع من العالم.
ويقول الأعرج: "بالرغم من هذه الظروف المأساوية، فإن الإنسان الفلسطيني بطبيعته يتطلع نحو الأمل والحرية، ولن تنجح محاولات الاحتلال في تطويعه"، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه.
ويقول الأعرج: "على رغم صدور قرارات دولية، مثل قرار محكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن، إلا أن صمت العالم أمام هذه الإبادة الجماعية يثير الدهشة، المطلوب اليوم صحوة دولية تنهي هذا الصمت وتضغط على الاحتلال".
ويشدد الأعرج على أهمية دور المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة واليونيسف، في تحميل الاحتلال المسؤولية، مؤكداً أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، يمثل بداية الطريق نحو تحقيق العدالة الدولية، وضمان توفير الحماية وحقوق الأطفال الفلسطينيين.
حرمان الأطفال من أبسط حقوقهم المكفولة بالقوانين الدولية
يؤكد مدير دائرة البحث والتوثيق في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب وسام سحويل أن الطفولة الفلسطينية تعيش واحداً من أكثر الأوضاع مأساوية وتعقيداً في العالم، في ظل الاحتلال الإسرائيلي وسياساته القمعية المستمرة.
ويوضح سحويل أن الأطفال الفلسطينيين يُحرمون من أبسط حقوقهم التي تكفلها القوانين الدولية، مثل الحق في الحياة والأمن والتعليم والرعاية الصحية.
ويشير سحويل إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف الأطفال بشكل مباشر، سواء من خلال القصف الجوي أو إطلاق الرصاص الحي، وحتى القنابل، ما يؤدي إلى مقتل وإصابة الآلاف منهم، وتترك هذه الإصابات، في كثير من الأحيان، آثاراً دائمة جسدياً ونفسياً على الأطفال، مما يعمق معاناتهم ويحد من قدرتهم على العيش حياة طبيعية.
ويلفت سحويل إلى أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي لا يقتصر على القتل والإصابة، بل يشمل أيضاً هدم المنازل وتشريد العائلات، ما يحرم الأطفال من بيئة آمنة ومستقرة.
ويشير سحويل إلى أن الاحتلال يعتقل مئات الأطفال سنوياً، ويزج بهم في السجون في ظروف قاسية، حيث يتعرضون لسوء المعاملة الجسدية والنفسية، في انتهاك صارخ للمعاهدات الدولية التي تنص على حماية حقوق الطفل.
ويبيّن سحويل أن مشاهد القتل والدمار المتكررة والـمُفجعة تؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة لدى الأطفال الفلسطينيين، مثل الخوف المزمن والكوابيس، واضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، كما أن فقدان الأصدقاء وأفراد العائلة بسبب العنف يترك جروحاً عميقة في نفوسهم، ويزيد من شعورهم باليأس.
وفي ما يتعلق بالتعليم، يوضح سحويل أن كثيراً من المدارس تتعرض للقصف أو تُغلق، ما يعيق الأطفال عن استكمال دراستهم.
ويشير سحويل إلى أن الإجراءات الإسرائيلية مثل الحواجز الأمنية تُصعّب الوصول إلى المؤسسات التعليمية، مما يضاعف من معاناة الطلاب.
ويؤكد سحويل أن حرمان الأطفال من التعليم لا يقتصر تأثيره على الأفراد، بل يمتد ليضرب مستقبل الشعب الفلسطيني بأسره، حيث يخلق أجيالاً تعاني من الإحباط واليأس.
ويشدد سحويل على أن استهداف الأطفال الفلسطينيين ليس عشوائياً، بل هو جزء من سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى إضعاف المجتمع الفلسطيني.
ويوضح سحويل أن هذه السياسة تولد حالة من الرعب والخوف بين العائلات، وتضعف الروابط الاجتماعية، مما يؤدي إلى تدمير البنية المجتمعية الفلسطينية.
ويؤكد سحويل أن استهداف الأطفال يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة لحماية هؤلاء الأطفال وضمان حقوقهم.
ويلفت سحويل إلى أن غياب المحاسبة الدولية الفعّالة يشجع الاحتلال على مواصلة انتهاكاته، داعياً إلى توثيق هذه الجرائم وبناء ملفات قانونية لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب.
ويعرب سحويل عن قلقه من تأثير هذه الانتهاكات على تكوين شخصية الأطفال الفلسطينيين، موضحاً أن الأجيال المتضررة قد تعاني من اضطرابات عقلية واجتماعية تحول دون قدرتها على بناء مستقبل مستقر.
ويؤكد سحويل أن استمرار الجرائم بحق الأطفال يهدد الطموح الوطني الفلسطيني، مشيراً إلى ضرورة استئناف العملية التعليمية بشكل عاجل، وتعزيز الجهود لمحاسبة الاحتلال.
ويشير سحويل إلى أن الجرائم ضد الطفولة الفلسطينية لا تسقط بالتقادم، مستشهداً بملاحقة مرتكبي الجرائم في البوسنة والهرسك كمثال على إمكانية تحقيق العدالة.
ويدعو سحويل المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات ملموسة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينيين وضمان مستقبل آمن لهم.
خسائر في الصحة النفسية والجسدية
تصف د. سماح جبر، رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة، واقع الطفولة في غزة بأنه "خطير جداً"، مشيرة إلى أن الأطفال هناك يواجهون صدمات هائلة نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، ويحتاجون إلى سنوات للتعافي.
وتوضح جبر أن الانقطاع عن التعليم، إضافة إلى الخسائر في الصحة النفسية والجسدية، يُعد من أكبر التحديات.
وتقول جبر: "إن خسارة التعليم لا تقتصر على تراجع القدرات المعرفية لدى الأطفال، بل تشمل أيضاً غياب الإطار الاجتماعي والنفسي الذي يغذي نموهم الطبيعي".
وتؤكد جبر أن حجم الصدمات التي تعرض لها الأطفال في غزة يتطلب سنوات طويلة للتعافي من آثارها، إذ إن هذه الخسائر تُعمق من مأساة الأطفال وتجعلهم يعيشون في بيئة غير ملائمة لنموهم الطبيعي.
وتتطرق جبر إلى ظاهرة "تبدل الأدوار"، حيث يتحمل الأطفال أعباء الكبار، سواء برعاية إخوتهم الصغار، أو القيام بأعمال تفوق طاقتهم مثل حمل المياه أو رعاية أهاليهم المصابين، ما يحرمهم من عيش طفولتهم ويؤثر سلباً على نموهم النفسي والاجتماعي.
وتؤكد د. جبر أن استهداف الأطفال في غزة يمثل استهدافاً مباشراً لمستقبل فلسطين، قائلة: "الأطفال هم مستقبل فلسطين، ومن يسعون لإبادة الشعب الفلسطيني يريدون إنهاء وجود الفلسطينيين الأصحاء في المستقبل".
وتؤكد جبر أن وصف غزة بأنها أصبحت "مقبرة للأطفال" هو وصف دقيق، بعدما استشهد أكثر من 20 ألف طفل، فضلاً عن الأعداد الكبيرة من الأطفال الذين تُركوا دون رعاية مباشرة من بالغين، بسبب فقدان آبائهم أو أولياء أمورهم.
وتشدد جبر على أن المعاناة ليست فقط في أعداد الشهداء، بل تمتد إلى جودة الحياة المتردية للأطفال الناجين، الذين يعيشون في خوف مستمر ورعب يومي يجعل حياتهم أقرب إلى الموت.
وتقول: "لم تعد غزة مجرد سجن كبير كما وصفناها سابقاً، بل أصبحت اليوم مقبرة كبرى تُدفن فيها الطفولة والمستقبل".
تبعات خطيرة لتدمير المؤسسات التعليمية في غزة
وتحدثت د. جبر عن التبعات الخطيرة لتدمير المؤسسات التعليمية في غزة، معتبرة أن خسارة التعليم الحالية تتجاوز ما حدث أثناء جائحة كوفيد-19، حيث تأثر التعليم عالميًا ولكن بشكل جزئي، بينما في غزة، تعني خسارة التعليم تدمير المدارس بشكل كامل وتحطيم آمال التعليم لسنوات قادمة.
وتعرب جبر عن استغرابها من "الصمت العالمي" إزاء هذا الدمار الذي يتعارض مع المواقف الدولية الداعمة لحق التعليم.
وتشدد جبر على أن معالجة هذا الوضع الكارثي تتطلب جهوداً سياسية عاجلة لوقف العدوان الإسرائيلي والقتل والتهجير، مشيرة إلى أن الإغاثة الإنسانية العاجلة باتت ضرورة قصوى لتلبية الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين.
وتقول جبر: "نحن نتحدث عن وضع مأساوي يتسم بالتجويع وفقدان الضرورات الأساسية، وهو وضع لا يمكن احتماله ويجب أن يتوقف فوراً".
دلالات
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
مصدر إسرائيلي: التوصل لاتفاق بشأن لبنان.. ولدينا ضمانات
الأكثر قراءة
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
الفيتو في مجلس الأمن... أمريكا حارسة مرمى شباكه ممزقة!
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%51
%49
(مجموع المصوتين 101)
شارك برأيك
الأطفال في محرقة الإبادة.. استهداف الهوية والوجود والمستقبل