عربي ودولي

الأحد 08 مايو 2022 9:35 صباحًا - بتوقيت القدس

ايران والقضية الفلسطينية ...ما بين الايدلوجية المتشددة ومناورة الدبلوماسية الذكية

القدس- تقرير منير الغول- "القدس" دوت كوم - في خضم الصراع العربي الاسرائيلي كان الدور الايراني مؤثرا ومنسجما من حيث العلاقة الجيدة التي طورتها ايران مع الفصائل والتنظيمات الفلسطينية وصولا لعلاقات استراتيجية مع حركتي حماس والجهاد الاسلامي ...الى أين وصلت هذه العلاقات وهل من تأثير عملي للنفوذ الايراني ومحاولة التوسع في دول عربية مجاورة كالعراق وسوريا ولبنان على العلاقة الايرانية الفلسطينية وهل تولي ايران القضية الفلسطينية اولوية أم ان مصالحها القومية تكون في المقام الاول على حساب الايدولوجية الناظمة لمجمل فعلها السياسي نحو القضية الفلسطينية...؟؟؟


من الواضح أن ايران تمارس لعبة ومناورة دبلوماسية حذرة وربما تكون ذكية على قطاع غزة ففي الوقت الذي تطلب فيه حماس علانية دعما ايرانيا وتعبئة للمواقف الاسلامية والعربية والدولية من أجل اجبار اسرائيل على وقف انتهاكاتها واعتداءاتها بحق الشعب الفلسطيني فان الموقف الايراني من الواضح أنه لا ينساق الى الانجرار المباشر الى قتال مع اسرائيل واتخاذ خطوات احتياطية لتجنب هذا القتال وهذا ما يحصل أيضا مع حزب الله الموالي لايران والذي يتلقى الدعم المباشر منها وشاهدنا في العام الماضي أن فصيلا فلسطينيا هو من تصدى بصواريخ انطلقت من الاراضي اللبنانية نحو أهداف اسرائيلية في الداخل الفلسطيني المحتل ردا على مقتل متظاهر موالي لحزب الله في أيار من العام الماضي على يد القوات الاسرائيلية لدى تصديها لمجموعة لبنانية حاولت اقتحام الحدود اللبنانية الفلسطينية .


وعلى الرغم من النظرة الاستراتيجية لايران نحو منطقة الشرق الاوسط التي يتجلى فيها أكبر صراع فلسطيني اسرائيلي الا ان عيون الايرانيين لا تجازف بالذهاب الى حرب في المنطقة من أجل حماس أو الجهاد الاسلامي أو مجمل تفاصيل القضية الفلسطينية ونلاحظ أيضا تحولا في نهج القيادة الايرانية التي أصبحت اليوم ترى في العملية الدبلوماسية الدولية والاقليمية نهجا قد تكون له تداعيات سلمية على المنطقة بعيدا عن الحروب وهو الامر الذي لا يروق لفصائل المقاومة الاسلامية ...
لقد شكل استخدام حماس والجهاد الاسلامي عددا هائلا من الصواريخ في نيسان وأيار من العام الماضي نقطة تحول استراتيجية كبيرة تضاف اليها القدرات الجديدة التي كشفت عنها الايام الاخيرة باستخدام المضادات في وجه الصواريخ الاسرائيلية وهذه الاستراتيجية الجديدة من الواضح أنها تدفع اسرائيل للتفكير مليا بتوجيه ضربات استباقية لجذور المقاومة في قطاع غزة والسؤال هنا هل كان للدور الايراني شأن في هذا التحول أم ان الدوافع الخاصة بالحسابات الداخلية للفلسطينيين هي السبب ...


في كل الاحوال يبدو الموقف الايراني صعبا وحساسا لان لديهم حسابات سياسية واستراتيجية مهمة في منطقتنا وعليه فان دعم ايران للمسلحين والمقاومين الفلسطينيين يمكن القول أنه لن يمر دون مقابل حيث أصبح واضحا أن هناك اشتراطات للسياسة الخارجية الايرانية قد تفرضها على قادة حماس والجهاد للبقاء في الصف الموالي لايران إضافة لنقطة غاية في الاهمية وتتعلق في توجهات طهران لمنع اراقة مزيد من الدماء والاعتماد بذكاء على الدبلوماسية الدولية حيث يتضح من التصريحات الاخيرة للمسؤولين الايرانيين والتي أشاروا فيها الى أن قضية فلسطين لم تعد عربية واسلامية فحسب وانما دولية ايضا وضرورة وضع نطاق واطار أوسع لها عالميا ما يؤكد رهان ايران على حلول سلمية لا سيما وأن ايران فتحت نافذة قطر على مصراعيها وحثتها على لعب دور ايجابي أكبر في المنطقة لمنع نشوب حرب بين اسرائيل وفصائل المقاومة الاسلامية ...


ان اعتبار اسرائيل (الشر الرئيسي) في المنطقة من قبل ايران ومهاجمتها باستمرار لانها مصممة على ابقاء جذوة الصراع التاريخي في المنطقة لا يغير حقيقة أنها تصريحات فقط وأنه بات من الواضح أن ايران لا تريد أن تلعب دورا عسكريا مباشرا في المدى القريب ...


تلك تعتبر رسالة واضحة للفلسطينيين بأن يعتمدوا على انفسهم أكثر في المرحلة القادمة لان تحفظ ايران من الولوج بمواجهة مباشرة يندرج في اطار حرصها على عدم تحول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى حرب اقليمية تدرك ايران جيدا انها ستدفع ثمنا باهظا اذا ما تأججت نيرانها لذلك تصر طهران منذ سنوات وتضغط على حزب الله أيضا بضرورة عدم توجه الحزب للحرب وهذا ما وافقت عليه قيادة حزب الله التي صرحت باستمرار ولا زالت أنها ستبقى في حالة دفاع ....


وفي ضوء المفاوضات المتواصلة بين اسرائيل والفلسطينيين يبقى الرهان على الدور الايراني الذي رفض الاعتراف حتى هذه اللحظة بحل الدولتين من حيث المبدأ لكن على أرض الواقع فان ايران اعلنت مرارا وتكرارا استعدادها للتعاون مع دول المنطقة لتعزيز الامن الجماعي في المنطقة وهو أمر يشير بوضوح ورغم دور المتشددين في القيادة الايرانية الى تغير ملحوظ في السياسة الايرانية تجاه القضية الفلسطينية رغم توجيهها لحلفائها في لبنان باستمرار لبعثرة المحادثات السياسية الفلسطينية الاسرائيلية وما يشفع لها في هذه المرحلة فقط أن السياسات الاخيرة لاسرائيل في المسجد الاقصى والشيخ جراح غطت على هذه التناقضات ...


ختاما نرى أن الورقة الدبلوماسية الايرانية تسعى للتحليق في افق النجاح لكن اوروبا والولايات المتحدة لها أيضا مصلحة في اختبار نوايا ايران الاخيرة ...كل ذلك سيلقي بظلاله مستقبلا على العلاقة الايرانية الفلسطينية لنعيد التأكيد مجددا على أن ايران لن تجازف بنفسها لخدمة القضية الفلسطينية من جهة وهي مصممة على عدم خسارة علاقات استراتيجية مع المحورين الكبيرين الروسي والصيني وهو ما يشير الى فتور تدريجي بالعلاقة بين ايران وحماس والجهاد الاسلامي وهو ما ستفرضه لعبة الدبلوماسية الدولية التي قد تنجر اليها ايران في أمد قريب.

شارك برأيك

ايران والقضية الفلسطينية ...ما بين الايدلوجية المتشددة ومناورة الدبلوماسية الذكية

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%20

%80

(مجموع المصوتين 523)