Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 28 أبريل 2025 8:57 صباحًا - بتوقيت القدس

خلص الحكي

بهاء رحال 


كتبنا لنكون صوتهم، وكتبنا كي نقول للعالم أهوال ما يعيشه الناس تحت وقع الإبادة، وكيف ماتوا وكيف قصفوا وكيف بترت أعضائهم، وكم عاشوا جوعى وعطشى، وكم من خوف تربص بهم في فصول الحرب التي لم تنته، وهم لا يزالون يعيشون كل أنواع العذاب والقهر والموت، ويعيشون وحشة الواقع وغرابة الأحداث، ولعنة النزوح والخيمة ومراكز الإيواء، وكنا نظن أن هذا العالم إن لم يكن يسمع الصوت ولم يشاهد الصور، فإنه بالتأكيد سيقرأ ما يحدث، وظل لزامًا علينا أن نطبع بكلماتنا مشاهد الإبادة، ولم نكن نظن يومًا أن كلماتنا سوف تنتهي وتتعطل لغة الكلام، ولم تنته حرب الإبادة، ولم نفكر يومًا أن ما كنا نعول عليه، من عالم متحضر بمواثيق دولية وأممية وقانون دولي، سوف يتدخل لوقف المقتلة، وأنه لن يتخلى عن واجبه الإنساني، ولم يكن لأحد أن يتخيل هذا السقوط الأخلاقي الفادح، الذي أخرس معظم المؤسسات الدولية، وقد اتخذت هذا الحياد الأحمق.

جف الحبر، ولم يتوقف سيل الدم النازف في غزة، ولم تتوقف المعاناة المستمرة والحصار الظالم والخراب الكبير، ولم يبقَ لنا غير أن نحمل كل الألم في دواخلنا صامتين، وأن نعد الخيبات التي أصابتنا من هذا العالم المزيف، الذي صمت وسكت وهرب من أمام مسؤولياته، بينما الناس في غزة يعيشون تحت وقع الإبادة، والحصار وويلات الموت والجوع المستمر، بل إنه يشتد ويزداد مع مرور الوقت، وفي هذه الأيام المثقلة بالمصائب والمصائر المبهمة.

لقد أصبحت الكلمات عاجزة عن مواساة طفل يبحث عن أمه تحت الركام، وعن تهدئة قلب أم تحمل كفن وليدها وتبكي بحرقة، وعن زوجة تجمع أشلاء زوجها التي تناثرت جراء القصف، وعن قهر الرجال الذين يموتون قهرًا وظلمًا، وحين تكسرت الصور، وانطفأت الأضواء، وبقيت الحقيقة وحدها تصرخ في وجه هذا العالم الأبكم، ولم يعد بوسع الكلمات أن تضيف أكثر مما قيل، وقد صار الموت خبزًا يوميًا، والخوف رفيقًا لا يغادر، والمجازر مشهدًا مكررًا بلا انقطاع. وكثيرًا ما قلنا خلص الحكي، فالمشاهد المروعة التي تصل بالصوت والصورة، أكبر من أن تصفها الكلمات، وحجم الألم لا يمكن اختزاله في سطور، ومسافة الخوف والرعب أوسع من معاني اللغة، وأمام حقيقة الواقع تخرس الكلمات.

قلنا أننا شهود على ما حدث ويحدث، وأن أقل واجب هو شعورك تجاه الضحايا، وأن تكتب لهم وعنهم، وأن تروي لتبلسم جراحهم النازفة، وأوجاعهم الدائمة، وأن تسرد للعالم فظائع ما أقدم عليه الاحتلال من وحشية ودموية، وأن تصف البشاعة بعين الكلام، وأن الواجب يحتم عدم غياب صوت المكلومين، وحكايات المقهورين، ونزوح الناجين، وجوع الأطفال وقهر الرجال، وإثم صمت العالم.

كتبنا في التصاق ما بيننا من روابط، لعل الضمير الإنساني يتحرك ويستيقظ، فتتوقف الإبادة ومعها تتوقف مشاريع التطهير العرقي، وتنتهي فصول المقتلة التي لم تنتهِ، بل يصرّ الاحتلال وحكومته المتطرفة على استمرارها، وعلى المضي قدمًا في طريق الدمار والخراب، وهذا واقع غزة التي باتت كل تفاصيلها محاصرة بالموت: هواؤها، ترابها، بحرها، وحتى أحلام أطفالها الذين بترت أطرافهم قبل يكبروا، ليعيشوا لحظة عناق.

كتبنا في انتظار اليوم الذي نصحو فيه لنكتب "صباح الخير يا غزة"، وعلى أمل أن يأتي صباح لا تحاصره الطائرات والدبابات، وكلنا يقين بأن ذلك الصباح آتٍ مهما طال الانتظار.


...............

لقد أصبحت الكلمات عاجزة عن مواساة طفل يبحث عن أمه تحت الركام، وعن تهدئة قلب أم تحمل كفن وليدها وتبكي بحرقة، وعن زوجة تجمع أشلاء زوجها التي تناثرت جراء القصف، وعن قهر الرجال الذين يموتون قهرًا وظلمًا.


دلالات

شارك برأيك

خلص الحكي

المزيد في أقلام وأراء

بعد عام على حكومة المهندسين

نصار يقين

مطالب "الجمهوريين" في استطلاعات الرأي

جيمس زغبي

القلمُ مُكبَّلٌ: الصحفيون الفلسطينيون في مواجهة آلة الاعتقال الإداري الإسرائيلية سردية القمع المنظم ضد شهود...

بن معمر الحاج عيسى

الحاجة إلى مراجعة النظام العربي

جواد العناني

أهلا بكم في الديسكو

عيسى قراقع

لحم اليمن الحي

سليمان جودة

ماكرون أول مستقبلي الشرع الاوروبيين في قصر الاليزيه باريس

صراع الماء بين الهند وباكستان

مصطفى شلش

ذاكرة الانتقاء الرحيم

رمزي الغزوي

لماذا قد تنقلب إسرائيل على نتنياهو قريباً؟

حلمي مُوسى كاتب صحفي متخصص في الشؤون الإسرائيلية

الملك في واشنطن

حمادة فراعنة

شخصية ترامب وصناعة التاريخ

مجدي الشوملي

مرة أخرى بعد الألف...ارحمونا يرحمكم الله

فراس ياغي

المرأة الفلسطينية.. من دور "الضحية" إلى بطلة الرواية

أمين الحاج

زيارة ترمب!

د. عبد المنعم سعيد

متى ستنهض دول الشرق العربي بعد فوضى الربيع العربي؟

من أصبح منكم آمنا في سربه؟

نتائج الحروب العالمية الثلاث - الحلقة الثانية

هل يعيد اليمن تأسيس محور المقاومة وهل يعيد تشكيل قوة الردع...؟؟؟

غزة في عين العاصفة: احتلال دائم وتهجير ممنهج !!

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1204)