Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 07 مايو 2025 9:46 صباحًا - بتوقيت القدس

غزة في عين العاصفة: احتلال دائم وتهجير ممنهج !!


نبهان خريشة

أقرت الحكومة الإسرائيلية شن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، أطلقت عليها إسم "عربات جدعون"، وجدعون هذا في السردية التوراتية الأسطورية قاد مجموعة صغيرة من المقاتلين وانتصر على جيش المديانيين الكبير (لم يرد ذكر هذا الحدث في أي مرجع تاريخي). وبحسب الخطة كما أفادت بذلك وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي سيتحرك بقوة لهزيمة حماس، وإخضاعها وتدمير قدراتها العسكرية والحكومية، وذلك بالتوازي مع ضغوط قوية من أجل إطلاق سراح جميع الرهائن، كما تقضي الخطة ايضا، بـ "إخلاء" واسع النطاق لجميع سكان قطاع غزة من مناطق القتال من شماله ووسطه الى رفح في الجنوب، وستبقى القوات الإسرائيلية في أي منطقة تحتلها لمنع عودة المقاتلين الفلسطينيين اليها.
القناة 13 الإسرائيلية نقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها، إنه إذا لم يتم التوصل إلى صفقة بشأن الرهائن بحلول نهاية زيارة ترامب للمنطقة، فإن إسرائيل ستوسع نطاق القتال، بالبدء بنشر قواتها قبل العملية، وذلك لتوفير فرصة للتوصل لصفقة تحرير الرهائن وفق "نموذج ويتكوف". وخلال الهجوم ستسعى إسرائيل إلى الاحتفاظ بالأراضي التي يتم "تطهيرها" وإضافتها إلى المنطقة الأمنية خلف خطوط التماس، فيما تؤكد أنها لن تخلي المنطقة الأمنية حول غزة في أي اتفاق دائم أو مؤقت، لحماية التجمعات السكانية اليهودية، ومنع تهريب الأسلحة إلى حماس. وأضافت القناة 13 أن منع دخول المساعدات الإنسانية سيستمر، وسيتم رفعه في وقت لاحق من بدء العمليات العسكرية،  يلي ذلك تنفيذ خطة "إنسانية" بواسطة شركات أمريكية في مناطق ستعمل القوات الإسرائيلية على تأمينها.
إن عملية "عربات جدعون" تثير المخاوف في الشارع الإسرائيلي، من احتمال مقتل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة خلال العمليات العسكرية، ما سيؤدي إلى موجة احتجاجات ضخمة في الشارع الإسرائيلي، وتحميل المستوى السياسي ممثلا بنتنياهو والجيش معًا المسؤولية، ما يهدد بانقسام مجتمعي غير مسبوق، شبيه بما حدث بعد حرب لبنان الثانية عام 2006. والإنقسام في اسرائيل حول جدوى العملية العسكرية البرية الواسعة قبل ان تبدأ، تمثل بحملات مقاطعة إستدعاء قوات الإحتياط، واحتجاجات متصاعدة على منصات التواصل العبرية، حيث رصدت وسائل إعلام إسرائيلية مثل "واينت" و"تايمز أوف إسرائيل" تصاعد حملات رقمية، تطالب جنود الاحتياط بمقاطعة أوامر الاستدعاء الجديدة. ولعل الحملة الأبرز، هي تلك التي  انطلقت عبر منصة X تحت وسم "#لا_للاحتلال"، وشارك فيها ناشطون وأهالي جنود، معتبرين أن هذه الحرب لا طائل منها، وقد تنتهي بكارثة، وأشاروا أيضا الى فقدان الثقة بقيادة نتنياهو، لتوظيفه الحرب لأغراض سياسية داخلية.
وهناك من المحللين من يعتقد بأن تلويح إسرائيل بشن الهجوم البري الواسع على قطاع غزة، قد يكون وسيلة ضغط في المفاوضات الجارية للتوصل لهدنة ولتبادل للأسرى،  ففي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة الإسرائيلية عن خيار الحسم العسكري، والإستعدادات التي تجري في هذا الشأن، فإن تسريبات من الوفد المصري المفاوض، نشرتها صحيفة "العربي الجديد"، تفيد بأن إسرائيل تستخدم التصعيد للضغط على "حماس" لتقديم تنازلات في ملف تبادل الأسرى. وفي ذات السياق كان نتنياهو قد اتهم قطر علنًا في مؤتمر صحفي في 30 أبريل 2025  بـما وصفه "بالانحياز  لحماس وتعطيل التوصل لاتفاق"، وهو ما ردت عليه الدوحة برفض الاتهامات وتهديدها بإعادة تقييم دورها في الوساطة.
ووفقا لتصريحات مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين، فإن خطة العملية البرية الإسرائيلية الواسعة المزمع شنها في غزة، تتضمن دفع أكثر من 1.5 مليون فلسطيني قسرًا نحو جنوب القطاع وتحديدا في منطقة رفح،  لتتمكن قوات الاحتلال مما تسميه "بتطهير" مناطق الشمال والوسط من المقاتلين الفلسطينيين حسب ادعائها. وهذا التهجير سيأتي في ظل غياب أي خطط إسرائيلية أو دولية لإعادة السكان إلى مناطقهم الأصلية، مما يعني أنه لن يكون مؤقتا، وهو عمليا تهجير فعلي حتى وإن لم يمر عبر الحدود بعد، الا انه وفقا لمصادر إعلامية إسرائيلية فإن الجيش الإسرائيلي سيعمل على فتح "ممرات للخروج" بعد استكمال تكديس السكان في بقعة جغرافية صغيرة جدا في منطقة رفح، وسط استمرار القصف وانعدام الغذاء، سيكون الخيار الوحيد للناس هو الفرار عبر الحدود الى سيناء، رغم المعارضة المصرية المعلنة لذلك .  
ان ما تمارسه إسرائيل ليس عملية تهجير بل هي عملية طرد ممنهجة، تشبه الى حد بعيد عمليات الطرد لمئات آلاف الفلسطينيين من وطنهم، التي نفذتها العصابات الصهيونية في العام 1948. وتستخدم إسرائيل اليوم عدة أدوات لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة، كالتجويع وذلك بمنع أو تقييد إدخال الغذاء والماء والوقود والمستلزمات الطبية إليه، والهجمات المتكررة على شاحنات قوافل المساعدات، كما انها تستهدف منشآت إنتاج وتخزين الغذاء مثل المخابز ومزارع الدواجن ومحطات المياه، والهدف من ذلك "تصنيع" مجاعة تؤدي إلى وضع إنساني كارثي، وتحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يُطاق، ما يجعل "الخروج" هو الخيار الوحيد المتاح أمامهم للنجاة بحياتهم.
إن احتلال قطاع غزة ونقل سكانه إلى منطقة رفح، يثير عدة إشكالات بموجب القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث أن نقل السكان قسرًا هي جريمة وفقًا لاتفاقيات جنيف وميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، كما يعد الترحيل القسري للمدنيين في النزاعات المسلحة جريمة حرب، بل جريمة ضد الإنسانية إذا تم تنفيذه بشكل منهجي وواسع النطاق. بالإضافة لذلك فإن إسرائيل تعتبر قوة احتلال في قطاع غزة، رغم انسحابها منه عام 2005، لأنها لا تزال تسيطر على المجال الجوي والمعابر، والمياه الإقليمية والسجل السكاني، وتمارس قوة عسكرية مفرطة متكررة، وبالتالي يرى كثير من فقهاء القانون الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية أن إسرائيل لا تزال قوة احتلال فعلية، وخاصة في ظل إعادة الاجتياح البري.
ورغم ان القانون الدولي يسمح بإجلاء المدنيين فقط في حال الضرورة العسكرية المؤقتة، الا انه يشترط أن يكون الإخلاء مؤقتًا، مع توفر النية لإعادتهم فور انتهاء الخطر، وان يكون هدف هذا الإخلاء لضمان أمن السكان، وليس لأغراض سياسية أو ديموغرافية، كما أنه يجب توفير ظروف إنسانية كافية في مناطق الإجلاء. الا أن الوقائع على الأرض تؤشر على عدم وجود ضمانات بإعادة السكان، وكذلك انعدام بنية تحتية أو مآوي في رفح، يضاف لهذا كله تصريحات وزراء في الحكومة الإسرائيلية وعسكريين وقادة أحزاب في إسرائيل، التي تدعو إلى "تطهير غزة من سكانها"..  
وفي ظل التعقيدات الميدانية والسياسية هذه، يبدو أن إسرائيل تتأرجح بين خيارين: إما عملية عسكرية واسعة محفوفة بالمخاطر، قد تنتهي بخسائر فادحة في صفوف قواتها، وفشل استراتيجي يثير أزمات سياسية واجتماعية في داخلها، أو حل سياسي هش قائم على صفقات غير مضمونة، وسط تآكل الثقة بين الأطراف .. أما غزة فتواجه السيناريو الأسوأ إنسانيًا، مع استمرار الحصار وحظر دخول المساعدات الإنسانية، وتفاقم الأزمة في كل الاتجاهات.
 
==============================

ان ما تمارسه إسرائيل ليس عملية تهجير بل هي عملية طرد ممنهجة، تشبه الى حد بعيد عمليات الطرد لمئات آلاف الفلسطينيين من وطنهم، التي نفذتها العصابات الصهيونية في العام 1948


دلالات

شارك برأيك

غزة في عين العاصفة: احتلال دائم وتهجير ممنهج !!

المزيد في أقلام وأراء

"بين الأيدولوجيا والبراغماتية.. آن أوان إنقاذ ما تبقى من فلسطين

رام الله - "القدس" دوت كوم

فاروق الشرع في مذكّراته... رجل دولة في نظام متهالك

بين بلفاست وغزة: دروس من أيرلندا الشمالية للفلسطينيين

فلسطين من التقسيم إلى التطهير العرقي.. النكبة مستمرة

رفعت قسيس

الحب في زمن الحرب بغزة.. بين لهيب المعاناة ولهفة القلوب

حلمي أبو طه

جولة ترامب.. الرابحون والخاسرون

عوني المشني

هل يعود حكم المماليك؟

جواد العناني

النكبة والإبادة والحد الأدنى

حمزة البشتاوي

لا رهان على الموقف الأمريكي فالزيارة استثمارية!!

محمد علوش

التعليم في فلسطين.. رسالة الأمل وصوت الهوية في زمن التحديات

د. سارة محمد الشماس

كل يوم في المخيم هو تذكير بأن النكبة لم تنتهِ

محمد أبو عكر أسير سابق مضى خمس سنوات في الاعتقال الاداري

الإسلاميون بعد قرن.. حصادُ الصراع ومآلات المستقبل؟!

الإفراج عن عيدان ألكسندر .. دلالات جديدة في السياسة الأمريكية والعلاقات الإسرائيلية

في الذكرى الـ77 للنكبة: تصعيد ضد الأونروا وتضييق على مخيمات اللاجئين في القدس

قد لا تصل هذه الرسالة أبدًا

الفرصة الأخيرة؟ الاقتصاد الفلسطيني أمام لحظة الحقيقة مع حكومة مصطفى

الدكتور سعيد صبري- مستشار اقتصادي – عضو مجلس ادارة هيئة التحول الرقمي الدولية

… ونقرأ الفاتحة على خسائرنا الفادحة!

إبراهيم ملحم

الإفراج عن عيدان..هل من انفراجة توقف الإبادة؟

جمال زقوت

الإفراج عن عيدان ألكسندر ، دلالات جديدة في السياسة الأمريكية والعلاقات الإسرائيلية

مروان إميل طوباسي

الاعتراف المزعوم والهراء المعلن

أمين الحاج

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1242)