Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 08 مايو 2025 9:24 صباحًا - بتوقيت القدس

صراع الماء بين الهند وباكستان

يُعد حوض نهر السند موردًا لا غنى عنه لباكستان؛ إذ يُوفر (٩٠٪) من إنتاجها الزراعى، ويُساهم بنحو (٢٥٪) من ناتجها المحلى الإجمالى. وبصفتها دولةً تقع على ضفاف النهر السفلى، تعتمد باكستان اعتمادًا كبيرًا على تدفق مياه نهر السند المتواصل، وترى فى أى انخفاض فى حصتها المائية تهديدًا مباشرًا لبقائها. بعد هجوم أورى عام ٢٠١٦، وهجوم بولواما عام ٢٠١٩، صعّدت الحكومة الهندية خطابها بشأن إلغاء المعاهدة، مؤكدةً أن «الدم والماء لا يجتمعان». وقد دفع هذا الخطاب، المتجذر فى انعدام الثقة التاريخى العميق، باكستان إلى معارضة شديدة للتعديلات التى اقترحتها الهند على معاهدة المياه الدولية، مُشيرةً إلى مخاوف بالغة بشأن تأثيرها المحتمل فى أمن البلاد واقتصادها، بالإضافة إلى ذلك تنظر باكستان إلى إجراءات الهند فى جامو وكشمير، بما فى ذلك إلغاء وضعها الخاص، على أنها جزء من استراتيجية أوسع لفرض سيطرتها على موارد المياه. وتُفاقم هذه التوترات الجيوسياسية الخلافات القائمة؛ مما يجعل التعاون بعيد المنال.

فى فبراير (شباط) ٢٠٢٤، اتهمت وسائل الإعلام والشخصيات السياسية الباكستانية الهند مرارًا بممارسة «إرهاب مائى»، لا سيما فيما يتعلق بمشروعات البنية التحتية، مثل سد شاهبوركاندى على نهر رافى، الذى يزعمون أنه يهدف إلى التحكم فى تدفق المياه لممارسة ضغوط سياسية. ومع ذلك، فقد طعن كلا الجانبين فى هذه الرواية فى الماضى. فى عام ٢٠١٠، صرّح مفوض مياه نهر السند الباكستانى السابق، على شاه، بأن باكستان تحصل على حصتها الكاملة من المياه بموجب المعاهدة، وأن للهند الحق فى بناء سدود ضمن حصتها المخصصة. أثارت تصريحاته انتقادات حادة فى باكستان؛ مما يعكس حساسية هذه القضية.

فى ٣٠ أغسطس (آب) ٢٠٢٤، أصدرت الهند إشعارًا رسميًّا إلى باكستان تطلب فيه مراجعة معاهدة مياه نهر السند وتعديلها، مشيرةً إلى مخاوف بشأن التحول الديموغرافى السكانى، والطلبات الزراعية، والحاجة الملحة إلى تسريع تطوير الطاقة النظيفة. تُنظم معاهدة مياه نهر السند، الموقعة عام ١٩٦٠، تقاسم المياه من نظام نهر السند بين البلدين. تُخصص المعاهدة (١٩.٤٨٪) من مياه النهر للهند، و(٨٠.٥٢٪) لباكستان، حيث تمتلك الهند حقوقًا حصرية على الأنهار الشرقية (سوتليج، وبياس، ورافي)، فى حين تحصل باكستان على الحصة الأكبر من الأنهار الغربية (السند، وجيلوم، وتشيناب). على الرغم من الأهمية التاريخية للمعاهدة بوصفها اتفاقية تعاون، فإن الهند تُجادل بأنها تُفيد باكستان على نحو غير متناسب، وتُعقّد الموافقات على المشروعات، وتُعالج -على نحو غير كافٍـ التحديات الحديثة، مثل تغير المناخ.

منذ إنشائها، تمت الإشادة باتفاقية نهر السند بوصفها اتفاقية ناجحة لتقاسم المياه. ومع ذلك، فإن الاحتياجات المحلية المتزايدة للمياه، إلى جانب أزمة المناخ المتفاقمة، دفعت صانعى السياسات الهنود إلى الضغط من أجل الإصلاح. تعود الدعوات إلى التعديلات إلى عام ٢٠٠٥، واكتسبت زخمًا فى عام ٢٠١٦ مع النزاعات بشأن مشروعى كيشينغانغا وراتلى للطاقة الكهرومائية. يتضمن مشروع كيشينغانغا تحويل المياه من نهر كيشينغانغا لتوليد الكهرباء قبل إعادتها إلى النهر، وهو ما تدعى باكستان أنه يؤثر فى تدفقات المصب. وبالمثل، اعترضت باكستان على مشروع راتل بسبب تأثيره المحتمل على توافر المياه. أدت هذه النزاعات إلى تأخيرات كبيرة؛ مما تسبب فى خسائر مالية كبيرة، وتصاعد تكاليف المشروع للهند. غالبًا ما يتردد المستثمرون فى الالتزام بهذه المشروعات بسبب التقاضى المستمر؛ خوفًا من المخاطر على استثماراتهم.

تحدد المادة التاسعة من معاهدة نهر السند آلية حل ثلاثية المستويات لهذه النزاعات: لجنة مياه نهر السند، وخبير محايد، ومحكمة تحكيم.

وتدعو الهند إلى الالتزام بعملية الخبير المحايد، مشيرة إلى الكفاءة وتقليل التدخل الخارجى. على العكس من ذلك، تفضل باكستان محكمة التحكيم، التى تسمح لها بالطعن على مشروعات مثل كيشينجانجا وراتلى بأوامر إيقاف محتملة. وتجادل الهند بأن هذا النهج المزدوج -الذى يستدعى كلًا من الخبير المحايد ومحكمة التحكيم- يقوض مقصد المعاهدة، ويؤخر مشروعات حيوية. فى عام ٢٠١٦، حاول البنك الدولى، بصفته الوسيط المعين للمعاهدة، تسهيل التوصل إلى حل من خلال تعيين خبير محايد، ومحكمة تحكيم فى وقت واحد. أثار هذا القرار انتقادات من الهند، التى جادلت بأنه ينتهك آلية حل النزاعات المعمول بها فى المعاهدة، التى تعطى الأولوية للخبراء المحايدين أولًا. فى النهاية، عُقدت محكمة التحكيم، وهى خطوة فسرتها الهند على أنها انحياز إلى باكستان. أدى هذا إلى إطالة أمد النزاعات؛ مما أدى إلى تأخير تنفيذ مشاريع الطاقة الكهرومائية الحيوية؛ ولذلك تطالب الهند بتعديل المعاهدة بما يُبسط آليات فض النزاعات. ومن خلال الحد من تدخلات الأطراف الثلاثة، تسعى الهند إلى تسريع تطوير المشروعات، وتقليل الاعتماد على جهات مثل البنك الدولى، الذى يشرف على تنفيذ المعاهدة.

معاهدة المياه الدولية، التى كانت رمزًا للتعاون، تقف الآن عند مفترق طرق؛ فقد كشف تغير المناخ، والنزاعات القانونية، وانعدام الثقة التاريخى عن حدودها، ولكى تظل المعاهدة سارية المفعول، يجب على الهند وباكستان إعطاء الأولوية للبقاء الجماعى على تنافسهما السياسى. ويمكن لمعاهدة المياه الدولية المُعدّلة أن تُدمج تدابير التكيف مع تغير المناخ، وتُحسّن تخصيص الموارد، وتُبسّط حل النزاعات.

ويواجه حوض نهر السند ضغوطًا متزايدة من جراء تغير المناخ؛ إذ من المتوقع أن يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم ندرة المياه فى كل من الهند وباكستان. ينبع ما يقرب من ٢٥ إلى ٣٠ فى المائة من مياه الحوض من الأنهار الجليدية وذوبان الثلوج، مما يجعله عرضة بشدة لتقلبات المناخ. تؤدى الرياح الموسمية غير المنتظمة وذوبان الجليد المتسارع إلى تعطيل أنماط التدفق، حيث تشير التوقعات إلى عجز مائى بنسبة (٥٠) فى المائة بحلول عام ٢٠٣٠. وقد يشهد حوض نهر السند بالفعل زيادة فى هطول الأمطار، وتشكل هذه التحولات المناخية تهديدات كبيرة للزراعة وإمدادات المياه المنزلية فى كل من الهند وباكستان؛ مما يؤكد الحاجة الملحة إلى تكييف معاهدة مياه نهر السند مع التحديات المعاصرة.

دلالات

شارك برأيك

صراع الماء بين الهند وباكستان

المزيد في أقلام وأراء

الإفراج عن عيدان ألكسندر .. دلالات جديدة في السياسة الأمريكية والعلاقات الإسرائيلية

في الذكرى الـ77 للنكبة: تصعيد ضد الأونروا وتضييق على مخيمات اللاجئين في القدس

قد لا تصل هذه الرسالة أبدًا

الفرصة الأخيرة؟ الاقتصاد الفلسطيني أمام لحظة الحقيقة مع حكومة مصطفى

الدكتور سعيد صبري- مستشار اقتصادي – عضو مجلس ادارة هيئة التحول الرقمي الدولية

… ونقرأ الفاتحة على خسائرنا الفادحة!

إبراهيم ملحم

الإفراج عن عيدان..هل من انفراجة توقف الإبادة؟

جمال زقوت

الإفراج عن عيدان ألكسندر ، دلالات جديدة في السياسة الأمريكية والعلاقات الإسرائيلية

مروان إميل طوباسي

الاعتراف المزعوم والهراء المعلن

أمين الحاج

إسرائيل على مفترق طرق.. احتلال، إبادة جماعية، وموت رؤية

ألون بن - مئير

انكشاف الغرب الاستعماري وتعريته

حمادة فراعنة

الإدارة على مفترق طرق.. كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل دور القادة والمؤسسات؟

د. عمر السلخي

بين خطاب فريدمان ومصالح ترامب.. فلسطين قضية تحرر وطني وليست ورقة على طاولة الصفقات

مروان إميل طوباسي

شكوك حول نوايا وجدوى خطة المساعدات الأمريكية لغزة !

نبهان خريشة

كل الجهود لوقف حرب الإبادة وإفشال مخططات التهجير والترحيل

وليد العوض

في جدلية التناقض الرئيسي والثانوي

محسن أبو رمضان

تجارة لا تبور

إسماعيل الشريف

جائحة الركود التضخمي الجديد

حسام عايش

عائلة بأكملها في قبضة الغياب... حين تُقصف السماء الذاكرة

بن معمر الحاج عيسى كاتب وباحث جزائري

رفح.. سنة في درب المعاناة وسبع محطات من الصبر الجميل المقدّس

حلمي أبو طه

الهجمة على القدس تشتد وتمتد وتتسع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1229)