اللواء بلال النتشة أمين عام المؤتمر الوطني الشعبي للقدس :
المواطن المقدسي يشهد حالة اقتلاع من مدينته لا مثيل لها..
الاعتقالات لن تردعنا عن العمل من أجل الأقصى.. ومصر صمام أمان المنطقة بأسرها
تصاعدت خلال الفترة الماضية الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في القدس، الذين تحدوا كافة عراقيل الاحتلال واحتشدوا بعشرات الآلاف لصلاة التراويح طوال شهر رمضان الماضي، أو في صلاة الجمعة، رغم الاعتقالات الواسعة التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضدهم، إلا أن الصمود ظل شعار المقدسيين في مواجهة آلة الدمار.
على الجانب الآخر، نجد زيادة كبيرة في نشاط الاستيطان الإسرائيلي بالقدس، وتوسيع عمليات هدم المنازل والذي يتزامن مع تصعيد غير مسبوق من جانب الاحتلال ضد مدن الضفة الغربية، لتنفيذ مخطط التهجير القسري بدعم من جانب الإدارة الأمريكية، كلها عوامل تزيد من التحديات التي تواجه المقدسيين الذين يعانون أشد معاناة في معركة استمرار الحياة على أرضهم المقدسة ورفض سياسة تل أبيب لترحيلهم منها.
أجرينا حوارا مع الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس، اللواء بلال النتشة، وأحد القيادات المقدسية البارزة في تلك البقعة الهامة من الأراضي الفلسطينية، والذي حدثنا عن طبيعة تلك الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون، وكيف يتحدى الشعب الفلسطيني الاحتلال؟، وكذلك كيف مرّ رمضان على سكان القدس وروحانياته؟، والتطرق إلى تجربة اعتقاله داخل سجون الاحتلال، وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي:
- كيف ترى الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال ضد مدينة القدس؟
- الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس تجاوزت كل الخطوط الحمراء فهي ماضية في مشروع تهويد المدينة بما يشمل البشر والحجر والشجر، لكن المواطن المقدسي عصيّ على التطويع ولا يبيع شرف هويته الفلسطينية بكل الاغراءات الموجودة على وجه الأرض .
- ما هي أشكال الانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسيين؟
- المواطن المقدسي يشهد حالة اقتلاع من مدينته لم يسبق لها مثيل على مدار السنوات الماضية، فإسرائيل تعمل بصمت على تشويه صورة المدينة العربية الإسلامية من خلال سلسلة مشاريع تهويدية بدأت من شارع صلاح الدين وتخليع البلاط التاريخي واستبداله بأخر حديث بما يعطي هوية جديدة للمكان، هي هوية يهودية، فيما يتم الانقضاض على البلدة القديمة من خلال الاستيلاء على العقارات بحجج واهية .
- كيف يتصدى المقدسيون لهذه الانتهاكات الإسرائيلية؟
- يتصدى الفلسطينيون لهذا المخطط الإجرامي بكل ما أوتوا من مقدرات مادية بالمعنى المحسوس الملموس على الصعيد القانوني، وأيضا بالمواجهة المباشرة مع المستوطنين الذين يحميهم جيش الاحتلال في عملية مهاجمة العقارات الفلسطينية.
- كيف ترى انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى؟
- على صعيد المسجد الأقصى المبارك، فإن عشرات المستوطنين يقتحمونه يوميا بحماية قوات جيش الاحتلال وشرطته على فترتين صباحية ومسائية، ويقومون بتأدية طقوس وصلاة تلمودية استفزازية، إضافة إلى الانبطاح على الأرض وهم حفاة في تعبير توراتي عن الإخلاص للهيكل المزعوم.
- ما هو هدف الاحتلال من هذه الانتهاكات؟
هذه الانتهاكات هدفها الأساسي جر المصلين المسلمين إلى مواجهات غير متكافئة مع جنود الاحتلال وشرطته والذين يكونون على أهبة الاستعداد للقتل وتصفية كل من يحاول التصدي لمثل هذه الاستفزازات التي تمارس على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
- كيف يواجه رواد على المسجد الأقصى تلك الانتهاكات؟
- المصلون المسلمون يعمرون المسجد الأقصى المبارك، وهذا ما شهدناه خلال شهر رمضان الفضيل بعدما اعتكفوا وأدوا صلاة التراويح والتهجد وقراءة القرآن الكريم والرباط في المسجد طيلة أيام الشهر الكريم وخاصة في العشر الأواخر، مما حال دون تنفيذ المستوطنين لمخططاتهم ومأربهم بالسيطرة على المسجد والاستحواذ عليه في ظل انشغال العالم بتداعيات الحرب على قطاع غزة والهجمة الإسرائيلية الشرسة على مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية.
- ما هو مخطط الاحتلال لتوسيع البؤر الاستيطانية في القدس؟
- فيما يتعلق بمخطط الاحتلال في توسيع وتعزيز الاستيطان في القدس، فإن المناقصات التي تطرحها بلدية الاحتلال في القدس تكاد لا تعد ولا تحصى.
- ما هو حجم هدم المنازل التي يقدم عليها الاحتلال في مدينة القدس؟
- المشروعات الاستيطانية تجري على قدم وساق، إذ يتم بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكينة الاستيطانية الجديدة في المستعمرات القائمة في معاليه أدوميم ومعاليه مخماس وفي بيت صفافا وشرفات والنبي يعقوب وشعفاط وبيت حنينا. ففي مطار القدس الذي أعلنت بلدية الاحتلال عن أنها تنوي إقامة 11 ألف وحدة سكنية للمستوطنين في هذه المنطقة الواقعة بين مخيم قلنديا للاجئين في شمال القدس والمدينة المحتلة ذاتها ويفصل بينهما حاجز عسكري اسمه "حاجز قلنديا العسكري".
- كيف تسعى إسرائيل لتنفيذ مخطط التهجير القسرى للمقدسيين؟
- إسرائيل جندت لهذه الهجمة الاستيطانية الشرسة مليارات الشواكل وذلك بالتزامن مع تفريغ القدس ديمغرافيا من أهلها الأصليين ودفعهم للسكن في مناطق مجاورة من مخيم شعفاط وبلدات عناتا والضاحية والرام وكفر عقب .
- ما هو حجم الاعتقالات التي يشنها الاحتلال ضد القدس؟
- على صعيد الاعتقالات في القدس المحتلة، فإن سلطات الاحتلال تشن يوميا حملات اعتقالات واسعة تشمل الشبان والأطفال المقدسيين وتزج بهم في سجونها وتحول العديد منهم إلى الاعتقال الإداري، وهو الاعتقال الذي لا يستند إلى تهمة وإنما يتم لمجرد الشبهة او المحاسبة على " النية" وهنا يدفع المواطن المقدسي ضريبة باهظة في هذا السياق، مما يجعله عرضة للتنكيل والاعتقال في كل وقت وحين.
- هل هناك حصر بعدد المقدسيين القابعين في سجون الاحتلال؟
- عدد المعتقلين المقدسيين يقدر بالمئات من بين صفوف الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي والذين يقدر عددهم بالآلاف، وخاصة بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث صعدت إسرائيل من علميات الاعتقال بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
- اعتقلك الاحتلال عدة مرات، كيف كانت تجربتك في سجون الاحتلال؟
- اعتقلت لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لمدة عشر سنوات تقريبا، وفي أثناء مهمتي الحالية اعتقلت ما لا يقل عن خمس مرات خضعت فيها للتحقيق المباشر حول نشاطاتنا في القدس ودعمنا لصمود أبناء شعبنا في المدينة المقدسة، ولكن كل ذلك لن يفتّ من عضدنا ولن يردعنا عن المضي قدما في العمل من أجل القدس وأهلها الصامدين المرابطين إلى يوم الدين.
- بمَ تفسر التصعيد العسكري الكبير الذي يمارسه الاحتلال في الضفة الغربية؟
- على صعيد التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، فالهدف من ذلك ووفق ما أعلنه رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو ووزير ماليته سموتريتش ووزير حربه يسرائيل كاتس هو عملية ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل استنادا إلى معتقد توراتي كاذب وهو أن هذه البقعة الجغرافية من فلسطين وهبها الله سبحانه وتعالى إلى بني إسرائيل وهي مكان هبوط التوراة، وبالتالي فان عملية السيطرة عليها هي تنفيذ لإرادة الله، وهذا يحول الصراع الى صراع وجودي وليس سياسيا بما يعني " أن نكون أو لا نكون" .
- بماذا ترد على مخطط واشنطن والاحتلال للتهجير القسرى للفلسطينيين؟
- هذا الأمر بحد ذاته سيطيل أمد الصراع ويجعله دمويا، إذ لا يعقل أن يقف الشعب الفلسطيني مكتوف الأيدي ولا يدافع عن مقدراته وأرضه وبلاده، فمخططات التهجير الإسرائيلية حتما ستبوء بالفشل، وتجربة نكبة عام 1948 لن تتكرر، فلا نكبة جديدة بعد اليوم رغم كل الدم الطاهر الذي يراق على مذبح الحرية الاستقلال.
- كيف ترى الموقف المصرى الرافض للتهجير القسرى للفلسطينيين والمطالب بضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ؟
مصر هي قلب العروبة وصمام الأمان في المنطقة بأسرها، خاصة أن القاهرة إن قالت فعلت، فهي التي تخشاها إسرائيل وتحسب لها ألف حساب، فمن يقف أمام مواقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أعلنها بكل وضوح لا للتهجير ومصر لن تكون إلا سندا وعونا للفلسطينيين ولن تسجل في تاريخها أنها سمحت بتهجيرهم وتنفيذ مخطط الاحتلال بنكبتهم مرة أخرى، فكل التحية والتقدير للرئيس المصري وأركان حكومته والقيادة المصرية الشريفة التي لم يكن موقفها في يوم من الأيام إلا موقفا عروبيا أصيلا ينحني له الشعب الفلسطيني إجلالا وإكراما.
شارك برأيك
اللواء بلال النتشة : المواطن المقدسي يشهد حالة اقتلاع من مدينته لا مثيل لها