Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 08 فبراير 2025 9:31 صباحًا - بتوقيت القدس

الذكاء الاصطناعي ووهم المعرفة



في ملف أحد المتابعين على منصات التواصل الإجتماعي، كتبت صبية أنها تستطيع أن تأخذ بعملي إلى القمة، معرّفة عن نفسها بمطوّر أعمال، أعجبتي الفكرة جدا وبدأت بالبحث عن أعمال نفذتها سابقا، لكن الصدمة كانت أنه لم يمر عام واحد على تخرجها! 


إن التطور الكبير الذي نشهده في مجال الذكاء الاصطناعي أصبحت أدواته تقدم حلولا وإجابات فورية لمختلف الأسئلة التي يطرحها الإنسان وبفضل سهولة الوصول إلى هذه الأدوات ظهرت فقاعة ادعاء المعرفة التي تستند إلى الإجابات المباشرة دون الغوص في أعماق المعرفة الحقيقية أصبح البعض يعتقد أن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي كافي ليكونوا خبراء في مجالات معينة مما أدى إلى الاستخفاف بقيمة الخبرة والتقليل من أهمية الجهد الذي يتطلبه اكتساب المعرفة الحقيقية.


هذه الفقاعة انعكست بشكل واضح على تصوراتنا عن الخبرة، ففي الماضي كان اكتساب لقب "خبير" يتطلب سنوات من الدراسة والممارسة والتحليل العميق أما الان، فإننا نجد مثلا يقدمون أنفسهم كخبراء في التوظيف أو التسويق بعد شهور قليلة من استخدام أدوات ذكاء اصطناعي،  ويظهر هذا الاتجاه في مختلف المجالات حيث أصبح من الشائع أن يُطلق مستخدم عادي لهذه التطبيقات أحكاما نقدية على أعمال أدبية أو علمية معتمدا على إجابات جاهزة من الذكاء الاصطناعي بدلا من التعمق فيها بنفسه.   


تشبه هذه الظاهرة ما وصفه القرآن الكريم بالزبد الذي يطفو على سطح الماء، فالذكاء الاصطناعي يقدم كما هائلا من المعلومات لكنه لا يمنحنا القدرة على تمييز المفيد من غيره ولا يعلّمنا كيفية تحليل هذه المعلومات أو ربطها بسياقات معرفية أعمق، فالزبد يبدو لامعا للحظة لكنه لا يدوم، على عكس ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، إن هذا التشبيه الفلسفي يوضح الفرق بين المعرفة الحقيقية التي تتطلب جهدا وفهما والمعرفة السطحية التي تزول سريعا.   


إن المبالغة في الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى كسل فكري بدلا من أن يسعى الإنسان لفهم المعلومة وتحليلها يكتفي بالنتائج التي تقدمها هذه الأدوات معتقدا أنها تمثل الحقيقة الكاملة، فهذا النهج يجعل من السهل أن يفقد الأفراد القدرة على التفكير النقدي والإبداعي، حيث يصبحون مجرد مستهلكين للمعلومات دون القدرة على إنتاج أو تقييم المعرفة بشكل مستقل،  فأدوات الذكاء الاصطناعي مثل الوجبات السريعة قد تشبعنا للحظة لكنها لا تمنحنا الغذاء الفكري العميق الذي يأتي من البحث والتعلم الحقيقي.  


رغم ذلك فإن دور الخبراء الحقيقيين يظل أساسيا في توجيه هذا التطور التكنولوجي نحو ما ينفع الناس فالخبرة الحقيقية ليست مجرد معرفة بالمعلومات المتاحة، بل هي القدرة على توظيفها بشكل صحيح وتطوير رؤى جديدة تتجاوز السطح إلى الأعماق، ويجب أن يظل الخبراء صوتا يعزز قيمة الجهد الفكري ويُظهر الفرق بين المعرفة المؤقتة القائمة على الأدوات والمعرفة الدائمة المبنية على الفهم العميق.  


أدوات الذكاء الاصطناعي تمثل طفرة تقنية عظيمة لكنها ليست بديلا عن التفكير البشري أو الجهد الفردي فيجب أن نتعامل معها بحذر وألا ننخدع ببريقها المؤقت، فالمعرفة الحقيقية هي التي تستند إلى عمق وتجربة وليست تلك التي تُكتسب بسهولة وبسرعة.  


فقاعة المعرفة التي تروجها تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد تبدو جذابة لكنها في الحقيقة لا تغني عن العمل الجاد والتفكير النقدي، وعلينا أن نتذكر دائما أن ما ينفع الناس هو الذي يمكث في الأرض وأن نميز بين الزبد اللامع للحظة والأساس المتين الذي يبقى بهذا الفهم يمكننا الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي دون أن نفقد جوهر العملية المعرفية.

دلالات

شارك برأيك

الذكاء الاصطناعي ووهم المعرفة

المزيد في أقلام وأراء

هل أصبحنا مدمنين على السرعة؟ تيك توك، العقل، وفقدان الصبر!

بقلم : صدقي ابوضهير : باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

الجنائية والجُناة!

ابراهيم ملحم

تغييب وترهيب

حديث القدس

الرئيس ترمب والتهجير والاستيلاء على غزة

فراس ياغي

أحمل نعشي على كتفي وأمشي وأمشي

عيسى قراقع

زيارة 1987.. عن مخيم الفارعة وصوت الشيخ إمام ويويا وإرهاصات الانتفاضة

توفيق العيسى

أوهام ترمب.. إعلان حرب

حديث القدس

هجوم "الصدمة والرعب".. هل يحقق أهدافه؟

جيمس زغبي

لقاء نتنياهو مع ترامب

حمادة فراعنة

من يأخذ قلم ترامب من يده؟

بهاء رحال

مشروع ترامب للتطهير العرقي.. استهداف لفلسطين قضية وهوية

راسم عبيدات

اليوم الإسرائيلي - الأمريكي التالي لغزة والضفة

نبهان خريشة

المجنون!

ابراهيم ملحم

حرب ترامب الاقتصادية

حمادة فراعنة

العالم على كف "رئيس"

منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !!

محمد جودة

عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل

حديث القدس

المشهد الراهن والمصير الوطني

جمال زقوت

الخيار العسكري الإسرائيلي القادم

راسم عبيدات

ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!

د. إبراهيم نعيرات

أسعار العملات

الخميس 06 فبراير 2025 8:54 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.55

شراء 3.54

يورو / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.01

شراء 5.0

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 583)