إطلالة وزير جيش الاحتلال يوم أمس، وتصريحاته التي طالب فيها الجيش بإعداد خطة تسمح لأي مواطن في غزة يرغب في مغادرة القطاع إلى اي مكان في العالم يوافق على استقباله، هي مجرد محاولة أخرى من بث السموم والأوهام والأحلام، التي تأمل إسرائيل أن تتحقق على أرض الواقع ، وفيها سياسة ترغيب من خلال طرح خيارات عديدة للخروج سواء من المعابر البرية أو عن طريق البحر أو الجو، مع دفع التكاليف لهم، وكأن اسرائيل أصبحت حريصة وإنسانية، وأصبحت مسؤولة عن رفاهية مواطني غز ، بضرورة خروجهم وسفرهم للحصول على المباني والمنازل الجميلة والشقق الفاخرة كما وعد ترمب، بذريعة أن غزة غير صالحة للعيش والسكن والحياة.
إن هذه السياسة من الترغيب هي في حقيقة الأمر ترهيب، ومحاولة جديدة لتغييب الدور الفلسطيني والقضاء على أي تمثيل فلسطيني في القطاع، وهي كما ذكرنا في أحاديث ووقفات سابقة، سياسة تطهير عرقي وتهجير بالكامل لشعب أعزل، وتتجاوز خطورتها ما حصل في كل النكبات الفلسطينية.
يدرك ترمب نفسه أن الإمكانية لتحقيق حلمه صعبة للغاية، ويعرف نتنياهو وزمرته المتطرفة تماماً أن ما عجزوا عنه في الحرب، لن يحققوه بالتوسل والدعاء على بوابات الغرب، ويقدر جيش الاحتلال جيداً أن خطة ترمب اللاأخلاقية ستشعل الأوضاع في الضفة الغربية مع اقتراب شهر رمضان المبارك، كما أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حذر من عواقب أمنية خطيرة لخطة ترمب الخاصة بتهجير سكان غزة، وعليه فإن رسالة شعبنا الفلسطيني وقيادته ومقاومته واضحة، وأعلنت على الملأ رفض خطة ترمب المشبوهة ورفض التعامل معها، أو مجرد التفكير بها، ودفنها إلى الأبد ، كما دفن شعبنا غيرها من المؤامرات على مدار سنوات نضاله.
صحيح أن حماس هددت بأن الترويج لخطة ترمب وتهجير الفلسطينيين سيؤثر سلباً على صفقة الأسرى، بما في ذلك المرحلتان الثانية والثالثة، إلا أن ذلك لا يعتبر كافياً لأن المرحلة الخطيرة والدقيقة تتطلب موقفاً فلسطينياً وعربياً موحداً، ومن الجميع، لوأد هذه الفكرة والتصدي لمخططات إسرائيل والولايات المتحدة.
شعبنا الفلسطيني بصموده وثباته ونضاله وتضحياته جاهز للعيش على الدمار والركام، ولو بخيام ، بدلاً من الجري وراء الأوهام، لأنه يعيش في ارضه وفوق تراب فلسطين ويستنشق هواءها، ولن يفرط بحبة رمل منها.
تتوافق الرغبات الأميركية والإسرائيلية وتلتقي المصالح بينهما والمؤمرات ضد الشعب الفلسطيني، وآخر تصريحات ترمب التي يشير فيها إلى أن الولايات المتحدة لن ترسل جنوداً إلى غزة، وأنها تسعى لاستلامها من إسرائيل بعد نهاية القتال، يشير إلى أن هناك ضوءاً أخضر من ترمب لنتنياهو لاستئناف العدوان والقتال، وأن اتفاق وقف إطلاق النار بات مهدداً من الطرفين، وكل منهما يسعى لتحميل حماس المسؤولية من أجل نسف الاتفاق، والعودة إلى الحرب التي ستكون محركاً للهجرة والطرد والاقتلاع.
إسرائيل التي دمرت القطاع بالكامل ستكون معنية فقط بارسال وفد تفاوضي إلى الدوحة بشكل شكلي، لأنها ستقوم مع شريكتها الولايات المتحدة بتخريب صفقة التبادل، أو تحقيق النتائج الشكلية منها، وعلى شعبنا وقيادته ومقاومته أن يكونوا حذرين من الفخ الإمبريالي الجديد، الذي يبدأ بالترغيب، لكنه في حقيقة الأمر تغييب وترهيب إلى الأبد.
شارك برأيك
تغييب وترهيب