من الطبيعي أن تتصدر تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترمب بعد اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي كرر فيها المطالبة بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع، الأخبار الأخرى، التي تتقزم أمام ما أحدثته مثل هذه التصريحات الخطيرة من اهتزازات فلسطينية وعربية ودولية، وردود فعل عاصفة انتقدت واستنكرت وأدانت وشجبت ما يسعى ترمب لتحقيقه، لإرضاء نتنياهو وإسرائيل، على اعتبار أنها إعلان حرب ضد شعبنا الفلسطيني.
كان الموقف الفلسطيني ولا يزال على مر التاريخ واضحاً من قضية التهجير والطرد والتطهير العرقي، وذلك بالرفض القاطع لمثل هذه المشاريع المشبوهة، وفي مقدمتها المشروع الذي يصر ترمب على تنفيذه، مع التأكيد على أن الشعب الفلسطيني سيواصل التمسك بوطنه وأرضه ومقدساته، حتى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة لاجئيه وعدم الرضوخ لأي سلطة أو سطوة دولية.
ومن شأن المواقف العربية والإسلامية والدولية الأُخرى، وفي مقدمتها مواقف المملكة العربية السعودية والأردن ومصر، أن تساهم بدحر هذه التصريحات السيئة والمشينة، التي تعتبر انتهازية ولا أخلاقية، وأن تعزز الموقف الفلسطيني بقيادته وشعبه، وترفض إلى الأبد أي محاولة تهجير للشعب الفلسطيني من أرضه، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بالاستناد إلى تناقض ذلك مع المشروع العربي والموقف التاريخيّ الثابت من قضية فلسطين، وبناء على القانون الدولي الذي يحظر ترحيل أو تهجير شعب من أرضه المحتلة.
إن استخدام ترمب فرضية الدمار في قطاع غزة، وانطلاقه من دوافع إنسانية مفادها أن العيش صعب للغاية في القطاع المدمر، لا يمكن أن ينطليا على أحد، كما أنهما يعتبران مشروعاً جاهزاً للتطبيق المماثل من قبل الائتلاف اليميني الإسرائيلي الحاكم، في الضفة الغربية، فمثلما قامت إسرائيل بالتدمير في غزة، وبقيت مهمة التهجير على ترمب والإدارة الأميركية، بدعوى أن القطاع مكان غير صالح وغير آمن للسكن، فإن ذلك سيكون عاملاً مشجعاً لإسرائيل، لاستكمال حلقة تدمير مخيمات ومدن وقرى الضفة الغربية، بغطاء أميركي، تكسب من خلاله شرعية أميركية على أمل أن يقوم ترمب باستكمال حلقة التطهير العرقي لشعبنا في الضفة، ولا شك أن تصريحات الوزراء الإسرائيليين المتطرفين، وفي مقدمتهم سموتريتش الذي نادى بضرورة أن تصبح قرية الفندق وجنين ونابلس كما هو حال جباليا، دليل واضح وملموس لنوايا اسرائيل لمواصلة عمليات التدمير والاستعانة بترمب للتهجير.
الشعب الفلسطيني سيبقى ثابتاً راسخاً متجذراً في أرضه ووطنه، ومتمسكاً بكل حبة من ترابه، وترمب زائل لا محالة، ولن يبقى في نهاية المطاف في البيت الأبيض، ومن يقرر مصير فلسطين هو شعبها الذي يعتبر صاحب الحق الوحيد في ذلك، وغزة ليست للبيع أو المقايضة أو المتاجرة بها، وأهلها وشعبها وناسها قرروا عدم مغادرة أماكنهم ومقراتهم المؤقتة إلا لمدنهم وقراهم التي هُجروا منها.
المطلوب موقف وإجماع وطني فلسطيني في وجه هذه الخطوة،شريطة حفاظ الدول العربية على مواقفها ورفض كل الخطوات والمؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية، حتى نقول بصوت مرتفع لنتنياهو: لا للتدمير، ولترمب: لا للتهجير، وفقط شعبنا الذي ستتحطم على صخرة صموده وثباته كل هذه المشاريع هو من سيقرر المصير.
شارك برأيك
أوهام ترمب.. إعلان حرب